دخلت شركات تصنيع الشيبسى على خط إعلان أسعار التوريد لتعاقداتها مبكرًا، أسوة بوزارة التموين التى اتخذت ذات النهج عبر إعلان سعرها لشراء القمح أيضًا لضمان استحواذها على كميات مناسبة من المحصول بعد ارتفاع أسعار الطن عالميا.
ويعد البطاطس والقمح والبرسيم من المحاصيل المتنافسة خلال فصل الشتاء، إذ يتم زراعتها فى نفس التوقيت بما يضيف حيرة لعدد كبير من المزارعين فى الاختيار فيما بينها، وكان من المتوقع أن تتم التعاقدات خلال الموسم الجارى فى شهر ديسمبر ويناير المقبلين.
وعلمت «المال» من مصادر مطلعة أن شركات إنتاج البطاطس الشيبسى أبرمت تعاقداتها للموسم المحصولى للبطاطس، وحددت 3500 جنيه للطن فى الموسم الصيفى، وهو الموسم الذى يتم حصاده فى مايو المقبل، وتجرى زراعته قبل نهاية العام الجارى نتيجة انصراف الكثير من المزارعين صوب محصول القمح بعد قرار وزارة التموين بتسعير الإردب بـ 820 جنيهًا بما يحقق عائدا كبيرا للمزارع على اعتبار أن متوسط إنتاجية الفدان تلامس ما بين 18 إلى 20 إردبا.
يشار إلى أن أسعار تعاقدات البطاطس بين شركات إنتاج الشيبسى والمزارعين سجلت الموسم الماضى 2800 جنيه للطن.
وأكد محمد محمود، مستثمر زراعى وأحد المصدرين من البحيرة، أن هناك تخوفا لدى عدد من المزارعين من الإقبال الجنونى على زراعة البطاطس بعد إعلان التسعير مبكرا هذا العام، لاسيما مع قرار وزارة الزراعة باستيراد 181 ألف طن تقاوى بطاطس من أوروبا على الرغم من أن احتياجات الزراعة المصرية من المحصول لا تتطلب أكثر من 110 آلاف طن فقط.
وأضاف أنه رغم توقيع العقود بين المزارع والشركات فإن السعر خارج التعاقد مؤثر؛ لأنه وفقًا للمعطيات الحالية فهو مرشح لأن ينخفض الطن الحر إلى 1500 جنيه، وبالتالى تملك الشركات المنتجة للشيبسى اليد الطولى فى رفض بعض الكميات أو زيادة نسبة الخصم بما يخفض من عوائد التعاقد.
من جانبه، أكد محمد فرج، عضو جمعية منتجى البطاطس، أن تكلفة زراعة البطاطس للموسم المقبل تدور حول 45 ألفا إلى 50 ألف جنيه، منها 18 ألفا للتقاوى فقط، فضلًا عن 5000 جنيه تسميد، والباقى يُصرف على المكافحة وغيرها من المعاملات الزراعية.
وأضاف أن الكثير من المزارعين سوف يتجهون لزراعة القمح، نظرًا لارتفاع عوائده، وتراجع تكاليفه، مقارنة مع محصول البطاطس، مشيرا إلى أن سعر البطاطس العام الحالى «مخادع»، نظرًا لقيام المزارعين بجمع المحصول فى المنيا مبكرًا، إذ تتراجع الإنتاجية فى بعض الأفدنة إلى 4 أطنان، لأن المزارع يعتمد على تقاوى كسر المحلى فى الموسم الخريفى الذى يجمع حاليا.
ويبلغ سعر كيلو البطاطس الجديدة “المنيا” 9.5 جنيه، والبطاطس الثلاجة 9 جنيهات فى سوق التجزئة.
وطبقا لـ«فرج» تعد البطاطس من المحاصيل الشرهة والحساسة للسماد، إذ إن نقصه يدمر المحصول، وتبلغ تكلفة التسميد %40 من تكلفة الإنتاج، مشيرا إلى أن أزمة السماد الحالية المتمثلة فى ندرة السماد النيتروجينى وتضاعف سعره عدة مرات سوف تُلقى بظلالها على مساحة البطاطس المرتقبة.
ويتطلب فدان البطاطس ما بين 7 إلى 10 شكائر أسمدة، بينما يتم زراعتها فى الفترة من ديسمبر المقبل والحصاد فى يناير 2022، كما يتم استيراد التقاوى الخاصة بها من مناشئ أوروبية بأسعار من 18 ألفا إلى 35 ألف جنيه للطن، ويحتاج الفدان لطن تقاوى.
وتوقع “فرج” أن تتراجع مساحة البطاطس بنسبة %35العام المقبل لتدور حول 360 ألف فدان مقابل 400 ألف العام الحالى، إذ سيتجه المزارعون لتقليص المساحات، نظرا لارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج ومصروفات الزراعة لاسيما الأسمدة وخلافه.
ولفت إلى أن أزمة الأسمدة مرشحة للتصاعد مع دخول فترة الصقيع فى أوروبا وارتفاع سعر الغاز، إذ هناك توقف لبعض المصانع عن إنتاج الأسمدة.
وارتفع السماد بنسبة كبيرة خلال الفترة الماضية ليقفز طن النترات إلى 8000 جنيه مقابل 4500 العام الماضى، فى المناطق القريبة من المصانع، ووصل طن اليوريا فى الصعيد إلى 10000 جنيه.
من جانبه، أكد محمد محمود، مستثمر زراعى بوادى النطرون، أن إعلان شركات الشيبسى تسعير الطن بـ 3500 جنيه للمزارع غير كاف، خاصة أن هذه النوعية من الزراعات تنتج كمية أقل من المحصول تصل إلى 12 طنا مقابل 20 فى الأصناف الأخرى.
جمعية المنتجين: منافسة القمح وأزمة الأسمدة تقلصان المساحات وتشعلان المنافسة
وأضاف أن ارتفاع أسعار الأسمدة ستدفع مزارعى البطاطس للتفكير فى تقليل المساحات هذا العام أو حتى الامتناع تمامًا عن زراعة البطاطس والتحول لزراعة القمح الأسهل إنتاجا وتسويقا.
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى تخوف الفلاح من تكرار كارثة عام 2020 عندما تم استيراد كمية تقاوى زيادة عن احتياجات السوق المحلية والخارجية بلغت 135 ألف طن ؛ فانهار السعر فى الحقل وفى الثلاجات وتركها أصحابها دون مقابل، وهو الأمر الذى تم تداركه من جانب السوق عام 2021عندما تم تقليل الكمية إلى 109 آلاف طن فربح الفلاح والمستورد ربحا مقبولا، وكذلك المستهلك لم يعانِ لأن السعر كان عادلا للجميع.
وأكد مصدر فى إحدى شركات إنتاج الشيبسى أن تحديد سعر التعاقد بتم بموجب دراسات مستفيضة لمدة شهور، مشيرا إلى أن السعر مناسب وأعلى من السوق الحرة.
وأضاف أن مصانع الشيبسى من مصلحتها استدامة التعاقدات بأسعار ترضى الطرفين، خاصة أن التصنيع يحتاج إلى أصناف معينة يتم زراعتها ومتابعتها بصفة دورية من المصانع للرقابة على مراحل الزراعة.