قالت وكالة الطاقة الدولية التي مقرها باريس إن ارتفاع أسعار النفط قد يزيد من وتيرة تحول قطاع النقل إلى الكهرباء ويعمل أيضا على تسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي انخفضت تكاليفها في السنوات الأخيرة، بحسب وكالة رويترز.
لكن في الوقت نفسه، كانت مبيعات السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود في عام 2021، وهو عام شهد ارتفاعا مستمرا في أسعار النفط، في طريقها لتصل إلى 45 % من مبيعات السيارات العالمية، وهو ما يحقق رقما قياسيا من حيث الحجم والحصة السوقية، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
يحد ذلك الطلب على السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات من أثر القيمة مقابل السعر التي تقدمها السيارات الكهربائية ويثير تساؤلات حول مدى تأثير زيادة أسعار النفط على التحول.
محللون : السيارات والشاحنات تحرق 20 إلى 25% من النفط العالمي
ويشير محللون أيضا إلى أن السيارات والشاحنات تحرق فقط من 20 % إلى 25 % من النفط العالمي، بينما لا تحقق قطاعات أخرى مثل الصناعات التحويلية والنقل البحري والطيران والزراعة تقدما يذكر على صعيد كفاءة الوقود.
وقال كلاوديو جاليمبرتي المحلل في شركة الاستشارات ريستاد إنرجي التي مقرها أوسلو “لم نر أي مؤشر على تحول الطاقة بعد” في تلك القطاعات.
محللون: ارتفاع النفط يسرع من التحول إلى السيارات الكهربائية
وقال محللون في قطاع الطاقة إن ارتفاع أسعار البنزين والديزل وغيرها من المنتجات النفطية سيدفع المستهلكين بسرعة أكبر إلى السيارات الكهربائية وسيعزز الاستثمار في تقنيات أخرى نظيفة مثل الهيدروجين.
وفي الوقت نفسه، سيشجع هذه الارتفاع في الأسعار أيضا على زيادة نشاط التنقيب عن النفط والغاز في جميع أنحاء العالم، إذ ستتسابق شركات الوقود الأحفوري لتحقيق استفادة، وهو ما يشي بمرحلة من الازدهار يعقبها تحول لتراجع. فمن شأن ذلك أن يجعل النفط وفيرا وبأسعار في المتناول مرة أخرى.
عندما ترتفع أسعار الوقود الأحفوري، يقبل المستهلكون على السيارات الكهربائية وبدائل الطاقة النظيفة بجدية أكبر، ليس فقط من أجل فوائدها البيئية، ولكن على أمل توفير المال في نهاية المطاف. وقد حدث هذا السيناريو بعدما اقترب النفط من كسر حاجز 150 دولارا للبرميل في 2008، مما أعطى دفعة لمبيعات السيارات الكهربائية.
تنمو المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية، لاسيما في الصين وأوروبا، وبدرجة أقل في الولايات المتحدة.
ارتفاع النفط يحفز الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز
فارتفاع الأسعار يحفز الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض في الأسعار يزيد على إثره الطلب. ولا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن هذه المرة ستكون مختلفة.
فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، تستعد شركات التنقيب بالفعل لزيادة الإنتاج، إذ تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي العام المقبل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق ويتجاوز المستوى غير المسبوق المسجل في 2019 والبالغ 12.25 مليون برميل يوميا قبل أن يبلغ ذروة عند 13.88 مليون برميل يوميا في 2034.
ولن تؤدي زيادة الأسعار إلا إلى تسريع هذا الاتجاه لا إبطائه.
وفي الوقت نفسه، معظم احتياطيات النفط في العالم، حوالي 65 %، تسيطر عليها شركات نفط وطنية مملوكة كليا أو جزئيا لحكومات.
وسرعان ما تزداد حكومات السعودية وروسيا وإيران والعراق ثراء عندما ترتفع أسعار النفط لأن تكلفة إنتاج النفط لديها من الأقل في العالم، وهو ما يقول باحثون إنه يعزز التمسك بالاقتصاد البترولي.
وقال باشا مهدوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا بسانتا باربرا “ارتفاع أسعار النفط يطيل من أمد فكرة أنه حتى مع وجود منتجين ممن ترتفع لديهم تكلفة الإنتاج بين شركات النفط الوطنية، فإنها من الممكن ألا يقضي عليها تحول الطاقة، وذلك بدلا من العمل على التحول من النفط إلى الطاقة النظيفة”.
محلل: العودة لاستثمار ثروة المجتمع في النفط هو الحل الأمثل لضبط الميزانيات الحكومية
وأضاف أنها تعزز أيضا فكرة أن العودة لاستثمار ثروة المجتمع في النفط “هو الحل الأمثل لضبط الميزانيات الحكومية اليوم وفي المستقبل”.
ومع ذلك، هناك بعض الفروق الطفيفة، فالسعودية على سبيل المثال تقود جهودا لإنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة الخضراء مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مدينة نيوم المستقبلية العملاقة، وهو مشروع تموله من عوائد النفط.
وقال مهدوي “يسمح صعود أسعار النفط للدول النفطية صاحبة تكاليف الإنتاج المنخفضة بمواصلة الاستثمار في بعض هذه الحلول الخالية خالية انبعاثات الكربون، لكن فقط في إطار هذه المجموعة الصغيرة”.