قراءة فى ظاهرة تراجعات أسعار الأسهم الجديدة عقب بدء التداول بالبورصة

خبراء يجيبون ..هل كلمة «حكومية» الضمان لنجاح الاكتتابات المستقبلية؟

قراءة فى ظاهرة تراجعات أسعار الأسهم الجديدة عقب بدء التداول بالبورصة
جريدة المال

أسماء السيد

منى عبدالباري

6:50 ص, الأربعاء, 23 فبراير 22

هل أصبحت كلمة «شركة حكومية» هى الضمانة لطروحات البورصة، بعد سوء الحظ الذى شهدته الطروحات الفترة الأخيرة، وتراجع أسعارها بأول أيام تداولها.

طرحت «المال» هذا السؤال على خبراء البورصة المصرية، الذين أكد بعضهم أن كون الشركة كيانًا حكوميًا سيؤمن ذلك نجاح الطرح، مؤكدين فى الوقت نفسه أن ذلك ليس العنصر الوحيد، وإنما يجب أن يصاحبه تدرج الشركة ضمن قطاع قوى عليه طلب، بجانب تسعير عادل، وتوقيت مناسب للطرح، فضلًا عن عملية ترويج قوية.

وبرر الخبراء تراجعات الأسهم التى تشهدها الشركات الخاصة بأيام تداولها الأولى فى البورصة المصرية بعدة أسباب، على رأسها لجوء الشركات لتخصيص النسبة الأكبر للسهم لضمان تغطية السهم والأصغر للأفراد، وهو ما يؤدى لحالات ركود وعدم نشاط وتراجعات.

ومن ضمن الشركات التى شهدت ظاهرة التراجع عقب فتح التداول خلال السنوات الاخيرة، كل من ماكرو جروب، وراميدا للأدوية وثروة كابيتال، ومن قبلهم إعمار مصر، فى الوقت الذى شهد فيه طرح إى فاينانس الحكومى الأول منذ طرح المصرية للاتصالات (الحكومية) عام 2005 نجاحًا مدويًا، حيث جمع 5.8 مليار جنيه.

أحمد الجندى: لا يمكن الحكم بارتفاع سعر الطرح لأنه يتحدد بناءً على نقطة تلاقى العرض والطلب

أحمد الجندى، الشريك المؤسس، العضو المنتدب لشركة تنمية كابيتال فينتشرز TCV

قال أحمد الجندى، الشريك المؤسس، العضو المنتدب لشركة تنمية كابيتال فينتشرز TCV إن غياب صناديق الاستثمار الأجنبية عن السوق المحلية خلال الفترة الماضية، يعتبر من أهم أسباب تراجعات أسهم الطروحات الجديدة عقب فتح التداول، متابعًا أنها كانت من أكثر الأطراف التى تقوم بالشراء فى الشركات الجديدة عقب الطرح لاستكمال الحصص المستهدفة والتى لم يتمكن من شرائها خلال عملية التخصيص.

وتابع أن الحديث عن ارتفاع التسعير أو أن سعر الاكتتاب غالٍ، يعتبر غير مدروس، نظرًا لأنه عادة ما يتم تحديد سعر أى طرح من خلال جس نبض السوق لتحديد نقطة تلاقى العرض والطلب، وليس من خلال القيم العادلة وما شابهه، ومن ثم فإن المشكلة الوحيدة التى قد تنشأ هى عدم اكتمال المعلومات لمدير الطرح الذى يجتهد لجس نبض السوق وتحديد السعر المناسب للصناديق والمستثمرين المحتملين.

واستشهد “الجندي” على وجهة النظر السابقة بطرح “إيديتا” قبل عدة سنوات عندما أصدرت الهيئة تعليقها على التقييم بأنه مبنى على مضاعفات عالية، ثم ارتفع سعر السهم خلال الشهر الثانى من تداوله بنسبة كبيرة جدًا قد تصل إلى %50.

وذكر أن الغالبية العظمى من المتعاملين فى البورصة المصرية خلال الفترة الراهنة من الأفراد والمتاجرين وليسوا من المستثمرين طويلى الأجل.

وقال “الجندي” إنه فى الأسواق الخارجية ربما يتم التراجع عن تنفيذ الطروحات قبل أسبوع أو أسبوعين من التنفيذ بسبب تغير أوضاع السوق، وهو الأمر غير المعتاد فى مصر، بدليل أنه لم يحدث غير مرة واحدة فى محاولة طرح شركة ماكرو للأدوية خلال العام الماضي.

وذكر أنه منذ سنوات عديدة عندما تم تنفيذ طرح شركة دومتى فى البورصة تم الاتفاق مع الجهات الرقابية على حماية الأفراد بالكامل من خلال صندوق استقرار سعر السهم، ثم تكرر نفس الأمر فى الطروحات التالية، ومن ثم فلا يوجد داعٍ لحالة الفزع التى تصيب المتعاملين عند تراجع سهم أى طرح جديد.

محمود سليم: الفجوة الكبيرة بين «الخاص» و«العام» ضمن الأسباب

وقال محمود سليم، خبير أسواق المال، إنه عند مقارنة أوضاع الطروحات الحكومية التى تمت خلال الفترات الماضية بنظائرها الخاصة نرى أن التفوق كان لصالح الأولى.

ولفت إلى وجود العديد من العوامل التى تساعد على ذلك، وعلى رأسها أن الكيانات الحكومية دائمًا ما تكون صاحبة ملاءة مالية مرتفعة، مقارنة بنظائرها، وهو ما يزيد من عمليات الإقبال للاكتتاب فى الأسهم.

وقال “سليم” إن العديد من الطروحات الخاصة التى استقبلتها البورصة المصرية خلال الفترات الماضية كانت تتعرض أسهمها لتراجعات واضحة بأول أيام تداولها، وهو لم يحدث فى الطروحات الحكومية.

وكان على رأس هذه التراجعات الواضحة التى ضربت سهم “ثروة كابيتال” بالدقائق الأولى لتداوله فى البورصة المصرية بعام 2018، وأيضًا تراجع سهم “إعمار مصر” دون سعر الاكتتاب وقت طرح الشركة فى عام 2015.

وأوضح أن تراجعات الأسهم المطروحة بأيام تداولها الأولى غالبًا ما تكون متعلقة بعدة عوامل، على رأسها الفجوة الكبيرة بين النسب المخصصة للطرح الخاص والعام.

وفسر ذلك بأن الشركات اعتادت أن يتم تخصيص حوالى %95 من أسهمها للطرح الخاص بسبب الرغبة فى جذب مؤسسات خارجية، وتخصيص %5 فقط للأفراد، موضحًا أن انخفاض تلك النسبة يجعل التداول على السهم محدودًا.

محمود سليم، خبير أسواق المال،

وقال “سليم” إن نسب التغطيات الكبيرة للطرح العام غير معبرة تمامًا ليس لكثرة الإقبال على السهم وإنما هو ناتج عن قلة النسبة المخصصة.

ولفت إلى أن العامل الآخر يتمثل فى وضع السوق، الذى يعانى ضعف معدلات السيولة منذ فترة، ما يجعله غير قادر على عكس القيمة الحقيقية للشركات المتداولة.

وتابع أن الخسائر الكبيرة التى تعرض لها المتعاملون الأفراد خلال الفترات الماضية جعلتهم فى وضع متحفظ وانتقائى للأسهم، خوفًا من تكرار الخسائر.

وأضاف “سليم”، أن العامل الثالث قد يكون راجعًا للمبالغة فى تقييم السهم، لافتًا إلى أن الطروحات الحكومية قد تختلف عن غيرها بالقدرة على تحديد نسب خصم معينة أو عدم المغالاة فى التقييمات بشكل خاص.

وأشار بشكل عام إلى أن الطروحات بشقيها العام والخاص ليست هى المنقذ الذى ينتظره السوق، موضحًا أن رواج الأسواق يكون قائمًا على الشفافية وتنوع الأدوات وقلة الضرائب المفروضة وخلق مناخ صالح للاستثمار.

الأهلى للاستثمارات المالية: المبالغة فى التقييم تؤدى إلى الفشل

وقال عادل كامل، العضو المنتدب لشركة الأهلى لإدارة الاستثمارات المالية -ذراع الاستثمارات للبنك الأهلى المصري- إن مسألة التقييم للشركة المطروحة، والربحية، وتوقيت الطرح عناصر من شأنها إنجاح الطرح من عدمه، سواء كان خاصًا أو حكوميًا.

وأكد “كامل” أن السبب وراء عدم نجاح الطروحات الأخيرة بالبورصة يرجع بشكل أساسى إلى المبالغة فى التقييم، فضلًا عن التوقيت غير المناسب بسبب ضعف أوضاع السوق.

عمرو الألفى: نتوقع أن تؤثر حالات الهبوط المتكررة بأول أيام التعامل على الطروحات المقبلة

وفى سياق متصل، قال عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث بشركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية”، إن العديد من الطروحات الخاصة التى تمت خلال الفترات الماضية تعرضت أسهمها للتراجع بالجلسات الأولى للتداول.

ولفت إلى أن أشهر هذه الحالات تمثلت فى طرح إعمار مصر وثروة كابيتال، مشيرًا إلى أن هذه الحالات دفعت الهيئة العامة للرقابة المالية للقرار ضوابط معينة للحد من عمليات التكرار.

وأوضح “الألفي” الأسباب التى تؤدى إلى ذلك، أولها أن الفرد المستثمر قد يكون مضطرًا للبيع بسبب توفير سيولة، أو أن الدخول فى السهم تم بسعر أقل من الطرح المعلن.

وأضاف أن تكرار هذه الحالات يضر بالطروحات المقبلة نتيجة التخوف من تراجعات الأسهم، خاصة فى ظل حالة الهدوء الكبير التى تشهدها السوق.

وأشار إلى أن العديد من الشركات يكون معدلات للتغطية لطرح العام مرتفعة بشكل واضح، مضيفًا أن هذا من المفترض أن يؤدى لزيادة الطلب على السهم فى أيام تداوله الأولى وليس العكس.

وقال إن الغالب على وضع البورصة المصرية منذ فترة أنها أصبحت سوقًا مضاربية يميل متعاملوها للمكسب السريع.

العربى الإفريقى: وضع السوق يؤثر على النجاح

وقال ياسر المصرى، العضو المنتدب لشركة العربى الإفريقى لتداول الأوراق المالية، إنه يجب أن يكون الطرح بمضاعف ربحية منخفضًا لجذب سيولة ومكتتبين جدد للسوق، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن وضع السوق المتدنية حاليًا أسهم فى إفشال الطروحات الخاصة الأخيرة، إضافة إلى عوامل فى الطروحات نفسها كالتسعير المبالغ فيه.

عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث بشركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية”

ويشير “المصري” إلى أن السوق بحاجة إلى طرح حكومى ضخم ورخيص كبنك القاهرة، وما يؤكد نجاح الطروحات الحكومية طرح إى فاينانس.

ولفت إلى أن هناك ضعف ثقة بالسوق نتيجة انخفاض السيولة والتداولات، وأن المؤسسات هى التى تبعث الثقة فى الطروحات، وأنه رغم رخص الأسعار فى السوق فإن المؤسسات محجمة عن الشراء، وبالتالى هناك حاجة لزيادة استثمارات المؤسسات بالسوق من خلال الشراء، وزيادة المعروض عبر طرح شركات جديدة بمضاعفات ربحية منخفضة، وقيمة جيدة.

ثرى واى: التسعير الجيد للورقة الحكومية تدعم نجاحها

وقالت رانيا يعقوب، العضو المنتدب لشركة ثرى واى لتداول الأوراق المالية، إن القاعدة المتعارف عليها فى الطروحات أن “البضاعة الجيدة تجذب سيولة للسوق”، ولكن للأسف تقييمات الشركات التى استقبلتها السوق مؤخرًا كانت مبالغًا فيها، وهو ما أكده تراجع قيم أسهمها بعد الطرح مباشرة، نتيجة قوى العرض والطلب.

وتابعت أنه فى مقابل الطروحات القوية التى يكون سعرها مناسبًا تشهد معدلات تغطية قوية، وتجذب مستثمرين وسيولة جديدة للسوق، والدليل على ذلك طرح شركة إى فاينانس.

ولفتت “يعقوب” إلى أن الطروحات الأخيرة التى استقبلها السوق كانت تقييماتها مبالغًا فيها، واقتصت من السيولة المرهقة للسوق، وأدت إلى خسائر جديدة للبورصة.

وتؤكد أن الشركات الحكومية التى تُطرح بتقييم جيد تثبت نجاحها بالسوق، مدللة على ذلك بالطروحات التاريخية للمصرية للاتصالات، وأبوقير للأسمدة، وسيدى كرير.

وأضافت، لا نستطيع أيضًا أن نغفل دور عملية الترويج والتسعير الجيد والمناسب لتوقعات المستثمرين، فى إنجاح أى طرح، سواء كان حكوميًا أو خاصًا، لافتة فى الوقت نفسه إلى أن السوق تشهد حاليًا حزمة من التحديات، أبرزها توقعات رفع الفائدة، مؤكدة أن ارتفاع معدلات التضخم تتطلب محفزات للطروحات الجديدة لتوفير بدائل لشركات القطاع الخاص تساعدها على النمو.

مسئول سابق: السوق لا تحتمل بضاعة حاليًا

ويرى إيهاب السعيد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية السابق، إن المغالاة فى نسب تغطية الطروحات، كانت أحد أسباب الطروحات الخاصة التى استقبلتها البورصة المصرية مؤخرًا، مؤكدًا أن الطرح ذات القيمة الجيدة وإن كان خاصًا سيثبت وجوده فى السوق سريعًا، حتى وإن تراجع السهم فى أول أيام تداوله إلا أنه لن يستمر بهذا الوضع.

ويقول “السعيد” إن الفيصل فى نجاح الطرح أيضًا هو قيمة الشركة، وتاريخها، وقيمتها، ووضع السوق ومدى استيعابها، لافتًا إلى أن السوق ظروفها حاليًا غير مواتية فى ظل معاناة الشركات فى الاقتصاد الحقيقي.

وأشار إلى أن الطروحات الحكومية هى الشركات الوحيدة المضمون نجاحها حاليًا، لأن شركات القطاع الخاص لديها خطط انكماشية، وبالتالى فإن أى شركة ستطرح لأى سبب مضمون ستكون شركة حكومية، كما أن وضع السوق حاليًا لا يحتمل طروحات خاصة.

واستبعد “السعيد” أن تشهد السوق طروحات خاصة جديدة قبل عام من الآن بعد الفشل الذريع الذى مُنيت به الطروحات الخاصة الأخيرة، وأزمة الثقة لدى المستثمرين فى السوق، مقابل نشاط ورواج للطروحات الحكومية.

بلوم لإدارة الاستثمارات المالية: هناك أزمة ثقة من المستثمرين

وقال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة بلوم لإدارة الاستثمارات المالية، إن الطروحات الخاصة الأخيرة واجهت عزوفًا من المستثمرين نتيجة المغالاة فى نسب التغطية، والتقييم، وسعر السهم.

ويرى “حسن” أن الفيصل فى نجاح أى طرح هو حجم الشركة، وقوتها، وطريقة الطرح والترويج، وهو ما يؤكده نجاح طرح إى فاينانس الحكومى، مقارنة بالطرح الخاص لشركة ماكرو.

تايكون: «الحكومية» تحقق مكاسب للمستثمرين

وترى دعاء زيدان، نائب رئيس قسم التحليل الفنى لشركة تايكون لتداول الأوراق المالية، إن الطروحات الحكومية هى الضمانة لتحقيق مكاسب للمستثمرين، مدللة على ذلك بأن سعر سهم إى فاينانس حتى الآن ما زال فوق سعر الطرح.

وتقول إنه رغم ما تواجهه السوق من أزمة ثقة من المستثمرين فإن الطروحات الحكومية تشهد إقبالًا قويًا من المؤسسات مثال البريد، والتأمينات، وصناديق الاستثمار، والأفراد والمؤسسات العرب والأجانب.

وفسرت دعاء زيدان تراجعات سعر أسهم القطاع الخاص فى أول يوم للطرح بأن السعر الذى يكون مخصصًا لاكتتاب المؤسسات يكون عادة أدنى من المطروح للأفراد، وبالتالى تتجه المؤسسات للبيع بقوة أول يوم للتداول.

أسطول: البورصة لا تعبر عن وضع الاقتصاد الحقيقى

وترى عصمت ياسين، رئيس تداولات الأفراد فى شركة “أسطول لتداول الأوراق المالية”، إن الشركات الحكومية هى الضمانة لنجاح أى طرح فى السوق الفترة المقبلة، مدللة على قولها بالإشارة إلى النجاح القوى لشركة إى فاينانس، والذى أعاد للأذهان طرح المصرية للاتصالات فى 2005.

وتؤكد عصمت ياسين إن الطروحات الحكومية تجذب سيولة جديدة للسوق من خلال مستثمرين وأكواد جدد، مقارنة ببعض الطروحات الخاصة التى يكون مغالًا فى قيمتها وتسعيرها، ما يؤدى إلى عزوف المستثمرين الأفراد، والمؤسسات عنها.

وتابعت أن الترويج والتسعير الجيد غير المبالغ فيه عناصر مهمة لإنجاح الطرح، سواء كان حكوميًا أو خاصًا، مؤكدة حاجة السوق إلى بضاعة جيدة خاصة أن البورصة لا تعبر حاليًا عن وضع الاقتصاد الحقيقي.

وتقول عصمت ياسين كلمة شركة حكومية هى الضمانة لإنجاح أى طرح الفترة المقبلة، بشرط وضع جدول زمنى للطروحات يتم الاسترشاد به.

إيليت للاستشارات المالية: تضيف أكوادًا جديدة للبورصة

ويقول محمد كمال، عضو مجلس إدارة شركة إيليت للاستشارات المالية، إن الطروحات الحكومية هى الضمانة لجذب المستثمرين للاكتتاب؛ لأنها تكون بعيدة كل البعد عن شبهة التلاعب والمغالاة.

ويرى “كمال” أن الطرح الخاص يعتمد نجاحه على القطاع نفسه، والبضاعة المطروحة، لافتًا إلى أن الطرح الحكومى يجذب شريحة جديدة من المستثمرين للبورصة.