كشف تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز عن أن الوصمة لا تزال تصبغ بريطانيا كمركز مالي مفتوح للأموال القذرة ، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي من المهم أن تكون هناك قواعد مطبقة جيداً وواضحة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه القواعد هي “مع الأسف شيء لا تملكه لا بريطانيا ولا مدينة لندن، التي ببساطة تعتبر منذ عقود ولا تزال «الملاذ الآمن» للأفراد الفاسدين والمجرمين من جميع أنحاء العالم، والمكان الملائم للأموال القذرة وغسيل الثروات”.
احتضان الأموال القذرة
وأضافت أن “المملكة المتحدة فقدت بوصلتها الأخلاقية بالكامل”، وفقاً لتقرير الصحيفة اللندنية.
وبحسب الصحيفة، “تحتفظ بريطانيا الإمبراطورية بالعديد من البؤر الاستيطانية للأموال القذرة كجزر فيرجن وجزر القنال، ومزودين كشركات التحايل المالي والشركات الوهمية التي يتحرك الأشخاص من خلالها داخل العولمة الاقتصادية”.
وأضاف: “إن الوقود الذي يحرك مليارات الدولارات من الصناعة الخارجية يأتي من الأموال القذرة، وهكذا يتحول الفساد لقضية عالمية، وأين يلتقي كل هذا؟ في لندن”.
ونقل التقرير عن مارجريت هودج، عضو البرلمان البريطاني، قولها: “أيام مارجريت تاتشر، جرت محاولات لتحرير قطاع الخدمات المالية، واستمر ذلك أيام حزب العمال الحاكم (حكومة العمل)، وهو أمر فهمه ديفيد كاميرون، ولكن بعد رحيله رفض الناس التحدي واستئصال الأموال القذرة من لندن”.
أموال مشكوك فيها
وذكرت منظمة الشفافية الدولية في المملكة المتحدة مؤخراً أن مثل هذه «الأموال المشكوك فيها» قد تصل قيمتها إلى 6.7 مليار جنيه إسترليني. وتشكل العقارات في مناطق وسط لندن مثل مدينة وستمنستر وكينسينغتون وتشيلسي جزءاً كبيراً من هذه القيمة.
وكشفت صحيفة «إندبندنت» بأنه غالباً ما يتم استخدام السرية التي توفرها المراكز المالية الخارجية من قبل أولئك الذين يسعون لإخفاء ملكيتهم لهذه الأصول.
بدورها ذكرت كايت بيولي، المراسلة القانونية في فاينانشال تايمز وجود أربعة مراحل رئيسية لمن يرغب بجلب أموال قذرة إلى لندن ودمجها بالنظام المالي للمدينة وهي «الإدخال»، و«التصنيف»، و«الدمج»، وأخيراً «الدفاع» عن شرعية هذه الثروة وعن السمعة.
وأشارت النتائج التي تناولتها الصحف البريطانية إلى وجود نحو 84 ألف منزل مجهول الملكية في بريطانيا، و81 شركة محاماة، و86 بنكاً، و177 مؤسسة تعليمية محلية ساهمت بنقل «الأموال القذرة» من جميع أنحاء العالم إلى بريطانيا وخصوصاً مدينة لندن على شكل حسابات مصرفية تم تحويلها إلى شركات صورية أو وهمية، وفور دخول هذه الأموال الحدود يمكن التعامل معها على أنها نظيفة وصحية للغاية.
وأشارت أيضاً إلى بيع حوالي 20 عقاراً مهماً لأثرياء بواسطة طرف ثالث، إما محامٍ أو وسيط عقاري مجهول.
لا عجب إذن أن المجرمين الاقتصاديين من جميع أنحاء العالم ينظرون إلى لندن على أنها ملاذ آمن.
وختمت الصحيفة بالقول: “يتعين على المملكة المتحدة أن تكون حذرة للغاية بشأن سمعتها حيث لا يمكن الاعتماد على الأمجاد لفترة طويلة. فهل تريد بريطانيا حقاً أن يُنظر إليها على أنها دولة ذات حوكمة ضعيفة؟ في الوقت الذي تستمر فيه الدولة بإلقاء محاضرات على البلدان الأخرى بخصوص الافتقار إلى الحوكمة”.