أعلنت وزارة النقل فى أكثر من مناسبة عن مساعيها للنهوض بمنظومة النقل النهرى، لإحداث طفرة اقتصادية فى المجال خلال الفترة المقبلة، على غرار المنفذ بباقى مرافق النقل، ومن ثم أبرمت بروتوكول تعاون مع موانئ أبوظبى، والمجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض، لتعظيم الإستفادة من مجرى النيل فى نقل الركاب والبضائع، عبر إنشاء وتشغيل ميناء نهرى فى محافظة المنيا وذلك إستعداداً لعمل صومعة لتخزين السكر وتصديره من خلال ميناء دمياط البحرى.
وإتفق خبراء مسئوولون سابقين فى القطاع على أن خطوة إشراك القطاع الخاص فى المنظومة تساعد فى الارتقاء بالخدمات وتوسيع دائرة الاستفادة من النيل ليكون مسارا رئيسيا فى عملية نقل البضائع من الموانئ للمحافظات.
وأحال المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب نهاية مايو الماضى، مشروع قانون مقدم من الحكومة بإصدار قانون إعادة تنظيم الهيئة العامة للنقل النهرى (بديلاً عن مشروع القانون السابق تقديمه من الحكومة بإصدار قانون الملاحة الداخلية)، ويعمل التشريع على رفع كفاءة مرفق النقل المائى بالمياه الداخلية وتطويره، بما يُحقق استغلاله على الوجه الأمثل، وفق أسس فنية واقتصادية سليمة تكفل أداء دوره فى التنمية القومية.
عبد العظيم محمد: ضرورة التنسيق مع وزارة الرى لتحديد مناسيب المياه وفقاً للأعماق
بداية، طالب الدكتور عبد العظيم محمد رئيس هيئة النقل النهرى السابق، التركيز على جذب الاستثمار فى مجال نقل البضائع دون الركاب، مُستندا على القصور الذى يتمثل فى عدد الصنادل الناقلة للحمولات وعدد كيانات القطاع الخاص العاملة حاليا.
وأشار عبد العظيم إلى أن الاستثمار فى نقل الركاب لم يكن ذى جدوى مقارنة بالاهتمام بالبضائع، مُستشهداً بالإحصائية التى صدرت عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، والتى تؤكد أنه تم نقل ما يقرب من 24 مليون راكب عن طريق العائمات النهرية، خلال عام 2014، وارتفعت نسبة الأفراد المُستقلين للمعديات عام 2015 إلى 48 مليون راكب، وقفزت تلك الأرقام لتسجل 61 مليون شخص خلال عام 2016، مما يُعنى أنه لا حاجة لزيادة تلك الأرقام.
وأكد «عبد العظيم» أنه وفقاً للتطور والحراك التى تشهده كافة القطاعات على مستوى الدولة، من الممكن أن يتم إنشاء نماذج من المراكب التى يتوافر بها عنصرى الأمان والسلامة على غرار عبارات نقل الأفراد – تحيا مصر – التابعة لهيئة قناة السويس، للاستغناء عن العائمات الحالية.
أكد رئيس هيئة النقل النهرى، على أن انخفاض نسبة التعامل على مجرى نهر النيل الملاحى عبر السنوات الماضية، هو نتيجة توافر عنصرى السرعة والفارق الزمنى للبنية التحتية للطرق البرية، فى نفس الوقت يجب أيضا التوجه لاستغلال بنية النقل النهرية، لاسيما وأنها متطورة.
واستشهد بما تم فى الفترة الماضية من إنشاء ميناء دمياط النهرى، وعمل القناة الملاحية لربط فرع دمياط بالميناء بطول 5 كيلومترات، ولكنها لم تُستغل حتى الآن لوجود بعض العوائق.
وأشار إلى وجود بعض المعوقات فى مناطق بمجرى النيل، ومن أبرزها أزمة هاويس زفتى والذى يحتاج إلى تعديل مناسيب المياه، مؤكداً أنه تم إسناد الأمر إلى أحد المكاتب الاستشارية لوضع حلول ومُقرر تنفيذها.
وتابع: أنه توجد معوقات تتعلق بعملة التفريغ نفسها، على سبيل المثال سعة الشفاط الموجود بميناء دمياط والتى تصل إلى 50 طنا فى الساعة، لافتاً إلى أنه فى حال تحميل بضائع بوزن 500 طن ستتم تلك العملية فى خلال 10 ساعات، مطالباً توافر معدات تفريغ بسعة 200 إلى 300 طن فى الساعة، لتحقيق أعلى استفادة من المنظومة فى الفترة المقبلة.
وأضاف عبد العظيم أن هناك معوقات تواجه فرع دمياط، ولكن عمليات التكريك تعمل باستمرار وبالتالى لا توجد أزمة حقيقية تعوق مسار النقل النهرى من دمياط إلى القاهرة أو إلى أسوان.
ولفت إلى أن خط إسكندرية الملاحى النهرى، يتوافر به هويسى «المالح» و«الكيلو 100 بالعامرية»، ومن خلالها تتم عملية الربط ميناء الاسكندرية والقناة الملاحية وترعة النوبارية، ولذلك تسير المراكب بأريحية، ولكن تتعرض لبعض المشكلات أثناء السدة الشتوية.
وتطرق رئيس هيئة النقل النهرى السابق إلى ترعة الإسماعيلية، والتى تعتبر ممر ملاحى نهرى مؤهل لاستيعاب صنادل بأوزان مختلفة لتكون بديلا بشكل كامل عن النقل البرى.
طلب «عبد العظيم» بضرورة الاهتمام بالمسار المذكور سابقا، إلى جانب إنشاء منطقة لوجيستية، فضلاً عن إنشاء منطقة حاويات ببحيرة التمساح وربطها بنهر النيل، مؤكداً أن الإعتماد على نقل البضائع نهرياً سيوفر تكلفة صيانة الطرق سنوياً المقدرة بنحو 7 مليارات جنيه.
ولفت الدكتور محمد عبد العظيم، إلى وجود 42 ميناء نهرى من القاهرة لأسوان تابعين لشركات مختلفة، ويجب استغلالها فى نقل البضائع بشكل أكبر.
وطلب رئيس هيئة النقل النهرى، بضرورة تفعيل منظومة النقل متعدد الوسائط وربط الموانئ القريبة من الطريق الإقليمى والأوسطى الدائرى، وعمل موانئ نهرية على المحاور الرئيسية، فضلاً عن ربط السكة الحديد بالنقل البرى والنهرى، لعمل منظومة مُتكاملة، ووضع خطة وإستراتيجية واضحة لربط كافة الوسائل بعضها البعض.
سمير سلامة: «الممر» يخفف حجم المنقول من البضائع على الطرق
من جانبه، أكد المهندس سمير سلامة رئيس هيئة النقل النهرى الأسبق، أن الملاحة النهرية مؤهلة لنقل البضائع من خلالها، مشيرا إلى أن دخول تحالف أو شركات قطاع خاص مجال النقل ستكون معاونة وعدم، وإضافة للمنظومة بشكل عام.
وأشار «سلامة» إلى أن الملاحة النهرية لن تكون بديلا عن النقل البرى، ولكنها ستعمل على تخفيف الضغط على شبكة الطرق، خاصة الأحمال الكبيرة أو المرتفعة، والتى يكون نقلها مُيسر «نهرياً»، خاصة فى ظل الأعماق المُحددة لذلك، مشيرا إلى أن النقل النهرى يحمل أضعاف نظيره «البري» وحال تطويره سيلاقى طلبا فى الاعتماد عليه.
واستشهد رئيس هيئة النقل النهرى الأسبق بالمركب النهرى التى يصل طولها لـ 80 مترا، فتتسع حمولتها لـ 40 حاوية، فى حين أن النقل البرى يحتاج لـ 40 شاحنة، مؤكدا أن النيل سيساعد فى خفض معدل استهلاك الوقود، وتخفيض معدل الحوادث.
وتطرق «سلامة» إلى نوعية البضائع التى يُمكن أن تُنقل من خلال الممر الملاحى النهرى، مؤكداً أن معظمها سيكون غير سريعة التلف، والزيوت، والحبوب بشكل عام.
وأشار إلى ضرورة تأهيل الموانئ النهرية الحالية للنقل والشحن والتفريغ، على الرغم من أن النقل النهرى لم يسترد عافيته حتى الآن، ولم يتوافر به كافة المعدات أثناء الشحن والتفريغ، ولكن من الممكن – بحسب رأيه – الاستعاضة عن ذلك باللجوء لتأجير الأوناش بشكل مؤقت، موضحاً أنه طالما يوجد رصيف ومُتصل بطريق متواصل مع نقل مُتعدد الوسائط، فلا توجد أزمة حالية للنقل عبر الممرات النهرية.
مسؤول بالأكاديمية العربية: تعدد جهات إصدار تراخيص التشغيل سبب عزوف المستثمرين
وأكد الدكتور مصطفى صابر، خبير النقل النهرى، رئيس وحدة النقل النهرى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، على أن الشركات العاملة بالقطاع محدودة، ولا توجد منافسات، موضحا أن شركات السكر والفوسفات من أكثر الجهات التى تعتمد حاليا على المنظومة.
وأشاد «صابر» بالبروتوكول المبرم بين وزارة النقل وموانئ أبو ظبى، مؤكداً أن دخول الحكومة للقطاع بهذا الشكل، من شأنه أن يعمل على حل الكثير من المعوقات التى تواجه المجال، وكانت سببا فى عزوف الكثيرين من المستثمرين.
وأشار إلى أن المُعوق الأبرز التى يواجه المُستثمرين يتمثل فى صعوبة الحصول على موافقات وتراخيص إنشاء الموانئ النهرية وفقا للمعايير الهندسية اللازمة، لتحقيق بند المغادرة والوصول للمراكب المُقرر تشغيلها بالممر الملاحى مع تحديد نوع البضائع المنقولة.
وذكر خبير النقل النهرى، أنه رغم أن الموانئ النيلية ليس بها معدات كافية لعمليات الشحن والتفريغ بشكل سريع، مقارنة بالموانئ البرية أو البحرية، إلا أنها تتمتع بميزات تتمثل فى الحجم والحمولة، والتى من الممكن أن تنقل بضائع ما يقارب من حمولة 40 سيارة نقل برى فى رحلة واحدة.
وتطرق الدكتور مصطفى صابر إلى باقى المعوقات التى تواجه القطاع، والتى تتمثل فى الأهوسة، وعدم الوصول لأعماق المناسبة لمرور كافة الوحدات البحرية، وعدم توافر العمالة المُدربة بشكل كافى.
رئيس شركة نايل تاكسي: المجرى يفتقد الخدمات الداعمة لتشغيل العائمات
من جانبه، أشار مجدى غالى رئيس مجلس إدارة شركة نايل تاكسى، إلى أن القرار جيد على صعيد نقل الركاب ولكن حال تحقيق توافر الدعم الحكومى للمنظومة، على غرار إنجلترا التى خصصت كافة وسائل النقل لديها لشركات خاصة تتولى التشغيل، ولكن بدعم حكومى للحفاظ على كفاءة الخدمة للعمل بشكل مُنظم دون إدارة من الحكومة.
وتطرق «غالي» لعدد من المعوقات التى تخص نقل الركاب نهرياً، أبرزها عدم وجود بنية أساسية وما تشمله من عدم توافر محطات نقل بشكل كافى، فضلاً عن عدم تواجد محطات تموين فى النيل، مؤكداً أن البنية الأساسية لأى خط نهرى تتطلب توافر محطات للوقود.
أشار إلى وجود مناطق نهرية تحتاج إلى تعميق، لأنها أكبر عائق أمام مراكب نقل البضائع ومراكب نقل الركاب ذات الكثافة العالية، لافتاً إلى ضرورة تكريك تلك المواقع، وتوافر علامات تحديد المسارات الملاحية.