معهد التمويل الدولى: «سندات ESG » تهبط %30 خلال الربع الأول

بسبب ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة والحرب الأوكرانية

معهد التمويل الدولى: «سندات ESG » تهبط %30 خلال الربع الأول
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:26 ص, الأربعاء, 13 أبريل 22

أعلن معهد التمويل الدولى «IIF» أن قيمة إصدارات سندات ESG المرتبطة بمعايير الحوكمة ومراعاة الجوانب الاجتماعية والمحافظة على البيئة هبطت بأكثر من %30 خلال الربع الأول من العام الجارى على مستوى العالم، متراجعة إلى ما يقرب من 285 مليار دولار، بالمقارنة بما يزيد على 407 مليارات فى الربع الأخير من العام الماضى.

وأرجع خبراء الاقتصاد فى المعهد هذا الانخفاض فى قيمة إصدارات سندات ESG العالمية إلى تزايد التقلبات فى الأسواق المالية العالمية نتيجة اتجاه البنوك المركزية الكبرى إلى رفع أسعار الفائدة، بعد أن أشار مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى إلى أنه سيرفع أسعار الفائدة 6 مرات هذا العام لمواجهة التضخم الذى يرتفع باستمرار منذ بداية العام الحالى، خصوصا مع غزو روسيا لجارتها أوكرانيا فى 24 فبراير الماضى واستمرار الحرب بينهما حتى الآن.

ويرتبط معظم انهيار ديون ESG خلال الربع الماضى بإصدارات القروض المرتبطة بالاستدامة، والسندات الخضراء التى هوت قيمتها بأكثر من %50 للأولى و%20 للثانية، رغم انتعاشها خلال الربع الأخير من 2021 من المستويات المنخفضة التى سجلتها خلال الربع الثالث من عام الوباء الثانى.

التنمية المستدامة

وكان المحللون فى معهد «IIF» يتوقعون ارتفاع قيمة سندات ESG فى الأسواق الناشئة بحوالى 50 مليار دولار سنويا خلال عام الوباء الأول لتزداد إلى 360 مليار دولار بحلول عام 2023 حيث تعد هذه الإصدارات ذات أهمية حيوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التى تحاول منظمة الأمم المتحدة تحقيقها بحلول عام 2030، ولكن جاءت الحرب الروسية والأوكرانية وتداعياتها المدمرة للسلع الخام الرئيسية، خصوصا البترول والقمح، مع ارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم ومعدلات التضخم لتقلص إصدارات هذه الديون فى الأسواق الناشئة والمتقدمة.

وهوت التدفقات المالية نحو صناديق الاستثمارات المرتبطة بمشروعات ESG إلى 75 مليار دولار فقط خلال الربع الأول من العام الحالى، لتسجل أدنى مستوى منذ سبعة فصول، وتراجعت إلى 15 مليار دولار فى مارس الماضى لتهبط إلى أدنى مستوى منذ مارس من عام الوباء، عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا بات جائحة تهدد جميع دول العالم.

الشهية الاستثمارية للمخاطر

ظهر الهبوط الحاد فى الشهية الاستثمارية العالمية نحو المخاطر على خلفية تفاقم التوترات الجيوبوليتيكية العنيفة لاسيما فى أوكرانيا وارتفاع المخاوف من تفاقم التضخم سواء فى أسعار السلع الخام أو المنتجات الاستهلاكية مع تزايد تكاليف الاقتراض مما أدى إلى انخفاض واضح فى التدفقات الاستثمارية ESG خلال الربع الماضى.

وكان الانخفاض فى التدفقات المالية يتركز فى استثمارات الأسهم لأن التقلبات الحادة فى أسعار أسهم شركات التكنولوجيا سدت شهية المستثمرين نحو صناديق استثمارات ESG التى كانت تتدفق بقوة على قطاع التكنولوجيا بحسب محللى معهد IIF الذى أشار إلى أن هذه الاستثمارات المرتبطة بتحقيق أهداف البيئة والمجتمع والحوكمة تجاوزت التريليون دولار لأول مرة على الإطلاق العام الماضى ليزيد عن ضعف ما جرى بيعه فى عام 2020 مع اتجاه المزيد من المقترضين لبيع الديون القائمة على معايير أخلاقية.

معهد التمويل الدولى «IIF»

جنون البترول

صعود أسعار البترول الصاروخى إلى مستويات قياسية تجازوت 100 دولار للبرميل وبلغت فى بعض الأيام أكثر من 138 دولارا للبرميل خلال الربع الماضى ساعد على جذب المستثمرين إلى أسهم شركات الطاقة التى لا تهتم باستثمارات ESG التى توقفت قيمتها عند 41 مليار دولار فقط لاسيما الاستثمار فى أسهم شركات قطاع البترول الذى يسبب أصلا الانبعاثات الكربونية التى تهدد بتلوث الهواء ويطيح بمشروعات الشركات التى تحاول استخدام الطاقة المتجددة للمخاقظة على البيئة ونقاء كوكب الأرض.

ورغم ارتفاع قيمة سندات ESG إلى أن الحرب الروسية فى أوكرانيا والصراعات الإقليمية وتغير المناخ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود أدت إلى تزايد حدة الفقر فى العديد من البلاد النامية وتدفع بحوالى ربع القارة الأفريقية نحو هاوية الجوع لدرجة أن أكثر من 346 مليون شخص فى أفريقيا يعانون من فقدان الأمن الغذائى بصورة حادة، ومرجح أن يتعرضوا للجوع هذا العام فى أسوأ أزمة منذ عام 2017.

سندات منع المجاعة

ويواجه الملايين ظروفًا أشبه بالمجاعة فى منطقة تيجراى بشمال إثيوبيا، بسبب صراع استمر لمدة عامين وتسبب فى أزمة جوع فى المناطق المجاورة وأدت عمليات مسلحة ناجمة عن تمرد فى بوركينا فاسو ومالى والنيجر ونيجيريا إلى زيادة حدة انعدام الأمن الغذائى فى منطقة غرب أفريقيا التى تواجه الآن أسوأ أزمة غذائية فى التاريخ، يعد تدمير الجفاف لـ%90 من أراضى الصومال فى الوقت الحالى.

وحذر برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة مطلع شهر فبراير الماضى، من أن 13 مليون شخص فى جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقى يواجهون خطر الجوع الشديد، ودعا لتقديم مساعدة فورية لتجنب تكرار المجاعة التى حدثت قبل عشر سنوات وأزهقت أرواح مئات الآلاف ولاسيما مع عدم هطول الأمطار لثلاثة مواسم ليزداد الجفاف لأعلى مستوى منذ ثمانينيات القرن الماضى.

وهناك تنبؤات بهطول الأمطار بكميات أقل من معدلاتها الطبيعية، الأمر الذى من شأنه أن يزيد من المعاناة خلال الأشهر المقبلة مما يهدد بإصابة 1.4 مليون طفل دون سن الخامسة بسوء تغذية حاد إذا لم تهطل الأمطار هذا العام.

وقفزت أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم فى فبراير بنسبة %20.7 على أساس سنوى، وفى مقدمتها الزيوت النباتية ومنتجات الألبان مما ساهم فى زيادة التضخم مع تعافى الاقتصادات من أزمة فيروس كورونا، ولكن ارتفاع التكاليف يعرض السكان الأشد فقرًا للخطر فى الدول التى تعتمد على الواردات ولاسيما الحبوب وفى مقدمتها القمح، التى تعد روسيا وأوكرانيا من أكبر المنتجين له والذى ارتفعت أسعاره لأعلى مستوياتها على الإطلاق الشهر الماضى.

هبوط التدفقات المالية

وتراجعت التدفقات المالية نحو صناديق الدخل الثابت التى تستثمر فى مشروعات ESG إلى 14 مليار دولار فقط خلال الربع الماضى بالمقارنة مع 27 مليار دولار فى الربع الأخير من عام 2021 وبانخفاض يقترب من %93.

بينما أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى إلى تدفق المستثمرين على حميع أنواع السندات غير أن سندات ESG تفوقت على نظيرتها التقليدية، ولكن السندات التقليدية عالية المخاطر التى انتعشت مع الارتفاع الصاروخى فى أسعار البترول وتفوقت على سندات ESG عالية المخاطر المرتبطة بشركات الطاقة المتجددة التى تحاول تحقيق الحياد الكربونى وتقليص الانبعاثات الكربونية إلى درجة الصفر.ومن المتوقع أن يكون لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تأثير عميق على أسواق صناديق استثمارات ESG بحيث تكون تأثيرات ضارة على الأجل القصير ولكنها ستكون مفيدة على الأجل الطويل مع تزايد التركيز على تأمين الطاقة والاستقلال عن مصادر الطاقة الروسية من الغاز الطبيعى الذى تعتمد عليه أوروبا مما سيؤدى إلى تنامى الاستثمارات فى الطاقة النظيفة لتحسين المناخ.

سندات

انعدام الانبعاثات الكربونية

كما أن تزايد عدد المؤسسات المالية والشركات غير المالية الملتزمة بتقليص الانبعاثات الكربونية يعزز جهود صناديق استثمارات ESG للتوسع فى إصداراتها ومشروعاتها لمساندة الجهود الدولية الرامية لوضع معايير عالمية وشفافية واضحة لتحسين المنافسة والمقارنة لقياس وتصنيف هذه الاستثمارات المرتبطة بالحوكمة والمعايير الاجتماعية والمحافظة على البيئة.

وتوقع المحللون فى قسم حلول إصدارات ESG سوليوشنز بوكالة موديز الأمريكية للتقييم الائتمانى فى بداية العام الجارى ارتفاع قيمة السندات المستدامة إلى 1.35 تريليون دولار مع نهاية هذا العام لتسجل أعلى مستوى فى تاريخها، ولكن اتجاه البنوك المركزية العالمية لتشديد السياسة النقدية وارتفاع التضخم والتوترات الجيوبوليتيكية العنيقة التى حدثت مؤخرا قللت من هذه التوقعات.

كما أن قيمة السندات الخضراء والاجتماعية والاستدامة والمرتبطة بمشروعات الاستدامة، تنمو بنسبة %36 فقط هذا العام مقابل %64 العام الماضى عندما بلغت أكثر من 992 مليار دولار وفقا لقسم حلول إصدارات ESG سوليوشنز الذى يرى أنه برغم هذا النمو المتواضع إلا أن سندات الاستدامة ترتفع حصتها من إجمالى إصدارات السندات العالمية من %10 العام الماضى إلى %15 هذا العام.

أسواق الأسهم

وتركز معظم استثمارات ESG عادة على أسواق الأسهم ولكن مع توقع ارتفاع قيمتها من 1.4 تريليون دولار هذا العام إلى حوالى 4 تريليونات مطلوبة سنويا على مستوى العالم لاحتواء التهديدات الناجمة عن تغير المناخ بات من الضرورى توفير المزيد من رؤوس الأموال من مستثمرى السندات واللازمة لمواجهة معايير الحوكمة والبيئة والاحتياجات المجتمعية.

تجاوز الإصدار الجديد من السندات الخضراء والاجتماعية وسندات الاستدامة والسندات المرتبطة بالاستدامة من قبل شركات وحكومات فى جميع أنحاء العالم بالفعل 575 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الماضى بزيادة 100 مليار دولار عن عام الوباء بأكمله ومع ارتفاع المزيد من هذه الاستثمارات فى آسيا حلال النصف الثانى من العام الماضى.

سندات

تحديات سندات ESG

ومن المرجح أن تصبح سندات ESG من الأنواع السائدة فى السندات السيادية وديون الشركات فى الأسواق الناشئة لدرجة أنه بحلول عام 2025 يقل عدد المستثمرين فى العالم ممن لا يملكون حصة كبيرة فى استثمارات ESG والاستثمارات الخضراء.

ولكن هذا التحول يفتح أمام المستثمرين جبهات وتحديات جديدة لتعزيز الاستثمارات فى هذه السندات مع تزايد الفرص لتحقيق أهداف تخفيف التغير المناخى وحماية التنوع الحيوى، لاسيما فى الأسواق الناشئة، خصوصا الصين التى تعهدت بتحقيق هدف الحياد الكربونى بحلول عام 2060 والتى تقدر استثماراتها بأكثر من نصف إصدارات جميع الأسواق الناشئة حتى العام القادم.

فرنسا تسيطر على «الخضراء»

وتمثل السندات الخضراء حوالى %55 من إجمالى أسواق سندات ESG العالمية وبلغت قيمتها أكثر من 1.1 تريليون دولار مع نهاية العام الماضى منها 145 مليارا حصة الصين، لتصبح ثالث أكبر سوق للسندات الخضراء بعد فرنسا وألمانيا، بينما تشكل الصين مع الهند والبرازيل وتشيلى أكثر من %80 من إجمالى إصدارات الاقتصادات النامية منذ نهاية عام 2015.

وتشكل سندات الاستدامة %12 من سندات ESG قى الأسواق الناشئة وتنتشر فى الصين وتشيلى والمكسيك، بينما زادت مبيعات السندات المجتمعية أثناء عامى وباء كورونا.

معهد التمويل الدولى