◗❙ محمود محيى الدين: لا بد أن تكون مصر رائدة فى هذا المجال والاستفادة من التجارب الدولية
تستعد مصر لإطلاق منصة تسويق الكربون كتجارة دولية تمثل منحًا وحوافز مالية للشركات، مقابل خفض الانبعاثات للتشجيع على التوافق البيئى والمستدام، فى إطار الاستعداد لاستضافة مؤتمر المناخ cop 27، الذى يعد حدثًا تاريخيًا سيسهم فى إحداث نقلة للقضايا البيئية فى مصر.
يذكر أن وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، التقت الدكتور محمد فريد رئيس البورصة، لدراسة آليات إنشاء المنصة التى ستتم دراستها وعرضها على المجلس الوطنى للتغيرات المناخية فى أول اجتماع له، لإبداء الرأى فى إمكانية التنفيذ والبدء فى هذه المنصة.
من جانب آخر، أكد الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة للتنمية المستدامة، المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولي، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر COP27، أن مصر يجب أن تكون من أولى الدول الرائدة فى إقامة سوق لتداول الكربون، وأن تعمل بقوة لتطبيق تلك المنصة فى أسرع وقت.
وأضاف خلال كلمته فى المؤتمر الذى عقده المركز المصرى للدراسات الاقتصادية بالقاهرة الأسبوع الماضى بعنوان «نحو COP27 وما بعده»، أنه من الممكن أن تتداول الشركات شهادات الكربون حتى لو لم يتم إطلاق سوق رسمية للكربون للبيع أو للشراء، من خلال الأسواق الخارجية، متوقعًا أن تصبح مصر منصة عربية وأفريقية لتداول شهادات الكربون فى الفترة المقبلة، وذات ريادة فى الأسواق الناشئة فى هذا الشأن انتفاعًا بالتجارب الدولية الناجحة.
وتابع أنه يجب زيادة الحصة التمويلية المخصصة لمشروعات التكيف، مقارنة بمخصصات مشروعات التخفيف، مضيفًا أن حجم مخصصات التخفيف تُمثل %20، مقارنة بـ%80 لتمويل مشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، لتلبية تطلعات البلدان والمؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدنى للمشاركة فى القضايا البيئية.
وحدد الدكتور هشام عيسى، مؤسس مشارك بشركة دى كاربون للاستشارات البيئية، وخبير فى علوم البيئة والتغير المناخى، روشتة نجاح إطلاق أول منصة تداول للكربون فى مصر، والتى يتم الإعداد لها حاليًا فى بين البورصة المصرية ووزارة البيئة لإعداد سوق للكربون.
وأضاف أنه على إدارة البورصة والبيئة وضع الإطار المنظم وتلاشى كل التحديات التى من الممكن أن تواجه المنصة، ومنها توفير معايير منظمة للشركات للتسجيل، إضافة إلى تسهيل إجراءاته وتحديد رسوم بسيطة للتسجيل فى المنصة، واختيار المصدر المعتمد لإقرار نسب خفض الانبعاثات من المصادر المتوافق عليها دوليًا والمعتمدة بالمنظمات الخارجية.
وتابع أنه يجب عدم تسجيل المشروع الأخضر أو نسب خفض الانبعاثات فى أكثر من منظمة أو جهة رسمية، مثل مشروع التاكسى الأبيض الذى تم تسجيله فى الأمم المتحدة كمشروع أخضر لا يمكن أن يتم إصدار شهادات له، كونه تم تسجيله مسبقًا.
وأكد «عيسى»، أن شهادات الكربون إحدى آليات تمويل المناخ، وتعمل على تشجيع الشركات والقطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات لخفض الانبعاثات، لافتا إلى أن دولة الإمارات أطلقت مؤخرا منصة لتداول الكربون تمثل نموذجًا ناجحًا، خاصة فى عرض وتداول الشهادات الخفض فى دول الخليج وليس الإمارات فقط.
وذكر أن من أبرز القطاعات المرشحة فى بدء التداول الفورى على المنصة الجارى إعدادها بالقاهرة هو القطاع الصناعى ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، إضافة إلى صناعات الأسمدة والحديد والصلب والاسمنت، إذ تعد مرشحة بقوة لتنفيذ إجراءات خفض الانبعاثات وطرح الشهادات بالمنصة.
وتابع أن هناك نموذجا مقترحا لدخول تكتل من الشركات بحصص معينة للتسجيل فى شهادة واحدة، بعد دمج عدد من الشركات التى حققت معدلات خفض يتم قياسها للتأكد من صحة الخفض الفعلى ومن ثم الطرح وتوزيع العائد على تلك التكتلات.
وأضاف «عيسى» أيضًا أن قطاع السياحة والفنادق من القطاعات المرشحة لتطبيق التكتل من خلال تسجيل الخفض لمجموعة من الفنادق فى شهادة واحدة لرفع نسبة الشهادة، بعد خفض الانبعاثات وتحولها الى النجمة الخضراء وتشغيل محطات طاقة شمسية لديها.
وأشار إلى أن الدولة يمكنها طرح شهادات للخفض والحصول على آليات تمويلية من تلك الشهادة، لافتًا إلى أن أبرز تلك المشروعات مشروع إحلال السيارات المتهالكة إذا لم يتم تسجيله فى أى جهة دولية، وكل المشروعات الخضراء التى تعمل عليها.
وتوقع «عيسى»، أن يتم إطلاق المنصة فور انتهاء البورصة من وضع معايير التشغيل على هامش استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر المناخ cop 27 فى مدينة شرم الشيخ نوفمبر المقبل، إذ ستتم مخاطبة كل الجهات التنموية والمؤسسات التى تعم القضايا البيئية وبرامج التنمية المستدامة لبحث قضايا المناخ المختلفة بحضور دولى وعالمي.
وأوضح أن منصة تداول الكربون تستمد آليات تمويلها من رسوم تسجيل الشهادات، باعتبارها سوقًا لعرضها، أما المشترى لتلك الشهادات فهو عبارة عن شركة أو دولة تجاوزت الحد المسموح لها من الانبعاثات، ووجب عليها شراء شهادة بالخفض.
وأوضح أن هناك دولًا تقوم بشراء تلك الشهادات أيضًا نظرًا لالتزامها بمعدلات دولية لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، إذ تعد المنصة سوقًا لجذب الشركات الأجنبية لشراء الشهادة بنسب الخفض المطلوبة.
وفى سياق آخر، قال ياسر عمارة، رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية، إن منصة الكربون تعد أداة تمويلية جديدة تمثل حافزًا لدى الشركات لطرح شهادات خفض الكربون عبر منصة تداول البورصة المصرية، متوقعًا انضمام الشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة ابرز المرشحين لدخول المنصة.
وأضاف «عمارة»، أنه على القائمين بوضع معايير إطلاق أول منصة لتداول سوق الكربون فى مصر تسهيل كل الإجراءات لتشجيع أكبر قدر من الشركات للانضمام وسرعة توفيق الأوضاع البيئية لجذب تمويل خارجى لدعم مؤشرات عمل تلك الشركات.
وتابع أن منصة الكربون تعد تمويلًا سهلًا وميسرًا وجاذبًا للموارد الدولارية، إضافة إلى أنه غير مكلف، ويسهم فى خفض الانبعاثات والتلوث، وتخلق تحولًا أخضر دون تكلفة.
وأكد صندوق النقد مؤخرًا ضرورة وجود نظام دولى لتسعير الكربون، وتحديد حد أدنى للسعر عند 75 دولارًا للطن بحلول 2030، إذ توفر عملية تداول الكربون ما يقرب من 250 مليار دولار سنويا من تكلفة معالجة الأضرار البيئية.
ونجحت مصر فى خفض حجم تلوث الهواء بانبعاثات ثانى أكسيد الكربون خلال العام الأول من تفشى فيروس كورونا (عام 2020)، بنسبة تصل إلى %8، ليهبط إلى 204.3 مليون طن، مقارنة مع عام 2019، والذى سجل 222.1 مليون طن، لتحتل بذلك المركز الـ29 عالميًا، والثالث عربيا ضمن قائمة الدول الأكثر تلوثًا بأكسيد الكربون وفقا للبيانات والأرقام الصادرة عن «بريتش بتروليوم».
وأضافت وزيرة البيئة أن الوصول إلى هدف صفر كربون بحلول عام 2050 يتطلب منهجًا مجتمعيًا متكاملًا وتضافرًا لكل الجهود لمواجهة مخاطر وتحديات تغير المناخ، الذى أصبح ضرورة قصوى وليس خيارًا، مشيرةً إلى أن مصر سوف تعمل من خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف القادم على التأكيد على هذا الهدف، والوصول الى هدف صفر كربون .
وقالت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، فى تصريحات لـ«المال» فى وقت سابق، إنه سيتم عرض تفاصيل منصة تداول الكربون وآليات التطبيق على الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قريبا، تمهيدًا لاعتمادها فى أول اجتماع للمجلس الوطنى للتغيرات المناخية، لافتة إلى أن المشروع تم بالتنسيق مع جميع الجهات الحكومية والخاصة لدمج كل الشركات الكبرى وعلى رأسها شركات الأسمدة والبترول.