نظمت جلسة جديدة ضمن جلسات الملتقى الدولي «جابر عصفور.. الإنجاز والتنوير»، تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، بالمجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، وبالتعاون مع مؤسسة سلطان العويس، وجاءت الجلسة تحت عنوان «جابر عصفور وقضايا الترجمة».
وشارك بها كل من: الدكتور أنور مغيث، أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بجامعة حلوان، والمدير الأسبق للمركز القومي للترجمة، والدكتور ثائر ديب الكاتب والمترجم من سوريا، والدكتور والدكتور محمد حمدي إبراهيم رئيس قسم اللغة اليونانية الحديثة وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة، والدكتورة مكارم الغمري أستاذة الأدب الروسي بكلية الألسن جامعة عين شمس، وأدار الندوة الكاتب الأردني محمد شاهين أستاذ الأدب الإنجليزي في الجامعة الأردنية .
شاهين: الترجمة لدى جابر عصفور لا تتجزأ من رؤية شمولية للمعرفة والثقافة
قال الكاتب الأردني محمد شاهين إن الترجمة بالنسبة لعصفور لا تتجزأ من رؤية شمولية للمعرفة والثقافة بشكل خاص، فلم يكن مشروعه مجرد مشروع قومي، بل مشروع ثقافي شامل.
مغيث: جابر عصفور قد تحرر من المركزية الغربية
واستهل الدكتور أنور مغيث كلمته بالإشارة إلى ذلك الاقتراح الذي طرحه عدد من المسؤولين حول تحويل مادة الفلسفة إلى مادة اختيارية في الثانوية العامة، فقامت الدنيا ولم تقعد لما هو معروف عن قيمة الفلسفة في بناء الفكر الإنساني..
كذلك الترجمة، فحين نتحدث عن الترجمة نربطها باستراتيجية الدولة، ولكن يظل هناك الحق في الترجمة، ففي النهضة العربية التي نؤرخ لها بقرنين من الزمان هناك 3 لحظات فارقة، الأولى لحظة قرار رفاعة الطهطاوي ترجمة العلوم، واللحظة الثانية تتمثل في مشروع طه حسين للترجمة، من خلال لجنة التأليف والترجمة والنشر في عشرينيات القرن العشرين، وأما اللحظة الثالثة فهي مشروع جابر عصفور؛ المشروع القومي للترجمة، والذي تزامن مع نهضة الترجمة في مختلف البلدان العربية.
مشيرًا إلى أننا لا بد أن نلقي نظرة على الترجمة كإبداع عفوي من الشعب، ففي بدايات القرن التاسع عشر ظهرت دور نشر خاصة بدأت بترجمة الروايات الأجنبية التي كانت السمة الغالبة على النشر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حتى إنها كانت تمثل ما يوازي نصف ما ينشر في تلك الفترة ، و بدأ الكثيرون ينتقدون ولع الشباب بقراءة تلك الروايات التي كانوا يطلقون عليها “الرومانيات.
وجاء لطفي السيد ليستنهض الهمم موضحًا أن الرواية تشارك في بناء الشخصية، ودعا شوقي وحافظ لكتابة روايات تخاطب أذهان الشباب، وتتماس تلك النظرة مع رؤية عصفور لزمن الرواية
وأكد مغيث على أن عصفور قد تحرر من المركزية الغربية ، ولذا استطاع المشروع القومي للترجمة أن يغطي 36 لغة من بلدان مختلفة، ولم يكن همنا أن نبحث عما يوافق عاداتنا، وإنما كنا نعرض ثقافات الدول كما هي، دون رقابة على ما يتم ترجمته، بل بحرية تامة.
وقد استطاع عصفور أن يفتح الباب لكل المترجمين العرب من مختلف الدول.
ديب : الترجمة كانت جزءًا من مشروع جابر عصفور الثقافي المتكامل
وقدم الدكتور ثائر ديب مشاركته (عبر الفيديو كونفرنس) حول عصفور بين أسلافه والمستقبل، مشيرًا إلى أن الترجمة كانت جزءًا من مشروع جابر عصفور الثقافي المتكامل، فقد قدم مشروعه القومي للترجمة بمقالة شهيرة « نحو مشروع قومي للترجمة » ، مثلما قدم طه حسين مشروعه في كتاب « مستقبل الثقافة في مصر »
وقد تمثل عصفور سلفه طه حسين وكذلك الطهطاوي، بمشروعيهما، محاولًا إقامة منظومة شاملة متكئة على مشروع الترجمة، وقد اختلف مشروع عصفور لأنه دعا إلى سياق الاستقلال الثقافي والسياسي.
وأكد على أن عصفور قد تحرر من أسر الهيمنة الإنجليزية والفرنسية، وبدأ التوسع في اللغات التي ترجم منها.
إبراهيم: أهم مميزات مشروع جابر عصفور للترجمة أنه كان يرفض إلا أن يترجم عن الأصل
تحدث الدكتور محمد حمدي إبراهيم عن علاقة العالم العربي بالترجمة، وأنها تعود إلى أواخر العصر الأموي وبدايات العصر العباسي، حين احتفى العرب والمسلمون بما أنتجه العالم الغربي بمؤلفات قيمة لأرسطو وغيره.
وعن فترة أمانة جابر عصفور للمجلس الأعلى للثقافة قال: إن ليه منظورًا شاملًا للثقافة قل من يملكه، وكان هذا المنظور قائمًا على التجديد والتغيير أهله لتلك المدة الطويلة لفترة أمانته للمجلس.
وحين فكر عصفور في تأسيس المشروع القومي للترجمة كان لديه مشروع كامل للنهضة بالترجمة، فلم يكن الأمر لديه مجرد بناء، بل كان الهدف الأساسي من المشروع هو الترجمة عن الأصول وليس عن ترجمة وسيطة.
وعن ذكرياته مع عصفور قال إنه حين استدعاه لترجمة كتاب عن الشعر اليوناني الحديث، تحمس لهذا كثيرًا، ثم توالت الأعمال بعد ذلك.
وأضاف أن أهم مميزات مشروع عصفور للترجمة أنه كان يرفض إلا أن يترجم عن الأصل، ولا يجيز أي كتاب إلا بعد مراجعة شخص ذي ثقة في علمه، وقد رصد مكافآت مرتفعة في ذلك الوقت للمترجمين حتى صار المركز القومي للترجمة أعلى مكان يمنح مكافأة عن الترجمة في مصر.
الغمري: الحديث عن جابر عصفور حديث متشعب
قالت الدكتورة مكارم الغمري إن الحديث عن جابر عصفور حديث متشعب، فقد كان يعلم بحق قيمة الترجمة بصفته باحثا ومترجما ومسؤولا، وله هو نفسه إسهامات عديدة في مجال الترجمة، ومن أهمها عصر البنيوية، واتجاهات النقد المعاصر، وقد كانت كتبه المترجمة يقدمها بمقدمات رصينة يحرص فيها على ذكر اسم العمل ومؤلفه الأصلي.
وقالت: أنا أرى أن أهم ما يميزه أيضًا أنه كان يشير إلى أي تغيير ولو طفيف يحدث سواء في عنوان الكتاب أو في التفاصيل الداخلية، وقد ظهر اهتمام عصفور بالترجمة في فترة مبكرة منذ رأس تحرير مجلة فصول، وقد حرص على تقديم الدراسات المترجمة بجانب المقالات والأبحاث العادية بالمجلة.
وعن إنجازات عصفور قالت الغمري أنه أثناء فترة أمانته للمجلس الأعلى للثقافة، ومنها: الحرص على إقامة ندوات وفعاليات متخصصة في هذا المجال، كمؤتمر « ترجمة الآداب الشرقية » ، ومؤتمر « الترجمة وتفاعل الثقافات » ، وكذلك مؤتمر عن مشكلات الترجمة، وبعض الندوات مثل ندوة « الترجمة وثقافة الطفل » ، وندوة « ترجمة الشعر » ، وأخرى عن ترجمة الرواية