رجح محللون وخبراء بنوك استثمار فى حديثهم لـ«المال» أن يحافظ البنك المركزى المصرى على سياساته التحفيزية، على أن يكون خيار تثبيت أسعار الفائدة هو الأقرب خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المزمع انعقاده 28 أكتوبر المقبل.
وفى الوقت التى تسيطر فيه مخاوف الأسواق العالمية من استمرار موجة صعود مستويات التضخم، يظل مردودها غير مؤثر بالقدر الكبير على قرار البنك المركزى، وبالتالى سيكون من المستبعد تحريك أسعار الفائدة، خاصة أن معدلات التضخم تظل ضمن مستهدفات البنك المركزى، وفقًا للمحللين.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى، فى آخر اجتماع لها، الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة «الكوريدور»، وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 8.25 و%9.25 على الترتيب، للمرة السابعة على التوالى، والإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند %8.75.
وينص قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 على أن استقرار الأسعار هو الهدف الرئيسى للسياسة النقدية الذى يتقدم على غيره من الأهداف، ويلتزم البنك المركزى – فى المدى المتوسط – بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تسهم فى بناء الثقة، وبالتالى خلق البيئة المناسبة لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادى.
وأعلن الجهاز المركزى للتعبة العامة والإحصاء فى مصر عن ارتفاع معدل التضخم السنوى بنسبة %8 لشهر سبتمبر 2021، مقابل %3.3 لنفس الشهر من العام السابق.
وأضاف الجهاز أن معدل التضخم السنوى لأسعار المستهلكين فى المدن المصرية ارتفع إلى %6.6 فى سبتمبر من %5.7 فى أغسطس.
ويستهدف البنك المركزى، تحقيق معدل التضخم عند %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022، واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وارتفع التضخم الأساسى بمصر إلى %4.8 فى سبتمبر على أساس سنوى، من %4.5 فى شهر أغسطس، بحسب بيانات للبنك المركزى.
ويستهدف البنك المركزى، تحقيق معدل التضخم عند %7 (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
كما أعلن البنك المركزى عن ارتفاع المعدل السنوى للتضخم الأساسى إلى %4.8 فى سبتمبر الماضى مقابل %4.5 فى أغسطس الماضى، ووصل «الشهري» إلى %0.4 فى سبتمبر الماضى مقابل معدل سالب بلغ %0.3 فى أغسطس الماضى.
وقال البنك المركزى فى تعليقه الأسبوعى على الأسواق العالمية إن أسعار النفط وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، بعد اجتماع منظمة أوبك، بعد أن اتفقوا على التمسك بسياستهم الحالية المتمثلة فى الزيادات الشهرية التدريجية فى إنتاج النفط، ما أثار مخاوف التضخم.
وعلى الصعيد المالى، أقر مجلس الشيوخ الأمريكى زيادة قصيرة الأجل فى سقف الديون لتجنب التخلف عن السداد على المدى القريب.
وارتفعت أسعار النفط بنسبة %3.92 بعد أن أنهت تداولات الأسبوع عند 82.4 دولار للبرميل، لتصل بذلك إلى أعلى مستوياتها فى عدة سنوات على مدار الأسبوع، إذ أكدت (أوبك +) فى اجتماعها يوم الاثنين أنها ستلتزم بسياستها الحالية للزيادة التدريجية الشهرية فى إنتاج النفط، ويؤكد هذا القرار ارتفاع انتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميًا كل شهر حتى أبريل 2022 على الأقل.
رضوى السويفى: لن يتم زيادتها إلا للضرورة القصوى
قالت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة لـ«المال»، إن لجنة السياسة النقدية ستبقى على أسعار العائد على الجنيه، ولن يلجأ البنك المركزى إلى رفع الفائدة خلال العام الجارى، ولن يحدث التحريك إلا للضرورة القصوى
وأضافت أن الحالات التى يمكن أن تدفع «المركزى» لرفع العائد على الجنيه، تتضمن خروج استثمارات الأجانب من المحافظ المالية بصورة كبيرة، أو وجود ضغوط كبيرة على سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، أو صعود التضخم عن المستهدفات التى وضعها المركزى.
وأكدت «رضوى» أن ارتفاع التضخم المحلى كان صعودًا موسميًا، بسبب زيادة أسعار الخضراوات، بعد أن شهد التضخم العام الخاص بالحضر والريف صعودًا ملحوظًا، فيما شهد التضخم الأساسى تحركًا خفيفًا.
وتوقعت أنه مع بدء العام الدراسى سيواصل التضخم صعوده، إلا أن سنة الأساس تخدم تلك الأرقام، وبالتالى سيغلق التضخم العام الحالى على مستهدفات المركزى بين 5 إلى %9.
وقالت «رضوى» إنه لا داعى للقلق من ارتفاع أسعار السلع العالمية، فزيادة التضخم محليًا جاء نتيجة ارتفاع تكلفة مدخلات الانتاج محليًا وعالميًا، ما يدفع المُصنع إلى تمرير تلك الزيادة فى السعر إلى المستهلك.
وأكدت أنه لا توجد علاقة مباشرة فى السوق المصرية بارتفاع متوسطات أسعار الفائدة أدوات الدين الحكومية فى الفترة الأخيرة، بأسعار الفائدة على الجنيه، فكل منهما مستقل عن الآخر.
وصعدت متوسطات العائد على أدوات الدين الحكومية بصورة جماعية خلال عطاء البنك المركزى الأخير، ليسجل مؤشر «ALMAL «IR أعلى مستوى له منذ نهاية أغسطس الماضى.
وفى عطاء وزارة المالية صعد مؤشر ««ALMAL IR ، بواقع 0.131 نقطة مئوية، ليصل إلى مستوى %12.825 خلال الأسبوع الماضى، مقارنة مع %12.694 بالأسبوع السابق له.
وارتفع لأول مرة منذ 5 أسابيع متوسط الفائدة على أذون 91 يومًا، بواقع 0.081%، ليسجل %12.337 مقارنة مع %12.256 فى العطاء قبل الأخير، تزامنًا مع تزايد إقبال المستثمرين على طرح المالية الأخير، ليصل معدل التغطية إلى 3.19 مرة، مقارنة مع 2.92 مرة تقريبا الأسبوع قبل الماضى.
وأظهرت التعاملات فى سوق الدين بالعطاء الأخير تقدم المتعاملين الرئيسيين للاكتتاب فى أذون أجل 91 يومًا، بقيمة 12.746 مليار جنيه، وقبلت «المالية» 9.341 مليار.
محمد أبو باشا: الارتفاع فى مصر لأسباب محلية
وقال محمد أبو باشا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلى فى المجموعة المالية “هيرميس” لـ«المال»، إن الزيادة فى معدلات التضخم تركزت فى سبتمبر الماضى، بشكل رئيسى نتيجة ارتفاع أسعار الخضراوات، إضافة لارتفاع تكلفة الإنتاج المحلى، وأنها ليست انعكاسًا للصعود العالمى فى الأسعار بالفترة الأخيرة، بينما الزيادة فى أسعار السلع غير الغذائية طفيفة للغاية، لذلك من المتوقع تثبيت المركزى لأسعار العائد على الجنيه.
وأضاف “أبو باشا” أن تحجيم التضخم هو المتحكم الأول فى أسعار الفائدة على الجنيه، والذى تضعه لجنة السياسة النقدية نصب أعينها، ورغم الزيادات الطفيفة فى الأونة الأخيرة فما زال التضخم فى حدود المستهدف الخاص بالمركزى.
منصف مرسى: معدلات التضخم لن تتخطى مستهدفات المركزى حتى نهاية العام
أما منصف مرسى، الرئيس المشارك لقطاع البحوث لدى سى آى كابيتالـ فقال إن معدلات التضخم شهدت زيادة ملحوظة محليًا وعالميًا خلال الأونة الأخيرة.
وتوقع أن تستمر تلك الزيادة حتى ديسمبر المقبل، إلا أن تلك المعدلات لن تخرج عن مستهدفات البنك المركزي؛ لذلك فإن المؤشرات الراهنة تشير إلى أن المركزى فى طريقه لإبقاء العائد على الجنيه.
وتابع “مرسي”: أنه فيما يخص جاذبية عوائد أدوات الدين الحكومية المحلية، فإن مصر تعد فى طليعة الدول فى معدلات الفائدة الحقيقى على أذون وسندات الخزانة، لاسيما أن المركزى يمكنه رفع أو خفض متوسط الفائدة على أدوات الدين الحكومية دون اللجوء لتحريك سعر العائد على الجنيه.
وتراجع الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر بنحو %30.6 خلال العام المالى الماضى، حيث سجل صافى تدفق الاستثمار للداخل 5.2 مليار دولار مقابل نحو 7.5 مليار دولار خلال 2020/2019، وذلك نتيجة القيود والمخاوف التى فرضتها أزمة كورونا، بحسب بيانات للبنك المركزى.
وارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القطاعات غير البترولية بمقدار 70.2 مليون دولار خلال العام المالى -2020 2021، ليصل صافى الاستثمارات المتدفقة للداخل إلى 6.4 مليار دولار، بمعدل نمو %1.1.
وتراجع صافى التدفقات الواردة لزيادة رؤوس أموال الشركات القائمة بـ 259.6 مليون دولار لتقتصر على 1.2 مليار دولار، إلى جانب تراجع حصيلة بيع شركات وأصول غير إنتاجية لغير المقيمين بـ89.2 مليون دولار لتسجل 54.5 مليون دولار.
وزادت صافى الأصول الأجنبية بنحو 6.34 مليار جنيه، لتسجل 234.767 مليار نهاية سبتمبر الماضى، مقابل 228.422 مليار نهاية أغسطس السابق عليه.
ويُحسب صافى الأصول الأجنبية من خلال خصم التزامات القطاع المصرفى تجاه غير المقيمين من إجمالى الأصول بالعملة الأجنبية، ويعبر التغیر فى هذا البند عن صافى معاملات الجهاز المصرفى (بما فیه البنك المركزي) مع العالم الخارجى، خلال فترة زمنية محددة.
وعلى صعيد إدارة السيولة، ربط البنك المركزى المصرى ودائع بقيمة 137.25مليار جنيه خلال الأسبوع الماضى.