أكدت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن خطة عام 2022 /2023 تحرص على مُواصَلة تفعيل الأداء التنموي للقطاع الزراعي، وتعزيز مرونته في تلبية الاحتياجات الغذائيّة للـمُواطنين وتعظيم الاستفادة من الفرص التصديريّة التي أتاحتها الأزمات الراهنة للنفاذ إلى الأسواق الخارجية، وذلك من خلال التحرّك على محورين: يتمثل الـمحور الأول في تنويع الـمَناشِئ بدلًا من الاعتماد على عدد مُحدود منها والتوسّع في إبرام العقود الآجلة لضمان استقرار الأسعار، وفي الوقت ذاته تنمية القُدُرات الإنتاجية الذاتية بالتوسّع الأُفُقي والرأسي في الزراعة لرفع نِسَبْ الاكتفاء الذاتي من الـمحاصيل الرئيسة، مثل القمح والفول والذرة الشامية والعدس والزيوت النباتية واللحوم الحمراء، والـمحور الثاني: هو التوسّع في النشاط التصديري للحاصلات الزراعية ذات الفائض الإنتاجي، وعلى رأسها الخضروات والفواكه.
جاء ذلك خلال استعراضها الملامح الرئيسة لمشروع خطة العام المالي 2022 /2023 أمام لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس الشيوخ برئاسة الدكتور هاني سري الدين، وبحضور السادة أعضاء اللجنة، والدكتور أحمد كمالي، نائب وزيرة التخطيط وعدد من قيادات الوزارة.
وأوضحت السعيد أن خطة عام 22/2023 تستهدف زيادة الرقعة الزراعية بنحو نصف مليون فدان في نطاق مشروعات التوسّع الأفقي، وبخاصة مشروع مُستقبل مصر والدلتا الجديدة على محور الضبعة بالساحل الشمالي الغربي، ومشروع تنمية توشكى جنوب الوادي الجديد، ومشروع شرق العوينات بالجزء الجنوبي الغربي من الصحراء الغربية، إلى جانب تحسين الإنتاجية الزراعية لزيادة الـمساحة الـمحصولية الإجمالية لتتجاوز 19 مليون فدان مُقابل 17.5 مليون فدان عام 2020، وذلك من خلال زيادة إنتاجية الفدان بنسب تتراوح بين 15% و20%، برفع كفاءة استخدام وحدتي الأرض والـمياه من خلال مجموعة آليّات عمل، تضُم استنباط أصناف وسُلالات من الـمحاصيل عالية الإنتاجية ومُبَكّرة النُضج ومُقاومة لِلجفَاف والحرارة وتكون قليلة الاستخدام للـمياه، وتطبيق الـمُمارسات الزراعية الحديثة الـمُوفّرة لـمياه الري، والتوسّع في الزراعات الـمَحميّة والعضوية والزراعات التعاقُدِية وهي منظومة تسويقية تضمن انتظام عملية التوريد، وتحقيق عائد مناسب للمزارعين فضلا عن الربط المباشر بين المعروض من المنتجات الزراعية والطلب السوقي عليها، هذا بالإضافة إلى تطوير نُظُم الري الحقلي وتبطين الترع، وتقليل الفاقد في الـمحاصيل الزراعية من خلال زيادة سِعات الصوامع والـمراكز اللوجستية.
وأضافت السعيد أن الهدف الرئيس هو زيادة الاعتماد على الذات في الزراعة الـمصرية لتوفير الأمن الغذائي. ولذا، تَحرِص خطة عام 22/2023 على رصد ومُتابعة التطوّرات في إنتاجية الـمحاصيل الرئيسة، وتتبّع نِسَبْ التحسّن في درجة الاكتفاء الذاتي منها، وفقًا لـمُستهدفات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي. وبِلُغَةِ الأرقام، من الـمُستهدف رفع نِسَبْ الاكتفاء الذاتي من القمح من 45% عام 2020 إلى 65% بحلول عام 2025، ومن الذرة الصفراء من 24% إلى 32% خلال الفترة ذاتها، ومن الفول البلدي من 30% إلى نحو 80%، ومن العدس من 12% إلى 16%، ومن الـمحاصيل الزيتية من 3% إلى 10%، ومن اللحوم الحمراء من 57% إلى 65% ومن الأسماك من 82% إلى 85%.
أما الـمحور الثاني الخاص بتنمية الصادرات الزراعيّة، فأشارت السعيد إلى أنه من الـمُستهدف في إطار خطة عام 22/2023 زيادة هذه الصادرات لتتجاوز قيمتها 3,6 مليار دولار مُقابل 2,4مليار دولار عام 20/2021 مما يرفع نسبة مُساهمتِها في إجمالي الصادرات الـمصرية غير البترولية إلى 15%، ويتأتى ذلك من خلال العمل على تنمية الحاصلات ذات القُدرة التصديريّة والفائض الإنتاجي، وعلى رأسها الخضروات والفاكهة، والترويج الـمُكثّف للولوج للأسواق الخارجية من خلال تعزيز الصادرات للأسواق الغربية التقليدية وفتح أسواق جديدة في دول شرق وجنوب شرق آسيا، وكذا في دول أمريكا اللاتينية، وتنشيط خطّط التصدير للأسواق الأفريقية والتوسّع – بصفة عامة – في الزراعات العضوية اتفاقًا مع سلامة الـمنظومة البيئية ومُتطلّبات التنمية الـمُستدامة، وبخاصة بعد صدور قانون الزراعة العضوية ولائحته التنفيذية.
وفي إطار التخطيط الـمُستجيب للنوع الاجتماعي، أشارت السعيد إلى أن خطة عام (22/2023)، تستهدف توجيه 10 مليار جنيه لدمج البعد الاجتماعي في الخِطط التنموية، بما يُحقّق الـمساواة وتكافؤ الفرص بين الفئات الاجتماعية، وخدمةالقضايا ذات الأولوية للمرأة والطفل وذوي الهِمَم. ومن أهم المشروعات الـمُستهدفة، إنشاء 20 مركزًا للأُسَر الـمُنتجة، و10 مستشفيات طب أطفال، و23 بيت ثقافة للطفل، وثلاثة آلاف حضانة، موضحة أن خطة (22/2023) تتضمن توجيه 1.4 مليار جنيه لإنشاء مُجمعات الخدمات الحكومية في الـمُحافظات، تطوير 75 تجمّعًا حضريًا ضمن المرحلة الأولى لـمُبادرة “حياة كريمة” باعتمادات 10مليار جنيه، في إطار اهتمام الدولة بتوطين أهداف التنمية الـمُستدامة في المحافظات، وتحقيق التكامُل بين الجهود التنموية في الريف والحضر، وسد الفجوات التنموية بين المناطق الـمُختلفة، إلى جانب توجيه 1.7 مليار جنيه لـمُبادرة “حوافز تميّز الأداء في إدارة الاستثمار العام على المستوى المحلي”، بهدف تشجيع الـمُحافظات على تبنّي أفضل الـمُمارسات الدولية في مجال التخطيط والـمُتابعة وتقويم الأداء وإدارة الإنفاق العام، وتطوير نظم العمل بالإدارة المحلية.
وأشارت السعيد إلى أنه من الـمُستهدف أن يُحقّق قطاع الصناعة التحويلية، مُعدّل نمو حقيقي 7.7% خلال عام الخطة، مما يرفع نسبة مُساهمة الناتج الصناعي إلى نحو 21% من الناتج الـمحلي الإجمالي، وتُقدّر الاستثمارات الـمُوجّهة لقطاع الصناعة التحويلية بحوالي 93.5 مليار جنيه بنسبة زيادة 6% عن استثمارات العام السابق، ويخُص الصناعات غير البترولية نحو 80% منها، موضحة أن استراتيجية تطوير القطاع تُركّز على تعميق التصنيع الـمحلي لتقليل الاعتماد على الـمُكوّنات الـمُستوردّة والتي تتأثّر إمداداتُها بظروف الأزمات الدوليّة، وذلك من خلال مُراجعة القوائم الاستيراديّة من هذه الـمُكوّنات الوسيطة والتوسّع في إنتاجِها محليًا، ومع الربط مع سلاسل التوريد الدوليّة، وإقامة مجموعة من الـمشروعات في إطار استراتيجية التوطين المحلي للصناعات ذات الأولويّة، في مُقدّمتها الصناعات الدوائية والغذائية والهندسية، بالإضافة إلى استكمال إنشاء الـمُجمّعات الصناعيّة، ورفع كفاءة تشغيل الـمناطق القائمة بمُحافظات الصعيد.
ولتحسين تنافسيّة القطاع، فإن الخطة تستهدف الارتقاء بجودة الـمُنتجات الصناعيّة من خلال تطوير منظومة الـمُواصفات والجودة والفحص والاختبارات، وتأهيل الـمُنشآت للحصول على شهادات الجودة، بالإضافة إلى تنمية مهارات العاملين بتطوير منظومة التدريب الصناعي، وفي إطار استهداف تحفيز الاستثمار وتنشيط الصادرات الصناعيّة، تحرص الخطة على مُواصلة جهود تحسين بيئة الأعمال وتنفيذ مُبادرة الـ 100 إجراء لتيسير استصدار التراخيص ونقص تكلفة الإنتاج وتكلفة الـمُعاملات، والتوجّه نحو التحوّل الرقمي في تقديم الخدمات.
وأوضحت السعيد أنه تنشيطًا للصادرات الصناعيّة وزيادتها بما لا يِقِل عن 15% وصولًا إلى 30 مليار دولار خلال عام 22/2023، تحرِص الخطة على مُواصَلة برنامج الـمُساندة التصديرية للشركات في إطار مُبادرة السداد الفوري، مع توسعة مظلّة رد الأعباء بإضافة مجموعات سلعيّة وشركات جديدة، وبخاصة الشركات الـمُتوسطة والصغيرة، وربط الـمُساندة بأهداف ذات أولويّة، مثل نسبة مُساهمة النشاط في القيمة الـمُضافة، هذا بجانب التوجّه إلى تنويع منافذ التصدير، وبخاصة في الأسواق الأفريقية، والتوسّع في تنظيم الـمعارض الداخلية والخارجية، مضيفة أنه في إطار تشجيع الصناعة الـمُستدامة القائمة على ترشيد الـموارد وضمان كفاءة الاستخدام، تُولي الخطة اهتمامًا كبيرًا بنقل وتوطين التكنولوجيا والابتكار لتعزيز الصناعة الخضراء، وتكثيف الاستثمار الصناعي في الـمجالات صديقة البيئة، مثل السيارات الكهربائية وتصنيع الألواح والخلايا الشمسية.
وفيما يخُص قطاع الكهرباء، فإن الخطة تستهدف توجيه استثمارات قَدرهْا 29.3 مليار جنيه لتنفيذ عِدّة مشروعات استراتيجية لتوسيع الشبكة القومية للكهرباء وتأمين التغذية الكهربائية لـمشروعات التنمية الاقتصادية. بشرق العوينات والساحل الشمالي وسيناء ومناطق استصلاح الأراضي بتوشكى والدلتا الجديدة ومشروعي الـمونوريل (العاصمة الإدارية والسادس من أكتوبر)، وأيضًا استكمال مشروعات هيئة الـمواد النوويّة واستكمال تجهيزات البنية الأساسية لتهيئة موقع الـمحطة النوويّة بالضبعة، علاوة على استكمال تنفيذ مشروعات الطاقة الـمُـتجدّدة، مثل محطة توليد الكهرباء من طاقة الرياح بمنطقة خليج السويس، ومحطات توليد الكهرباء باستخدام نُظُم الخلايا الفوتوفولطيّة بالزعفرانة وكوم أمبو والغردقة، وبمُشاركات مع القطاع الخاص على غِرار مُجمّع بِنبِان للطاقة الشمسية بغرب أسوان والذي تم تنفيذه بنظام البناء والتشغيل والتملّك (BOO).
وأكدت السعيد أن خطة عام 22/2023 ُتبرِزأهمية مصر كمركز إقليمي للطاقة في إطار مشروع (يورو – أفريقيا) الذي يربط شبكات الكهرباء بين مصر واليونان وقبرص ولتنطلق منه إلى باقي الدول الأوروبية بقُدرة 2000 ميجاوات، مع إمكانية زيادتها إلى 3000 ميجاوات مما يُعزّز من مركز مصر كمنصّة لتجارة وتداول الطاقة في ضوء مزايا الـمُوقع الاستراتيجي ووفرة وجاهزيّة البنية التحتيّة من خطوط وشبكات تحظى بها مصر.
وأكدت السعيد أن الخِطة تحرص على دمج الاستدامة البيئية في الخطط التنموية، فَمن الـمُستهدف أن تصل تكلفة الـمشروعات الخضراء في خطة (22/2023)، إلى 336 مليار جنيه في عديدٍ من القطاعات منها النقل (300 مليار) والكهرباء (2.4 مليار) والتنمية الـمحليّة (2.8 مليار) والري (26.4 مليار) والإسكان (4.5 مليار)، ومن المستهدف أن تصل نسبة الاستثمارات العامة الخضراء 40%، من جُملة الاستثمارات العامة.
وأوضحت السعيد أن توجّهاتِ خِطّة التَنْميَة الـمُستدامة للعامِ الـمَالي 22/2023، ومُستهدفاتِها وبرامجِها التنمويّة تأتي في إطار مواصلة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، والتي حرصت الوزارة على تحديثها لتكون وثيقة حية تواكب التطورات والتغيرات المحلية والدولية كما تتسق الخطة مع توجه الدولة لتوطين أهداف التنمية المستدامة على مستوى المحافظات وتحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، مشيرة إلى إطلاق وزارة التخطيط أول مؤشر لتنافسية المحافظات المصرية (وذلك بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء والمجلس الوطني المصري للتنافسية، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء)، مؤكدة أن الحكومة تسعى من خلال خطط وبرامج التنمية بآجالها المختلفة الى مواصلة العمل لتحقيق الهدفُ الاستراتيجي؛ وهو تحسينُ جودةِ الحياةِ للمواطن المصري مع إيلاء اهتمام خاص بتكثيف الاستثمار في البشر بتوجيه نسبة 51% من الاستثمارات الحكومية لمجالات بناء الانسان وتنفيذ مشروعات ومبادرات تنموية كبرى في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والمرافق.