يحذر العديد من النوادى الرياضية الصغيرة من أن صندوق كورونا «CF» الذى ابتكره الاتحاد الأوروبى لكرة القدم UEFA وخصص له 7 مليارات يورو (8.2 مليار دولار) لمساعدة النوادى الأوروبية على التعافى من تداعيات وباء كوفيد 19 سوف يستخدمه كوسيلة لإنقاذ الفرق الكبرى المشهورة التى تعانى من ديون ضخمة.
وذكرت وكالة بلومبرج أن اتحاد UEFA الذى أنشأ صندوق كورونا لتوفير تمويلات لنوادى كرة القدم الأوروبية بأسعار فائدة متدنية لم يحدد كيفية تشغيل الصندوق لكن مصادر عليمة تتوقع أن يوجه معظم قروض الصندوق لسداد ديون النوادى الكبرى مثل توتنهام الإنجليزى وFC انترنازيونالى ميلانو الإيطالى.
سقوط العشرة الكبار
ويتصدر نادى توتنهام هوتسبر الإنجليزى قائمة أكبر 10 نوادى مثقلة بالديون فى أوروبا حيث قفز صافى ديونه المالية إلى %154 من إيرادات التشغيل حتى منتصف العام الجارى ويليه FC انترنازيونالى ميلانو الإيطالى الذى يبلغ صافى ديونه المالية 110 % من إيرادات التشغيل ثم يوفنتوس الإيطالى أيضا بحوالى 97 % من إيرادات التشغيل.
وجاء فى المركز الرابع نادى مانشستر يونايتيد الإنجليزى الذى وصل صافى ديونه إلى 90 % من إيرادات التشغيل حتى نهاية يونيو الماضى وبعده AC ميلانو الإيطالى ينسبة 64 % ونادى FC برشلونة الإسبانى بأكثر من 45 %.
وظهر فى المركز السابع نادى أتليتكو مدريد الإسبانى بما يقرب من 31 % وزميله ريال مدريد بأكثر من 25 % وأرسنال الإنجليزى بحوالى 20 % وأخيرا فى المركز العاشر زميله مانشستر سيتى بأقل نسبة قياساً لإيراداته عند %9 فقط.
إيرادات أكبر 20 نادى أوروبى
ومع ذلك فقد ارتفع صافى إيرادات ناديى برشلونة وريال مدريد الإسبانيين خلال العام الحالى ليتجاوز 792 مليون دولار ليتصدرا قائمة أعلى النوادى الأوروبية ثم بايرن ميونيخ الألمانى بحوالى 703 ملايين دولار وبعده فى المركز الرابع مانشستر يونايتيد الإنجليزى بأكثر من 643 مليون دولار.
واحتل المركزين الخامس والسادس ناديا ليفربول ومانشستر سيتى بحوالى 619 مليون دولار 609 ملايين دولار على الترتيب ويليهما باريس سان جيرمان الفرنسى بما يزيد عن 599 مليون دولار وبعده شيلسى الإنجليزى فى المركز الثامن بما يقرب من 520 مليون دولار ثم توتنهام هوتسبر الإنجليزى بأكثر من 494 مليون دولار وفى المركز العاشر يوفنتوس الإيطالى بأكثر من 441 مليون دولار وبعده الأرسنال الإنجليزى بصافى إيرادات تزيد عن 430 مليون دولار.
ومن هذه النوادى العشرين الذين يعانون من ديون أتليتيكو مدريد الإسبانى الذى تبلغ ديونه 31 % ولكنه يحقق صافى إيرادات بحوالى 368 مليون دولار ليظهر فى المركز 13 و FC انترنازيونالى ميلانو الإيطالى فى المركز 14 بأكثر من 323 مليون دولار وبعده فى المركز 19 نادى AC ميلانو الإيطالى أيضا بما يقرب من 165 مليون دولار.
اقتراض برشلونة من بنك جولدمان ساكس
ومع تفاقم ديون النوادى الأوروبية المشهورة اتفق نادى برشلونة مع بنك جولدمان ساكس الأمريكى الذى سيعمل كمستشار مالى له للحصول على قرض مالى بقيمة 595 مليون يورو لمدة 10 سنوات مقابل فائدة تبلغ %1.98 فقط وستكون عوائد البث التلفزيونى هى الضامن لهذا القرض الضخم فى قطاع رياضة كرة القدم.
ومن المقرر أن يحصل نادى برشلونة على 455 مليونا من إجمالى القرض بالإضافة إلى 140 مليون يورو لسداد ديون سابقة كما تقضى الاتفاقية بحصول الفريق الكتالونى على 70 مليون يورو إضافية إذا أجبرته الظروف على محاولة الحصول على أى قروض جديدة.
وكان خوان لابورتا رئيس نادى برشلونة أعلن فى شهر أغسطس الماضى عن تفاصيل المشاكل المالية “المأساوية” للنادى، الأمر الذى دفعه إلى التخلى عن ميسى ووصف الوضع الاقتصادى والمالى للنادى بأنه مقلق والحالة المالية كارثية حيث يعانى من ديون تبلغ 1.35 مليار يورو ووصل إجمالى رواتب اللاعبين والعاملين إلى 617 مليون يورو وتقدر فاتورة الرواتب بنسبة %103 من إجمالى إيرادات النادى كما أن تأثير فيروس كورونا المستجد كبد النادى خسائر تجاوزت 91 مليون يورو.
محاولة فاشلة
وازدادت حدة التوترات بين نوادى كرة القدم فى أنحاء أوروبا بعد المحاولة الفاشلة فى أبريل الماضى والتى بذلتها مجموعة من أفضل وأشهر 12 فرقة أوروبية لإنشاء دورى سوبر خاص بها رغم أن معظم النوادى التى وقعت على الاتفاق لتكوين هذا الدورى الخاص بها والذى لم يكلل بالنجاح تمثل أيضا أكثر النوادى المثقلة بالديون ومنها برشلونة الذى تبلغ ديونه أكثر من مليار يورو و350 مليون يورو وكذلك يوفنتوس.
وعندما أعلن فلورنتينو بيريز رئيس نادى ريال مدريد الشهير، يوم الاحد 18 أبريل عن إنشاء مسابقة أوروبية جديدة لكرة القدم تضم 12 ناديا من صفوة الأندية الأوروبية، وتحمل اسم “دورى السوبر الأوروبي” انطلقت عاصفة من الاحتجاجات من جانب قادة سياسيين، ومسؤولين فى اتحاد UEFA ومن مشجعى اللعبة الشعبية.
وكانت موجة الاحتجاجات قوية إلى درجة أنها دفعت نادى مانشستر سيتى الإنجليزى إلى أن يعلن فى بيان رسمى أنه اتخذ إجراءات رسمية للانسحاب من المجموعة المؤسسة لدورى السوبر الأوروبى وأعلن نادى تشيلسى الإنجليزى أنه يتجه إلى خطوة مشابهة كما سارع جوردان هندرسون، قائد فريق ليفربول، إلى التغريد على حسابه على تويتر، لكى يؤكد أن الموقف الجماعى للاعبى الفريق الإنجليزى الشهير هو رفض دورى السوبر الأوروبى وأن التزامه نحو النادى وتجاه مشجعيه هو إلتزام مطلق وبلا قيود.
ترحيب رئيس الوزراء بوريس جونسون
ورحب رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون بهذا التوجه من ناديى مانشستر سيتى وتشيلسى ورآه القرار الصائب لأن هذا الدورى المزمع سيضرب قلب اللعبة المحلية وسيثير قلق الجماهير فى جميع أنحاء البلاد بينما حذر اتحاد UEFA والاتحاد الدولى لكرة القدم FIFA واتحادات وطنية أخرى من معارضة هذا المشروع وهددوا بعقوبات ضد كل الأندية واللاعبين، الذين سيشاركون فى بطولة دورى السوبر الأوروبى المقترح ولكن بيريز، رئيس ريال مدريد، قال إن البطولة الجديدة هى “إنقاذ لكرة القدم”، وأن الأندية تخسر أموالا فى الوقت الحالى.
وجاء المشروع الذى طرحته، مجموعة النوادى الأوروبية الكبرى لكرة القدم، وسط أزمة تعانى منها كرة القدم، خاصة فى الجانب المالى بفعل تأثرها بشدة من تفشى وباء كورونا، كما أنه جاء قبيل إعلان مزمع للاتحاد الأوروبى لكرة القدم،عن خططه الإصلاحية لدورى أبطال أوروبا، الذى يضم 36 فريقا، والذى كان يأمل فى أن يتم قبل الإعلان عن دورى السوبر الجديد.
الأثرياء ملاك النوادى الكبرى
ويرى الأثرياء ملاك النوادى الأوربية الكبرى لكرة القدم، والمشاركون فى المشروع المزمع، أن الإصلاحات التى سيعلن عنها الاتحاد الأوروبى لكرة القدم ليست كافية وزعموا يضا إن جائحة كورونا، التى ضربت عدة مناحى اقتصادية فاقمت حالة عدم الاستقرار التى يعانى منها النموذج الاقتصادى الحالى للكرة الأوروبية.
وشاركت الأطراف المسؤولة عن كرة القدم فى حوارات مكثفة بخصوص مستقبل البطولات الأوروبية، لكن الأندية المؤسسة لدورى السوبر الجديد رأت أن الحلول المقترحة منها لم تتطرق للمشاكل الأساسية ومنها توفير مباريات بجودة أعلى وموارد مالية إضافية لنوادى كرة القدم المتعثرة.
واعتمد معظم الهجوم، الذى تعرض له مشروع دورى السوبر الأوروبى المقترح لكرة القدم على الزعم بأنه يمثل انشقاقا عن كرة القدم الدولية، وأنه يؤسس لفكرة نخبة ضيقة لنوادى مشهورة ويحرم مشجعى الأندية الصغيرة من متعة وشغف كرة القدم، التى تعد الرياضة الشعبية الأولى فى العالم كما أنه يبين سعى ملاك النوادى الأثرياء إلى جنى المزيد من الأرباح والخروج من أزمات النوادى المالية وتراجع إيراداتها بفعل الأزمة التى فرضها وباء كورونا.
استبعاد «الخاسرين» من قروض الصندوق
وقال بارت فيرهاج أكبر مساهم فى دورى النوادى الأبطال البلجيكى أن قروض صندوق كورونا لا يجب أن تتجه للفرق التى تعانى من خسائر فى الإيرادات ولم تتمكن من تحقيق أى أرباح ولم تستطع أن تحقق رصيد قوى فى ميزانيتها المالية ولذلك فإنها لاتستحق أى دعم مالى.
ويرى بول كونواى من وكالة باسيفيك ميديا الأمريكية للاستثمار والتى تملك عدة نوادى أوروبية غير مشهورة مثل بارنسلى فى إنجلترا ونانسى فى فرنسا أنه يجب وضع معايير متشددة عند منح تمويلات صندوق كورونا وأن عدم وجود مثل هذه المعايير والفشل فى وضع جدول واضح لسداد قروض الصندوق سيشجع النوادى التى تعانى من سوء الإدارة ومن الديون الضخمة على الاستمرار فى البذخ وإنفاق مبالغ ضخمة ولن تستطيع سداد قروضها القديمة ولا الجديدة وبالتالى ستتراكم ديونها أكثر وأكثر.
النوادى الأكثر إيرادات هى الأكثر ديونا
وأعلنت مؤسسة KPMG للمؤشر الاسترشادى لكرة القدم الأوروبى أن الفرق الأوروبية التى تحقق أكبر الإيرادات تتسم أيضا بأنها أكثرها ديونا لأنها تتنافس لتسجيل أفضل الأرباح وحققت بطولات فى مسابقات البطولات الأوروبية للدورى والكأس وتضم 4 فرق إنجليزية و3 إيطالية و3 إسبانية.
وأكد جوردان جاردنر الذى يملك بالمشاركة نادى هيلسينجر الدانمركى أن أموال صندوق كورونا يجب أن تكون مكافأة للنوادى التى تتميز بإدارة ذات كفاءة عالية وليس عليها ديون ولكنها تعانى فقط من ضعف الإيرادات بسبب عام الوباء والقيود المفروضة على حركة الناس لمنع انتشار العدوى من الفيروس ولا يجب توزيعها على النوادى التى تحرق أموالها وتواصل الإسراف والبذخ بدون مبرر رغم ديونها الثقيلة.
وكان نادى مانشتر يونايتيد الإنجليزى ونادى يوفنتوس الإيطالى تكبدا معا خلال الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر الماضى خسائر مجتمعة بلغت أكثر من 370 مليون دولار بسبب ضعف مبيعات التذاكر نتيجة انتشار العدوى من سلالات كورونا المتحورة لدرجة أن عدد المصابين بكوفيد 19 ارتفع إلى حوالى 8 ملايين حالة فى المملكة المتحدة وما يقرب من 5 ملايين مصاب فى إيطاليا حتى الآن.
وتتعرض نوادى كرة القدم الصغير فى أوروبا لخسائر أكثر وخصوصا تلك التى لا تضمها مسابقات الدوى الممتاز أو دورى الدرجة الأولى لأنها تعتمد على إيرادات التذاكر أول بأول وليس لها مصادر دخل ضخمة أخرى مثل الإعلانات التى تحظى بها الفرق المشهورة.
كرة القدم بيزنس ضخم
وباتت رياضة كرة القدم بيزنس ضخم يحصل فيه الفائزون والنوادى الكبرى على معظم الأرباح كما يقول إيلجا كاينزيج العضو المنتدب لنادى «VFL بوشوم 1848» الذى دخل الدورى الألمانى الممتاز مؤخرا والذى يرى أن حرمان النوادى غير المشهورة أو الصغيرة من قروض صندوق كورونا سيتسبب فى النهاية فى تدمير بيزنس كرة القدم فى أوروبا ولاسيما أن هناك نوادى تكافح من أجل البقاء حتى قبل ظهور فيروس كوفيد 19 وتعد القروض الرخيصة التى يوفرها الصندوق وسيلة إنقاذ لها لإعادتها إلى مسابقات كرة القدم ولكن حرمانها منها سيجعل مشاكلها المالية تتفاقم فى المستقبل.
ومع ذلك تعتفد مصادر رياضية فى أوروبا أن اتحاد UEFA يخطط لتقليص القوة المالية للنوادى - التى يملكها مليارديرات أو مليونيرات ومنها شيلسى ومانشستر سيتى - من خلال وضع حد أقصى جديد على أجور اللاعبين وعدم استفادتها من أى مميزات غير عادلة فى بطولات الدورى والكأس الأوروبية غير أن مصادر أخرى تشعر بمخاوف من أن تمويلات صندوق كورونا المتاحة ستتوفر فقط للمسابقات الأوروبية السوبر المشهورة مثل تلك التى تجذب الجماهير فى إسبانيا وإيطاليا وبريطانيا.
وأشار جاكو سوارت العضو المنتدب لمؤسسة مسابقات الدورى الأوروبية التى تضم دول أوروبا ومنها لاتفيا وآيسلندا وكزاحستان إلى أن مخصصات صندوق كورونا لا يجب أن تؤدى إلى انعدام المساواة بين النوادى الرياضية سواء كانت مشهورة أو غير معروفة حتى لا تختفى رياضة كرة القدم من الدول الهامشية.