حالة من الارتباك تعيشها السوق العقارية خلال الفترة الأخيرة بسبب الزيادات المتلاحقة لأسعار مواد البناء، والتى سجل بعضها ارتفاعا وصل إلى %51 فى ظل حالة التضخم التى يعيشها العالم.
مطورون: شركات المقاولات ستتأثر بشكل كبير وعليها مراجعة المشروعات الجديدة وفقا للمستجدات
واعتبر عدد من المعنيين أن الزيادات الأخيرة سيكون لها تأثير على عدد كبير من شركات المقاولات، خاصة تلك التى وقعت على مشروعات قبل حدوث الارتفاعات، مؤكدين فى الوقت ذاته أن زيادة أسعار مواد البناء سيكون لها تأثير على أسعار الوحدات السكنية خلال الربع الأول من العام المقبل 2022.
قال المهندس أشرف عز الدين العضو المنتدب لمجموعة الفطيم العقارية، إن ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة الحديد، سيكون له تأثير فى الوقت الحالى على شركات المقاولات، خاصة تلك التى تعاقدت على تنفيذ مشروعات.
وأضاف عز الدين فى تصريحات لـ«المال»، أن شركات التطوير العقارى لن تتأثر بشكل كبير خاصة خلال الوقت الراهن، خاصة وأن مشروعاتها التى يتم تنفيذها وقعت بشأنها عقود مع شركات المقاولات.
وأكد على ضرورة قيام شركات المقاولات بدراسة السوق خلال الفترة القادمة لتفادى أى خسائر من التعاقدات على مشروعات جديدة، مشيرا إلى أن المطور يبحث عن الأسعار التى تناسبه، وهذا لا يعنى أن تكاليف الإنشاءات وأسعار الوحدات ستظل كما هى.
وتوقع عز الدين استمرار ارتفاع أسعار النقل والشحن، حيث تضاعفت 3 مرات مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا، مضيفا أن هناك ارتفاعا وانخفاضا فى أسعار مواد البناء لكن المحصلة النهائية ستكون ذات تأثير قوى.
وحول امكانية تأثير زيادة الأسعار على عمليات البيع، قال إنه لا يمكن أن يحدث ركود فى السوق العقارية بسبب ارتفاع أسعار البناء، خاصة وأن الزيادة السنوية فى أسعار العقار تتراوح بين %12 إلى %15.
وتوقع حدوث هدوء فى حركة المبيعات خلال الفترة المقبلة، لكن السوق ستعاود نشاطها من جديد، مشيرا إلى أن الفترة التى شهدت ذروة موجة فيروس كورونا أثرت على العالم بالكامل، إلا أن سوق العقارات المصرية اكتسبت ثقة المستثمرين بعد أن تم اعتبارها الملاذ الأمن لعمليات الاستثمار وهو ما ظهر فى تقارير المبيعات المحققة مطلع العام المنصرم مقارنة بالعالم الحالى.
من جانبه توقع وائل زين شريك مؤسس والرئيس التنفيذى لشركة «CMD Developments» استمرار ارتفاع أسعار مواد البناء ،على المستويين العالمى والمحلى، استجابة لموجة التضخم التى بدأت قبل نحو شهر، وسط توقعات بأن تطال تلك الزيادة أسعار الوحدات السكنية فى المستقبل القريب بنحو %20.
وقال إن موجة التضخم التى تصيب العالم حاليا ناتجة عن الغلق الذى طال بلدان العالم لفترات طويلة إثر جائحة كورونا وتوقف عجلة الانتاج وتزايد الطلب على المنتجات.
وأضاف زين أن زيادة أسعار مواد البناء كالحديد والأسمنت ستؤثر على أسعار الوحدات السكنية التى يتم طرحها خلال الفترات المقبلة، لكنه لا يتوقع أن ينعكس ذلك على الأسعار فى الوقت الحالى.
وأكد، أن الأسعار الحالية تم تحديدها بناء على أسعار التكلفة المتوقعة والتى تأخذ فى اعتبارها الزيادات التضخمية المتوقعة، وهو ما يعنى ارتفاع أسعار الوحدات فى المشروعات القائمة وزيادات تدريجية فى المراحل الجديدة للمشروعات أو المشروعات الجديدة.
وتوقع زين أن ترتفع أسعار العقارات خلال العام المقبل بوتيرة قد تصل إلى %20 بشكل تدريجى، نتيجة زيادة التكلفة، إضافة إلى ارتفاع الطلب خاصة فى المشروعات الواقعة فى المدن القريبة من العاصمة الإدارية والمدن الساحلية.
وأكد أن الشركات قد تلجأ لمد فترة السداد بدلا من رفع قيمة القسط الذى سينتج عن ارتفاع أسعار الوحدات، مشيرا إلى أن الشركات لن تتمكن من رفع قيمة القسط لأنها ستصبح غير مناسبة للعملاء، لذلك قد تلجأ لتثبيت القسط مع فترة سداد أطول، كطريقة لجذب المشترى، وليس مهلة سداد بقدر أن تكون الفترة كافية لاستيعاب سعر الوحدة على أقساط أكثر.
وشجع زين راغبى شراء العقار والوحدات السكنية الى سرعة الشراء حاليا فى ظل تزايد موجة التضخم خلال الفترة المقبلة وبالتالى زيادة الأسعار فرغم حالة التضخم الحالية الا أن تأجيل فكرة الشراء يعنى تزايد سعر العقار مستقبلا نتيجةً للتضخم وارتفاع سعره.
وقال الدكتور عربى سعودى رئيس مجلس إدارة شركة ابيك جلوبال للمقاولات العامة، إن جميع العاملين بمجال المقاولات يتفهمون أسباب زيادة أسعار المواد خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن الأزمة ليست محلية فقط، بل يعيشها أغلب دول العالم.
وأرجع سعودى أسباب الزيادة فى الأسعار لارتفاع أسعار المواد البترولية ووجود بعض المشاكل فى عمليات الشحن للمواد الخام.
وناشد بضرورة توافر التمويل وتفعيل المبادرات التى طرحتها الدولة لتوفير تمويل لشركات المقاولات وكذلك شركات التطوير العقارى بفائدة منخفضة، مما يُحدث حركة فى البيع والشراء وصولاً إلى التوازن المطلوب بين قدرات المشترى وقيمة المنتج الحالية.
ودعا سعودى إلى ضرورة تسهيل اجراءات الحصول على قروض التمويل وعدم التقيد بإجراءات وأوراق كثيرة، خاصة وأن هذه الزيادات ستتأثر بها شركات المقاولات بشكل كبير فى ظل إبرام عقود على مشروعات بأسعار أقل.
وكشف تقرير رسمى صادر عن الإدارة المركزية للاحتياجات ومواد البناء، التابعة لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن ارتفاع أسعار مواد البناء والتشطيب فى نهاية شهر سبتمبر، مقارنة بالشهور الماضية، حيث تراوحت الزيادات من %13 إلى %51 بينما شهدت مواد بناء أخرى استقرارا فى الأسعار خلال 2021.
وسجل سعر طن الحديد خلال سبتمبر 2021 نحو 14500 جنيه، بمعدل زيادة فى السعر بلغ %51 عن سبتمبر 2020، حيث سجل العام الماضى 9600 جنيه.
وقال ياسين منصور رئيس مجلس إدارة شركة بالم هيلز للتعمير، إن الفترة المقبلة ستشهد زيادة فى أسعار العقارات بنسب متوسطة تصل إلى%10 نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء، لافًتا إلى أن سعر الحديد وصل إلى 16 ألف جنيه حاليا وكل زيادة 1000 جنيه فى طن الحديد تقابلها زيادة 80 جنيها فى سعر المتر، كما أن زيادة 100 جنيه فى طن الأسمنت تقابلها أيضًا 25 جنيها زيادة فى سعر المتر.
ورجح زيادة الطلب على شراء العقارات خلال الفترة الحالية والمقبلة بشكل كبير، لأن العقارات هى أكثر الوسائل الاستثمارية لمحاربة التضخم، وأن السوق العقارية المصرية «قوية جداً وصحية» بسبب الزيادة السكانية الكبيرة التى تخلق طلبا حقيقيا على العقار.