أجمع عدد من خبراء ومؤسسى شركات التكنولوجيا المالية على أن القطاع واعد، وبات جاذبًا بشدة للاستثمارات الأجنبية، فى ظل توجهات الحكومة نحو الرقمنة والتحول الرقمى وسياسات البنك المركزى فى تحفيز معدلات نمو الشركات الناشئة المصرية.
وتوقعوا أن تشهد السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة توافد استثمارات بالجملة من دول الخليج وأمريكا وأوروبا، إلا أن السوق بحاجة لمزيد من التنظيم وتذليل كل العقبات التى تواجه هذه الكيانات فى إجراءات التأسيس، الأمر الذى يعزز من فرص نموها ويدفعها نحو طرح جزء من أسهمها بالبورصة وتحقيق عوائد استثمار مرتفعة.
وكشفت وكالة «بلومبرج» الأمريكية منذ أيام عن إجراء صندوق أبوظبى السيادى محادثات مع مصر على استثمار نحو 2 مليار دولار عن طريق شراء حصص مملوكة للدولة فى بعض الشركات، منها شركة فورى لتكنولوجيا البنوك وحلول المدفوعات الإلكترونية.
عبد الغفار: السوق المصرية بحاجة لمزيد من التنظيم.. وجزر الكايمان الأسهل بإجراءات تأسيس الناشئة
أوضح الدكتور هشام عبد الغفار، مؤسس مجموعة ميناجورورس الاستثمارية، أن قطاع التكنولوجيا المالية من أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات فى مصر، مؤكدًا أن شركة سويفل لطلب خدمات النقل الجماعى الذكى رغم كونها حديثة العهد فإن قيمتها السوقية حاليًا تصل إلى 1.5 مليار دولار، مقارنة بكيانات استثمارية أخرى عملاقة.
وشدد “عبد الغفار” على أهمية تذليل كل الصعوبات التى تواجه عمل شركات التكنولوجيا الناشئة فى مصر، بما يمكنها من مواصلة معدلات النمو، ويزيد احتمالية طرح جزء من أسهمها بالبورصة، ومن ثم جذب أنظار المستثمرين لها من دول الخليج كالسعودية والإمارات أو أسواق أمريكا وأوروبا.
واستشهد بمناخ الاستثمار الصحى داخل السوقين السعودية والإماراتية فى تحفيز الشركات الناشئة على النمو وزيادة حجم استثماراتها، عبر طرح خدمات قيمة مضافة جديدة، فعلى سبيل المثال تعمل الشركات الناشئة فى السعودية حاليًا على تطوير تطبيقات مبتكرة فى مجال خدمات البقالة وتوصيل الطلبات لمنازل العملاء.
ورأى أن السوق المصرية بحاجة إلى إعادة تنظيم وطرح مزيد من الأفكار خارج الصندوق، إلى جانب تعديل بعض التشريعات والقوانين، حتى لا يضطر أصحاب المشروعات الناشئة المتميزة التى تقدم حلولًا حقيقية، وتعمل على سد احتياجات للهجرة إلى دول أخري، على حد تعبيره، مثل جزر الكايمان البريطانية التى تتميز بانخفاض رسوم تأسيس الشركات وعدم وجود حد أدنى لرأسمالها.
وأشار إلى ضرورة أن يصبح البنك المركزى أكثر مرونة فى التعامل مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لضمان حرية العمليات التجارية بالأسواق، وتحقيق أكبر عوائد استثمارية ممكنة، معتبرًا أن الاستثمارات الأجنبية فى شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، أولهما تأسيس مشروعات جديدة والثانية تتمثل فى الاستحواذ على شركات قائمة بالفعل.
وأضاف أن أغلب المستثمرين يفضلون الاستحواذ على شركات موجودة بالأسواق لما تتمتع به من نفوذ قوى داخل السوق وفريق عمل على دراية كاملة بطبيعة العمل، وهو النظام المتبع حول العالم، مستشهدًا باستحواذ شركة أمازون الأمريكية على سوق دوت كوم الإماراتية لخدمات التجارة الإلكترونية.
يشار إلى أن هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” التابعة لوزارة الاتصالات قامت بوضع وصياغة استراتيجية خمسية بالتعاون مع شركة ديلويت الاستشارية العالمية وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID ترتكز على 4 محاور رئيسية، هى تعزيز بيئة عمل الشركات الناشئة، وتطوير عوامل نموها، فضلًا عن تيسير الحصول على التمويلات والاستثمارات، وتطوير المهارات التقنية وزيادة أعداد المحترفين لتسهيل الوصول إليها، مع خلق المناخ المحفز على نمو الفكر الريادى والابتكاري، وأخيرًا، تسهيل اختراق الأسواق العالمية من خلال خطة ترويج وتسويق على المستوى الدولى.
من جانبه، قال محمد أبو خضرة، خبير قطاع المدفوعات الإلكترونية، إن نشاط التكنولوجيا المالية يعد من أكثر القطاعات الجاذبة للاستثمارات فى مصر بالوقت الحالي، بدليل أن حجم الاستثمار داخل هذه النوعية من الشركات تضاعف خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب التقارير العالمية.
وأشار “أبو خضرة” إلى أن بيئة الاستثمار فى مصر أصبحت خصبة بشكل كافٍ، الأمر الذى يعزز من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية للقطاع، موضحًا أن الفترة الحالية تشهد زيادة عدد صناديق الاستثمار الأجنبية الراغبة فى تمويل الشركات الناشئة المصرية من أسواق أوروبا أو أمريكا أو الخليج.
ولفت إلى أن السعودية والإمارات من أبرز دول الخليج التى يتم عرض مشروعات لشركات تكنولوجيا مالية مصرية داخلهما، مضيفًا أن الدولتين تعدان من أبرز المساهمين فى تمويل أفكار المصرية الناشئة المتخصصة فى هذا القطاع.
أبو خضرة: السعودية والإمارات من أبرز الممولين.. و4 من أصل 5 فرص محتملة ذات قيمة موجهة لها
وأضاف أن 4 من أصل 5 استثمارات ذات قيمة مرتفعة بمصر موجهة فى الوقت الحالى لصالح شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، مبينًا أن حجم استثمارات شركات التكنولوجيا المالية فى مصر يصعب تقديره بسبب تنوع أنشطتها، مثل منصات الشراء أونلاين وتطبيقات طلب الطعام.
صالح: سياسات «المركزى» تحسن بيئة العمل.. ودخول «كونا كابيتال» أكبر دليل
فى سياق متصل، أوضح عمر صالح، المؤسس، الرئيس التنفيذى لشركة “خزنة” للخدمات المالية الإلكترونية أن قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر شهد تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة أسهم فى اجتذاب عدد من صناديق رأسمال المخاطر الأجنبية، وعلى رأسها كونا كابيتال الأمريكى والذى يعد من أكبر صناديق تمويل شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، ونجح فى تمويل شركات تكنولوجيا مالية ناشئة فى أسواق نامية تتشابه مع ظروف السوق المصرية، مثل الهند والبرازيل والمكسيك.
واعتبر أن سوق حلول التكنولوجيا المالية فى مصر حاليًا باتت جاذبة للمستثمر الأوروبى والأمريكى والخليجى والآسيوي، موضحًا أن جميع صناديق رؤوس الأموال التى قامت بتمويل شركات مالية ناشئة فى دول بريكس BRICS (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) وجههوا أنظارهم صوب الاستثمار بالسوق المصرية، فى ظل توجهات الدولة نحو الشمول المالى والتحول الرقمى وسياسات البنك المركزى وقراره الأخير بإنشاء مركز لدعم هذه الشركات.
وقال أسامة مراد، رئيس شركةEmpower للاستشارات المالية، إن قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر من القطاعات التى تحتاج إلى مزيد من الخدمات، خاصة أنه جديد فى السوق المصرية، موضحًا أنه يعتبر من أكثر القطاعات المالية ديناميكية وسرعة وتفاعلية.
وأضاف أن اهتمام الدولة حاليًا بقطاع التكنولوجيا المالية وشركاته يتماشى مع التوجه العام لكبرى الاقتصادات العالمية وخطة التحول الرقمى والشمول المالى التى تنتهجها مصر.
مراد: 300 إلى %500 نموًا متوقعًا بـالنشاط بحلول 2024
ولفت إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر يجذب المستثمر الأوروبى والأمريكي، علاوة على المستثمر الخليجى التقليدي، لافتًا إلى وجود استثمارات ألمانية وأمريكية وسعودية وقطرية وإماراتية بهذا القطاع بالوقت الراهن داخل بالسوق المصرية، متوقعًا أن ينمو معدل الاستثمار فى القطاع بحلول عام 2024 بنسبة تتراوح من 300 إلى 500% بحلول عام 2024.
يذكر أن البنك المركزى أصدر تقريرًا خلال الأسبوع الماضى أكد خلاله أن مصر واحدة من أكثر 4 دول أفريقية نشاطًا فى قطاع شركات التكنولوجيا المالية، إذ حققت الكيانات المصرية نسبة نمو فى حجم الاستثمارات خلال 2021 بلغت 300%، كما ارتفع كذلك عدد الشركات العاملة بالقطاع من شركتين فى عام 2014 إلى 112 شركة فى 2021، ما يعادل 55 ضعفًا.
وكشف التقرير عن وجود مجموعة عوامل محفزة لنمو قطاع التكنولوجيا المالية فى مصر، على رأسها ارتفاع معدل الشمول المالى بنسبه 56.2%، وكذلك انتشار استخدام الهواتف الذكية فى المجتمع بنسبه %57.3 من عدد السكان، إضافة إلى وجود أكثر من 18 مؤسسة داعمة لهذا المجال الحيوي، مثل حاضنات ومسرعات الأعمال المتخصصة فى هذا المجال.