عقد المركز القومى لبحوث الإسكان والبناء ندوة إطلاق النسخة العربية من النظام المصرى لتقييم المباني الخضراء والمعروف باسم نظام الهرم الأخضر المصرى لتقييم الاستدامة للمبانى الجديدة والمعاد تأهيلها.
التحول إلى المباني الخضراء ليست عملية معقدة
وقال المركز، إن التحول إلى المباني الخضراء ليست عملية معقدة أو مكلفة وتحقق جودة الحياه لمستخدمي المبنى وتوفر استهلاك الطاقة والمياه والموارد الطبيعية،
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تتزايد القوانين والسياسات على مستوى مصر والعالم والتي تحد من استخدام المنتجات كثيفة استهلاك الطاقة، أو المتسببة في انبعاثات ضارة بالبيئة، أو تتسبب في وجود مخلفات خطرة.
وأوضح أن صناعة التشييد والبناء والصناعات المغذية تمثل لها أحد أكبر مصادر الانبعاثات الضارة بالبيئة في انتاج مواد مثل الأسمنت والمستخدم بكثافة في جميع المنشأت.
وأضاف: “كما تؤدى التصميمات التقليدية للمبانى إلى استهلاك كميات كبيرة من الطاقة والمياه والموارد الطبيعية ، لذلك يمثل أسلوب المباني الخضراء التوجه العالمى للتغلب على هذه التحديات”.
البناء الأخضر المستدام أصبح اتجاها ومفهوما عالميا
ومن جهته، أكد الدكتور خالد الذهبى، رئيس مجلس إدارة المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء، من خلال الندوة ، أن البناء الأخضر المستدام أصبح اتجاها ومفهوما عالميا لتصميم وتنفيذ وتشغيل المباني والمدن ،بما يساهم في ترشيد استهلاك المواد والطاقة والمياه ، ويوفر مناخا مثاليا لمستخدمي المبنى من خلال تحقيق الراحة الحرارية والبصرية والسمعية، كما يساهم في تحقيق مكاسب اقتصادية نتيجة تخفيض تكاليف التشغيل والصيانة.
وأشار الذهبى، إلى أن البناء الأخضر يحقق استفادة متكاملة للدولة والمجتمع والبيئة
وتمثل النسخة العربية من نظام التقييم خطوة إيجابية لتفعيل وتطبيق النظام في مصر وتسهيل فهم المتطلبات الخاصة بالبناء الأخضر للجهات الحكومية القائمة على المشاريع ، والمكاتب الاستشارية الهندسية والمطورين العقاريين وشركات انتاج مواد وأنظمة البناء ومالكى العقارات.
وقدم خبراء إعداد النظام عرضا مفصلا لجميع المتطلبات والاشتراطات المرتبطة بالإستدامة وتشمل موقع المشروع، تحقيق كفاءة استهلاك الطاقة وتطبيقات الطاقة المتجددة ، وسائل وآليات ترشيد استخدام المياه، اختيار المواد والموارد ، تحقيق جودة المناخ الداخلي للمبنى، نظم الإدارة في مراحل التصميم والتنفيذ وتشغيل المبنى ، تحفيز الابتكار والقيمة المضافة.
وشاركت العديد من الشركات المحلية والدولية في الندوة ، وقدمت الشركات عروضا للتطبيقات الخاصة بالبناء الأخضر ، والتي بدأ تطبيقها في مصر في العاصمة الإدارية والعلمين والعديد من المواقع وتشمل التصميمات المعمارية المتوافقة مع البيئة.
وتعمل على تحقيق التهوية الطبيعية وتطبيقات نظم البناء الخفيفة والعازلة للحرارة والتي تعد بديلا عمليا للمنشئات الخرسانية التقليدية.
كما تم عرض المواد الحديثة والزجاج المستخدم في واجهات المباني والتي تسمح بتوفير الإضاءة الطبيعية وتقلل من دخول الحرارة للمبنى ،ومواد التشطيبات الصديقة للبيئة ،
كما عرض الخبراء المشاركون في الندوة نماذج من الخبرات الأوروبية في السياسات والقوانين التي تساهم في الحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة تمهيدا لتقديم مقترحات لأنظمة مماثلة في مصر.
دور وزارة التخطيط
ولفت الدكتور طارق عطية، منسق الندوة، إلى أن وزارة التخطيط قد وجهت جميع قطاعات الدولة بتحقيق أسس “التعافى الأخضر” في جميع المشاريع الحكومية من خلال اصدار أول دليل لمعايير تحقيق الاستدامة البيئية في قطاعات الصناعة والطاقة والنقل والإسكان وغيرها من القطاعات الاقتصادية ،
ويتضمن الدليل المعايير العامة لتحقق الاستدامة البيئية ومؤشرات الأداء والأكواد الهندسية التي تساهم في دمج معايير الاستدامة البيئية في الخطة التنموية للدولة بدءا من العام المالي الحالي 2021/22، وفق عطية.
وتتوجه مؤسسات التمويل الدولية إلى اشتراط تطبيق مفاهيم البناء الأخضر كأحد شروط تمويل المشاريع الكبرى.
وأوضح عطية، أن ظهور أول إطار رسمي لتطبيق معايير البناء الأخضر في مصر بدأ في عام ٢٠١٠ حيث قام مركز بحوث الإسكان والبناء بإصدار أول نظام هندسي لتقييم استدامة المباني في مصر والمعروف باسم “نظام الهرم الأخضر لتقييم استدامة المباني (GPRS)”، وهو مناظر للأنظمة والأكواد العالمية مثل نظام الليد الأمريكي (LEED) أو بريم (BREEAM) الأوروبى أو نظام إيدج (EDGE) التابع للبنك الدولى.
وتابع: “وجود اختلافات طفيفة بين أنظمة تقييم استدامة المباني حول العالم لتتناسب مع الظروف المناخية وأولويات الحفاظ على الموارد الطبيعية خصوصا المياه والطاقة”، حيث يعد تطبيق نظام تقييم للاستدامة تم اعداده في أمريكا على المباني المصرية اخلالا بأولويات الحفاظ على الموارد من المنظور الوطني؛
وأكد أن نظام الهرم الأخضر المصري هو الأجدر بالتطبيق من منظور علمي واقتصادي وبيئية مع ضرورة تحديث النظام بصورة مستمرة، لمواكبة التقدم التكنولوجي والأخذ بنتائج وتوصيات البحث العلمى وخبرات التطبيق.
وشدد منسق الندوة، أنه على الرغم من توجه الدولة للبناء الأخضر في مصر إلا أنه ما زال اختياريا، حيث لا توجد قرارات ملزمة بتطبيق معايير محددة للبناء الأخضر سواء في المشاريع الحكومية أو الخاصة، باستثناء دراسات تقييم الأثر البيئي الملزمة لبعض المشروعات والتى يقتصر الهدف منها على حماية البيئة من الآثار المحتملة السلبية الناتجة عن تشغيل او إنشاء المشروع ،
ويؤدى عدم الإلزام بتطبيق معايير البناء الأخضر والحديث لعطية، إلى تأخير حدوث تقدم سريع يلاحق التقدم العالمى في البناء الأخضر ، وبجانب مع قلة الوعى بأهمية حساب تكلفة دورة الحياه للمبانى والتركيز فقط على التكلفة الأولية للتشييد، مما ينعكس سلبا على جودة الحياة ويسرع من استنفاذ الموارد الطبيعية.
وأضاف، أن العائد للدولة والمواطن من البناء الأخضر ضخم جداً ويتمثل في الحفاظ على مواردنا من مواد وطاقة ومياه خصوصا على المدى الزمنى البعيد “5 الى 10 سنوات” من عمر المبنى ، بالإضافة الى تأثيره الايجابى على جودة الحياة التي تنعكس على إنتاجية الفرد وصحته البدنية والنفسية ،
بينما تمثل نظم البناء التقليدية تغليب المصلحة المادية للمالك على المدى القريب دون اعتبار لمصالح مستخدمي المبنى أو المجتمع ككل أو الأجيال القادمة، وفق عطية.
وأكد أن مصر جاذبة للاستثمار في مجالات البناء والتشييد سواء في المشاريع التجارية او الصناعية أو السياحية أو السكنية؛ مشيرا إلى أن حركة التعمير في مصر في المدن الجديدة والتجمعات السكانية تفوق أعلي المعدلات على مستوى دول شمال إفريقيا والدول العربية.
وأضاف : “تمثل هذه المعدلات المرتفعة للنمو في قطاع التشييد فرصة واعدة لتطبيق معايير البناء الأخضر؛ حيث تتصدر مصر الدول في محيطها الأقليمى في معدلات البناء والتشييد مما يستلزم تطبيق معايير الاستدامة والاقتصاد الأخضر الواردة في رؤية مصر ٢٠٣٠ على جميع المشاريع التنموية”.
وبحسب ما دار في الندوة، فإن الهدف من تطبيق مفهوم البناء الأخضر المستدام هو توجيه للاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية من مواد بناء ومياه وطاقة في جميع مراحل اختيار الموقع والتصميم المعمارى والهندسى
وأشار أن الأبنية الخضراء توفر بيئة أفضل لجودة الحياه التي يستمتع بها الإنسان وتؤثر ايجابيا على أداءه والصحة الجسدية والنفسية نتيجة
وتابع: يتم من خلال الأبنية الخضراء، قياس جودة الهواء ودرجة الرطوبة والحرارة وبالتالي توفير حياة بشكل وجودة أفضل، مما ينعكس ايجابيا علي الصحة الجسدية والنفسية للإنسان سواء كان ساكن، أو طالب في مدرسة أو مريض في مستشفى او عامل في مصنع بجانب دور العبادة الخضراء التي تحقق ترشيد استهلاك المياه والطاقة.