أجمع مصرفيون على أن التمويلات الممنوحة للقطاع الزراعى ستشهد انتعاشة خلال الفترة المقبلة، تزامنا مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتوجه الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح
وأضافوا – فى تصريحات خاصة لـ”المال”- أن الطلب على التمويلات الزراعية سيشهد تزايدا ملحوظ خلال الفترة الراهنة، لاسيما وأن البنوك لديها السيولة الكافية لتغطية تمويلات النشاط، ولديها أيضا الآليات لمواجهة أى مخاطر مستقبلية.
وقال الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمى باسم وزارة الزراعة، إن حجم إنتاج القمح فى الوقت الحالى يشهد تطورا حقيقيا، مشيرا إلى أن هناك اهتماما كبيرا من القيادة السياسية بملف الزراعة، خاصة القمح؛ لتلبية احتياجات المصريين.
وأضاف – فى تصريحات إعلامية – أن مساحة المزروع من محصول القمح وصلت إلى 3.6 مليون فدان بحجم إنتاج يتجاوز 10 ملايين طن قمح، مشيرًا إلى أن الدولة منحت حافزًا إضافيا قدره 65 جنيها، بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، لافتا إلى أن هناك تنسيقا بين وزارتى الزراعة والتموين لزيادة إنتاج القمح والخضراوات، لاسيما أن الدولة بذلت جهودا كبيرة لرفع نسبة الاكتفاء الذاتى من المنتجات المختلفة.
وأعلن «الاحتياطى الفيدرالى» الأمريكى، مساء الأربعاء الماضى ، رفع معدّل الفائدة الأساسى ربع نقطة للسيطرة على ارتفاع التضخم، فى أول زيادة للمعدل منذ بدء تفشى فيروس كورونا.
وقالت لجنة السوق المفتوح الفيدرالية إن تداعيات الحرب فى أوكرانيا ستتسبب على الأرجح فى ضغط يؤدى إلى ازدياد التضخم ويؤثر على النشاط الاقتصادى، مشيرة إلى أن زيادات متواصلة فى المعدل ستكون مناسبة، ورفع أعضاء اللجنة توقّعاتهم للتضخم فى الولايات المتحدة للعام إلى %4.2 مقارنةً مع معدل 2.6 سابقا، وخفضوا تقديرات النمو إلى %2.8، مقارنةً مع %4.0.
ومع اتجاه الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى صوب زيادة أسعار الفائدة، والتحول نحو سياسة التشدد النقدى خلال عام 2022 فى محاولة للسيطرة على مستويات التضخم، قال محللون ومصرفيون فى استطلاع أجرته “المال” الأسبوع الماضى إن التغير فى سياسة المركزى الأمريكى سيؤثر إلى حد كبير على الأسواق الناشئة ويدفعها إلى تغيير سياستها النقدية.
وأضافوا – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن صانعى السياسة النقدية فى البنك المركزى المصرى، سيأخذون بعين الاعتبار خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل التغيرات العالمية وارتفاع مستويات التضخم.
وأظهرت بيانات البنك المركزى، أن قطاع الأعمال الخاص استحوذ على نسبة تقترب من %100 من إجمالى القروض المقدمة من البنوك للقطاع الزراعى، التى حققت 34.607 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى.
وقال البنك المركزى فى النشرة الشهرية المنشورة على موقعه الإلكترونى، إن إجمالى تمويلات البنوك للعملاء فى القطاع الزراعى، ارتفع من 34.619 مليار جنيه فى يونيو 2021 إلى45.2 مليار جنيه فى نوفمبر الماضى.
ماجد فهمى: البنوك لديها السيولة الكافية لتغطية طلبات النشاط
وأكد ماجد فهمى الرئيس الأسبق لبنك التنمية الصناعية أن الدولة ستركز بشكل كبير على قطاع الزراعة، وزيادة سعر شراء الدولة للقمح من المزارعين، وبشكل خاص بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وأن مصر تحتاج فى الفترة الحالية إلى التوجه بقوة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل.
وأشار إلى أن القطاع المصرفى يعمل فى الفترة المقبلة على تعزيز ائتمان القطاع الزراعى تزامنًا مع تشجيع الدولة لذلك النشاط، لاسيما أن الدولة ستتجه بقوة إلى تعزيز ائتمان القطاع الصناعى، وفى مقدمتها التصنيع الزراعى.
وأضاف أن البنوك لديها ودائع وسيولة كافية لتمويل القطاع الزراعى خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن تشهد طلبًا ملحوظ على التمويلات الزراعية، وأن البنوك قادرة على توفير تلك الطلبات، طالما تتوفر فيها الشروط الائتمانية.
ورغم ارتفاع أسعار العائد عالميًا إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم الناتجة عن ارتفاع الأسعار عالميًا، فإن البنوك مستمرة فى منح ائتمان مع رفع المخصصات .
وقال البنك المركزى المصرى إن السيولة المحلية ارتفعت بقمية 3.1 مليار جنيه لتصل إلى 5.825 تريليون مقابل 5.822 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2021 .
وأضاف تقرير صدر عن البنك المركزى عبر موقعه أن المعروض النقدى سجل 1.359 تريليون جنيه بنهاية يناير 2022 مقابل 1.382 تريليون بنهاية ديسمبر.
وأضاف “فهمي” أنه مع استمرار الحرب الأوكرانية الروسية سيحدث تباطؤ فى نمو ائتمان بشكل عام على تمويل جميع القطاعات، لكن إذا انتهت الأزمة عبر التفاوض بين الطرفين المتحاربين ستستمر البنوك المحلية والأسواق الناشئة فى نمو تمويلاتها داخل السوق المحلية.
وليد ناجى: القروض لن تتأثر خلال الفترة المقبلة
من جانبه، قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى إن الحرب الروسية الأوكرانية جاءت فى وقت صعب تشهده الأسواق العالمية ناجم عن جائحة فيروس كورونا، وبشكل خاص أنها ستوثر على معدلات التضخم ومستويات العملات داخل الأسواق الناشئة خلال الفترة المقبلة.
ويرى أن معدلات الائتمان لن تشهد تأثيرا خلال الفترة المقبلة داخل السوق المحلية، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية لعبت دورا كبيرا فى تخفيف أعباء الدين على العملاء عبر إطلاق مبادرات ذات فائدة منخفضة على القطاعات الحيوية ومنها الزراعة والصناعة.
ووافق “المركزى”على مضاعفة مبادرة دعم قطاع الصناعة بالعام الماضى من 100 مليار جنيه إلى 200 مليار لدعم الصناعة والمقاولات والزراعة بفائدة %8 متناقصة.
وأكد “ناجى” أن السوق المحلية المصرية تشهد طلبا كبيرا من العملاء على القطاع الزراعى نتيجة حاجة الأسواق الناشئة إلى تعزيز مخزونها من الزراعة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن البنوك قادرة إلى تمويل ودعم القطاع الزراعى خلال الفترة المقبلة.
محمد عبد المنعم : تزايد متوقع فى طلب عليها
من جانبه، توقع محمد عبد المنعم، مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة، أن الائتمان بشكل عام لن يتأثر فى الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن مبادرات البنك المركزى للنشاط الصناعى تلعب دورًا كبيرا فى خفض أسعار العائد وبشكل خاص لدعم الصناعة والسلع الإستراتيجية ومنها السلع الزراعية.
وعلى مستوى القطاع الزراعى قال إنه مع توجه الدولة لاستصلاح أراضى زراعية جديدة وزيادة الرقعة الزراعية وإعادة تطوير وهيكلة البنك الزراعى، أكبر البنوك التى تركز على النشاط فى مصر.
وأشار إلى أن السوق المصرية ستشهد طلبا على التمويلات الزراعية خلال الفترة المقبلة، مع اتجاه الدولة إلى تحقيق اكتفاء ذاتى من القمح، بالتالى توقع أن يكون هناك داخل السوق تمويلات موجهة لذلك النشاط خلال الفترة الراهنة بدءًا من الكيانات الكبرى وحتى أصحاب المشروعات أو المزارعين خلال الفترة المقبلة.
وعلى مستوى المخاطر المتوقعة خلال الفترة المقبلة الناجمة عن الأزمات التى شهدتها الأسواق العالمية، قال”عبد المنعم” إن القطاع المصرفى قادر على التعامل مع أى مخاطر محتملة من خلال الحصول على الضمانات الكافية لتغطية القرض، ومع الأنشطة الزراعية تتجه بعض البنوك إلى جزء من دورة المشروع، نتيجة لارتفاع مخاطر القطاع فقط.
وأصدر البنك المركزى المصرى مبادرة فى نوفمبر الماضى لتمويل التحول لاستخدام وسائل الرى الحديث فى الأراضى الزراعية، يتم من خلالها السماح بتمويل الجمعيات التعاونية الزراعية أو المنشأة بغرض التحول لطرق الرى الحديثة عن طريق البنكين الأهلى المصرى والزراعى.
وتأتى المبادرة الجديدة لتحل محل المبادرة السابق إصدارها لنفس الغرض ضمن مبادرة البنك المركزى للشركات والمنشآت الصغيرة بسعر عائد %5 وذلك فى إطار التوجهات الحالية نحو ترشيد استخدام الموارد المائية وتعظيم الاستفادة منها بكفاءة وفاعلية، وللتيسير على المزارعين وتشجيعهم على الانتقال إلى استخدام آليات ووسائل الرى الحديثة والذكية التى تساعد على الحفاظ على الثروة المائية وتعظم إنتاجية الفدان الزراعى.
وبلغ إجمالى قيمة المبادرة الجديدة 55.5 مليار جنيه تم إصدارها بضمان وزارة المالية لتمويل مشروع تحويل حوالى 4 ملايين فدان لاستخدام الآليات والوسائل الحديثة والذكية لرى الأراضى الزراعية إذ يقوم المزارعون المستفيدون من المبادرة بسداد تكلفة التحول لنظم الرى الحديثة للبنوك على أقساط خلال 10 سنوات دون تحملهم أى فوائد على أن يتم سداد أول قسط بعد عام من إنهاء التنفيذ والتحول الكامل لنظم الرى المستهدفة، على أن يقوم البنك المركزى بتعويض البنوك بالمشاركة مع وزارة المالية.
وأعلن البنك الزراعى المصرى نهاية العام الماضى، عن مبادرة بضوابط محددة لإسقاط وتسوية مديونيات العملاء المتعثرين بقيمة 4 مليارات جنيه و45 ألف عميل لتكون ثانى أكبر مبادرة تحفيزية فى تاريخ البنك خلال عام 2021.
وتأتى مبادرة البنك الزراعى الجديدة استكمالا لمبادرته الأولى التى أطلقها فى يناير2021 لتسوية ديون متعثرة بإجمالى 6.3 مليار جنيه، ويستفيد منها 328 ألف عميل ولكن تم إدراج شريحة من العملاء فى المبادرة الجديدة لم تكن متضمنة فى السابق.