على الرغم من انتشار مصطلح «SPACs» على الساحة العالمية، فإنه نموذج حديث الظهور فى السوق المصرية بعدما أقرته الهيئة العامة للرقابة المالية وصولاً لإصدار الضوابط الخاصة به مؤخرًا.
وفى ظل حداثة هذا الأمر، حاولت «المال» رصد آراء الخبراء حول الغرض من تأسيس هذه النوعية من الشركات، وما فرص النجاح والتحديات أمامها، وهل قيدها فى البورصة المصرية سيخلق نوعًا من الرواج، وستكون السوق قادرة على استيعابها أم لا؟
جدير بالإشارة أن الشركة ذات غرض الاستحواذ (SPECIAL PURPOSE ACQUISITION COMPANY«SPAC») تعرف بأنها شركة يتم تأسيسها والترخيص لها كشركة رأس مال مخاطر، من مستثمرين مؤهلين متخصصين، وتكون ذات غرض وحيد هو الاستحواذ على شركة أخرى أو أكثر كشركات مستهدفة، وتقوم بتوفير التمويل اللازم لذلك من خلال طرح زيادة رأس مالها فى اكتتاب عام وطرح خاص، ووضعه فى الحساب البنكى لحصيلة الاكتتاب -وهو حساب خاص- يتم فتحه لدى أحد البنوك المرخص لها من البنك المركزى المصرى، ويتم الاحتفاظ فيه بكامل رأس مال الشركة ذات غرض الاستحواذ بما فى ذلك حصيلة الاكتتاب التى يتم تغطيتها من خلال الاكتتاب العام والطرح الخاص.
وأكد الخبراء انتشار هذه النوعية من الشركات فى العديد من الأسواق الخارجية وعلى رأسها السوق الأمريكية بأحجام وصلت حوالى 100 مليار دولار تم جمعها لهذا الغرض على مستوى العالم خلال الربع الأول من 2021.
ولفتوا إلى أن نجاح هذه النوعية من الشركات مرتبط بالسمعة الجيدة للإدارة وهو العامل الرئيسى لنجاحها، موضحين أن تقييم نجاح التجربة على الصعيد المحلى يلزمه عدة سنوات.
وأصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية مؤخرًا ضوابط تأسيس (SPAC)بحيث لا يقل رأس المال المصدر والمدفوع للشركة عن عشرة ملايين جنيه، يتم سداده من المؤسسين مع الالتزام بزيادة رأسمالها خلال شهر من تاريخ تسجيلها لدى الهيئة عن طريق الاكتتاب العام أو الطرح الخاص بناء على الخطة الاستثمارية للاستحواذ على الشركات المستهدفة، ثم يعاد تشكيل مجلس إدارتها وفقا لقرار من الجمعية العامة بعد إتمام إجراءات زيادة رأس المال وينتخب العضو المنتدب من بين المؤسسين وتسرى عليه شروط الخبرة المحددة بالقرارات التنفيذية الصادرة عن الهيئة بشأن شركات الاستثمار المباشر.
شريف سامى: خروج عن المألوف للطرح.. واحتمالات الخسارة واردة
بدايةً، قال شريف سامى رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى والرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، إن الشركات ذات الغرض الخاص للاستحواذ (SPAC ) والتى بدأت فى الظهور على استحياء منذ عدة أعوام ولكن طفت على السطح ولفتت الأنظار خلال السنتين الأخيرتين على الصعيد العالمى، تعد خروجا عن الطريق المألوف لطرح شركة فى البورصة.
وأوضح أن تلك الصيغة المستحدثة تعتمد على تجميع الأموال من المكتتبين فى شركة مقيدة يكون غرضها بعد ذلك الاستحواذ على الشركة مستهدفة.
وتوقع أن تحقق (SPAC ) أرباحا مجزية بصورتها الحالية أو بعد إعادة هيكلتها خاصة فى ظل التوقعات بقدرتها على تحقيق معدلات نمو متسارع، على أن يتم بعد ذلك دمج الكيانين لتصبح الشركة المستحوذ عليها مقيدة فى البورصة.
وأضاف أن الإشكالية فيما يتعلق بـ(SPAC ) تكمن فى عدم معرفة المستثمر المكتتب بالكيان الذى سيتم الاستحواذ عليه، وقد يكون دخوله فى ضوء تقييمه لسمعة القائمين بالإدارة فى مجال الاستثمار وسابقة أعمالهم.
ولفت إلى أن تحليل مستندات تأسيس تلك الشركات وحقوق مؤسسيها بين أنه فى الكثير من الأحيان يقوم المؤسسون بالتخارج السريع وتحقيق منافع على حساب باقى المساهمين المكتتبين.
ونوه إلى أن التحليلات المنشورة تفيد بأن نسبة تزيد عن 50% من طروحات الشركات ذات الغرض الخاص للاستحواذ منذ بداية عام 2020 وحتى الآن لم تحقق أرباحا لمساهميها، فى مقابل نسبة أقل حققت عوائد مجزية جداً.
وتابع «سامى»: وبالتالى يمكن اعتبار الاكتتاب فى (SPAC) مثلها مثل الاكتتاب فى أى طرح جديد، يحتمل الربح أو الخسارة حسب نموذج الأعمال والتسعير وظروف السوق.
وأوضح أنه لحداثة هذه الصيغة على الصعيد المحلى، سيتطلب الأمر مرور عدد من السنوات قبل إمكان تقييم التجربة بصورة موضوعية.
ورجح أن تتدخل جهات الرقابة على أسواق المال بصورة أكبر فى تنظيم جمع الأموال والترويج لتلك الكيانات، بما يحقق إفصاح أكبر وتوازن أكثر عدالة فى العلاقة بين المؤسسين المروجين وبين المستثمرين الذين يتم استقطابهم ومن ذلك تأجيل تخارج المؤسسين وأيضا شفافية أكبر بشأن ما يتمتعون به من مميزات.
ولفت إلى أنه قد يتم تعزيز الاشتراطات المطلوب توافرها فى المؤسسين من حيث الخبرة فى مجالات الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، إذ تلاحظ أن بعض المشاهير فى مجالات الرياضة والفن يروجون لفرص استثمارية من خلال «شركات ذات غرض خاص للاستحواذ» يرعونها اعتمادا على شهرتهم والتى قد لا تمتد إلى مجالات الإدارة والاستثمار والهيكلة والتمويل.
من جانب آخر أكد “سامى” أن السوق المصرية تضم حاليًا العديد من الآليات الأخرى التى قد تحُقق نفس الهدف من «الشركات ذات الغرض الخاص للاستثمار» ومنها صناديق الاستثمار المباشر والتى يمكن قيدها فى البورصة.
واقترح أنه يمكن الخروج من الصيغة المركبة الخاصة بشركات “spac” بالتنسيق بين “الرقابة المالية” والهيئة العامة للاستثمار والسجل التجارى، وهى الجهات المعنية بتأسيس الشركات وزيادة رؤوس أموالها والموافقة على طرح أسهمها، للوصول إلى صيغة تتيح إنهاء الإجراءات خلال يومين عمل أو ثلاثة أيام وليس أسابيع كما نرى الآن.
وأشار إلى أن ذلك سيسهل أيضًا تقدم الشركات لطرح جزء من أسهمها فى السوق مباشرة.
تجدر الإشارة إلى أن «الرقابة المالية» أجرت مؤخرًا تعديلاً على قواعد قيد وشطب الأوراق المالية فى البورصة المصرية بإصدار القرار رقم 172 لعام 2021 باستحداث مادة تسمح بقيد أسهم الشركات ذات غرض الاستحواذ (SPAC) وعدم سريان بنود تقديم القوائم المالية لسنتين ماليتين سابقتين على طلب القيد، وأى تعهدات بألا تقل نسبة احتفاظ المساهمين الرئيسيين عن %51 من الأسهم المملوكة لهم فى رأس مال شركة سباك (SPAC)، واشتراط ألا تقل نسبة صافى الربح فى آخر سنة مالية سابقة على طلب القيد عن %5 من رأس المال، وانتهاء بالاحتفاظ بأسهم الخزينة لمدة ثلاثة أشهر.
ووفقًا للقرار فيجب أن تكون الشركة المستهدف الاستحواذ عليها مستوفاة لقواعد القيد فى البورصة، ما لم تكن من الشركات الناشئة التى تعمل فى مجال التكنولوجيا، والابتكارات، والتقنيات الرقمية فيتم استثناؤها من أحكام بعض بنود قواعد قيد وشطب الأوراق المالية فى البورصة.
هانى توفيق: الإدارة الجيدة أساس نجاح التجربة.. و100 مليار دولار تم تجميعها بالربع الأول من 2021 لهذا الغرض
من جانبه، قال الدكتور هانى توفيق خبير سوق المال، إن الشركات ذات غرض الاستحواذ المعروفة باسم “SPAC” هى نموذج متواجد ومنتشر بكثرة على المستوى العالمى منذ عدة سنوات وليست حديثة النشأة.
ولفت إلى أن تأسيس تلك النوعية من الشركات بغرض الاستحواذ ارتفع خلال الربع الأول من العام الجارى على مستوى العالم ووصل حوالى 100 مليار دولار تم جمعها لهذا الغرض.
وأشار إلى أن ما يميز هذه النوعية أنها تؤسس من البداية ويكون معروفا غرض تأسيسها والنشاط الذى سيوجه له الاستثمار، إلى جانب إمكانية طرحها للعامة للاكتتاب بها.
وأكد أن أهم مقومات نجاح تلك النوعية من الشركات فى السوق المحلية هى سمعة الإدارة ومدى الخبرة، وهو ما سيمثل عامل أمان للمستثمر الراغب فى الدخول فى شركات SPAC.
وبشكل عام، قال إن التطور الكبير الذى شهدته هذه النوعية من الشركات فى الخارج خلال السنوات الأخيرة فرض نفسه لتواجد «SPAC» على الساحة المحلية، لافتا إلى أن المستثمرين فى انتظار وضع الضوابط العامة لها من جانب الجهات الرقابية.
وتابع إن مقومات نجاح الشركات بغرض الاستحواذ «SPAC» مرتبط بشكل أساسى فى الإدارة الجيدة وما تملكه من خبرة ونجاحات سابقة، إلى جانب القطاع الذى تعمل به الشركة محل الاستحواذ.
وتوقع الدكتور هانى توفيق أن تأسيس «SPAC» بغرض الاستحواذ على كيانات فى قطاع المدفوعات الإلكترونية أو التكنولوجيا المالية بشكل عام أن يحقق نجاحات كبيرة وسيشهد إقبالا مبالغا فيه، نتيجة الرغبة المتزايدة والمستمرة للمتعاملين للاستثمار فى هذه النوعية من الشركات.
واعتبر تداول شركات “SPAC” فى البورصة هو أمر جيد، كما أن السوق قادرة على استيعاب أى منها ولكن قبول المستثمرين لها من عدمه مرتبط بعدة عوامل تتعلق بنظرتهم لها وتجارب نجاح أى منها.
وتوقع بشكل عام إقبالا جيدا على تأسيس هذه النوعية خلال الفترة المقبلة عقب إرساء القواعد العامة.
كريم هلال: تداول «SPAC» محلياً سيبرز عوامل ضعف سوق الأسهم
من جانبه، قال كريم هلال المدير الإقليمى لمجموعة «كوليرز إنترناشيونال»، إن شركات “SPAC” ذات غرض الاستحواذ متواجدة فى السوق الأمريكية منذ أكثر من 3 سنوات.
ولفت إلى أن غرض «SPAC» متمثل فى أن يقوم أحد المستثمرين أو مجموعة بمحاولة جمع أموال من آخرين للاستحواذ على كيانات أخرى عاملة فى السوق، مما يجعلها بمثابة محفظة مالية.
وأضاف أن وضع سوق الأسهم المحلية خلال الفترة الحالية، قد يثير التساؤل أو التخوف جراء هذه النوعية من الشركات، إلى جانب إمكانية البحث عن أى من العوامل التى تمثل مقومات نجاح لها.
وأوضح أن الأسواق الخارجية التى ظهرت بها نوعية شركات «SPAC» تتسم بالعمق، وارتفاع معدلات السيولة بها، وهو جانب تفتقده السوق المصرية خلال الوقت الراهن.
وأشار إلى أن الأمر ينقصه مزيد من التفاصيل، موضحا أن الجهات المختصة لابد أن تبرز المستهدف من إطلاق هذا النموذج من الشركات وما أهم مميزات وما الضوابط الخاصة به، وما الإضافة المنتظرة، بما يجعل المستثمر قادر على تكوين وجهة نظر حقيقية.
ولفت «هلال» إلى أن تداول هذه النوعية فى البورصة المصرية، سيبرز عوامل الضعف التى تعانيها السوق، وبالتالى فإن الجانب الأهم هو أن يتم خلق سوق أسهم محلية تتسم بالعمق وتوافر السيولة ومن ثم البحث فى طرح مشتقات وأدوات أخرى.
وأضاف أن تعميق السوق يتطلب زيادة وعى المتعاملين المالى بما يدفع للنظر للبورصة المصرية بأنها أحد أهم الأوعية الادخارية على الساحة، إلى جانب تشجيع الشركات للقيد لتعويض الكيانات الكبيرة التى تخارجت سابقًا.
أنور زيدان: المستثمرون حاليًا فى مرحلة دراسة التجربة وتوقعات بمعدلات نمو متسارعة خلال الفترة المقبلة
وأشاد أنور زيدان الشريك والمؤسس ورئيس قطاع أسواق المال فى مكتب ذو الفقار للاستشارات القانونية، بمساعى الجهات الرقابية بغرض إتاحة هذا النوع من الشركات فى السوق المصرية، خاصة أنها أثبتت نجاحا كبيرا فى بعض الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن «SPAC» هى أداة من أدوات التمويل المنتشرة بكثرة على مستوى العالم، وتواجدها على الساحة المحلية هو أمر إيجابى بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن فرص وأدوات جديدة للاستثمار.
ولفت إلى أن الحكم على نجاح التجربة وتقييم القرارات التنظيمية الأخيرة التى أقرتها «الرقابة المالية»، مرهون ببدء تواجد وتأسيس هذه الشركات بشكل فعلى على الساحة، لمعرفة مدى الحاجة لوجود ضوابط أكثر صرامة أو تعديل الحالية من عدمه.
وقال إن المستثمرين حاليًا فى مرحلة الدراسة لنموذج الشركات تلك ومحاولة البحث فى التجارة الخارجية للتأكد من جدواها، ومن ثم اتخاذ خطوات جادة للتأسيس، متوقعًا أن تشهد معدلات نمو متسارعة خلال الفترات المقبلة.
وأكد أن هذه الشركات ستعمل على تنشيط وتقوية وضع البورصة المصرية وزيادة معدلات التداول، خاصة إذ تم قيد الشركات المستحوذ عليها فى السوق، لافتًا إلى أن سوق الأسهم قادرة على استيعاب مزيد من الكيانات الجديدة للقيد بأى أحجام.
ووفقًا لضوابط “الرقابة المالية” الصادرة مؤخرًا فإن غرض شركة سباك (SPAC) يقتصر على الاستحواذ على نسب ملكية فى كيانات أو شركات خلال سنتين من تاريخ إتمام زيادة رأس المال عن طريق الطرح-عبر ثلاثة بدائل إما الاستحواذ بنسبة %100 على رأس المال أو حقوق التصويت ويتبعها الاندماج فى الشركة، أو الاستحواذ على نسبة مسيطرة من رأس المال أو حقوق التصويت تجاوز النسبة اللازمة لاتخاذ قرار الاندماج، أو الاستحواذ على نسبة تمثل أغلبية مطلقة من رأس المال أو حقوق التصويت.
ولفت «زيدان» إلى أن المكتب كان قد تلقى بالفعل رغبات مبدئية من شركتين بمجال الاستثمارات المالة لتأسيس شركات (SPAC) وحاليًا يدرسان ضوابط التأسيس الصادرة مؤخرًا.
عمرو الألفى: ستخلق منصة لتداول الكيانات الناشئة.. والاستثمار الخاطئ أهم التخوفات
وقال عمرو الألفى رئيس قسم البحوث فى شركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية”، إن تواجد “SPAC” فى مصر هو مواكبة للأسواق الخارجية.
وتوقع نمو عمليات الاندماج والاستحواذ خلال الفترة المقبلة بدعم من تواجد شركات “SPAC” فى السوق المصرية، وخاصة فى قطاع التكنولوجيا المالية.
ولفت إلى أن وجود شركات «SPAC» ممكن تستخدم كمنصة لتجميع عدد من الشركات والتداول فى البورصة بشكل غير مباشر من خلال الشركة الأم ذاتها.
وأوضح، أن ذلك سيساعد شريحة الشركات الناشئة على القيد فى البورصة المصرية بشكل غير مباشر من خلال شSPAC» وهو ما سيحررها من ضوابط القيد الخاصة بمعدلات الأرباح.
وأضاف أن التخوف يتمثل فى أن «SPAC» هى بمثابة شركات شيكات على بياض، إذ يقوم المستثمر بتسليم أمواله لآخر على أمل ضخها فى شركة ما واعدة وتحقيق عوائد مالية.
وتابع إن الاستثمار الخاطئ سيخلق مشكلات لا حصر لها، إلى جانب التخوف من المضاربة على أسهم «SPAC» فى البورصة المصرية.
وبشكل عام لفت إلى أن التفاصيل المتعلقة بالشركات لا تزال مبهمة حتى الوقت الحالى وبالتالى فإن الحكم على التجربة بشكل كامل أمر سابق لأوانه.å