توقع مجلس الاستشاريين الاقتصاديين COEA فى البيت الأبيض نمو الاقتصاد الأمريكى بأكثر من 4.2 % هذا العام، بينما خفضت وكالة ستادرد اند بورز جلوبال S&P للأبحاث الاقصادية والمالية العالمية توقعاتها للناتج المحلى الإجمالى لروسيا من نمو %2.7 قبل غزو موسكو لأوكرانيا إلى انكماش بما يزيد عن %8.5 للعام الحالى.
وتوقعت سيسيليا روس كبيرة الخبراء الاقتصاديين التى ترأس مجلس COEA نمو الناتج المحلى الإجمالى للاقتصاد الأمريكى بحوالى %2.8 فى 2023، بينما يرى معهد التمويل الدولى IIF أن العقوبات الغربية على موسكو ستؤدى إلى انكماش بنسبة %15 للاقتصاد الروسى اعتبارا من هذا العام وحتى نهاية العام القادم.
وذكر موقع ناشيونال نيوز الأمريكى أن قيام روسيا بغزو جارتها أوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار الخامات والمواد الغذائية والوقود حيث يهيمن البلدان المحاربان على المصادر الرئيسية للعديد من السلع الأساسية منها الغاز الطبيعى والبترول والفحم والأسمدة والقمح والذرة والزيوت النباتية.
وتعتمد العديد من الاقتصادات فى أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا بشكل كامل على روسيا وأوكرانيا للحصول على وارداتها من القمح والذرة والزيوت النباتية، علاوة على البترول والغاز الطبيعى، وهذا يعنى أن توقف سلاسل الإمداد يساهم فى تفاقم الضغوط وزيادة التضخم، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
وأكدت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية أن الأزمة الروسية الأوكرانية تدفع أسعار السلع إلى الارتفاع، ورجحت أن تخفض توقعات النمو العالمى هذا العام وربما العام القادم بسبب تزايد الضغوط على أسعار السلع الأساسية،ومن أهمها النفط والغاز الطبيعى علاوة على المحاصيل لزراعية الغذائية.
وأشارت إلى تزايد المخاوف من التداعيات الناجمة عن الحرب الروسية على البلدان النامية التى تعتمد بشكل كبير على القمح، الذى ترتفع أسعاره باستمرار منذ أكثر من شهر على بدء الحرب فى أوكرانيا، لتشهد هذه الفترة ارتفاعات كبيرة فى أسعار السلع الأساسية والتضخم خاصة مع تشكيل روسيا وأوكرانيا %60 من صادرات القمح والذرة والبذور الزيتية.
وتزعم واشنطن أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتن تسبب فى حدوث أزمة غذاء عالمية وتعريض اليشر لخطر «المجاعة» عندما قام بغزو أوكرانيا، التى تعد «سلة الخبز» لأوروبا، وأنه القادر على وقفها وأن مسؤولية إطلاق الحرب على أوكرانيا وتداعياتها على الأمن الغذائى العالمى تقع على عاتق روسيا ورئيسها فقط.
بينما تؤكد حكومة موسكو أن الاضطرابات القائمة فى سوق الغذاء العالمى سببها هستيريا العقوبات الجامحة التى أطلقها الغرب ضد روسيا، وأن هذه العقوبات المسئولة عن عدم توازن وضع الأمن الغذائى للعالم، وفى المقابل اتهم المدير التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمى ديفيد بيزلى روسيا وأوكرانيا المنتجان الرئيسيان للحبوب بأنهما سبب الأزمة، لأنهما يسيطران على 30 % من صادرات القمع العالمية، و%20 من الذرة، و75 % من زيت دوار الشمس.
ويسعى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة إلى فرض التزام متعدد الأطراف ضد القيود على تصدير المواد الخام المرتبطة بالزراعة، لأن النزاع فى أوكرانيا يهدد بتردى الأوضاع فى أسوأ الأزمات الإنسانية التى يشهدها العالم، كما هو الحال فى أفغانستان واليمن والقرن الإفريقى حيث يعد انعدام الأمن الغذائى أزمة طاحنة.
كما صعدت أسعار القمح والذرة حاليا عند أعلى مستوياتهما منذ 2012، وزادت أسعار البنزين فى الولايات المتحدة والعديد من البلاد، وتبذل حكومة واشنطن جهودا مكثفة لضمان إمدادات عالمية كافية، للتأكد من تزويد أوروبا بالنفط والغاز الطبيعى، ولحماية المستهلكين الأميركيين إلى أقصى حد ممكن.
وعندما اعتقدت الحكومات أنها تخلصت من تداعيات وباء كورونا الذى استمر أكثر من عامين،وبدأ ينحسر بعد ظهور التطعيمات بجرعاتها المتعددة، اصطدم العالم مرة أخرى بعدة أزمات تمثلت فى ارتفاع أسعار الطاقة بسبب زيادات الطلب ونقص السلع وارتفاع تكاليف الشحن الحرب الروسية التى أدت إلى تضخم عالمى فى أسعار المواد الإنتاجية والاستهلاكية على حد سواء، وبات من المخاطر التى تواجه جميع الاقتصادات من المتقدمة إلى الناشئة وطبعا النامية.
وتعد روسيا من أكثر الدول تعرضا للتضخم بحسب كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولى التى ترى أن موسكو ربما تتخلف عن سداد ديونها بعد فرض عقوبات لم يسبق لها مثيل عليها بسبب غزوها لأوكرانيا، ورغم أن ذلك لن يؤدى إلى أزمة مالية عالمية ولكن له تأثير شديد على الاقتصاد الروسى .
ومن المتوقع أن يكون للحرب والعقوبات آثار غير مباشرة كبيرة على الدول المجاورة التى تعتمد على إمدادات الطاقة الروسية، وقد أسفرت بالفعل عن موجة من اللاجئين مقارنة بتلك التى شهدتها الحرب العالمية الثانية، كما أنها تتسبب فى انكماش التجارة العالمية، وترفع أسعار الغذاء والطاقة أكثر وأكثر، وقد تجبر الصندوق على خفض توقعاته للنمو العالمى خلال شهر أبريل الجارى.