قال مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اليوم، نتوقع أن نتجاوز ٦% كمعدل نمو إجمالى خلال هذا العام المالي، مما يعطي رسائل مهمة جدا أننا كدولة، نتمتع باقتصاد مرن قادر على النمو ، بحكم أن عدد سكاننا يصل إلى ١٠٣ ملايين نسمة، وهو ما يمثل سوقا كبيرة جدا يشجع على الاستثمار.
جاء ذلك خلال مشاركة مدبولي، في جلسة نقاشية حول القطاع الخاص والفرص الاستثمارية في مصر، وذلك بمركز المؤتمرات الدولية بمدينة شرم الشيخ، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، وممثلي القطاع الخاص، والمستثمرين ، على هامش الدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية 2022 بشرم الشيخ.
تحدث على المنصة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، محافظ جمهورية مصر العربية لدى البنك ، ورئيس مجلس محافظي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والدكتورة ندى مسعود، المستشار الاقتصادي لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عضو مجلس المديريين التنفيذيين بالبنك.
استهل رئيس الوزراء الجلسة بالحديث عن الوضع الحالي للاقتصاد المصري ورؤية الحكومة للتعامل مع تحديات الفترة القادمة، مشيراً في هذا الإطار إلى أننا شهدنا خلال العقد الماضي أحداثا استثنائية، حيث مرت مصر بثورتين فى ٢٠١١، و٢٠١٣، وكانت فترة شديدة الصعوبة من الوضع السياسي، وغيرها من التداعيات.
وتابع أن ذلك انعكس على مؤشرات الاقتصاد المصري، وحجم نموه، وأنه انعكاس طبيعي لأي دولة تمر بموجة من الأحداث السياسية المتعاقبة، وصاحبها حدوث بعض القلاقل فى وضعية الاقتصاد المصري، ووجود تخوف لدى القطاع الخاص من التوسع في استثماراته والتمويل لأغراض التنمية.
وقال رئيس الوزراء أنه إلى جانب ما شهدناه من قلاقل واضطرابات، فإن لدينا فى مصر تحد آخر يتمثل في النمو السكاني المستمر، حيث زاد عدد السكان خلال هذا العقد بمتوسط مليوني نسمة إضافية كل عام، أى زاد خلال السنوات العشر بحوالى ٢٢ مليون نسمة، مما يمثل تعداد دول كاملة وليس دولة واحدة، وهو الأمر الذي يعكس مدى التحدى الذي كانت تواجهه الدولة المصرية خلال هذه الفترة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، مهام منصبه كرئيس للجمهورية في ٢٠١٤ ، بدأت الدولة في وضع رؤية واضحة للتعامل مع كل هذه التحديات.
جاء فى مقدمتها العمل على إعادة بناء الدولة المصرية، حيث إنها كانت تعانى من مشكلات أساسية وهيكلية فى قطاعات محورية تعيق عمليات التنمية، على الأخص قطاعات الطاقة والبنية الأساسية.
ولفت إلى أنه كان لدينا في عام ٢٠١٤ مشكلة حادة فى قطاع الكهرباء، ونقص في إمدادات الغاز، فضلا عن مشكلات بقطاعات مياه الشرب والصرف الصحي، والطرق، والاتصالات، مما دعا إلى التعامل الفوري مع هذه التحديات والعمل حلها، وإزالتها، سعيا لجذب المزيد من المستثمرين، من خلال تبني مجموعة من المشروعات القومية، التي تركز في الأساس على إتاحة بنية أساسية متطورة تشجع جميع المستثمرين والقطاع الخاص إلى القدوم لمصر، والمشاركة بقوة في عمليات تنمية الاقتصاد المصري.
وأوضح رئيس الوزراء أن مصر لديها تحديا كبيرا للغاية يتمثل في الحاجة إلى إتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنويا، وهو يحتاج إلى حجم استثمارات سنوية هائلة، مشيرا إلى أن المشروعات القومية، التي بدؤوا تنفيذها منذ منتصف عام ٢٠١٤، كان الهدف منها إتاحة البنية الأساسية اللازمة، وتوفير المزيد من فرص العمل الجديدة، حيث تم إتاحة ٥ ملايين فرصة عمل بالفعل.
وواصل رئيس الوزراء عرض مجريات الأوضاع التي مر بها الاقتصاد الوطني، وقال إن تلك الإجراءات صاحبها تبني برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، والمؤسسات الدولية، منذ نهاية عام ٢٠١٦، مؤكدا أننا استطعنا وبنجاح كبير، وبإشادة جميع المؤسسات، أن نعبر بالاقتصاد المصري، ونضعه على الطرق الصحيح.
وأكد رئيس الوزراء أنه لولا تبني برنامج الإصلاح الاقتصادي، لما كانت الدولة قادرة على الصمود فى أزمة جائحة كورونا ومواجهة تداعياتها السلبية، مشيرا لما حققته الدولة المصرية من نجاح فى الاستمرار في تحقيق النمو الايجابي للاقتصاد المصري، وإنها كانت من الدول القليلة على مستوى العالم التى حافظت على استمرار نمو الاقتصاد بصورة إيجابية خلال عامي جائحة كورونا، فى الوقت الذى كانت تشهد فيه اقتصاديات العالم نموا سلبيا ، او انكماشا، موضحا أن مصر حققت خلال هذه الفترة نموا بمعدل ٣٫٦%، ٣٫٣%.
وقال رئيس الوزراء أن رؤية الدولة كانت تقوم على أنه مع اكتمال أعمال البنية الأساسية والمشروعات القومية، فسيكون هناك بدء مرحلة جديدة في الاقتصاد المصري، تستهدف إعادة بلورة دور القطاع الخاص، بحيث يكون هو المحرك الأساسي للمشروعات التنموية.
وتابع:” نجحنا كدولة في إقامة البنية الأساسية اللازمة، ووضع التشريعات المطلوبة، تشجيعا لمناخ الاستثمار، منها على سبيل المثال، تعديلات قانون الاستثمار، وقانون المناطق الاقتصادية، الذي يعطي مرونة كبيرة لإنشاء هيئات اقتصادية فى مناطق محددة، إلى جانب قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار”، منوها إلى أن كل هذه القوانين تمهد الطريق للقطاع الخاص لحركة أكبر خلال المرحلة القادمة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه بالرغم من كل هذه التحديات، فإن مصر خلال الشهور التسعة من العام المالي الحالى ٢٠٢١/٢٠٢٢، حققت معدل نمو خلال هذه الفترة بلغ ٧.٨% ، والتوقعات لمعدل النمو كانت ستبلغ نسبة كبيرة لم تشهدها مصر منذ ٢٠ أو ٢٥ عاما ، لولا اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية.
وتطرق رئيس الوزراء للحديث عن رؤية مصر خلال الفترة المقبلة ، قائلًا:” بدأنا منذ مطلع هذا العام في اتخاذ العديد من الخطوات المهمة لتشجيع القطاع الخاص، للعودة بقوة للمشاركة فى نمو الاقتصاد المصرى، سواء من جانب المستثمرين المحليين أو الأجانب، والمرحب بهم شكل كبير للاستثمار فى مصر، باعتبارها سوقا واعدة وحجم اقتصاد كبير آخذ فى النمو.
وأشار إلى أن الدولة المصرية اتخذت خطوات مهمة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث عقدت الحكومة المصرية مؤتمرا صحفيا عالميا، تضمن مجموعة واضحة من الخطوات التي ستتخذها خلال الفترة القادمة، وبدأت تنفيذها بالفعل.
ونوه إلى أن الخطوة الأولى تتمثل في إعداد وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، وأنها وثيقة شديدة الأهمية يضعونها أمام العالم والقطاع الخاص، لتوضح رؤية الدولة ودورها في الاقتصاد المصري، خلال الفترة القادمة، وهدفها تشجيع عودة مساهمة القطاع الخاص مرة أخرى في الاقتصاد، والعمل على زيادة نسبة مساهمة استثمارات القطاع الخاص في اجمالي الاستثمارات العامة من 30% حاليا لتصل إلى 65% من اجمالي الاستثمارات في مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وقال أنهم يضعون اليوم في إطار هذه الوثيقة برؤية واضحة، القطاعات التي ستتخارج منها الحكومة بالكامل، خلال الفترة من 3 إلى 5 سنوات، موضحاً أن جزءا من هذا التخارج يعني أن تطرح الدولة إدارة وتشغيل عدد من الأصول والمرافق والمنشآت الهامة التي تملكها للقطاع الخاص.
وطرحوا فكرة أخرى وهي زيادة رأس المال، وأي توسعات لهذه المنشآت والمشروعات الكبيرة تتم من خلال القطاع الخاص بالكامل، وبالتالي يكون هو مساهما رئيسيا في هذه المشروعات، وله نسبة، ويتولى عملية الإدارة والتشغيل، وهناك آلية أخرى وهي أن تبيع الدولة المصرية جزءا من حصتها في بعض المرافق والمشروعات وتتركها للقطاع الخاص تدريجياً، بحيث يكون له نسبة موجودة بها.
وأوضح مدبولي أنه في كل الأحوال سوف تشجع الدولة أن تتم إدارة وتشغيل كل هذه المشروعات من خلال القطاع الخاص، وهذا جزء من القطاعات التي ترى الدولة أن تتخارج منها، ولكن هناك قطاعات أخرى استراتيجية سوف تستمر الدولة فيها، وهو أمر قائم في كل دول العالم.
وأوضح رئيس الوزراء أن الدولة وضعت استراتيجية واضحة لتنمية وتشجيع والإسراع في معدلات نمو الصناعة في مصر، وقال : لدينا يقين كامل أن الصناعة هي المستقبل الحقيقي الفترة القادمة، ولذا بدأت الحكومة المصرية تستجيب لبعض النقاط والنقاشات التي كان يتم طرحها خلال اللقاءات التي تعقدها مع رجال الصناعة من الداخل والخارج، ومع المجالس التصديرية ومجتمع الأعمال.
وتابع أن الأمر الأهم هو أنهم قرروا أن تكون الأراضي الصناعية دائما مُرفّقة عند إتاحتها، ويكون المبدأ في تسعير الأراضي، هو سعر المرافق، وحددوا لذلك آليتين لطرح هذه الأراضي؛ إما عن طريق حق الانتفاع أو البيع، وبتسهيلات ائتمانية ليكون الهدف تشجيع القطاع الصناعي الموجود، الراغب في التوسع في أن يحصل على الأراضي بصورة مباشرة.
وتم تشكيل لجنة مجمعة تخصص الأراضي بصورة فورية، واتخذوا القرار بأن تصدر هيئة التنمية الصناعية رخصة واحدة في حد أقصى 20 يوم عمل، بحيث يحصل المستثمر على الرخصة من الهيئة، على أن تتولى الهيئة الحصول على الموافقات من باقي الجهات الأخرى المعنية.
وتم تفعيل مادة مهمة للغاية في قانون الاستثمار، هي إعطاء الرخصة الذهبية، التي تصدر من رئيس الوزراء شخصيا، وتجُب كل الموافقات الأخرى في المشروعات التنموية الكبيرة، سواء صناعة أو أي مشروعات أخرى تراها الدولة أنها ذات أهمية وتساهم في نمو الاقتصاد المصري، مضيفا أن الحكومة وضعت أيضا حوافز ضريبية وغير ضريبية لمشروعات بعينها، والتركيز سيكون خلال الفترة المقبلة على مشروعات الطاقة الخضراء، والطاقة الجديدة والمتجددة.
ووقعت الدولة على 6 مذكرات تفاهم، خلال الشهرين الماضيين، مع تحالفات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء؛ في إطار رؤيتهم كدولة بأن تكون مصر مركزا إقليميا وعالميا لإنتاج هذه النوعية من الطاقة الخضراء، مشيرا إلى أن مصر من الدول القليلة للغاية التي تتمتع بأماكن عديدة تتوافر فيها الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، ولذا فالدولة المصرية تضع حوافز كبيرة لتشجيع التحالفات العملاقة للدخول معنا في هذا المجال.
وانتقل رئيس الوزراء للحديث عن قطاعات أخرى مهمة، مثل الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، قال أنها الآن على قمة أولويات الدولة في هذه المرحلة، التي يتيحون فيها لرجال الأعمال والقطاع الخاص الدخول في شراكات لإقامة مشروعات في هذه القطاعات، وأن الحكومة قامت باتخاذ قرار مهم آخر وهو السماح بتأسيس الشركات افتراضيا دون الحاجة إلى التواجد بصورة مادية، لإتاحتها أمام قطاعات مثل الشباب ورواد الأعمال والشركات الناشئة، لتشجيع هذه القطاعات على البدء في مشروعاتها الخاصة دون معوقات، ويتم متابعة تنفيذ ذلك على أرض الواقع مع أعضاء الحكومة المعنيين.
وقال رئيس الوزراء : تم أيضا إنشاء الوحدة الدائمة لحل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، تحت إشرافي المباشر، رغم وجود آليات فعالية أخرى في هذا الشأن، لتلقي أية مشكلات للمستثمرين والعمل على حلها وتسويتها على الفور في غضون أيام قليلة؛ للمساهمة في تهيئة مناخ جيد لبيئة الاستثمار في مصر.
وأكد رئيس الوزراء أنهم يعون جيدا أن لدينا تحديات لا تزال قائمة في بعض الإجراءات البيروقراطية والإدارية، ولكنهم يتخذون الإجراءات والقرارات التي من شأنها تذليل كل المعوقات، ويعملون على الإسراع في الحصول على الموافقات وتسهيل وتبسيط الإجراءات في كل مجالات الاستثمار خلال الفترة المقبلة، ولا سيما أننا مررنا بمرحلة دقيقة للغاية وخطوات كبيرة على مسار تهيئة المناخ الجيد للمستثمرين بدءا من تمهيد مناخ الأعمال بما يشمله من بنية أساسية، وبنية تشريعية، وبنية تنظيمية ومؤسسية، وإجراءات الإصلاح الهيكلي التي تم اتخاذها بعد الإصلاحات الاقتصادية.
مؤكدا أن كل ذلك من أجل تيسير الإجراءات وتوفير مناخ أفضل لعملية الاستثمار وانطلاق القطاع الخاص بقوة خلال المرحلة المقبلة، ولديهم مستهدفات واضحة، وسيكون هناك مؤتمر كل 3 أشهر من أجل إعلان مدى نجاح الحكومة في تحقيق المؤشرات الكمية التي وضعتها، فمصر تفتح أبوابها بالكامل لكل مجالات الاستثمار وخاصة في القطاعات ذات الأولوية في هذه المرحلة.