نجحت فى تنمية محفظة أعمال تتجاوز 500 مليون جنيه كأقساط إعادة تأمين خلال العام الماضى، بدعم عظيم من سوق التأمين المصرية، وبالتعاون مع العديد من شركات إعادة التأمين العربية والأفريقية والأوروبية وغيرها.
كشف إبراهيم عبد الشهيد، رئيس مجلس إدارة شركة «تراست لوساطة إعادة التأمين»، أن هناك حضورًا كبيرًا لشركات إعادة التأمين الأفريقية فى سوق التأمين المصرية، وخاصة فى عمليات إعادة التأمين الاختيارية.
وطالب عبد الشهيد بضرورة خضوع وسطاء إعادة التأمين الأجانب لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية من خلال تأسيس شركات لهم بالسوق المصرية، لتكون المنافسة بينهم وبين وسطاء إعادة التأمين المصرية عادلة، وعلى أرضية واحدة من حيث الحقوق والالتزامات لكل منهم.
ومن ناحية أخرى، لفت عبدالشهيد النظر إلى شبهة تضارب مصالح بين وسطاء إعادة التأمين بالخارج، والذين يقومون بتأسيس شركات وساطة فى التأمين فى مصر. وإلى نص الحوار.
المال: متى بدأت مجموعة شركات ترست لوساطة الإعادة والاستشارات التأمينية؟
عبد الشهيد: بدأ نشاط الشركة فى عام 2007 فى مجال الاستشارات التأمينية واستشارات إعادة التأمين، ثم تم تأسيس شركة «ترست» لوساطة إعادة التأمين فى عام 2013.
المال: كم حجم أعمال شركات ترست لوساطة الإعادة والاستشارات العام الماضى؟
عبد الشهيد: نجحت الشركة فى تنمية محفظة أعمال تقترب من 500 مليون جنيه أقساط إعادة التأمين فى العام المالى 2021.
المال: من أبرز شركات إعادة التأمين الذين تتعامل معهم الشركة؟
عبد الشهيد: هناك العديد من الشركات التى تتعامل معهم الشركة، ولكن أبرزهم «كونتننتال رى»، ووايكا ري، و«كينيا رى»، و«أفريكا رى»، خاصة فى عمليات إعادة التأمين الاختيارية، بجانب «تونس رى» و«بيرانتس رى» و«عمان رى» و«أراب رى» وكذلك «اس سى آر» فضلا عن «سكور» و«سويس رى».
المال: لماذا لم يتم تأسيس شركة متخصصة فى الوساطة المباشرة؟
عبد الشهيد: فكرنا فى ذلك خلال الفترة الماضية، ولكن حتى بعد الحصول على الموافقة المبدئية لتأسيس شركة متخصصة فى وساطة التأمين من الهيئة العامة للرقابة المالية، قررنا عدم استكمال التأسيس حتى لا يحدث تعارض المصالح ما بين نشاط إعادة التأمين ونشاط التأمين المباشر، لذا تركز الشركة حاليًّا فى نشاط وساطة إعادة التأمين بصفة رئيسية.
المال: لماذا لا يوجد شركات كثيرة تعمل فى نشاط وساطة الإعادة فى السوق، فى ظل وجود منافسة من الوسطاء الأجانب؟
عبد الشهيد: نشاط الوساطة فى إعادة التأمين تماثل الهياكل التنظيمية فى شركات التأمين، إذ إنها ليست كثيفة العمالة، لكنها تحتاج إلى تخصص وخبرة فى مجال إعادة التأمين، والاحتكاك بالأسواق العالمية.
تعتبر التحديات بنشاط وساطة إعادة التأمين أكبر من تحديات وساطة التأمين المباشرة على المستوى الفنى والتقنى والتواصل، ويتأثر بعدة عوامل داخلية، معظم شركات الوساطة تأسست على اكتاف وسطاء أفراد، وأغلبها تعتبر شركات عائلية، مما سهل زيادة عدد شركات الوساطة المباشرة عن وساطة إعادة التأمين.
وبالنسبة لمنافسة الوسطاء الأجانب العاملين بالسوق والقادمين من أسواق مختلفة مثل إنجلترا والهند والأردن ولبنان والإمارات لوسطاء إعادة التأمين المصريين تعتبر غير عادلة، لأن شركات وساطة إعادة التأمين المصرية خاضعة لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، وتدفع ضرائب ورسوم إشراف ورقابة، فى حين أن وسطاء إعادة التأمين الأجانب يعملون فى السوق المصرية دون الخضوع لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية، ويعملون فى مجالات الوساطة المباشرة ووساطة الإعادة والاستشارات، ولا يستثمر فى السوق ولا يدفع ضرائب فى مصر أو رسوم إشراف ورقابة.
أطالب بأن يضع القانون جميع وسطاء إعادة التأمين الراغبين فى العمل فى مصر بتأسيس شركات متخصصة فى مصر للخضوع لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، مما يساعد فى خلق فرص عمل فى مصر عبر شركاتهم، واستفادة السوق من خبراتهم، وسدادهم ضرائب ورسوم إشراف وتطوير، وزيادة رأس المال المستثمر فى قطاع التأمين المصرى، واستئجار أو تملك مقرات فى مصر.
المال: كيف نجح قطاع التأمين فى تجاوز أزمات كورونا والمخاطر الطبيعية خلال الثلاث سنوات الماضية؟
عبد الشهيد: دعنى أحكى لهذا قصة حدثت فى عام 1999 إذ حدثت أزمة “عام 2000” وتم استثمار مليارات الدولارات فى كيفية تجنب مشكلة الصفر فى رقم 2000، وتأثير ذلك على أنظمة الملاحة الجوية والأنظمة التكنولوجية واحتمال توقف الأجهزة الكهربائية ووقوع خلل فى حركة الطيران، لكن فى النهاية لم يحدث شىء من كل هذا، مغزى ذلك أننا فى سوق التأمين المصريية منتجاتنا ووثائقنا بسيطة، والعميل بسيط خاصة فى تأمينات الممتلكات، لذا تأثير أزمة كورونا المستجد “كوفيد-19” على تعويضات تأمينات الممتلكات والمسئوليات مثل أزمة الصفر فى عام 2000، إذ فى الوقت الذى تكبدت فيه شركات إعادة التأمين العالمية تعويضات كبيرة نتيجة تغطية خطر توقف النشاط لأى سبب، إلا أن وثائق التأمين فى مصر تغطى خطر توقف النشاط نتيجة لتحقق الخطر فى الوثيقة الأصلية (مع اعترافنا بوجود بعض الاستثناءات) مما جنب السوق تكبد تعويضات ضخمة فى تأمينات الممتلكات.
كما أن معظم وثائق التأمين تستثنى الإغلاق بأمر حكومي، فأى تعويض أو توقف نشاط ناتج عن الإغلاق الحكومى غير مغطى تأمينيًّا.
ويعتبر التأثير الواضح لفيروس كورونا كان فى نشاط تأمينات الحياة، وكذلك إلغاءات وثائق تأمينات السفر، فيما أعلنت شركات التأمين العالمية أنها تستثنى وباء كورونا من وثائق تأمين السفر، كما تحملت الدولة فى مصر تكاليف عزل وعلاج الحالات المصابة بالفيروس فى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة.
كما تأثرت بيئة العمل من حيث اضطرار الشركات للعمل من المنزل فى بداية الجائحة كما تأثرت حركة التجارة العالمية والشحن والنقل البحرى والبرى خلال تلك الفترة.
المال: ما هو الحل المناسب للتعامل مع تزايد حدة المخاطر الطبيعية محليًّا وعالميًّا فى ظل ظاهرة التغير المناخى؟
عبد الشهيد: لدينا مشكلة على مرِّ السنين وهى التعامل مع الأزمات كـ«رد فعل» وليس «فعل»، على سبيل المثال خلال عام 2003/2004 عندما كنت عضوًا بالاتحاد المصرى للتأمين أثيرت مشكلة الإرهاب، إذ اقترحت أن يتم تأسيس مجمعة للتأمين ضد خطر الإرهاب، والبدء فى عمل ملاحق مستقلة لتغطية خطر الإرهاب، وبحد أقصى للتعويض بالحادث الواحد 5 ملايين جنيه على سبيل المثال، بقسط منخفض على أن يتم الاحتفاظ بكافة الأرباح داخل المجمعة على الأقل فى الفترة الأولى على أن تزاد الطاقة الاستيعابية للمجمعة سنويًّا بمقدار المخصصات المكونة من الأرباح المحتفظ بها، مع إمكانية قيام المجمعة بعمل اتفاقيات إعادة تأمين على الأساس غير النسبي، بهدف تعظيم الطاقة الاستيعابية، على أن تتم زيادة حد الأولوية سنويًّا مع نمو المخصصات بالمجمعة
وبنفس القياس يمكن أن يتم تأسيس مجمعة للأخطار الطبيعية أو حتى إضافتها إلى نفس المجمعة المشار إليها سابقًا.
المال: ما هو تأثير الحرب الروسية الأوكرانية اقتصاديًّا وتأمينيًّا؟
عبد الشهيد: هناك تأثير كبير للحرب الروسية الأوكرانية على كافة مناحى الحياة، وسوف يستمر هذا التأثير السلبى لسنوات، ولا يجب أن يقتصر تقييمنا لتلك الحرب الدائرة على التأمين، لأن تأثيرها على التأمين قد يكون أخف الأضرار.
المال: هل من الأفضل أن ترفع شركات التأمين أسعار التأمين البحرى فى ظل مخاطر الحرب؟
عبد الشهيد: تعتبر نتائج التأمين البحرى فى مصر جيدة ولا مبرر لقيام شركات التأمين برفع أسعار التأمين البحرى، تعتبر تغطية تأمين خطر الحرب مستثنى من الوثائق، وخاصة فى ظل العقوبات المفروضة على روسيا، بسبب تلك الحرب، كما أنه مع انخفاض حركة التجارة العالمية والشحنات البحرية قد تضطر شركات التأمين لخفض الأسعار بسبب المنافسة السعرية بين شركات التأمين فى ظل انخفاض حجم الطلب.
المال: كيف ترى أسواق إعادة التأمين العالمية وضع السوق المصرية حاليًّا؟
عبد الشهيد: ترى بعض شركات إعادة التأمين العالمية أن النتائج الفنية سيئة فى سوق التأمين المصرية، وهذا اعتقاد خاطئ، رغم وجود منافسة سعرية بين الشركات فإن النتائج جيدة فى معظم فروع التأمين باستثناء التأمين الطبى وتأمين الضمان، على العكس يقوم سوق التأمين المصرية بدعم النتائج الفنية لشركات الإعادة من خلال تمويل الفارق ما بين عمولات إعادة التأمين من جانب وما بين تكاليف الإنتاج والمصروفات الإدارية والعمومية من جانب آخر، إذ من المفترض أن تغطى عمولات إعادة التأمين تلك البنود مع وجود هامش ربح لشرك التأمين وليس العكس، ومن هنا تجد أن هناك شركات تأمين لا تحقق فائض اكتتاب فى حين يحقق معيدو النتائج نتائج جيدة.
ومن ناحية أخرى فعلى شركات التأمين المصرية إعادة النظر فى تكاليف الإنتاج والمصروفات العمومية والإدارية لإغلاق تلك الفجوة التى تؤدى إلى تآكل حقوق المساهمين، وتضر بمصالح حملة الوثائق.
وبهذه المناسبة ربما يكون من المناسب العمل على تبسيط جدول أتعاب وسطاء التأمين المباشر.
لماذا -على سبيل المثل- تتم تجزئة المستحقات بواقع %25 مثلا إلى خمسة أو ستة بنود؟
لماذا لا تكون بندًا واحدًا؟ لماذا لا يقوم الرقيب، وكخطوة إصلاحية أراها واجبة بتحديد حد أقصى لتكاليف الإنتاج تحت أى مسمى من المسميات؟
المال: فى ظل أوضاع الاستثمار الحالية هل يغنى تحقيق فائض النشاط عن فائض الاكتتاب؟
عبد الشهيد: الإنجاز الحقيقى لأى مسئول فى أى شركة تأمين هو تحقيق فائض اكتتاب مهما كانت عوائد الاستثمار، لأن الاستثمار هو مكمل للتأمين وليس العكس، لذا يجب التركيز على النتائج الفنية لشركات التأمين وليس عوائد استثماراتها هو السبيل الى إصلاح العديد من الممارسات التى قد تفيد البعض ولكنها تضر الكل، وأرى أن الإصلاح لن يتم من أسفل الهيكل التنظيمي، بل من أعلاه، وأعلاه فى هذا السياق هو من خلال الرقيب.
المال: كيف يتم إضافة شرائح جديدة من العملاء وتنويع المنتجات الخاصة بهم؟
عبد الشهيد: التوسع فى شركات التأمين المتخصصة فى التأمين متناهى الصغر والتأمينات الزراعية مع توافر الخبرات بتلك الشركات مع توظيف آليات التسويق والتحصيل بحيث يتم إضافة شرائح جديدة من العملاء بمنتجات جديدة يحتاج لها هؤلاء العملاء.
إن التوجه نحو المنتجات الجديدة وإيجاد مناطق أقل تكدسًا وازدحامًا بالمنافسة هى السبيل، مع الأخذ فى الاعتبار أن المنتجات الجديدة لن تمثل أكثر من %15-10 من محفظة التأمين، لكنها ستساعد شركات التأمين فى الحصول على حصة أكبر من المنتجات التقليدية.