يُوصي تقرير “تمويل التنمية المستدامة لعام 2022: جسر الهوة المالية”، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، بتنفيذ دول العالم إجراءات في ثلاثة مجالات لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي تواجههم حاليًا في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية ، وهي أنه ينبغي فورا تمويل الفجوات المالية ، وتعزيز التمويل الميسور المستقر طويل الأمد ، بالإضافة إلى أن تعزيز الشفافية والبيئة المعلوماتية لدى الدول ستعمل على تعزيز قدرتها على إدارة المخاطر.
وأكد التقرير أهمية تسريع تخفيف الديون ومد نطاق الأهلية لذلك إلى الدول متوسطة الدخل ذات الديون المرتفعة، بالاتفاق على مبادلات للديون، وإعادة توجيه 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة غير المستغلة للدول المحتاجة.
تعزيز التمويل المستقر طويل الأمد
وأشار إلى أنه يُمكن للدول تعزيز التمويل الميسور المستقر طويل الأمد، عبر تعزيز نظام بنوك التمويل الدولية العامة مع قدرات أعلى ودعم مالي للمؤسسات الوطنية.
وتابع أنه ينبغي أن تتسق جميع التدفقات المالية للدول مع التنمية المستدامة ؛ فعلى سبيل المثال، ينبغي أن يعكس نظام الضرائب الدولي حالة الاقتصاد العالمي المتغير، وأن يسمح بحوكمة منصفة للضرائب، وإجراءات تتعلق بالسياسات الخاصة بالتجارة والاستثمار من شأنها معالجة مسألة عدالة اللقاحات وتحسين الوصول إلى المنتجات الطبية، مع الحاجة إلى معايير إبلاغ ثابتة فيما يتعلق باستدامة الشركات سواء ذات الملكية الخاصة أو المُدرجة.
وتُتيح أسعار الوقود الأحفوري المرتفعة حاليا فرصة جديدة للدول لتسريع الاستثمارات في تحول نحو الطاقة المستدامة.
معالجة التدفقات المالية غير المشروعة
وقالت منظمة الأمم المتحدة، إن تعزيز الشفافية وبيئة معلوماتية لدى الدول ستعمل على تعزيز قدرتها على إدارة المخاطر وحُسن استخدام الموارد أيضا، مدللة بأنه على سبيل المثال، معالجة التدفقات المالية غير المشروعة مع تحسين تداول واستخدام معلومات الضرائب وتحسين الشفافية بشأن بيانات الديون وتطوير تصنيفات ائتمانية طويلة الأمد للحكومات.
وقال التقرير إن التكلفة الشديدة لتمويل الديون تسبب للكثير من البلدان النامية في تقويض من جائحة كوفيد-19، وفرضت تخفيضات في الإنفاق على التنمية، وقيدت قدرة تلك البلدان على الاستجابة لمزيد من الصدمات، وفقًا لتقرير جديد أطلقته الأمم المتحدة اليوم.
سقوط 77 مليون شخص حول العالم في براثن الفقر المُدقع عام 2021 بسبب كورونا
ولفت إلى أنه في حين أن البلدان الغنية كانت قادرة على دعم تعافيها من الوباء بمبالغ قياسية مقترضة بأسعار فائدة منخفضة للغاية، فإن البلدان الأكثر فقرا أنفقت مليارات الدولارات على خدمة الديون، مما منعها من الاستثمار في التنمية المستدامة.
وبحسب التقرير ، أدت الصدمة الناتجة عن الجائحة إلى سقوط 77 مليون شخص في براثن الفقر المُدقع في عام 2021، وبحلول نهاية العام، ظلت العديد من الاقتصادات دون مستويات ما قبل عام 2019.
ويقدر التقرير أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في 1 من كل 5 بلدان نامية لن يعود إلى مستويات عام 2019 بحلول نهاية عام 2023، حتى قبل استيعاب آثار حرب أوكرانيا.
ويورد تقرير “جسر الهوة المالية” أنه في المتوسط، تدفع البلدان النامية الأكثر فقرا 14 في المائة من عائداتها للفائدة على ديونها، أي ما يقرب من 4 مرات أعلى من البلدان المتقدمة، بنسبة 3.5 في المائة.
على الصعيد العالمي، اضطرت العديد من البلدان النامية إلى خفض ميزانيات التعليم والبنية التحتية وغيرها من إنفاق رأس المال نتيجة الجائحة. وستؤدي الحرب في أوكرانيا إلى مفاقمة تلك التحديات وخلق تحديات جديدة، مع ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية، وتجدد اضطرابات سلاسل الإمداد، وارتفاع التضخم إلى جانب انخفاض النمو، وزيادة التقلبات في الأسواق المالية.
تبعات الحرب الروسية الأوكرانية
ومن المرجح أن تؤدي الحرب إلى زيادة ضائقة الديون وزيادة الجوع بالنسبة للكثير من البلدان النامية، فقبل الحرب كانت فجوات التعافي من الجائحة قد اتسعت بالفعل، حيث كان لدى البلدان النامية في المتوسط جرعات من لقاحات كوفيد-19 تكفي فقط 24 من كل 100 شخص، مقابل ما يقرب من 150 لكل 100 شخص في البلدان المتقدمة.
وبحسب التقرير ؛ من المفزع أنه في عام 2021 كان 70 في المائة من الأطفال في سن العاشرة في البلدان النامية غير قادرين على قراءة نص أساسي، بزيادة قدرها 17 في المائة عن عام 2019. ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2021 بالفعل إلى أعلى مستوى لها منذ عقد، تخشى الأمم المتحدة أن يهدد الصراع في أوكرانيا بتدهور التوقعات الاقتصادية للعديد من البلدان.
ومع ذلك، فإن معدل الانتعاش الاقتصادي بعد الجائحة في البلدان المتقدمة يشير إلى طريق للمضي قدما من أجل زيادة الاستثمار.