رصدت «المال» آراء عدد من محللى وخبراء البترول والطاقة بشأن تأثيرات الإتجاه الصعودى لأسعار الخام العالمية على السوق المحلية.
ووفقا للمحللين فإن إرتفاع أسعار البترول العالمية له تأثيرات مزدوجة، حيث إنه سيرفع من قيمة فاتورة إستيراد مصر من الخام والمشتقات البترولية، وسيزيد من مخصصات شرائها حصة الشريك الأجنبى من البترول المنتج محليا.
وفى المقابل سترتفع قيمة صادرات مصر من بعض المشتقات البترولية، وستزيد عوائد شركات البتروكيماويات من تصدير وبيع منتجاتها، كما أن زيادات الخام العالمية ستفتح شهية الشركات الأجنبية للتوسع فى مشروعات البحث والتنقيب وإنتاج البترول، عقب الصعوبات والتحديات التى واجهتها فى ظل تدنى الأسعار خلال ذرورة جائحة كورونا العام الماضى.
وشهد سعر البترول إرتفاعا فى أسواق النفط العالمية خلال الأيام الماضية إذ يقترب خام برنت من 80 دولاراً للبرميل، وسط مخاوف بشأن المعروض.
وقالت وكالة «إيه.إن.زد» للأبحاث فى مذكرة لا يزال نقص المعروض يؤدى إلى السحب من المخزونات فى كل المناطق.
❙ «مسئول حكومى»: يفتح شهية الشركات الأجنبية على التوسع بمشروعات التنقيب والإنتاج
بداية قال مسئول حكومى رفيع المستوى بقطاع البترول إن الدولة تعمل على عدة محاور لتحقيق الاكتفاء الذاتى من المشتقات البترولية خلال عام 2023، وزيادة طاقات التكرير وحجم إنتاج البترول عبر تنفيذ المشروعات الجديدة.
ولفت إلى أن تلك الأمور من شأنها الحد من تأثير أى إرتفاع يحدث فى أسعار البترول العالمية على الصعيد المحلى خلال الفترة القادمة.
وأكد أن شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر والعالم أجمع عانت بشدة خلال فترة تدنى أسعار الخام عالميا فى ظل ذروة جائحة كورونا العام الماضى.
وقال «تحسن مستويات الأسعار حاليا سيفتح شهية تلك الشركات على التوسع إستثماريا».
ورجح المسئول ارتفاع إستثمارات شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر للبحث والتنقيب والإستكشاف وإنتاج البترول الفترة القادمة مع إستمرار التحسن والتعافى فى أسعار الخام العالمية.
«حسان»: الصعود مؤقت ..وسيعاود الهبوط مجددا
وعلى صعيد آخر أكد المهندس يسرى حسان إستشارى البترول أن مصر تستورد البترول الخام من عدة دول عربية «العراق والكويت»، طبقا لأسعار مرتبطة بخام برنت العالمى، كذلك المشتقات البترولية.
ولفت إلى أن إرتفاع أسعار البترول العالمية ينعكس على قيمة فاتورة إستيراد البترول ومشتقاته بالزيادة.
وفى نفس الوقت قال حسان إن إرتفاع أسعار الخام العالمية سيزيد من قيمة صادرات مصر من بعض المشتقات البترولية.
وتابع حسان: «التأثيرات مزدوجة، ولكن التأثير الأكبر سيظهر فى قيمة فاتورة الواردات لإرتفاع الكميات التى تستوردها مصر من الخام ومشتقاته مقارنة بالكميات التى تقوم بتصديرها للخارج».
وتوقع حسان إستمرار إرتفاع اسعار البترول عالميا حتى مستوى 80 دولاراً للبرميل، لتعاود التراجع مجددا لمستوى 65 دولاراً تقريبا.
وأرجع حسان الارتفاع الحالى فى أسعار الخام عالميا إلى نقص المعروض، فضلا عن إستمرار أزمة كورونا وتداعياتها حتى الان.
وإرتفعت أسعار النفط للأسبوع الثالث على التوالى لتبلغ أعلى مستوى لها فى 3 سنوات يوم الجمعة الماضية، حيث أجبرت إضطرابات الإنتاج العالمى شركات الطاقة على سحب كميات كبيرة من الخام من المخزونات.
وإرتفعت العقود الآجلة لخام برنت 84 سنتا بما يعادل %1.1 لتبلغ عند التسوية 78.09 دولار للبرميل، فيما إرتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى 68 سنتا أو %0.9 ليبلغ سعر التسوية 73.98 دولار.
وكان هذا هو الأسبوع الثالث من المكاسب لخام برنت والخامس لخام غرب تكساس الوسيط بسبب تعطل الإنتاج فى ساحل الخليج الأمريكى بفعل الإعصار أيدا فى نهاية أغسطس.
وقالت لويز ديكسون كبيرة محللى أسواق النفط فى ريستاد إنرجى إنه مع إتجاه أسعار النفط لإتمام أسبوع آخر من المكاسب، تضع السوق فى إعتبارها تأثيرا طويل الأمد لإضطرابات الإمدادات والسحب المحتمل من المخزونات الذى سيكون ضروريا لتلبية طلب المصافى.
«يوسـف»: يزيد فاتـورة إستيراد الخـام ومشـتقاته.. ويحقق عوائد لقطاع البتروكيماويات
بينما أكد المهندس مدحت يوسف الإستشارى البترولى، ورئيس شركتى موبكو وميدور سابقا، أن سوق النفط حاليا تحولت لسوق إحتكارية لا تخضع للعرض والطلب.
ولفت إلى صعوبة التنبؤ بإتجاه أسعار البترول العالمية خلال الفترة القادمة، لا سيما مع عدم وضوح ما تعتزم الدول الكبرى تطبيقه لكبح جماح الاسعار.
وقال «قد تتدخل الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واليابان وغيرها لإجبار الدول المنتجة على زيادة سقف الإنتاج والمعروض، مما سيهبط بمستويات الأسعار الفترة المقبلة».
وتابع : فى حال لم تحدث تلك التدخلات فستظل الأسعار تسير فى إتجاهها الصعودى بدون حدود.
وعلى صعيد تاثير الإتجاه الصعودى لأسعار البترول العالمية على السوق المحلية أوضح يوسف أن سوق الطاقة فى مصر تنقسم الى قطاعين هما الغاز الطبيعى والبترول ومشتقاته.
وأكد أن قطاعى الغاز يتسم حاليا بوفرة وفائض ملموس فى المعروض والإنتاج إنعكس بالإيجاب على إمدادات وتلبية إحتياجات كافة القطاعات الإقتصادية، ومن أبرزها الكهرباء والصناعة والمنازل والنقل والمواصلات وغيرها.
وأشار يوسف إلى أن سوق الغاز الطبيعى فى أمان من تقلبات وإرتفاعات أسعار البترول عالميا.
أما سوق النفط والمشتقات البترولية يتأثر بشكل مباشر من أى ارتفاعات تحدث عالميا، وفقا ليوسف.
وأوضح أن مصر تستورد البترول من العراق والكويت، كما تقوم بإستيراد نسبة 25 إلى %30 من جملة إستهلاكها من المشتقات البترولية من الخارج، فضلا عن شرائها حصة الشريك الأجنبى من البترول المنتج محليا.
وقال «تلك العمليات بالكامل تتم وفقا لمعادلات مرتبطة بخام برنت العالمى»، وبالتالى أى إرتفاع أو إنخفاض يحدث فى أسعاره ينعكس على قيمة تلك العمليات.
وأضاف يوسف أن «مصر تصدر بعض أنواع الخام الثقيل فضلا عن بعض المشتقات البترولية ووقود الطائرات، وزيادة أسعار البترول عالميا تنعكس على قيمة تلك الصادرات بالزيادة، ولكن التأثير الأكبر يظهر فى فاتورة الواردات».
وعلى صعيد متصل أشار يوسف الى أن شركات البتروكيماويات أمثال سيدى كرير وإيثيدكو وغيرها عانت الفترة الماضية من تراجع حجم إيراداتها وقيمة مبيعاتها بسبب تدنى أسعار البترول والمنتجات البتروكيماويات فى ظل جائحة كورونا.
وقال إن «إنتعاش أسعار البترول العالمية حاليا سينعكس بالإرتفاع على قيمة إيرادات ومبيعات شركات البتروكيماويات فى مصر».
وأخيرا قدم يوسف روشتة للمواطن لتلافى التأثيرات السلبية من إرتفاع أسعار البترول العالمية، وإنعكاساتها على أسعار بيع المشتقات البتروية محليا «البنزين والسولار»، موجها بالتحول الى الغاز الطبيعى بقطاع النقل والسيارات.
وقال إن المواطن أمامه بديل متاح أرخص من البنزين للبنزين والسولار وهو الغاز الطبيعى، والتحول اليه يجنبه تقلبات إرتفاع أسعار المشتقات العالمية التى تنعكس على مثيلاتها المحلية.
ووفقا لألية التسعير التلقائى للوقود التى أقرتها الحكومة منذ سنوات، ترتبط أسعار بيع المشتقات البترولية محليا بعدة متغيرات أبرزها مستوى أسعار البترول العالمية كل 3 شهور.
وكان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء أصدر قرارا بتطبيق آلية التسعير التلقائى للمنتجات البترولية خلال عام 2019، ومنذ ذلك التوقيت وحتى الآن اتخذت اللجنة نحو 8 قرارات.
وتجتمع اللجنة الخاصة بتحديد ومتابعة آلية التسعير التلقائى للمواد البترولية كل 3 أشهر لتحديد أسعار المواد البترولية، على ألا تتجاوز نسبة التغير فى سعر البيع للمستهلك %10 إرتفاعا وإنخفاضا عن سعر البيع السارى.
وتستعد لجنة التسعير التلقائى للوقود لعقد إجتماعها لمراجعة أسعار البنزين والسولار مطلع الشهر المقبل، تمهيدا للإعلان عن الأسعار الجديدة المرتقب العمل بها على مدار الربع الأخير من العام الجارى.
جدير بالذكر أن اللجنة قررت فى آخر إجتماع لها خلال شهر يوليو الماضى زيادة أسعار البنزين بكافة أنواعه بواقع 25 قرشا فى اللتر الواحد.
وتبلغ الاسعار حاليا 6.75 جنيه للتر البنزين 80 و8 جنيهات للتر البنزين 92 و9 جنيهات للتر البنزين 95، كما تم تثبيت سعر بيع السولار عند 6.75 جنيه للتر، وكذلك سعر المازوت للقطاع الصناعى عند 3900 جنيه للطن.
وينتظر الشارع المصرى الإعلان عن الأسعار الجديدة «القرار التاسع للجنة» خلال الايام المقبلة، وسط حالة ترقب من إنعكاس أسعار البترول العالمية على سعر بيع البنزين والسولار محليا.