أظهرت نتائج بحث أجرته مؤسسة (KPMG) والذى شمل شركات تعمل في العديد من الصناعات المختلفة في معظم الدول أن أول إجراء اتخذته تلك الشركات بعد وقوع أزمة كوفيد- 19 هو التحول إلى العمل عن بُعد وأن حوالى 90% من موظفى تلك الشركات أصبحوا يعملون من المنزل، مع وجود جزء ضئيل من الموظفين فى مقر الشركة، وذلك نظراً لأن هؤلاء الموظفين يشغلون وظائف مهمة لا يمكن القيام بها عن بعد مما يستلزم تواجدهم فى مقر الشركة.
تحديات تواجه تطبيق آلية العمل عن بعد
وأوضحت الدراسة أن أهم تحدى تواجهه شركات التأمين هو كيفية إدراج العمل عن بُعد ضمن خطة إستمرار العمل الخاصة بها، ذلك إضافة إلى العديد من التحديات والتى منها على سبيل المثال تحدى اقتصادى، إذ لا تمتلك بعض الشركات البنية التحتية التكنولوجية التى تمكنها من السماح لموظفيها بالعمل عن بُعد، أى سيتم تسعيير الوثائق وتقييم مخاطرها ومزاولة الاكتتاب والتعويض عبر الإنترنت وهو ما يستلزم قيام الشركة بتحسين البنية التحتية التكنولوجية التى تمكن الموظف الذى يعمل عن بُعد من الدخول عن بعدُ من خلال الحاسب الآلى الخاص به على الحاسب الآلى المركزى بالشركة والإطلاع على البيانات والمستندات التى تمكنه من مزاولة عمله، إن مثل هذا النظام يحتاج إلى بنية تحتية على درجة عالية من التطور وبالتالى يحتاج إلى تخصيص ميزانية ضخمة لتحقيقه بالشكل المرجو وهو ما يشكل تحدياً إقتصادياً كبيراً لشركات التأمين.
يعتبر العمل عن بعد هو أسلوب عمل يسمح للمحترفين بالعمل خارج بيئة العمل التقليدية داخل المكاتب ومقرات الشركات، يعتمد هذا الأسلوب على مفهوم أن العمل لا يحتاج إلى أن يتم القيام به في مكان معين حتى يتم تنفيذه بنجاح، بالتالى فإن هذا الأسلوب يتبنى فكرا جديدا فى آلية تنفيذ العمل؛ ألا وهو أنه بدلا من الانتقال إلى مقر العمل كل يوم لتنفيذ العمل المطلوب من مكتب مخصص، يمكن للموظفين الذين يعملون عن بُعد تنفيذ مشاريعهم وتجاوز أهدافهم أينما يحلو لهم. وبالتالى فإن هذا الأسلوب الجديد فى العمل يشكل تحولاً فى المفهوم النمطى للمجتمع عن مكان العمل المناسب، وهو ما يعتبر تحولاً إيجابياً نظراً لمساحة الحرية التى يعطيها هذا المفهوم الجديد للشخص الذى يقوم بتنفيذ العمل.
تأثير وباء كوفيد-19 على بيئة العمل فى شركات التأمين
على الرغم من أن جميع شركات التأمين لديها خطط لاستمرار العمل، إلا أن تلك الخطط لم يتم تصميمها أو اختبارها في حالة مثل كوفيد- 19 حيث كان يتعين عزل جميع الموظفين تقريبا عن مكاتبهم بين عشية وضحاها، بالإضافة إلى ذلك فإن توقيت الحدث كان خلال نهاية السنة المالية، مما زاد من تعقيد المشكلة لأن شركات التأمين عادةً ما تشهد فى تلك الفترة فترات التجديد وإقفال العام المالى وصرف العمولات ودفع الأقساط وما إلى ذلك.
وتضم التحديات التى تواجه شركات التأمين كذلك تحدى فنى إذ يحتاج موظفى الشركة الذين سيعملون عن بُعد إلى الحصول على صقل لمهاراتهم الفنية وإعطائهم التدريب اللازم حتى يتسنى لهم ممارسة كافة العمليات الفنية المتعلقة بالتامين عبر شبكة الإنترنت، يجب ان يتلقى العاملين التدريب الفنى الخاص على كيفية الوصول للعميل وتسويق وثائق التامين المختلفة باحترافية وكيفية إصدار وثائق التامين إلكترونياً بعد التأكد من أنها تلبى جميع ا حتياجات العميل، بجانب التحديث المستمر لبيانات شركة التأمين مثل الفروع وعددها وبياناتها وأرقام هواتفها وكذلك الموقع الإلكترونى لها والوثائق التى عليه وشكل عرضها والمحتوى الموجود بها وذلك حتى يتسنى للعملاء اختيار المنتجات التامينية التى تلبى إحتياجاتهم بسهولة.
ومن الضرورى أيضا بحث الآلية التى يمكن من خلالها إصدار كافة أنواع التأمين بشكل إلكترونى؛ حيث أنه حتى الآن هناك بعض أنواع التأمين التى يصعب إصدار وثيقة التأمين الخاصة إلكترونياً مثل التامين البحرى وتأمين الحريق، ذلك لأن هذه الأنواع من التأمين تختلف عن الأنواع النمطية مثل السيارات الإجبارى وتأمين السفر وغيرها من التأمينات النمطية التى يسهل تحديد سعرها وإصدارها إلكترونياً؛ فى حين تحتاج أنواع التامين غير النمطية إلى إجراء معاينة لتحديد الشروط والأسعار التى سيتم على أساسها إصدار وثيقة التأمين.
تحديات رقابية تعيق العمل الإلكترونى
أما بالنسبة للتحديات الرقابية فهى تكمن فى اللوائح والقوانين والتشريعات التى تفرضها الدولة والتي قد تعيق أحياناً العمل الرقمي أو الإكترونى، من أمثلة تلك التحديات التوقيعات المادية والتى يطلق عليها فى بعض الدول العربية مصطلح “التوقيع الحى”؛ حيث تصر بعض الجهات الرقابية أن تكون التوقيعات على وثائق التأمين توقيعات مادية بدلاً من التوقيعات الإلكترونية وهذا بموجب القانون مما يعيق عملية الإصدار الإلكترونى للوثائق.
وهناك الإجراءات التى تفرضها بعض الجهات الرقابية والخاصة بإعتماد بعض قنوات التوزيع والتى يجب ان يتم تبسيطها خاصة فى ظل التحول الرقمى وتبنى نمط العمل عن بُعد؛ حيث أن التعقيدات الإدارية قد تشكل عائقاً فى تسويق وتوزيع التأمين إلكترونياً. ولهذا فإن تبسيط الإجراءات سيزيد من إقدام العملاء على شراء المنتجات التأمينية.
دور هيئة الرقابة المالية فى تطبيق التحول الرقمى فى مصر
ويجدر الإشارة هنا إلى الدور الذى تقوم به الهيئة العامة للرقابة المالية فى مصر فى هذا الصدد حيث قامت الهيئة منذ عام 2015 بإصدار قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (122) لسنة 2015 بشأن تنظيم إصدار وتوزيع شركات التأمين لبعض وثائق التأمين النمطية إلكترونياً وقرار رئيس الهيئة رقم (729) لسنة 2016 بشأن الضوابط التكنولوجية وقواعد تأمين المعلومات المرتبطة بإصدار وتوزيع شركات التأمين لبعض وصائق التأمين النمطية إلكترونياً من خلال شبكات نظم المعلومات.. حيث أتاحت تلك القرار لشركات التأمين المقيدة بسجلات الهيئة أن تصدر بعض وثائق التأمين النمطية والتى تم تحديدها وتحديد الضوابط الخاصة بها فى تلك القرارات.