قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، مساء اليوم، خلال لقاء مع ممثلي الشركات الأمريكية إن الحكومة ستطلق مشروعات كبيرة بمراكز البيانات العملاقة ومحطات إسالة الغاز وأبراج الاتصالات بحوافز خاصة.
جاء ذلك خلال اجتماع المائدةالمستديرة الافتراضية للرؤساء التنفيذيين بمجلس الأعمال المصري – الأمريكي، الذى نظمته غرفة التجارة الأمريكية بواشنطن، عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، وذلك بحضور الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، و نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة.
استهل رئيس الوزراء كلمته بتقديم العزاء في مقتل عدد من أطفال مدرسة ابتدائية بجنوب ولاية تكساس في الولايات المتحدة في حادث إطلاق نار، أمس الثلاثاء، معربا عن مواساته لأسر الضحايا الأبرياء.
رئيس الوزراء يشارك في اجتماع المائدة بحضور ممثلي 40 شركة أمريكية
وأعرب خلال الاجتماع الذي شارك فيه أيضا ممثلو نحو 40 شركة أمريكية، عن سعادته بلقاء أعضاء غرفة التجارة مجدداً، بما يتزامن مع الاحتفال بمئوية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة، مؤكدا أن العلاقات الثنائية التي باتت تستند إلى شراكة استراتيجية قوية تتميز بالخصوصية والتنوع، وتهدف لتحقيق المنفعة المتبادلة على صعيد حماية الأمن القومي الإقليمي وتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري.
وقال رئيس الوزراء إن اللقاء يأتي بعد أيام معدودة من مشاركة بعض الشركات الأمريكية في الزيارة الأولى للبعثة التجارية الخضراء إلى مصر خلال الفترة من ١٤-١٧ مايو الجاري، التي تُعد أحد أهم نتائج جولة الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة الذي انعقد في نوفمبر ٢۰۲۱.
وتابع أنه التقي بوفد البعثة التجارية الخضراء الذي ضم ممثلي نحو أربعين شركة أمريكية، واجتماع اليوم يعد دلالة واضحة على قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، والتطلع لدفع العلاقات نحو آفاق أرحب من المجالات المختلفة بما يحقق المنفعة المشتركة، وبما يتسق مع العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين.
وتوجه رئيس الوزراء بالشكر إلى غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن على تنظيم هذا الحدث، وتنظيم زيارة البعثة التجارية الخضراء إلى مصر؛ لاستشراف فرص تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والنقل، والإنشاءات، والطيران المدني، والبنوك، والزراعة، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي.
وأبدى تطلعه للبناء على هذا التعاون لسرعة بدء تنفيذ مشروعات مشتركة في تلك المجالات.
مدبولي: الحكومة ستطلق خلال الفترة القادمة مشروعات كبيرة مع توفير حزمة حوافز استثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي
وقال رئيس الوزراء: إن علاقاتنا الاستراتيجية ترتكز على أسس قوية، حيث تعتبر مصر أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في أفريقيا، بمعدل تبادل تجاري تجاوز 9 مليارات دولار عام ۲۰۲١، تمثلت في صادرات مصرية قدرها 3.3 مليار دولار، مقابل واردات أمريكية قيمتها 5.8 مليار دولار، وتقدر إجمالي الاستثمارات الأمريكية المباشرة بـ ٢٤ مليار دولار، مما يجعل الولايات المتحدة ثالث أكبر مستثمر في مصر في قطاعات الطاقة، والبتروكيماويات، والبنية التحتية، والصناعات التحويلية، والسياحة، والزراعة.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن هذا اللقاء يأتي في ظل ظروف استثنائية يمر بها المجتمع الدولي، وانطلاقاً من مسئولياتنا الوطنية والإقليمية، تبنت مصر إجراءات مسئولة وقوية، فبعد أن بدأت برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ سنوات، دأبت على العمل من أجل تأمين مصادر الطاقة اللازمة لبرنامجها التنموي الطموح، ونجحت الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها منذ عام ٢٠١٦ في تعزيز مرونة الاقتصاد المصري، وأسهمت في اجتياز تحديات وتداعيات جائحة “كورونا”، بل وكانت مصر من الدول المحدودة التي حققت معدلات نمو اقتصادي إيجابية خلال الجائحة.
وقال رئيس الوزراء إن الأزمة الأوكرانية ألقت بتداعيات حادة على الاقتصاد العالمي، لم يكن الاقتصاد المصري بمنأى عنها، حيث تكبد خسائر مباشرة تقدر بنحو 130 مليار جنيه، وغير مباشرة بنحو ٣٣٥ مليار جنيه، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتشديد السياسة النقدية عالمياً، والتدفقات المالية الخارجة من السوق المحلي، وتأثرت واردات القمح، وتوقف تدفق السياح الروس والأوكران الذين يشكلون نحو ثلث السياحة الوافدة إلى مصر.
وتابع أنه نتيجة لذلك، اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات لمواجهة تداعيات هذه الأزمة للحفاظ على ثقة الاستثمار الأجنبي وأسواق المال الدولية؛ حيث قامت الحكومة بإعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة، وقام البنك المركزي برفع سعر الفائدة.
ولفت إلى أن مصر تقدمت بطلب إلى صندوق النقد الدولي لبدء مشاورات حول برنامج تعاون جديد يهدف إلى مساندة برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، ومراعاة ما تحملته مصر من أعباء وتداعيات الأزمة العالمية الراهنة.
وقال مدبولي إنه استمراراً لالتزامنا الواضح بحماية المواطن وكفالة معيشة كريمة له، أطلقت الدولة في مارس ۲۰۲۲ حزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية بقيمة ۱۳۰ مليار جنيه في موازنة العام المقبل للعمل على تخفيف جزء من الأعباء عن كاهل المواطن المصري.
ودعا رئيس الوزراء الجانب الأمريكي للنظر فيما أعلنته الحكومة مؤخراً من خطة طموحة متعددة الأوجه للتعامل مع تلك الأزمة، ومحاورها تشمل تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الاقتصاد إلى 65% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
وأشار إلى ما قامت به الحكومة بشأن تحسين بيئة الاستثمار لتصبح أكثر جذباً من خلال تطوير الإطار التشريعي، ومكافحة الفساد، وإزالة المعوقات البيروقراطية، وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة ومنحها امتيازات ضريبية واستثمارية وفقاً للقطاعات والمناطق التي تستثمر فيها، وجذب استثمارات جديدة بنحو 40 مليار دولار السنوات الأربع المقبلة من خلال توسيع مشاركة القطاع الخاص في إدارة بعض أصول الدولة.
وأضاف أن محاور الخطة تتضمن أيضاً النهوض بالبورصة المصرية من خلال طرح أسهم شركات حكومية وشركتين تابعتين للقوات المسلحة هذا العام.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تواصل تنفيذ المشروعات القومية مثل تطوير جميع القرى المصرية خلال بضع سنوات، بحجم تكلفة إجمالية تتجاوز ۷۰۰ مليار جنيه، وتبطين وتطهير الترع بطول ٢٠ ألف كيلومتر، وتحديث نظم الري لأربعة ملايين فدان، بجانب تطوير المدن القائمة بالكامل، والانتهاء من تطوير شبكة الطرق الوطنية.
وأكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن مصر كانت دائماً مشاركاً فاعلاً في سلاسل القيمة والإمداد العالمية بالنظر إلى موقعها الجغرافي المميز، وحجم الطلب المحلي الكبير والمتنوع، ووفرة العمالة الماهرة والمدربة، إضافة إلى وجود قناة السويس التي يمر بها نحو ١٢٪ من حجم التجارة العالمية سنوياً.
ولفت إلي أنه وترسيخاً لذلك، تم إنشاء الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عام ٢٠١٥، لتكون بمثابة بيئة أعمال متكاملة محفزة للمستثمرين تقدم خدمات لوجيستية وصناعية وفقاً لأعلى المعايير العالمية، وتساهم في تحول مصر إلى مركز اقتصادي ولوجيستي عالمي صناعي وتجاري مؤثر في سلاسل الإمداد والقيمة العالمية، ومنطقة متكاملة ترتكز على التصنيع والنقل البحري والخدمات اللوجستية.
وقال إن هذه الجهود أثمرت عن وصول إجمالي حجم الاستثمارات داخل المنطقة إلى نحو 18 مليار دولار، وإنشاء أكثر من ٢٥٠ شركة في مجالات مختلفة وصناعات حيوية مهمة، وإقامة شراكات مع 15 مطوراً صناعيا داخل المنطقة.
وأضاف مدبولي أن الحكومة ستطلق الفترة القادمة مشروعات كبيرة في مجالات مراكز البيانات العملاقة، وشبكات نقل البترول والغاز، ومحطات إسالة الغاز، وأبراج الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح، مع توفير حزمة حوافز استثمارية خاصة بكل مشروع لجذب الاستثمار الأجنبي.
وقال رئيس الوزراء: إن لقاءنا اليوم يكتسب أيضاً أهمية استثنائية كونه يأتي في توقيت هام تتضافر فيه الجهود الدولية لدعم جهود مصر في استضافة قمة المناخ العالمية COP 27 نوفمبر القادم، مشيراً إلى أن مصر تعتزم استثمار رئاستها القادمة للمؤتمر وقيادتها للعمل المناخي العالمي لتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتحقيق التنمية المستدامة، والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وهي المجالات التي تتمتع فيها مصر بإمكانات هائلة تشكل نقطة انطلاق للتعاون بين مصر والولايات المتحدة وبناء شراكة مستمرة خلال الفترة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء على أن التجربة المصرية في مجال تحول الطاقة نموذجاً يحتذى به في الواقعية والطموح، لأنها نجحت في الجمع بين تطبيق التكنولوجيا الجديدة في مجالات تقليل الانبعاثات الكربونية من النفط والغاز عبر استخدام عزل وتخزين الكربون، بالإضافة إلى التوسع في استخدام الطاقة النظيفة وزيادة نسبتها في مزيج الطاقة المستخدم، الأمر الذي تسعى مصر لتوظيفه من أجل التوصل إلى توافق بين الرؤى المتعارضة للدول الصناعية والنامية خلال مؤتمر قمة COP 27.
وأوضح أن استراتيجية مصر في مجالات الطاقة المستدامة وإنتاج الهيدروجين تهدف لتحقيق طفرات غير مسبوقة في إنتاج الطاقة من المصادر الجديدة والنظيفة والتوسع في استخدام الهيدروجين الأخضر خلال المرحلة القادمة وتخفيض الانبعاثات الكربونية والوصول إلى نسبة ٤٢ % من مزيج الطاقة النظيفة بحلول عام ٢٠٣٥، مع طرح الفرص المتاحة للاستثمار في تلك المجالات، خاصة الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر، بمختلف مناطق مصر.
وقد وقعت الحكومة مذكرات تفاهم مع شركات عالمية تعهدت بضخ استثمارات تصل إلى 40 مليار دولار بحلول ۲۰۳۰ لكي تصبح مصر مركزاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
مدبولي: قطاع الطاقة يحظى بأولوية مطلقة .. ومصر تسعى للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة وتأمين مصادر متنوعة من الطاقة
وأكد رئيس الوزراء أن قطاع الطاقة يحظى بأولوية مطلقة على قائمة الخطة الاقتصادية المصرية، حيث تسعى مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة وتأمين مصادر متنوعة من الطاقة، من خلال مشروعات مختلفة وعملاقة لإنشاء محطات الطاقة التقليدية والمتجددة، وشمل ذلك إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط في سبتمبر عام ٢٠٢٠ ليصبح منظمة دولية حكومية تساهم في تطوير التعاون في مجال الغاز الطبيعي ويحقق الاستغلال الأمثل لموارده.
ويهدف المنتدى لإنشاء سوق غاز إقليمية، وتحسين العلاقات التجارية وتأمين العرض والطلب بين الدول الأعضاء، وتسريع الاستفادة من الاحتياطيات الحالية والمستقبلية، من خلال تصدير الطاقة الكهربائية الفائضة في مصر إلى دول الجوار العربي والأفريقي وتحقيق الربط الكهربائي مع القارة الأوروبية عبر كل من قبرص واليونان، بما يتبع توفير مصادر طاقة موثوقة ونظيفة إلى الدول الأوروبية في مرحلة شديدة الحساسية على ضوء تحديات أمن الطاقة الناجمة عن الأزمة الأوكرانية.
ورحب رئيس الوزراء بمشاركة القطاع الخاص الدولي في تمويل جهود مكافحة تغير المناخ لجسر الفجوة التمويلية الكبيرة في هذا المجال، وإتاحة مساحة أكبر للشركات الدولية وفق ضوابط ومعايير محددة للمشاركة في فعاليات قمة COP 27، لافتاً إلى أن مصر نجحت في الاتفاق مع عدد من الشركات الدولية الرائدة في هذا المجال، لرعاية المؤتمر وتنظيم فعاليات على هامشه.
وأكد على تطلع مصر إلى دعم ومشاركة القطاع الخاص الأمريكي في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة باعتباره أحد أوجه التعاون الواعدة خاصة في ظل وجود شركات مصرية لها خبرة طويلة في هذا المجال.
واختتم رئيس الوزراء حديثه بالإشارة إلى أن مصر نجحت في إصدار السندات الخضراء كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط خلال عام ٢٠٢٠ بقيمة ٧٥٠ مليون دولار، بما يساهم في بناء مستقبل أفضل ليس لبلدينا فقط وإنما لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لكافة الدول المشاركة.