لم أكتب عن حرب روسيا والناتو (وليس أوكرانيا) منذ اندلاعها، إلا مقالى (ردع بوتين والسيسي) فى 2022/2/28 قبل الحرب بيوم واحد! وكان النص حرفيا (ردع بوتين بأزمة أوكرانيا، مؤسس على التفاعل بين قدرات روسيا وقدرات المعسكر الغربى وحلف الناتو وليس أوكرانيا، فبالحسابات التكافؤ معدوم بين البلدين، ومتكافئ بين القدرتين، لأنه بالحسابات اجتياح أوكرانيا مسألة قرار حرب لا يستغرق تنفيذه أياما معدودة، ولكن أثره أجراس لحرب عالمية ثالثة) – (الآن 2022 تستخدم روسيا الردع العسكرى تفعيلا لحق تاريخى ظاهريا، وباطنيا تقاوم ردعا غربيا بتشذيب الغرب شوكة أوكرانيا بخاصرتها! لتعود للحياة مقولة أندريا بيليه “الحروب صراع بين غيلان العالم لاقتسام لحوم أغنامه”!) – (إذا كان ردع بوتين ظاهره حق تاريخى محل منازعة وباطنه مصالح اقتصادية لا تهدد وجوده، فردع السيسى ظاهره حق وجود دول وباطنه مصر جديدة تشارك العالم تمنياته بمستقبل أكثر أمانا).
هذا ما كتبته أو توقعته قبل الحرب بساعات! وتوقفت بعدها أرقب الموقف عن بُعد، مفضلا استحضار مقالات قديمة من سنتين توقعت (القرن الـ21 مستهدف لتغيرات مناخية عالمية قاسمة، أشباح حروب تهز مناجلها متعجلة، أطماع عالمية تنحت منطقا جديدا بلا قوانين نعرفها، الدنيا تتجه لترجمة مرئية لسيمفونية القدر بقيادة نيرون – تمر القرون ولا ينتهى التاريخ! ويستمر نموذج هامان يتألق على مر العصور، بصروحه الفكرية والمادية والروحية والاقتصادية، وتتواتر وتتنوع فراعين العالم شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، ولكل منهم هامان علمى وإدارى وفكريا وسياسيا وحربيا ودينيا وماليا، يُبدع لبناء صروح ترتفع بكل مرة على نار مختلفة! تغيير لمقاييس القوة الدولية. تغير رمز قيادة العالم وجهاده للبقاء بالقمة باستغلال أشكال الرأسمالية، بأزمات اقتصادية مختلقة كأثر لاقتصاد كورونا. خلخلة الرأسمالية العالمية وإحراج الدولار وبزوغ عملات جديدة وسنوات من تضارب المصالح وصراع أيدولوجيات، ونجاة ائتلافية تكمل مخطط السيطرة العالمية بأشكال جديدة. ظهور تحالفات قوى وعلاقات جديدة فرضتها كورونا، ستحل تدريجيا محل تقسيمات حالية. العديد من الاتحادات والتحالفات والمنظمات سيعاد ترتيبها وتوزيع إرثها!)
هذا تصورى عن العالم الجديد، فماذا لو كان 2022 توقيت بداية عرض أفلام العالم الجديد؟
أفلام تُحضر سيناريوهاتها من سنوات، أحد فصولها تخليق فيروس كورونا معمليا (بتكهنات تورط أمريكي/صيني)، تجميع أكبر مخزون للدولار وبداية طريق الحرير وتطوير استراتيجيات الاستعمار الاقتصادى الجديد (الصين)! تأمين روسيا احتياطها من الذهب السودانى وترسانتها الغذائية والدفاعية وتنشيط الاتحاد الروسى بهدوء! انسحاب أمريكا من الشرق الأوسط وأفغانستان وخروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى، وهندستهما الجديدة لمجموعة الـ7 لإحباط طريق الحرير بصندوق تنمية العالم الثالث! ضرب طموح فرنسا بصفقة الغواصات الأسترالية وشروخ ثقة الاتحاد الأوروبي!
فماذا لو؛ كان هناك اتفاق صينى روسى على أوكرانيا وتايوان – مستودع تصنيع التقنية الأمريكية – ، تُستثمر فيه كوريا الشمالية لأغراضهما ومنفعتها؟ ماذا لو؛ نتائج قمة الـ7 العام الماضى، لم تنفذ للاتفاق الروسى الصينى لإعادة تقسيم الجغرافيا الجديدة، واستحداث موازين جديدة للقوة حان قطافها؟ أو؛ مشت روسيا اختيارا للفخ الأمريكى بأوكرانيا، وكانت أذكى لتحوير الفخ والعقوبات لأنشوطة تطوق الكثيرين، باستغلال شؤون داخلية لنتائج عالمية استعدت لها مسبقا؟ أو؛ وقعت القارة العجوز بالشرك الروسى وأحجمت عن دعم الشوكة، ليقصفها الدب الروسى بمفهوم اضرب المربوط؟ أو؛ وقع شرخ أوروبى أمريكى ولم تسعف نصائح بريطانيا فتوة العالم المتراجع بشياطينه الرقمية؟ أو؛ استعاد الدب الروسى قوته على الأرض، بترويض صينى خفى يبتلع العالم بعده؟ ماذا لو؛ انتهى عهد الردع بدون ضرب وبدأ عصر الضرب للردع؟ أو؛ كانت إدارات بعض الدول تتحالف ضد قياداتها، وتنسج اتحادا لمصالح العالم الجديد بدل الأمم المتحدة؟ أو؛ تشكلت أحلاف غير معلنة لتحجيم الصلف الأمريكى والخبث الأوروبى وبروز قوى جديدة مؤثرة، لا تصل للعالمية وتُحسب فى موازينها؟ ماذا لو؛ تذاكت موسكو وبيكين على بعض وخرقا الاتفاق طمعا وفرضا؟ أو؛ نحت الشرق الأوسط أدوارا تخلق من الحياد المحسوب قوة جديدة، تستفيد من التغيير بتغيير مرحلى مقابل؟ أو؛ نتج عن الحرب حركة وعى شعبى عالمى، توحد الشعوب وليس الدول؟ ماذا لو؛ كانت مصر فطنت مبكرا جدا للعالم الجديد، واسست واقعها الجارى لاستشرافها وتنفيذها دورا غير معلن ومؤثر معا، ستجنيه ثمارا غير متوقعة للجميع، لتكون عسكرى المنطقة الجديد؟ ماذا لو؛ كرر العالم طواعية مأساة فلسطين بأوكرانيا، لتعود المجادلات التاريخية كمبرر لحروب جديدة؟ أو؛ تنغمت بنبرة (الحرب العالمية الثالثة) الصراعات الدولية الثنائية المحتقنة للاشتعال، كحالة مثل؟ أو؛ شاخت الأمم المتحدة للتصرف، إيذانا بشبح الزوال وميلاد كيانا جديدا؟ أو؛ اثر الأوضاع القادمة على زوال حلم الخلافة التركى وتراجع السنية العالمية؟ أو؛ ألزمت أمريكا المدافعين بالوكالة باتفاقياتهم ضد مصالحهم والسلام العالمي؟ أو؛ كانت كورونا ورحيل الملايين والتحرزات العالمية الجديدة، توطينا للبشر للتعايش مع 78 سنة قادمة لغربلة الكوكب؟ ماذا لو؛ استغلت الوضع الشركات عابرة الجنسيات والتكتلات الاقتصادية لخلق واقع اقتصادى جديد، لإدارة الأسواق العالمية بمسمى اقتصاد الحرب؟ أو؛ تحالف أباطرة التكنولوجيا والسلاح والدواء والغذاء، فى إبداع سوق جديدة تحتفظ بحالة الحرب (وليس الحرب ذاتها) لازدهار مستمر؟ ماذا لو؛ كان السلام العالمى يحتاج فصدا لدم الأنظمة الفاسدة على حساب الشعوب، التى يستغل تجارها الأزمة لثروات مجددة؟ أو؛ كانت حقيقة الصراعات الدافعة للحافة، خدمة سرية لطريق الحرير وصندوق تنمية العالم معا، لإعادة اقتسام الموارد الدولية مرحليا، بالتحالفات الجديدة؟ ماذا لو؛ اكتُشف تحالف إخوانى إيرانى ماسونى، لفصول شرق أوسطية جديدة تخّدم على العالم الجديد؟ ماذا لو؛ ورثت دماء عصر الحافة، عقلانية عهد الردع؟ أو؛ كان العالم الجديد يكتب الآن الجزء الثانى من رائعة جورج أورويل مزرعة الحيوانات؟
فعروض أفلام العالم الجديد بدأت، والدعوة عامة!
* محامى وكاتب مصرى