يرى رؤساء شركات التأجير التمويلى إن التغيرات الأخيرة التى شهدتها السياسة النقدية من رفع الفائدة على الايداع والاقراض، وصعود أسعار الدولار، لن يكون له تأثير على القطاع المالى غير المصرفي، لاسيما أنها فرصة لتحقيق زيادة محافظها.
وأضافوا فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن الظروف التى يمر بها النشاط فى الوقت الراهن تشابه فترة ما بعد التعويم فى نوفمبر 2016، والتى نجح نشاط التأجير التمويلى والتخصيم من تحقيق معدلات نمو كبيرة فى الإقراض عن الفترات السابقة لها.
كما أشاروا إلى أن ارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه سيكون له تأثير إيجابى على أعمال شركات التأجير التمويلى لأن تلك الشركات تمول رأس المال العامل للعملاء، ومع ارتفاع الدولار ترتفع الأصول، بالتالى يعقبها زيادة فى التمويلات الممنوحة من الشركات وزيادة فى محافظها الكلية.
ولأول مرة منذ 5 سنوات، بعد اجتماع استثنائي، قررت لجنة السياسة النقدية فى مارس الماضي، رفع سعرى عائد الإيداع والإقراض، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى 100 نقطة أساس، بغرض احتواء معدلات التضخم المتصاعدة.
وقال البنك المركزى المصرى فى بيان له إن أسعار الفائدة بعد الزيادة وصلت إلى %9.25 على الإيداع و%10.25 على الإقراض.
وجاء مسار البنك المركزى المصرى برفع الفائدة فى أعقاب قرار مجلس الاحتياطى الاتحادى الأمريكي، رفع سعر الفائدة الرئيسى بمقدار ربع نقطة مئوية، أى %0.25.
ويرى حاتم سمير، الرئيس التنفيذى، والعضو المنتدب لجلوبال كورب، عند العودة إلى مسار نتائج الأعمال فى السنوات الأخيرة، وبشكل خاص فى الفترات التى شهدت تعويم الجنيه، وارتفاع معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض سنجد أن معدلات النمو بها مرتفعة جدًا.
يذكر أن نشاط التأجير التمويلى خلال النصف الأول من 2017 نجح فى تحقيق عقود بلغت قيمتها 11.8 مليار جنيه مقارنة مع 11 مليار جنيه عن نفس الفترة فى العام الماضى، بنسبة زيادة %7، بينما انخفض عدد العقود من 1239 إلى 894 عقدا، وفقا لما أعلنته الهيئة العامة للرقابة المالية.
وتصدر وقتها نشاط العقارات والأراضى قائمة التصنيفات بعقود قيمتها 7.8 مليار جنيه بنسبة %66 تلاه فى الترتيب نشاط خطوط الإنتاج بعقود قيمتها 989 مليون جنيه.
أما فيما يخص نشاط التخصيم فقد بلغت قيمة الأوراق المخصمة 3.5 مليار جنيه خلال النصف الأول من 2017 مقارنة مع 2.4 مليار جنيه لنفس الفترة من العام السابق محققة ارتفاعاً نسبته %45.
قررت لجنة السياسة النقدية فى نوفمبر 2016 ترك الجنيه لآليات العرض والطلب دون تدخل منه فى تحديد سعره مقابل العملات الأجنبية، أو ما يعرف بـ«التعويم»، وأعقبها تضاعف مستويات الدولار مقابل الجنيه المصري.
وأضاف الرئيس التنفيذى لجلوبال كورب أن رفع الفائدة يؤدى تقليل المستهلكين إلى إنفاقهم وبالتالى يدخرون أموالهم داخل القطاع المصرفي، إذ يدفع القطاع المصرفى إلى تشغيل تلك السيولة فى صورة قروض، وهنا يأتى دور شركات التأجير التمويلى والتخصيم بشكل خاص والقطاع المالى غير المصرفى بشكل عام فى الحصول على تمويلات من البنوك.
وأوضح سمير أنه كلما ارتفعت الفائدة كلما زاد نشاط القطاع المالى غير المصرفى فى السوق المحلية، مشيرًا إلى أن تخوف السوق من ارتفاع سعر الفائدة على المستوى القريب والبعيد يدفع العملاء إلى الاتجاه إلى الاقتراض فى أسرع وقت على الفائدة الحالية، بالتالى ترتفع محفظة القروض داخل شركات التأجير التمويلي.
علمًا بأن التأجير التمويلى (ويُدعى أيضًا الإيجار الرأسمالى وإيجار المبيعات) نوع من الإيجار، تكون فيه مؤسسة مالية هى المالكة القانونية للأصل طوال مدة الإيجار، ولا يكون للمستأجِر (الطرف المنتفع بالأصل) حق استعمال الأصل فحسب، وإنما يكون له أيضاً نصيب من الأخطار الاقتصادية والعوائد الناتجة عن تغيُّر قيمة الأصل.
كما يرى سمير أنه كلما زادت أسعار الدولار زاد حجم أعمال شركات القطاع المالى غير المصرفي، موضحًا أن قطاع التأجير التمويلى يعمل على تمويل الأصول فى حال شرائها جديدة أو مستعملة، وسعر الدولار يعمل على زيادة سعر الأصول بمختلف أنواعها من عقارات وحتى السيارات، بالتالى يحتاج إلى العميل إلى زيادة قيمة التمويل المستهدف الحصول عليه من شركة التأجير التمويلى بالتالى ترتفع المحفظة.
وعلى مستوى قطاع التخصيم أن التغيرات التى شهدها السياسة النقدية فى الأيام الأخيرة ستكون فى صالح ذلك النشاط، بشكل خاص أن تلك الشركات تستهدف زيادة رأس المال العامل الخاص بها ومع ارتفاع الفائدة يتيح الفرصة أكبر فى تحقيق نمو أكبر، ومع اتجاه البنوك فى تغير استراتيجيتها فى الاعتمادات المستندية، دفع أغلب العملاء إلى الاتجاه إلى شركات التخصيم وليس البنوك فى الحصول على تمويل لرأسمال العامل.
علمًا بأن التخصيم هو معاملة مالية تبيع فيها الشركة ديونها المستحقة (فاتورة) لطرف ثالث (يسمى عامل) بسعر مخفض فى مقابل الحصول على أموال فورية لتقوم بأعمالها، ويختلف التخصيم عن القرض البنكى فى ثلاثة أشياء. أولاً، يكون التركيز على قيمة المستحقات (الأصول المالية) ، وليس سمعة الشركة المالية. ثانياً، لا يُعد التخصيم قرضاً – ولكنه شراء للأصول المالية.
وتابع سمير: «بسبب كل تلك العوامل التى ذكرتها فإن القطاع المالى غير المصرفى يمر بفترة جيدة على مستوى نتائج الأعمال الخاص بها».
قال إيمان إسماعيل، رئيس مجلس المديرين بشركة تنمية «إيجى ليس» للتأجير التمويلى إن سعر الفائدة هو المناخ العام للقطاع المالى غير المصرفي، فكلما كانت الفائدة أقل أصبحت بيئة عمل ذلك النشاط أفضل، لكن ارتفاع العائد على التمويل لا يمنع الشركات من العمل بل إنها مستمرة.
وأكدت إيمان إسماعيل أن الارتفاع الذى شهدته الأسواق الناشئة والسوق المصرية لأسعار الدولار أثر بالفعل على تمويلات القطاع المالى غير المصرفي، لأن العميل الذى يعتمد على الاستيراد رفع تكلفة المنتج الخاص به، إذ إنه يدفع ذلك العميل إلى مسارين إما تقليل توسعاته داخل السوق وإما زيادة الإقراض لمواجهة التغيرات التى طرأت على الأسواق الناشئة.
وفى أعقاب قيام البنك المركزى برفع الفائدة على الإيداع والإقرار شهد سعر الدولار قفزات أمام نظيره المحلى فى مصر لأول مرة منذ شهور، ليتخطى 18.40 جنيه للدولار الواحد.
وقالت إن القرار البنك المركزى بضم الأطباء إلى مبادرة الشركات الصغيرة والمتوسطة سيكون له تأثير طفيف على القطاع المالى غير المصرفي، مشيرًا إلى أنه رغم مبادرات البنك المركزى إلا أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تستحوذ على %40 من شركتها، مشيرة على أن التطبيق على أرض الواقع بأن سعر الفائدة لا يعد العائق أمام رجال وسيدات الأعمال للاقتراض بهدف تحقيق مزيد من التوسعات له داخل السوق.
وقرر البنك المركزى المصرى، السماح للأطباء البشريين وأطباء العلاج الطبيعى وأطباء الأسنان من أعضاء اتحاد نقابات المهن الطبية بالاستفادة من مبادرة الشركات الصغيرة الصادرة عن البنك المركزى فى يناير 2016 بسعر عائد %5 متناقص، وتعديلاتها دون الالتزام بالشكل القانونى أو الحد الأدنى لحجم الأعمال.
وكان «المركزى» قد قرر فى 2015 إطلاق مبادرة شاملة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتصبح مساهمًا رئيسيًا فى قطاع الإنتاج والاستثمار فى الاقتصاد المصرى، وخصص وقتها 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدعم اقتصاد البلاد وتوفير فرص عمل، مع اعتماد سعر عائد متناقص لا يتعدى %5.
من جانب آخر، يرى طارق فهمي، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لشركة التوفيق للتأجير التمويلي، إن كلما قلت الفائدة كلما زاد الطلب على الاقتراض من المؤسسات التمويلية.
وأضاف أن حالة الاقتراض فى الفترة الراهنة ستشهد حالة من الترقب من المؤسسات المقرضة والعملاء، ومع توقعات مع ارتفاع سعر الفائدة فى اجتماعات لجنة السياسة النقدية، تزامنا مع اتجاه البنوك المركزية العالمية لرفع الفائدة، وهذا دفع العملاء إلى الإقبال على الاقتراض بفائدة ثابتة، والابتعاد عن الحصول على تمويلات بعائد متغير.