يغتنم بعض المشرعين في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفاع أسعار الطاقة لإحياء مشروع قانون قديم، من شأنه أن يخضع منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” لنفس قوانين مكافحة الاحتكار المستخدمة منذ أكثر من قرن لكسر احتكار “ستاندرد أويل” (Standard Oil).
وسيسمح قانون “عدم وجود كارتلات لإنتاج وتصدير النفط” – المعروف باسم ” نوبك” (NOPEC) – للحكومة الأمريكية بمقاضاة أعضاء أوبك بدعوى التلاعب بسوق الطاقة، وربما السعي للحصول على تعويضات بمليارات الدولارات.
يواجه مشروع القانون خلافات صعبة وسط مخاوف بشأن التداعيات الدبلوماسية التي دفعت وزارة الخارجية لمعارضته في الماضي، لكن اللجنة القضائية في مجلس النواب الأمريكي وافقت على طرحه عبر تصويت شفوي في أبريل.
ويجذب مشروع القانون مؤيدين من مختلف الأطياف السياسية في مجلس الشيوخ، من الجمهوري المحافظ في ولاية آيوا تشاك غراسلي، إلى الديمقراطي الليبرالي من ولاية فيرمونت باتريك ليهي، لم يتم تحديد موعد لإجراء تصويت، ليهي قال في مقابلة أمس الأربعاء: “تحدثنا مع عدد من الأعضاء حول مشروع نوبك، موضحاً أنه يعتزم مناقشة مشروع القانون أمام مجلس الشيوخ.
أوبك لم تحدد الأسعار منذ الثمانينيات
في حين أن أوبك لم تحدد الأسعار منذ الثمانينيات، يوافق أعضاؤها بشكل دوري على زيادة الإنتاج أو خفضه، يمكن أن يكون لمشروع القانون عواقب واسعة النطاق.
بوب مكنالي، رئيس مجموعة “رابيدان إنرجي غروب” (Rapidan Energy Group) الاستشارية والمسؤول السابق في البيت الأبيض قال: “نطلق على (نوبك) وصف سلاح نووي لما له من تأثير هائل، تتراوح السبل في قانون نوبك من إقرار عقوبة صغيرة إلى الاستيلاء على جميع الأصول”، مضيفاً “أعتقد أنه لو طالب الرئيس بإقراره، سيتم تمرير القانون”.
لم يبد الرئيس الأمريكي جو بايدن رأيه في مشروع القانون، لكنه حث يوم الأربعاء لجنة التجارة الفيدرالية على التحقيق في سلوك غير قانوني محتمل بأسواق البنزين الأمريكية، في رسالة إلى رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان، أعرب بايدن عن قلقه بشأن الاختلاف بين أسعار الوقود في المحطات وتكلفة الوقود بالجملة، مستشهداً بما قال إنه “دليل متزايد على السلوك المعادي للمستهلك من جانب شركات النفط والغاز”.
لم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق على ما إذا كان بايدن يدعم مشروع قانون “نوبك” أم لا.
انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار
شارك بايدن، بصفته عضواً في مجلس الشيوخ خلال عام 2000، في توقيع خطاب يدعو إلى اتخاذ إجراءات قانونية وقضائية ضد أوبك، واصفاً سلوك المنظمة بأنه ينتهك قوانين مكافحة الاحتكار الأمريكية.
في عام 2007، شارك بايدن في تأييد نسخة من مشروع قانون نوبك.
بدا نائب وزير الطاقة الأمريكي ديفيد تورك رافضاً للفكرة في مقابلة مع “بلومبرج نيوز” في وقت سابق من نوفمبر، قائلا إن الإدارة “تبحث في النطاق الكامل” بشأن الخيارات لخفض أسعار البنزين وأنواع الوقود الأخرى.
تم تقديم قانون نوبك عدة مرات على مدار العقدين الماضيين مع ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة – وأقره مجلسا الكونغرس في عام 2007، ليموت أو يتراجع وسط تهديد باستخدام حق النقض من جانب الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.
في الشهر الماضي، كتب غراسلي إلى المدعي العام ميريك جارلاند مستشهداً بارتفاع أسعار البنزين، قائلاً إن نوبك “يتمتع بدعم ساحق من الحزبين والمجلسين”، في إشارة إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وكذلك غرفتي الكونجرس.
جراسلي أضاف أمس الأربعاء في مقابلة: “من المؤكد أنه يحظى بالدعم، ليس هناك شك في أن أوبك تنتهك قوانين مكافحة الاحتكار لدينا”.
معارضة مشروع القانون
أضاف جراسلي أن معارضة وزارة الخارجية لمشروع القانون جعلته “عبئاً ثقيلاً في الماضي”.
رداً على سؤال حول احتمال طرح مشروع القانون للتصويت، قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إنها تركز على تمرير مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي الذي اقترحه بايدن. “نركز على ما نقوم به الآن”، وفقاً لـ بيلوسي.
بموجب التشريع، ستكون وزارة العدل الأمريكية قادرة على رفع دعاوى قضائية ضد أعضاء منظمات النفط لانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار.
حتى لو لم تتصرف وزارة العدل مطلقاً وفقاً لسلطتها في رفع الدعاوى، فقد يكون مجرد وجود هذا الخيار كافياً لإجبار المنظمة أو الكارتل على تغيير سلوكه.
شارك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر في تأييد أو رعاية النسخة الأصلية في عام 2000، رغم أن مكتبه رفض التعليق على دعمه خلال 2021.
في تصويت متأرجح حاسم بمجلس الشيوخ، أيد النائب الديموقراطي عن ولاية ويست فرجينيا جو مانشين، نسخة عام 2011، قائلاً في قاعة مجلس الشيوخ “لم يعد بإمكاننا السماح لبلادنا وعائلاتنا العاملة بجد أن تكون رهينة أسعار الغاز المرتفعة”.
لم يرد مكتبه على سؤال حول آرائه حول التشريع الحالي.
في مجلس النواب، تم تمرير التشريع الذي قدمه النائب الجمهوري ستيف شابوت من ولاية أوهايو وبدعم من النائب جيرولد نادلر، وهو ديمقراطي من نيويورك يرأس اللجنة القضائية في مجلس النواب، في ظل القليل من المعارضة.
معارضة القانون
عارض معهد البترول الأمريكي، رابطة تجارية لصناعة النفط، وغرفة التجارة الأمريكية بشدة مشروع القانون في الماضي.
كيفن بوك، العضو المنتدب لشركة الأبحاث “كلير فيو إنرجي بارتنرز” ( ClearView Energy Partners) قال: “قد تكون النتيجة وجود تخمة من النفط.. سيؤدي إلى انهيار سعر النفط هنا في الولايات المتحدة”.
جيفري كوبفر، المسؤول السابق بوزارة الطاقة الأمريكية في إدارة بوش في الفترة من 2006 إلى 2008، قال إن الحديث عن السيطرة على أوبك يبدو أنه “يعاود الظهور كلما ارتفعت أسعار البنزين”، لكنه “يظل رد فعل غير مثمر”.
“سيؤدي ذلك إلى مزيد من التقلبات في سوق النفط، وانخفاض مستويات الاستثمار، ونشوب نزاعات تجارية، وفي النهاية ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلك الأمريكي”، وفقاً لكوبفر.