يحول العراقي عامر إبراهيم صالح عاشق السيارات القديمة في ورشته الكائنة بمنطقة الأعظمية شمالي العاصمة العراقية بغداد، السيارات الكلاسيكية من خردة إلى سيارات تعمل بصورة جيدة ليشتريها عشاق السيارات القديمة وبما يحقق له مردودات مالية جيدة ويلبي رغبات الزبائن التي ترغب في اقتناء هذه السيارات.
إصلاح السيارات الكلاسيكية الخردة
بدأ عامر إبراهيم البالغ من العمر( 59عاما) العمل بإصلاح السيارات عندما كان صبيا في ورشة والده واكتسب خبرات كبيرة في هذا المجال حتى بات يلقب بالأسطى، أي الخبير المتخصص في مهنة إصلاح السيارات القديمة.
ويقصد ورشة عامر، عشاق السيارات القديمة من أجل تصليح سيارتهم أو البحث عن سيارات كلاسيكية لغرض الشراء أو الاقتناء كون الكثير من المهتمين بهذه السيارات يزورون ورشته.
ويقوم عامر إبراهيم بتجديد وإعادة إصلاح السيارات القديمة، فيبدأ برفع الهيكل الخارجي للسيارة القديمة، ثم يبدأ بعمليات تصليح الأجزاء بداخلها، وهذا يحتاج إلى مهارة خاصة وتعامل بدقة مع هذه السيارات بسبب السنوات الطوال التي مرت عليها وتعرضها للتلف، ومن ثم يقوم بإعادة كل قطعة في السيارة بعد إصلاحها إلى مكانها ويبدأ بتجربة السيارة وتشغيلها والتأكد من أنها تعمل بصورة صحيحة.
وبعد انتهاء عملية التصليح يتم إرسال السيارة إلى ورشة الصبغ، حيث يقوم متخصص بصبغ وتلميع السيارات بصبغها باللون الأصلي الذي كانت عليه، لتعود إلى الحياة مرة ثانية ويقتنيها عشاق السيارات الكلاسيكية وتبدأ رحلتها في الشوارع وجذب انتباه المارة.
واستعادت السيارات القديمة في السنوات الأخيرة حضورها في شوارع العاصمة بغداد وبعض المحافظات وزاد الإقبال على اقتنائها من قبل العراقيين وخاصة الشباب من العائلات الميسورة كونها سيارات مميزة وتجذب انتباه الناس عندما تمر في أي منطقة، كما أن بعضها كانت تعود لشخصيات مشهورة قبل عدة عقود.
إقبال على السيارات المصنوعة في الخمسينات
وحسب عشاق السيارات الكلاسيكية القديمة فإن السيارات المصنوعة في الأربعنيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تشهد إقبالا واسعا من قبل هواة السيارات خاصة من ماركات شيفروليه وكاديلاك ومرسيدس وفولكس واجن، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعارها التي بدأت تضاهي أسعار السيارات الحديثة في السوق العراقية.
وصمم عشاق هذا النوع من السيارات صفحة لهم على الفيسبوك باسم “السيارات الكلاسيكية القديمة في العراق” يتم من خلالها تبادل المعلومات عن السيارات القديمة وأماكن تواجدها.
وكشف الأسطى عامر إبراهيم، بموقع ورشته الذي يشغله منذ عام 1995 والمكونة من ثلاثة محال مع فناء مفتوح أمام المحلات وبارتفاع نحو 4 أمتار، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه بدأ العمل بإصلاح السيارات القديمة منذ عام 1982 وقبلها تعلم على يد والده الذي كان يملك ورشة لتصليح السيارات.
ويسعى عامر إلى غرس حب هذه المهنة في ولدية عبدالله ومحمد اللذين يعملان معه في الورشة لتزداد خبراتهما كون والدهما يقوم بتعليمهما كل جوانب هذه المهنة وكيفية التعامل الدقيق مع هذه السيارات وبأدوات بسيطة.
وأضاف عامر أن “الزبون يجلب سيارته إلى ورشتنا ونبدأ بمراحل التصليح وبعد الانتهاء نرسلها إلى الصباغ لغرض الصبغ والتلميع”.
ويفتخر بأن أغلب السيارات الكلاسيكية التي عادت إلى العمل تم تصليحها من قبله، قائلا “السيارت القديمة التي تسير في الشارع تقريبا نصفها أنا قمت بإصلاحها”.
أسعار السيارات الكلاسيكية
وأشار عامر إلى أن أسعار السيارات الكلاسيكية يتوقف على موديل السيارة وسنة صنعها، مضيفا “كلما يكون الموديل قديما يكون سعره أغلى”، مبينا أن أسعار السيارات القديمة تتراوح بين 25 الف دولار و60 الف دولار وأكثر.
ويروى عامر قصة سيارة كلاسيكية يحتفظ بها أصحابها منذ أكثر من 70 سنة تعرضت للتدمير والحرق بسبب الحرب الأمريكية على العراق.
وقال، وهو يشير إلى السيارة الجاثمة في ورشته، “هذه سيارة نوع كاديلاك موديل 1949 تم اقتنائها من قبل أصحابها عام 1951 وهم يعتزون بها كثيرا “، مضيفا “أثناء الحرب الأمريكية على العراق تعرضت السيارة للحرق وخاصة داخلها الذي احترق بالكامل فضلا عن احتراق مقاعدها”.
وتابع “اصطحبني أصحاب السيارة لكي أراها وسألوني هل بإمكاني إعادة تصليحها وسوف نعطيك المبلغ الذي تطلبه”.
وأكد عامر أنه وعد أصحاب السيارة بإعادتها مثلما كانت، معتبرا أن عمله يحافظ على تاريخ بغداد ويظهر جمال هذه المدينة العريقة.
بدوره قال باسم التميمي صاحب سيارة ويتعامل ببيع وشراء السيارات القديمة “نشتري السيارات القديمة التي تعود لشخصيات مسؤولة سابقة في الدولة أو لأشخاص توفوا وقرر ورثتهم بيع هذه السيارات رغم أنها لا تعمل وبحالة رديئة كونها متروكة منذ سنوات طويلة، ثم نقوم بإصلاحها على أيدي متخصصين مهرة”.
رابطة للسيارات الكلاسيكية
وأوضح التميمي أنه شكل مع زملائه رابطة خاصة تهتم بالسيارات الكلاسيكية تضم 72 سيارة، مطالبا بإقامة معرض للسيارات الكلاسيكية حتى يطلع عليها العراقيون كونها تروي حقبة من تاريخ العراق.
من جانبه يفتخر عماد عبد الله، بامتلاكه لسيارة مرسيدس حمراء اللون من طراز 1937 كان ملك العراق فيصل الثاني قدمها هدية إلى رئيس الوزراء توفيق السويدي الذي شغل هذا المنصب ثلاث مرات من (1929 إلى 1950)، مؤكدا أن سيارته تجذب انتباه الناس أثناء سيرها في الشارع.
وبدأت قصة عبد الله مع سيارته المرسيدس التي أحبها منذ عدة سنوات عندما شاهدها لأول مرة في حي الأعظمية شمالي بغداد وفعل كل ما في وسعه وأنفق الكثير من المال لشرائها كما انفق المزيد من المال لإعادتها إلى شكلها الأصلي.
واختتم قائلا عندما يتحقق الأمان ويشعر الإنسان بالطمأنينة في العراق فالإنسان يستمتع بقيادة السيارات القديمة.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.