أظهر مسح أجرته عدة مؤسسات دولية احتلال مصر المرتبة الثالثة من حيث عدد أيام تخليص الصادرات من الجمارك، وسجلت عدد الأيام بها 6.7 يوم، وهى نفس المدة لدى المغرب وتونس.
ونشرت بنوك «الاستثمار الأوروبى»، و«الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية»، و«الدولى» تقريرًا مشتركًا الأسبوع الماضى بعنوان: «إطلاق العنان لنمو القطاع الخاص المستدام فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا».
شمل أكثر من 5800 كيان رسمي فى مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس والضفة الغربية وقطاع غزة
وتناول التقرير القيود التى تواجه نمو الإنتاجية والتراكم المحدود للعوامل أو الإنتاج فى القطاع الخاص فى المنطقة، استناداً إلى مسح الشركات الذى تم إجراؤه بين أواخر 2018 و2020 على أكثر من 5800 شركة رسمية فى جميع أنحاء مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس والضفة الغربية وقطاع غزة.
ووفقًا للقائمة التى ضمت 6 دول، جاءت الأردن فى الترتيب الأول بنحو 4.7 يوم، ثم الضفة الغربية وقطاع غزة بنحو 5.3 يوم فى الترتيب الثانى ثم مصر بـ6.7 يوم، وهى نفس المدة لدى المغرب وتونس، ثم لبنان 12.3 يوم.
وعلى صعيد عدد الأيام لتخليص الواردات من الجمارك، جاءت مصر فى الترتيب الثانى بقائمة الدول الست لتبلغ 8.4 يوم بعد الأردن التى بلغ فيها 4.6 يوم، وفى المغرب سجل هذا الرقم 13.1 يوم، ولبنان 14.2 يوم، بينما فى تونس 15.8 يوم.
ومن حيث رأس المال البشرى والتدريب الرسمى للعمال، قال المسح إن الشركات التى تستثمر فى هذا المؤشر تجنى ثماراً ومنافع، مشيرًا إلى أن التدريب الرسمى للموظفين بمقدوره تحسين أداء الشركة عبر تزويد العمال بالمهارات اللازمة وتعزيز الإقبال على الابتكار ورفع مستوى التنافسية بوجه عام، وهو ما يسهم فى تطوير مهاراتهم فى عالم الرقمنة والأتمتة.
وقال المسح إن مستويات التدريب الرسمى متدنية لدى الشركات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتظهر بيانات الفترة من 2018 وحتى 2020 أن نسبة لم تتعد %29 من الشركات لمتوسطة والكبيرة فى الاقتصادات الستة فى المنطقة قدمت تدريبًا رسميًا، ويصل هذا فى العينة التى شملت اقتصادات من أوروبا وآسيا الوسطى %39.
وأضاف أن معدل انتشار التدريب الرسمى فى أوروبا وآسيا الوسطى يبلغ %41.
ونوه التقرير بأنه غالباً ما تكون الشركات التى تقدم تدريبًا فى منطقتى الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وأوروبا وآسيا الوسطى شركات أكبر حجماً وأحدث عهداً مملوكة للأجانب ومتصلة رقمياً، وفى الشرق الاوسط غالباً ما تكون الشركات التى تقدم تدريب رسمياً عاملة فى القطاعات الخدمية.
أما من حيث فرص الحصول على التمويل والاستثمار، فتعد معدلات الاستثمار منخفضة للغاية فى اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التى يغطيها مسح مؤسسات الأعمال.
وأشارت نتائج المسح إلى أن الاستثمار يعتبر ضرورياً لنمو رصيد رأس المال فى أى اقتصاد، وبدون الاستثمار لا يمكن لمستويات المعيشة فى الاقتصادات التى يغطيها التقرير أن تقترب من نظائرها فى الاقتصادات المتقدمة، مؤكداً أن الحصول على التمويل يسهل الاسثمارات، ومن ثم يساعد على تعزيز النمو المحتمل.
وبحسب المسح، استثمرت %20 فقط من الشركات فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى الأصول الثابتة، وهى نسبة تقل عن مثيلتها فى الاقتصادات المرجعية، وأضاف: أنه ربما يرجع انخفاض معدلات الاستثمار فى اقتصادات المنطقة إلى تعذر الحصول على تمويل خارجي.
وقال إنه فى المتوسط يواجه %69 من الشركات المشاركة بالمسح قيودًا ائتمانية، مقابل %59 فى أوروبا وآسيا الوسطي، ولكن المتوسط الإقليمى يخفى تباينات كبيرة بين البلدان.
وأشار إلى أن متطلبات الضمانات الصارمة وإجراءات طلب القرض المعقدة وارتفاع أسعار الفائدة تثنى الشركات بالمنطقة عن طلب قرض، مضيفًا أن ارتفاع أسعار الفائدة هو السبب الذى تكرر إشارة الشركات إليه لتعليل عدم طلبها قرضًا، ولكن الأهمية النسبية لأسعار الفائدة تختلف من بلد لآخر.
ومن حيث مؤشر الأداء الاقتصادى وبيئة الأعمال، قال المسح إن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه أوضاعًا صعبة على صعيد الاقتصاد الكلى تتسم بالانخفاض المستمر لنمو نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلي، ولم يتعد معدل نمو نصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلى %0.3 سنوياً فى الاقتصادات الستة التى يركز عليها التقرير.
وأشار إلى أن معدل نمو نصيب الفرد من اجمالى الناتج المحلى فى مصر مرتفع، إذ يبلغ %2.1 سنويًا، ويعد أداء المغرب جيدًا مقارنة بالوضع فى البلدان المرجعية.
وأضاف أن الدين العام ازداد فى بلدان المنطقة زيادة كبيرة خلال العقد الماضي، وشهدت جميعها تقريبًا ارتفاعًا كبيرًا فى نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى فى أعقاب الأزمة المالية العالمية وثورات الربيع العربي، ولاقت الجهود اللاحقة لضبط أوضاع المالية العامة مساندة من برامج صندوق النقد الدولي، ولم يحدث على مستوى المنطقة -سوى فى مصر- أن تنجح الحكومة فى عكس الاتجاه الصعودى لنسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلي.
وشمل مسح مؤسسات الأعمال المستخدم فى هذا التقرير نحو 28 ألف مؤسسة أعمال رسمية، مسجلة فى 41 اقتصادًا، منها أكثر من 5800 منشأة موزعة بين: مصر “3075” والأردن”601” ولبنان”532 شركة”، والمغرب”661 شركة” وتونس”615 شركة” والضفة الغربية وقطاع غزة”365 شركة”، وتعمل الشركات المشاركة فى قطاعات الصناعات التحويلية وتجارة التجزئة وخدمات أخرى.
ونوه التقرير بأنه من حيث مؤشر التجارة والابتكار فى المنطقة وكنسبة من إجمالى الناتج المحلى للبلدان، تستورد اقتصادات المنطقة سلعًا أكثر مما تصدر، وسجلت جميع الدول الست عجزا فى ميزان التجارة فى عام 2019.
وأكد مسح الأعمال، أن الحوافز التى تدفع الشركات فى المنطقة لإزالة انبعاثات الكربون تعتبر ضعيفة، إضافة إلى أن الأعمال التجارية أقل احتمالًا من نظيراتها فى أوروبا وآسيا الوسطى لاعتماد تدابير تقلل من تأثيرها على البيئة.
ولإطلاق العنان للنمو المستدام فى القطاع الخاص فى المنطقة، دعا المسح اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى تقليل الحواجز التنظيمية أمام الشركات، وتعزيز المنافسة وتقليل المثبطات الناشئة عن النفوذ السياسى وممارسات الأعمال غير الرسمية.
ولفت الى أن المنطقة بحاجة إلى إصلاحات لتسهيل الابتكار واعتماد التقنيات الرقمية والاستثمارات فى رأس المال البشري، بينما تتماشى مع الأجندة العالمية للحد من تغير المناخ وتعزيز الاستدامة وحماية البيئة الطبيعية، كما يمكن أن يكون تحسين الممارسات الإدارية مفيدًا لذلك.
كانت ديبورا ريفولتيلا، كبيرة الاقتصاديين فى بنك الاستثمار الأوروبي، قالت فى بيان صحفي، إن بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج إلى معالجة الاختناقات الهيكلية الرئيسية التى تؤثر عليها، وذلك عند الاستجابة للصدمة الجديدة الناتجة عن الغزو الروسى لأوكرانيا.
ونوهت “ريفولتيلا”، بأهمية الإصلاحات التى تقلل من الحواجز التنظيمية، وتعالج ممارسات الأعمال غير الرسمية، وتعزز المنافسة، وتسهل الابتكاروالرقمنة ضرورية لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام وتحسين المرونة فى مواجهة الصدمات المستقبلية بالمنطقة.