محمد فريد الزعيم النبيل الشهيد (9)
قبل أن ينصرم عام 1916، حضر محمد بك فريد فى يونيو 1916، مؤتمر الأجناس الذى عقد فى لوزان على مدار ثلاثة أيام، وألقى فيه خطبة مطولة شرح فيها القضية المصرية، وطرح وجوب أستقلال مصر، موضحًا بطلان الإحتلال وبطلان الحماية التى فرضتها بريطانيا على مصر دون سند، وخلافًا لحقوق الدول.
عام محمد بك فريد
كان عام 1917، عاما حافلا بالأحداث، فيه توفى السلطان حسين كامل فى 9 أكتوبر، وتنحى نجله الوحيد الأمير كمال الدين حسين عن قبول عرض أبيه قبل وفاته بخلافته على العرش، فآل الأمر إلى السلطان (الملك) أحمد فؤاد الأول، حيث تولى سدة العرش فى أكتوبر 1917.
فى هذا التاريخ كان شهيد الوطنية، الأستاذ محمد بك فريد لا يكل فى منفاه بأوروبا عن تذكير العالم بالقضية المصرية، فطفق يحضر ويقيم المؤتمرات المتتابعة مناديا بحق مصر فى الاستقلال. يروى المحامى المؤرخ عبد الرحمن الرافعـى قصص ونصوص هذه المؤتمرات فى كتابه (محمد فريد ص 394 وما بعدها).. اجتماع برلين فى ذكرى الاحتلال (14/9/1917)، ومذكرة محمد فريد فى أكتوبر 1917 إلى المؤتمر الدولى المعقود فى ستوكهلم، ومذكرته فى أكتوبر 1917 إلى الدول المتحاربة والدول المحايدة، وحضوره محمد فريد اجتماع برلين للاحتجاج على الحماية البريطانية (18/12/1917).. وفيه كان الأستاذ محمد فريد هو فارس الحلبة فى دفاعه عن الحقوق المصرية!!!
وامتدت رسائل محمد بك فريد فى مطلع وطوال عام 1918 إلى كافة الجهات المؤثرة احتجاجا على الأوضاع فى مصر، وطلبا لحقها فى الاستقلال، فأرسل إلى مؤتمر برست ليتوفسك فى يناير 1918، وإلى مؤتمـر الصلـح فى ديسمبر1918، وإلى المؤتمر الدولى الاشتراكى فى «برن» (فبراير 1919)، وإلـى المؤتمـر الدولـى الاشتراكـى فـى «لوسرن» (أغسطس 1919)، وإلى الأمة المصرية فى 14 سبتمبر1919، قبل أن يشتد عليه المرض، حيث توفى هذا المجاهد الكبير وشيعت جنازته فى برلين فى نوفمبر 1919، ثم نقلت رفاته إلى مصر حيث شيعت جنازته بها فى يونيو 1920، ونعته الأمة المصرية ونعاه فيمن نعاه الشيخ عبد العزيز جاويش، ونظم عباس العقاد قصيدة فى وداعه قال مما قاله فيها:
أطلقت وجدانــى ومثلك يطلـق
فالنفس تألـم والجوانح تخفق
وأعدت من جدث الوجوم بوادرى
ولمـا يعيد أشـد مما يزهق
الفارس الحاضر فى ثورة 1919
أيد محمد بك فريد ثورة 1919 بكل قوة، بيد أن واجب الإنصاف يقتضى تصحيح الخطأ الشائع بأن ثورة 1919 بدأت بمقابلة الثلاثى سعد زغلول وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوى، للمعتمد البريطانى السيرونجت فى13 نوفمبر1918، وإنما كان لهذه الثورة مقدمات اضطلع بها الحزب الوطنى القديم وحزب الأمة، فالحزب الوطنى هو الذى بعث الحركة الوطنية وجعل منها معركة لتحرير البلاد من الاحتلال الإنجليزى، بينما كان لحزب الأمة الذى قام على طائفتى المفكرين والأعيان، فضل رفع لواء «القومية المصرية»، ورسخ أن الاستقلال هو عن كل من بريطانيا وتركيا، مصطفى كامل باشا هو مؤسس الحـزب الوطنى، وخلفه فى زعامته محمد بك فريد، بينما كان أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد هو أبرز أضلاع حـزب الأمة. وكانت المطالبة بالدستور، التى اتفق عليها الحزبان، على رأس أولويات الحركة الوطنية.
وبينما كان النضال على أشده بأرض الوطن، كان المقيمون بخارجه، نفيا أو جبرا أو اختيارا يتابعون القضية الوطنية من هناك وعلى رأسهم محمد فريد الذى، مر بنا ما كان يقوم به فى أوروبا..
www. ragai2009.com [email protected]