قال سامح شنودة الرئيس التنفيذى لشئون الاستثمار لدى مؤسسة التمويل الإفريقية «AFC»، إن المؤسسة تستهدف استثمار ما يتراوح من 2 إلى 2.5 مليار دولار فى القارة الأفريقية العام الجارى.
وأضاف شنودة أنه رغم صعوبة العام الماضى نتيجة استمرار تبعات جائحة كورونا فى القارة الإفريقية، وتأثير ذلك على اكتمال المشاريع التى ما زالت تحت الإنشاء، لكنه كان من أفضل الأعوام للمؤسسة واستطاعت العودة فى نتائج أعمالها للأرقام التى حققتها عام 2019 من حيث حجم الاستثمارت والإيرادات.
ويقع مقر مؤسسة التمويل الإفريقية فى نيجيريا وتملكها حكومات أفريقية وبنوك، وتأسَّست فى عام 2007 لتشجيع الاستثمار فى البنية التحتية بقيادة القطاع الخاص فى جميع أنحاء أفريقيا، وتعتبر ثانى أكبر مؤسسة تمويل متعددة الأطراف للاستثمار بالقارة السمراء فى قطاعات الطاقة والموارد الطبيعية والصناعات الثقيلة والنقل والاتصالات، ونفذت مشاريع فى 35 دولةً فى جميع أنحاء القارة.
وأوضح شنودة فى حوار مع «المال» عبر تطبيق «Zoom» أن حجم استثمارات المؤسسة خلال العام الماضى عاد لمستويات ما قبل تفشى وباء كورونا، فضلا عن أن الإيرادات كانت الأعلى فى تاريخ المؤسسة.
مصر طلبت الاشتراك فى رأس مال المؤسسة ما يعنى أنه سيكون لها ممثل بمجلس الإدارة
وأشار إلى أن المؤسسة بدأت فى العمل منذ ما يقرب من 15 عاما استثمرت خلالها حوالى 9 مليارات دولار فى 35 دولة إفريقية، لافتا إلى أن حجم استثماراتها بالقارة السمراء سجل حوالى 1.5 مليار دولار فى العام الماضى، فى أكثر من دولة من بينها مصر ونيجيريا وبتسوانا وغانا والجابون وسيراليون.
وقال الرئيس التنفيذى لدى مؤسسة التمويل الإفريقية إن حجم استثمارات المؤسسة العام الماضى بالسوق المحلية كانت أقل من 100 مليون دولار، وكانت بمجال البترول والغاز، إذ كانت المؤسسة جزءا من تحالف لتمويل شراء الأصول الخاصة بشركة شل للبترول التى تخارجت من السوق المحلية، وتم مساندة شركات مصرية وأجنبية لشراء الحصص الخاصة بها.
يشار إلى أن شركتى شل مصر وشل النمسا (إحدى الشركات التابعة لشركة Royal Dutch Shell plc ) أعلنتا بيع أصولهما المنتجة والاستكشافية بمنطقة الصحراء الغربية إلى تحالف مكون من شركات تابعة لشركتى كايرون بتروليم كوربوريشن وCairn Energy PLC، وذلك فى سبتمبر 2021، مقابل قيمة ابتدائية تصل إلى 646 مليون دولار، إضافة إلى دفعات إضافية قد تصل إلى 280 مليون فى الفترة من 2021 وحتى 2024 وذلك بناء على سعر النفط ونتائج الاستكشافات المقبلة.
وبخصوص خطة المؤسسة لزيادة محفظة رأس المال بها، قال «شنودة» إن أمامها أكثر من مجال لجذب رأس المال، لافتا إلى أن مصر طلبت الاشتراك فى رأس المال بها، خاصة أنها دولة عضو، وهذا يعنى أنه سيكون لها ممثل فى مجلس الإدارة، متوقعًا أن يحدث ذلك فى العام الجارى.
وأضاف أن المؤسسة كانت تستهدف وصول حجم ميزانيتها فى عام 2023 إلى 10 مليارات دولار، لافتا إلى أنها تبلغ حاليا حوالى 8.7 مليار، ومن المتوقع وصولها إلى 10 مليارات العام الجارى بدلاً من المقبل، وذلك لأن المؤسسة لديها خطة لتنفيذ مشروعات بالقارة السمراء، منوها بأنه رغم أن المؤسسة مملوكة من حكومات وبنوك لكنها تتصرف كقطاع خاص وتساعد شركات القطاعين الخاص والعام.
محادثات مع وزارة الكهرباء و«السيادي» للتعاون فى «الهيدروجين الأخضر»
وتحدث عن خطة المؤسسة لتمويل مشروعات الاقتصاد الأخضر قائلاً إن هذا القطاع يدخل فى نطاق البنية التحتية؛ نظراً لأن بدائل مشروعات توليد الكهرباء من محطات الرياح والطاقة الشمسية هى الغاز والوقود السائل.
وأضاف أن مصر لديها الكثير من المحطات التى تعمل بالغاز والمازوت، وفى حال زيادة مشروعات الطاقة الشمسية والرياح سنقلل استخدام مصادر الطاقة التقليدية الأخرى.
وأكد اهتمام المؤسسة بمشروعات الطاقة المتجددة، وإنتاج الكهرباء من الرياح والطاقة الشمسية، إضافة إلى الهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية، مشيرا إلى أنها مولت مشروعا فى دولة توجو لإنتاج الدراجات النارية الكهربائية ويمكن تطبيق هذا المشروع فى مصر.
وقال شنودة إن قارة إفريقيا تعتبر أكثر المناطق المتأثرة بالتغير المناخى رغم أن نسبة مساهمتها فيه ضئيلة وهى %3، لكن تأثيرات مشكلة الاحتباس الحرارى عليها تتضمن الجفاف والمجاعات وارتفاعات كبيرة للغاية فى درجات الحرارة.
إنشاء صندوق مخصص لكل ما هو مناخى بحجم مستهدف 500 مليون دولار تزداد إلى 2 مليار خلال 3 سنوات
وأضاف أن المؤسسة قررت إنشاء صندوق مخصص لكل ما هو مناخى وهو صندوق «ICRF» فى العام الجارى، ومن المستهدف بلوغ حجمه 500 مليون دولار تزداد إلى 2 مليار خلال 3 سنوات.
وأكد أهمية مؤتمر قمة الأمم المتحدة للتغير المناخى «كوب 27» المقرر أن تستضيفه مصر نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ، مشيرا إلى أن المؤسسة تواصلت مع الحكومة المصرية لتأكيد اهتمامها للعب دور كبير فى المساعدة فى الترتيب للمؤتمر، لأن تنظيمه سيكون فى إفريقيا ولذا من المهم أن تلعب المؤسسة دوراً كبيراً فيه.
وأوضح أن مجالات التعاون فى هذا السياق تتضمن المساعدة فى مشاركة متحدثين بالمؤتمر، مشيراً إلى أن مؤتمر شرم الشيخ يعتبر فرصة أيضا للمؤسسة للاحتفال بمرور 15 سنة على إنشائها.
وكانت الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ، أعلنت منتصف نوفمبر الماضى، اختيار مصر ممثلًا عن قارة إفريقيا لاستضافة فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف فى الاتفاقية كوب 27، المتوقع انعقاده فى نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ.
وفى سياق آخر، استعرض شنودة المحادثات التى تجريها المؤسسة بخصوص المشروعات المستهدف تنفيذها بالقارة السمراء العام الجارى، مشيرا إلى أنها تستهدف زيادة شراكاتها فى مشروعات الموانئ بإفريقيا، خاصة أن لديها حصصا فى 5 موانئ حاليا، ويشمل مجال العمل فى هذا السياق الحاويات.
مناقشات لتمويل مشروعات طرق وخطوط سكك حديدية والتعدين فى مواد صناعة بطاريات السيارات والأتوبيسات الكهربائية
كما تبحث المؤسسة مع دول إفريقية المساعدة فى توفير تمويلات لمشروعات إنشاء طرق وخطوط سكك حديدية، بجانب مجالات أخرى كالغاز والبترول، والذهب، والتعدين فى كل ما يدخل فى صناعة بطاريات السيارات والأتوبيسات الكهربائية كمعادل الكوبر والليثيوم.
وقال الرئيس التنفيذى لدى المؤسسة إن القارة الإفريقية غنية بإنتاج تلك المواد الأولية، ومن أبرز الدول المنتجة الكونغو وسيراليون، مؤكدا الاهتمام بمجال التكنولوجيا بعد أن بينت فترة تفشى الجائحة أهمية القطاع.
وأضاف أن المؤسسة لديها 3 مشروعات تنفذها فى جيبوتى وكوت دى فوار وكابو فيردي، كما تدرس مشروعا كبيرا للغاية لتخزين مواد بترولية بمنطقة شرق إفريقيا.
وأرجع رغبة المؤسسة للاستثمار فى هذا المجال ومساعدتها للشركات العاملة به، لعدم توفر التمويل الكافى المتاح له بجانب أهمية تلك المشاريع، خاصة لدول إفريقيا الحبيسة التى ليس لديها بترول وتحتاج نقله من موانئ الدول الأخرى إليها عبر سيارات تسير لآلاف الكيلومترات.
وأوضح أن المؤسسة تتعاون مع البنك الإفريقى للاستيراد والتصدير «أفريكسيم بنك»، ومؤسسات تمويلية أخرى وإحدى شركات اللقاحات، فى مشروع يتضمن توزيع تلك الشركة لقاحاتها فى الدول الإفريقية، وستكون مصر إحدى الدول المستفيدة، موضحا أن المؤسسة ستتولى تمويل الحكومات لشراء اللقاحات ثم التحصيل فى وقت لاحق، وذلك لخوف تلك الشركة من المخاطرة فى تلك المشروعات.
وألقى شنودة الضوء على مشروعات الهيدروجين الأخضر التى ازداد الحديث عن أهميتها فى الآونة الأخيرة، موضحا أنه من خلال فصل الهيدروجين من الماء أو الهواء يتحول لسائل يستعمل فيما بعد كوقود للسيارات، ويعتبر هذا المنتح أكثر نظافة من البترول.
وكشف عن محادثات المؤسسة مع وزارة الكهرباء والصندوق السيادى بخصوص اهتمامها بأى مشروع يتم تنفيذه فى مجال الهيدروجين الأخضر، لكن هذا القطاع ما زال فى بداية خطواته.
وفى سياق آخر، قال شنودة إن مؤشرات الاقتصاد المصرى ومن ضمنها معدل النمو تعتبر مبشرة، لافتا إلى آخر تقديرات صندوق النقد برفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى %5.6 العام الجارى، مؤكدا تفاؤله بمؤشرات الاقتصاد خلال الفترة المقبلة.
وكان صندوق النقد الدولى، قد رفع فى أحدث توقعاته معدل نمو الاقتصاد المصرى خلال عام 2022 إلى %5.6 مقابل %5.2 توقعها فى أكتوبر الماضى.
وتوقعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، أواخر نوفمبر الماضى تواصُل ارتفاع معدل النمو السنوى لمصر ليتراوح بين 5.5 إلى %5.7 بنهاية العام المالى الجارى، مدفوعا بالطفرة المُحققة فى معدلات النمو بالربع الأول، منوهة بأن مختلف الأنشطة الاقتصادية نجحت فى تحقيق معدلات نمو موجبة خلال الربع الأول من العام نفسه.
وأشار شنودة إلى أن التحديين اللذين يراهما سيواجهان الدول النامية الفترة المقبلة هما الضغوط الناتجة عن ارتفاع معدلات التضخم وتوليده ضغطا على العملة المحلية للبلدان.
وأوضح أن معدل التضخم فى العالم مرتفع حاليا حتى فى الاقتصادين الأمريكى والأوروبى، مشيراً إلى أنه عند زيادة هذا المعدل يجعل البلدان التى صافى وارداتها أكثر من صافى صادراتها تحتاج مزيدا من العملة الأجنبية الأمر الذى يخلق ضغط أكثر على عملتها.
مؤشرات الاقتصاد المحلي مبشرة.. وأزمة سلاسل الإمداد فرصة للتركيز على التصنيع والتصدير لأوروبا بدلا من الصين
وقال إن الأزمة الحالية التى يعانيها الاقتصاد العالمى بسبب سلاسل الإمداد ستخلق ضغطاً فى المدى القصير على الدول الإفريقية غير أنها تعد فرصة على المدى البعيد، لأنها جعلت مؤسسات تمويلية كمؤسسة التمويل الإفريقية تفكر فى أهمية التركيز على قطاع التصنيع فى إفريقيا وبيع المنتجات المصنعة لأوروبا بدلاً من تصدير المواد الأولية للصين التى تتولى تصنيعها وتصديرها لأوروبا.
وأضاف أنه على المدى القصير لن تستطيع الدول الإفريقية بناء تلك المصانع المستهدفة، ولكن لو ركزت الحكومات والمؤسسات التمويلية على مجال التصنيع سيحدث تحولاً فى تركيبة سلاسل الإمداد، إذ سيبدأ الإنتاج فى القارة السمراء ثم البيع مباشرة لأوروبا.
جدير بالذكر أن مؤسسة التمويل الأفريقية أعلنت فى سبتمبر 2021 انضمام مصر إليها لتصبح الدولة الأكثر كثافة سكانية فى شمال أفريقيا العضو الـ32 فى المؤسسة التى أشارت إلى أن ذلك يُفسح المجال أمام إمكانات استثمارية بقيمة مليار دولار أمريكى.
وقال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى بيان، إن الحكومة فى خِضَمّ مناقشات مع المؤسسة الأفريقية حول عدد من المشاريع، من بينها دعم تصنيع لقاحات «كوفيد-19»، والتعاون مع وزارة النقل والمواصلات لتمويل مشاريع القطار فائق السرعة وقطار «مونوريل القاهرة»، إضافة إلى التعاون مع صندوق مصر السيادى لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة، متطلعا إلى تنفيذ هذه المشاريع تماشيا مع رؤية مصر 2030.