قال محللون إنه من غير الواضح حتى الآن مدى التأثير الذى سيتعرض له الاقتصاد المصرى فى الأجل القريب جراء الموجات التضخمية التى تجتاح العالم.
وتوقع محللون فى تصريحات لـ«المال» أنه فى حال حدوث أى تسرب لموجة التضخم العالمى إلى الاقتصاد المصرى خلال العام المقبل، وبالتحديد خلال النصف الثانى من العام، عندئذ سيصبح احتمال رفع «المركزى» لأسعارالفائدة أمرا واردا، وبالتالى سيكون من المرجح ارتفاع تكاليف الإقراض
ورجحوا أن يحافظ البنك المركزى على أسعار الفائدة كما هى على الأقل خلال النصف الأول من 2022، لاسيما أن سعر الفائدة الحقيقى لايزال هو الأعلى على مستوى الأسواق الناشئة، وبالتالى سيكون من المستبعد حدوث تخارج للسيولة النقدية.
ويمثل معدل العائد الحقيقى الفرق بين مستويات التضخم الحالية وبين سعر كوريدور البنك المركزى أو سعر الفائدة الرسمى.
قال محمد أبو باشا، كبير محللى الاقتصاد الكلى بالمجموعة المالية هيرميس، إن التضخم العالمى بالقطع مؤثر على السوق المصرية، ولكن هذا التأثير يحدث بشكل تدريجى، متابعا: “لم يكن التعافى من تداعيات كورونا فى أغلب الأسواق الناشئة قويا كما أن حزم التحفيز كانت صغيرة نسبيا مقارنة بالدول المتقدمة والتى شهدت ارتفاعا فى معدلات التضخم”.
وأضاف: فضلا عن أن المنتجين فى الدول الناشة كانوا أكثر حرصا على عدم زيادة الأسعار دفعة واحدة أو بشكل سريع وإنما تمت بشكل تدريجى، وبالتالى لم تشهد الأسواق زيادة كبيرة فى الأسعار حتى الآن.
وتوقع أن يرتفع التضخم إلى مستوى %7 خلال العام المقبل مقابل نحو %6 حاليا، لكن يظل ضمن مستهدفات البنك المركزى، ومن المرجح أن يحافظ البنك المركزى على مستويات الفائدة خلال النصف الأول على الأقل، خاصة أن معدلات الفائدة الحقيقية فى مصر تظل هى الأعلى وبالتالى من المستبعد حدوث تخارج للسيولة النقدية.
وأضاف أنه من غير الواضح حتى الأن ما إذا كانت مستويات التضخم ستشهد مزيدا من الارتفاعات أم سيحدث استقرار لها خلال النصف الثانى من العام المقبل، وبالتالى سيتوقف قرار البنك المركزى بشأن أسعار الفائدة سواء بالرفع أو التثبيت على هذه الإشكالية، لكنه توقع أن يلجأ البنك المركزى إلى رفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس (%1) إذا تجاوزت مستويات التضخم نسبة %8.
وأكد أنه فى حال اتخاذ الاحتياطى الفيدارالى الأمريكى قرارا برفع أسعار الفائدة فإن هذا لا يعنى أنه بالضرورة أن يتخذ البنك المركزى المصرى قرار مباشرا برفع اسعار الفائدة لأن السعر الحقيقى فى مصر لايزال مرتفعا مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، وهو فى حدود %2.6.
وحافظ البنك المركزى المصرى على معدلات العائد خلال عام 2021 دون تغيير، لتبقى عند مستوى %8.25 للإيداع و%9.25 للإقراض.
وأوضح البنك المركزى المصرى أسباب قيامه بتثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض للمرة التاسعة على التوالى والثامنة خلال العام الجارى، وهى أن المعدل السنوى للتضخم العام انخفض فى الحضر إلى %5.6 فى نوفمبر 2021، من %6.3 فى أكتوبر 2021، و%6.6 فى سبتمبر 2021.
ووضع البنك المركزى مستهدفات لمستويات التضخم تبلغ %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022.
وقال محمد البيه، الخبير المصرفى، إن السلع والمنتجات فى مصر لم يحدث لها أى زيادات رهيبة كما حدث فى كثير من دول العالم وفى مقدمتها أسعار الغاز الطبيعى الذى حافظ على استقراره على عكس ما حدث فى الغالبية العظمى من الدول.
وأضاف فى تصريحات لـ«المال» أن البنوك المركزية عادة ما تلجأ لرفع أسعار الفائدة من أجل أمتصاص السيولة من السوق كنوع من ردة الفعل تجاة مستويات التضخم المرتفعة وهذا لم يحدث بالنسبة للسوق المصرية إذ أن معدلات التضخم مازالت ضمن مستهدفات البنك المركزى.
وأشار إلى أن البنك المركزى قد يلجأ إلى زيادة أسعارالفائدة خلال العام المقبل فى حال أن تتسرب الموجة التضخمية إلى الاقتصاد المصرى وبالتالى سيكون من الجائز ارتفاع تكاليف الإقراض.
وقال صبرى البندرى، رئيس قطاع الاستثمار ببنك فيصل الإسلامى، إن تحريك أسعار الفائدة أمرا سيكون مستبعدا على الأقل خلال النصف الأول من العام المقبل.
وأضاف أن البنك المركزى اتخذ عدد من القرارات المهمة من خلال تمديد مبادرة السياحة، ومد إعفاء العملاء من الرسوم والخدمات على عدد كبير من الخدمات المصرفية حتى يونيو 2022 وعلى رأسها إعفاء رسوم السحب من ماكينات الصراف الآلى وهذه القرارت تعطى مؤشرات بأن «المركزى» سيحافظ على مستويات أسعار الفائدة كما أنها قرارات تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين.
وقررمجلس إدارة البنك المركزى المصرى، مد سريان بعض القرارات التى سبق اتخاذها لمواجهة الجائحة، لفترة جديدة مدتها 6 أشهر اعتبارًا من 1 يناير وحتى 30 يونيو 2022.
وتتضمن القرارات التى تم مدها للفترة الجديدة الاستمرار فى إعفاء العملاء من كل المصروفات والعمولات الخاصة بخدمات التحويلات البنكية بالجنيه المصرى، وإصدار المحافظ الإلكترونية مجاناً، وإعفاء المواطنين من كل العمولات والرسوم الخاصة بعمليات التحويل بين حسابات الهاتف المحمول وعمليات التحويل بين أى حساب هاتف محمول وأى حساب مصرفى.
وكذلك إصدار البطاقات المدفوعة مقدما للمواطنين مجانا على أن تكون تلك البطاقات لاتلامسية «Contactless» حال بدء البنك فى إصدار هذا النوع من البطاقات، وإعفاء المواطنين من كل الرسوم والعمولات الخاصة بعمليات السحب النقدى، على أن يتحمل البنك المصدر للبطاقة تلك الرسوم والعمولات، ولا يتضمن ذلك عوائد البطاقات الائتمانية.
كما وافق البنك المركزى على مد فترة سريان مبادرة دعم قطاع السياحة لمدة عام إضافى لتنتهى بنهاية ديسمبر 2022 يتم خلالها قبول أى طلبات تأجيل لاستحقاقات البنوك لمدة حدها الأقصى 3 سنوات، ومد فترة سريان مبادرة قروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة لمدة عام.