استطاع أكبر 1000 بنك فى أنحاء العالم أن يواجهوا بقوة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا منذ بداية العام الماضى وحتى الآن لدرجة كأنهم أضافوا 12.7 % إلى معامل كفاية رأس المال ليصل الإجمالى لهذه البنوك أكثر من 9.9 تريليون دولار مسجلا أعلى مستوى فى تاريخها كما زادت جملة أصولها بما يقرب من %16 لتتجاوز 148.6 تريليون دولار وكذلك الودائع بما يزيد عن %17 لتصل إلى 93.9 تريليون دولار.
ونشرت مجلة «ذا بانكر» البريطانية فى أحدث تقرير لها الصادر مؤخرا أن القطاع البنكى تميز بالمرونة أثناء الأزمة الصحية الحالية على عكس ما كان عليه أثناء الأزمة المالية العالمية 2007/ 2009 حيث تمكن أكبر 1000 بنك على مستوى العالم من زيادة المخصصات اللازمة لتغطية خسائر القروض (أو الاحتياطى المجنب لتغطية الديون المعدومة) بحوالى 25.8 % لترتفع إلى 1.7 تريليون دولار لتصبح أكبر من الزيادة فى دفاتر القروض مجتمعة والتى بلغت %11.4.
القروض البنكية لدعم الاقتصاد أثناء الأزمة الصحية
وقدمت البنوك العديد من المنتجات والخدمات وحققت أهدافا لدعم الاقتصاد أثناء الأزمة الصحية ومنها الحفاظ على أرصدة الودائع ومنح القروض للعملاء والشركات وإدارة ثرواتها والمساعدة باحتياطيها الأجنبى واستثماراتها، ولعبت دورا حيويا فى مساندة الاقتصاد العالمى أثناء الوباء بتوفير خطوط ائتمانية مستمرة للشركات وأرباب البيوت ومنحت رؤوس أموال طارئة للشركات الصغيرة ومدت آجال استحقاق الديون للشركات الكبرى وأعادت تمويل قروض الأفراد وساعدت الممولين ورجال الأعمال لتعزيز التعافى الاقتصادى الذى سيدوم سنوات طويلة قادمة.
وحققت البنوك فى 16 دولة أرباحا قبل خصم الضرائب برغم تحديات الظروف الاقتصادية أثناء وباء كورونا ولكن معظم دول العالم سجلت انخفاضا فى هذه الأرباح وتراجعت أرباح أكبر 1000 بنك بحوالى 19.2 % ولكن هذه النسبة أقل بكثير من هبوطها فى عام 2009 عندما هوت بأكثر من %85.
الصين قاطرة النمو للقطاع البنكى
واستمرت الصين تمثل قاطرة النمو للقطاع البنكى العالمى بقدرة بنوكها على زيادة إجمالى قيمة معامل كفاية رأس المال لها وجملة أصولها بأكثر من %18.6 و%18.4 على التوالى لتتفوق قيمة كفاية رأس المال فى 144 بنك صينى فى قائمة الألف بنك والبالغة 2.96 تريليون دولار عن مثيلتها الأمريكية فى 178 بنك فى القائمة والبالغة 1.58 تريليون دولار.
وحققت البنوك الصينية فى القائمة أرباحا بنسبة %5.2 هذا العام بالمقارنة بالعام الماضى بينما تراجعت أرباح البنوك الأمريكية بنسبة 31.5 % وكذلك بنوك غرب أوروبا بأكثر من %41.8 خلال نفس الفترة كما تصدرت أكبر أربعة بنوك صينية : بنك الصين الصناعى والتجارى وبنك الصين للإنشاءات وبنك الصين الزراعى وبنك أوف تشاينا ، قائمة الألف بنك التى نشرتها مجلة «ذا بانكر» مع تسجيلها نمو فى خانة العشرات فى معامل كفاية رأس المال وتفوقت على نظيرتها الأمريكية (JP مورجان ووبنك أوف أمريكا وسيتى جروب وويلز فارجو).
ترتيب مناطق العالم بالعائد على رأس المال
واشتمل تقرير ذا بانكرز على قائمة بترتيب مناطق العالم من حيث العائد على رأس المال فى بنوكها والتى تصدرتها مظقة وسط آسيا بأكثر من %20 وبعدها منطقة البحر الكاريبى بما يزيد عن %15 ثم أمريكا الجنوبية بحوالى %12.2 وفى المركز الخامس أمريكا الوسطى بنسبة %11.2.
احتلت المركز السادس قارة أفريقيا بما يتجاوز %11 ويليها منطقة وسط وشرق أوروبا بما يقر ب من %10.7 ثم بنوك أمريكا الشمالية بأكثر من %9.7 وبعدها آسيا الباسيفيك بحوالى %8.7 ومنطقة الشرق الأوسط بنسبة 7.9 % وأخيرا دول أوروبا بأقل نسبة توقفت عند %3.1.
تحديات خطيرة فى عام الوباء
وأكد جوى ماكنايت رئيس تحرير مجلة ذا بانكر أن صناعة البنوك العالمية واجهت تحديات خطيرة أثناء عام الوباء ولكنها فى نفس الوقت كانت بصفة عامة أكثر مرونة حاليا مما كانت عليه فى أى أزمة أخرى ولكن البنوك الصينية واصلت تفوقها على البنوك الأمريكية بزيادة أصولها وأرباحها.
وواجهت دول غرب أوروبا عاما آخر من ضعف النمو الاقتصادى وأدى انخفاض أسعار الفائدة إلى هبوط الأرباح فى كبرى البنوك الأوروبية لدرجة أن أكبر عشرة بنوك أوروبية انتقلت من الربح إلى الخسارة خلال فترة الوباء وانكمشت الأرباح قبل خصم الضرائب فى أكبر اقتصادات غرب أوروبا بأكثر من %43.7 فى ألمانيا و75.7 % فى إيطاليا و47.67 فى هولندا وبنسبة أقل بلغت %11.6 فى فرنسا.
ولكن البنوك فى منطقة آسيا الباسيفيك حققت أرباحا بلغت أكثر من %55 من إجمالى أرباح البنوك العالمية هذا العام ارتفاعا من %43.5 خلال عام الوباء وكانت المنطقة الوحيدة التى ارزادات حصتها من الأرباح.
ICBC الأكبر فى العالم
وجاء بنك الصين الصناعى التجارى ICBC الذى تأسس عام 1984كأكبر بنك فى العالم من ناحية الأصول التى بلغ إجماليها 3.47 تريليون دولار حتى نهاية 30 سبتمبر من هذا العام بفضل تركيز أنشطته على الصناعة والطاقة والنقل والمواصلات وتجارة التجزئة التى تحقق إيرادات هائلة بفضل السوق الاستهلاكية الضخمة فى الصين وكذلك اتجاهها للتصدير لمعظم دول العالم المتقدم والنامى.
وجاء بنك الصين للإنشاءات فى المركز الثانى فى قائمة «ذا بانكر» حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام، حيث يقدم خدمات مالية لمئات الملايين من الأفراد وللشركات الضخمة التى تملكها حكومة بكين كما يعمل فى أكثر من 30 دولة ومنطقة حول العالم منها الولايات المتحدة الأمريكية.
وظهر فى المركز الثالث على العالم بنك BNP الفرنسى الذى تأسس منذ عام 1848 والذى تبلغ أصوله أكثر من 2.19 تريليون دولار مع انتشار فروعه فى 75 دولة مما جعله من أكبر البنوك العالمية كما بات منذ عام 2009 صاحب أكبر ودائع بنكية بين دول منطقة اليورو حيث يعتمد معظم إيراداته على تعاملات التجزئة والعملاء الذين يشكلون ما يزيد عن %75 من دخله.
واحتل بنك الصين الزراعى المركز الرابع بأصول تقترتب من 3.6 تريليون دولار من خلال تقديم خدمات مالية وأدوات للأفراد والشركات فى داخل الصين ولمعظم دول العالم ويعمل فى مجالات أذون الخزانة وإدارة الثروات ولاسيما فى هونج كونج وسنغافورة المشهورتين بأنشطة لرجال الأعمال والأثرياء من أنحاء العالم، وبعده بنك أوف تشاينا الذى يعمل فى 57 دولة ومنطقة حول العالم ويقدم خدمات للأسواق المالية والأفراد والشركات خصوصا فى نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس منذ 1981 ليصبح أكبر وأقدم بنك صينى يعمل فى الولايات المتحدة.
أول بنك يابانى
وضمت قائمة ذا بنكر ميتسوبيشى UFJ فاينانشيال جروب كأول بنك يابانى الذى جاء فى المركز السادس على العالم بأصول تتجاوز 2.6 تريليون دولار ويقدم خدمات مالية واستثمارية محلية وعلى مستوى العالم وإدارة أصول للأفراد والشركات رغم أنه تأسس منذ عام 2005 فى العاصمة طوكيو وبعده بنك HSBC البريطانى الذى يعمل فى 64 دولة ومنطقة ويبلغ عدد عملائه حوالى 40 مليون شخصا ويقدم خدمات شخصية وتجارية ووإدارة ثروات وخدمات وأدوات مالية للشركات والحكومات ومؤسسات أخرى.
ومن الغريب أن الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد فى العالم لم يحتل من بنوكها فى المراكز الأولى إلا بنك JP مورجان كأكبر بنك أمريكى الذى ظهر فى المركز الثامن بأصول حوالى 2.5 تريليون دولار، رغم أن خبراء البنوك يصفونه بأنه «أكبر من أن يفشل» بفضل خدماته المتنوعة التى يقدمها ومنها إدارة الأصول والخدمات المالية والاستثمارية والخاصة والتجارية وأذون الخزانة وغيرها من الخدمات المالية للشركات والأفراد فى أكثر من 100 دولة .
أوف أمريكا «أكبر من أن يفشل»
ويصف خبراء البنوك أيضا بنك أوف أمريكا بأنه أكبر من أن يفشل باعتباره ثانى أكبر بنك أمريكى ولكنه التاسع على العالم بأصول تقترب من 2.2 تريليون دولار ويشمل عملاؤه 199 من أكبر 500 شركة أمريكية تضمها «مجلة فورتشن 500» لأكبر الشركات فى الولايات المتحدة كما بات أكبر مدير ثروات فى العالم بعد أن اشترى ميريل لينش فى عام 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية.
وتضمنت قائمة «ذا بانكر» كريدى أجريكول كأول بنك فرنسى الذى يحتل المركز العاشر على العالم بأصول تتجاوز 2.1 تريليون دولار، ويضم أغلب عملائه أفراد يبلغ عددهم 51 مليون شخص من 47 دولة، وبعده البنك الأمريكى «ويلز فارجو» الذى تأسس منذ عام 1853 وتبلغ أصوله أكثر من 1.9 تريليون دولار ولديه أكثر من 9 آلاف فرع داخل المدن الأمريكية وحدها .
أكبر 10 مصارف مركزية
أعلن معهد الثروات السيادية أن أصول أكبر عشرة بنوك مركزية على مستوى العالم زادت حتى نهاية الربع الثالث من العام الجارى أكثر من 31 تريليون دولار بقيادة مجلس الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكي) من حيث الأصول بحوالى 8.2 تريليون دولار وبعده بنك أوف جابان بما يزيد عن 6.5 تريليون دولار ثم بنك أوف تشاينا بحوالى 5.1 تريليون دولار.
وتصدر البنك المركزى الألمانى بنوك أوروبا بأصول تبلغ 3.1 تريليون دولار ولكنه الرابع على العالم وبعده بنك فرنسا المركزى بأكثر من 2.1 تريليون دولار ويليه فى المركز السادس البنك المركزى الإيطالى بحوالى ـ1.6 تريليون دولار.
وجاء بنك أوف إنجلاند فى المركز السابع بأصول تتجاوز 1.3 تريليون دولارويليه البنك المركزى الإسبانى بما يقرب من 1.14 تريليون دولار، وبنك سويسرا المركزى بأكثر من 1.13 تريليون دولار وأخيرا فى المركز العاشر البنك المركزى البرازيلى بأصول تقارب 721 مليار دولار.
ومن ناحية أخرى أعلن مجلس الاحتياطى الفدرالى أنه يستعد للبدء فى خفض مشتريات السندات الشهرية البالغة 120 مليار دولار فى أقرب وقت، ربما الشهر المقبل، برغم ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا لتصل فى الفترة الأخيرة ذروتها قبل أن تبدأ فى التراجع ولكن التحسن الواضح فى سوق العمل منذ نهاية العام الماضى ونمو اقتصاد الولايات المتحدة بوتيرة «طفيفة إلى معتدلة» فى سبتمبر ومطلع أكتوبر يساعد على هذا الخفض.
ويتوقع المجلس نمو النشاط الاقتصادى على المدى القريب بصورة إيجابية غير أن بعض المناطق الأمريكية، لاحظت زيادة الشكوك والمزيد من التفاؤل الحذر خلال الفترة المقبلة مقارنة بالأشهر السابقة ولكن معدل التوظيف زاد نسبيا رغم تراجع نمو العمالة بسبب انخفاض المعروض من العمال .
ظلت معدلات التضخم أعلى بكثير من هدف مجلس الاحتياطى الفدرالى البالغ %2 خلال الأشهر العديدة الماضية، لكن صانعى السياسة النقدية يركزون على العوامل المحركة لهذه الزيادات وما إذا كانت ستتراجع، مثلما يتوقع معظمهم، فى العام المقبل ويرى الخبراء أنه إذا لم يحدث ذلك فقد يتعين على الفدرالى البدء فى رفع أسعار الفائدة فى وقت أقرب مما هو مفترض على نطاق واسع مع تزايد الضغوط على الأسعار الناجمة من الاختناقات فى سلاسل التوريد على مستوى العالم.