تشهد سوق العقارات فى مصر حالة من الجدل حول الوحدات التى تدر عائدا استثماريا أعلى للعملاء ما بين الوحدات السكنية ونظيرتها من الإدارية والتجارية، وجاءت أغلب الآراء لتؤكد أن الوحدات التجارية هى الأكبر فى توليد عائد استثمارى مناسب للمشترين.
«المال» تواصلت مع مجموعة من مسئولى شركات التطوير العقارى للتعرف على رؤيتهم فى هذا الأمر، وتوضيح الأسباب التى تدلل على ارتفاع العائد الاستثمارى لاجتذاب العملاء والمستثمرين بالشراء أو الاستثمار فى الوحدات السكنية أم التجارية والإدارية.
يوجد فريقين من المطورين العقاريين، الأول يعمل على تشجيع العملاء لشراء وحدات سكنية، لما تتمتع به من استقرار وسهولة فى إيجاد المستثمر، بجانب عدم تأثرها بالأزمات الاقتصادية الخارجية، والثانى يحث المشترين على الاستثمار فى الوحدات التجارية والإدارية، لتمتعها بعائد مرتفع على الاستثمار.
وحول معدلات نمو الطلب الحالية سواء كان على الوحدات التجارية أو السكنية، فالبعض يرى أن الطلب على الوحدات السكنية أكبر من التجارية، نظراً لتشبع السوق من الوحدات ذات الأغراض التجارية، والآخر يرى أن الطلب فى الفترة الحالية يتركز بشكل أكبر فى الطلب على الوحدات التجارية الإدارية نظراً لسيطرة فئة المستثمرين أكثر من المستهلكين على القطاع العقارى فى مصر.
كامل إبراهيم: حالة من التشبع بالوحدات ذات الأغراض التجارية
وحول أنواع الوحدات الأكثر طلباً خلال الفترة الحالية، أوضح كامل إبراهيم مدير شركة إنفيرجن لإدارة المشروعات والاستشارات الهندسية، أن الأسواق حالياً فى حالة من التشبع بالوحدات ذات الأغراض التجارية، حيث أصبح هناك زيادة معروض منها، لافتاً إلى أن ذلك يعتمد على طبيعة المنطقة واحتياجتها من الوحدات سواء كانت تجارية أو سكنية أو إدارية.
وقال إبراهيم إن العاصمة الإدارية الجديدة بها زيادة معروض من الوحدات التجارية، فى حين تزايد الطلب على الوحدات السكنية ونقص المعروض منه، وكذلك الأمر فى التجمع الخامس، فهناك زيادة فى الطلب على الوحدات السكنية، وفى الفترة الأخيرة بدأ يتوازن السكنى مع الإدارى، فى حين توجد مدن لديها طلب على الوحدات التجارية أكثر من الوحدات السكنية مثل مدينة 6 أكتوبر.
شريف الدمياطى: بكل تأكيد «الإدارية والتجارية» فى الصدارة
ومن جانبه، قال شريف الدمياطى رئيس القطاع التجارى بشركة نخيل للتطوير العقارى، إن الوحدات التجارية والإدارية تدر عائدا على الاستثمار أكثر من الوحدات السكنية فى الوقت الحالى بالسوق المحلية.
وأضاف الدمياطى أن الطلب يتوجه فى قطاع العقارات بشكل أكبر نحو الوحدات التجارية والإدارية، وذلك لإدراك الأفراد أن عائد الاستثمار من الوحدات التجارية والإدارية أكبر من السكنية.
وأوضح رئيس القطاع التجارى بشركة نخيل للتطوير أن معظم العملاء فى الوقت الحالى بالقطاع العقارى هم أفراد مستثمرين وليسوا مستهلكين، مما نتج عنه زيادة الطلب على الوحدات التجارية الإدارية بدلاً من السكنية.
عمرو علاء: أزمة الريسيل وانخفاض القيمة الإيجارية تقلل جاذبية «السكنى»
وقال عمرو علاء، رئيس مجلس إدارة شركة هاشتاج للتسويق العقارى، بشكل قاطع الوحدات التجارية والإدارية هى الأكثر عائداً فى السوق المحلية خلال الفترة القادمة، فى ضوء ارتفاع قيمتها الإيجارية مقارنة مع السكنية، بجانب ضعف القدرة على إيجار الوحدات السكنية فى فترات لا تشهد المناطق زيادة فى معدلات الإسكان بها.
وأضاف علاء أن الفترة القادمة ستشهد تزايد طلبات الانتقال للعاصمة الإدارية من جانب الشركات والعلامات التجارية الرائجة، وستبحث حينها على إيجار وحدات تجارية وإدارية من عملاء مشترين فى السابق، وبالتالى يمكن للعميل هنا تأجير وحدته والحصول على مبلغ مالى جيد بشكل شهرى.
وتوقع بدء الرواج الفعلى لمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة خلال عام 2024 بعد الانتقال الكامل للحكومة بخلاف انتهاء تنفيذ النسبة الأكبر من المشروعات السكنية والمتنوعة فى المشروع القومى.
وقلل علاء من مخاطر عدم القدرة على تأجير الوحدات الإدارية والتجارية فى ظل تبنى الشركات نظم سداد مرنة للغاية مع العملاء تمتد لعدة سنوات، كما توقع ارتفاع أسعار الوحدات الإدارية والتجارية بنسبة تفوق %100 خلال عامين.
وضرب مثالا على ذلك بتزايد معدلات إطلاق مشروعات تجارية وإدارية جديدة فى التجمع الخامس ورغبة المطورين فى إتاحة وحدات أخرى فى ظل ارتفاع الطلب عليها من جانب العملاء.
وأكد أنه دائما ما ينصح العملاء الراغبين فى الشراء بغرض الاستثمار بتملك وحدة إدارية أو تجارية فى المشروعات الجديدة بدلاً من الوحدة السكنية، والتى تتطلب مدة زمنية للتشغيل واستقطاب عملاء راغبين فى الشراء لاحقاً.
وقال جون سعد، خبير الاستثمار، إن حسم هذا الملف أمر نسبى ولكنه مرتبط بالملاءة المالية ونوايا المشترى، فالسوق حالياً مليئة بالعملاء الراغبين فى الاستثمار واقتناص وحدات تدر عائدًا أو تباع لاحقاً بسعر مرتفع.
ورأى أن الوحدات السكنية ما زالت العنصر الأهم فى السوق العقارية، فى ظل رغبة ارتفاع معدلات النمو السكانى بخلاف حالات الزواج السنوى والتى ترغب فى الحصول على شقة، وهنا يظهر أهمية تملك وحدات سكنية يتم بيعها فى مرحلة أخرى وجاهزة للتسليم الفورى.
وأكد أن تزايد معدلات إطلاق مشروعات متنوعة يمثل هاجساً لدى العملاء فى قدرة الشركات على تأجير تلك الوحدات بعد الانتهاء منها وحالة التنافس الشديدة بين المطورين، فى ظل ارتفاع المعروض عن الطلب الحقيقى.
وعلى صعيد آخر، أشارت شركة سيفلز مصر للاستشارات العقارية إلى أن سوق الوحدات السكنية فى القاهرة الكبرى سيواجه على الأرجح فائضاً فى المعروض، خاصة بعد زيادة عدد الوحدات فى المشاريع الجديدة التى طرحت فى العديد من المناطق وقطاعات السوق، رغم زيادة الطلب عليه الذى سيظل متركزاً فى الشريحة المتوسطة إلى الراقية، وفقا لتقرير الشركة عن وضع السوق العقارية فى مصر بحلول عام 2025.
وتتوقع «سيفلز» أن يرتفع عدد الوحدات السكنية فى القاهرة الكبرى من 7.1 مليون وحدة حالياً إلى 7.6 مليون بحلول عام 2025، وفقاً للتقرير، وتتوقع أيضاً زيادة عدد الوحدات السكنية من الدرجة الأولى الفاخرة والراقية إلى ما يقرب من 170 ألفاً فى غرب القاهرة والقاهرة الجديدة مقابل 70 ألفاً حالياً.
وفيما يتعلق بالطلب على الوحدات السكنية، احتمالية أن ينمو الطلب على الوحدات السكنية، ولكن قد يكون هناك فائض فى المعروض، بحسب سيفلز.
وحول الوحدات السكنية المفروشة، فمن المتوقع أن تنمو فى مصر بشكل أسرع من أى دولة أخرى، لتحقق المزيد من الانتشار خلال الفترة القليلة المقلبة.
أما بالنسبة للوحدات السكنية ذات العلامات التجارية مثل فورسيزون وغيرها، فأصبحت شائعة جداً فى الفترة الأخيرة، ومن المتوقع أن يشهد هذا القطاع نمواً بشكل أسرع، خاصة فى مصر على خلال السنوات الأربع المقبلة، طبقاً لشركة سيفلز مصر.
وبالتالى، فإنه من المتوقع أن تشهد مناطق مثل غرب القاهرة والقاهرة الجديدة أكبر قدر من النمو خلال السنوات المقبلة، ويرجع الفضل فى هذا إلى الدفعة القوية من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وغيرها من الهيئات الحكومية التى تتيح الأراضى لعدد من المطورين من القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع المخطط العام.
وبصفة عامة، يعد الاستثمار فى العقارات التجارية أكثر تفضيلاً لمعظم الأفراد من الاستثمار فى العقارات السكنية، وذلك لعدة أسباب أهمها ارتفاع العائد فى العقارات التجارية أكثر من السكنية، حيث يحصل المستثمر فى العقارات التجارية على أرباح مستمرة لفترة أطول من السكنى.
كما تتمتع العقارات التجارية بمزايا لا توجد فى السكنية، منها أنها مقصد للمستثمرين ورجال الأعمال، وبالتالى تتخطى عوائد الاستثمار التجارى أرباح السكنى، إضافة إلى أنه مع مرور الوقت يرتفع سعر الوحدات التجارية بشكل أكبر وأسرع من السكنية التى ترتفع أسعارها بشكل محدود، كما أن نفقات الصيانة والتصليح لا يتحملها مالك العقارات التجارية، عكس مالك الوحدات السكنية.
من جهة أخرى، تتمتع العقارات السكينة بعدة مزايا لا تتواجد فى الاستثمارات التجارية، من أهمها سهولة بيع العقار السكنى وسهولة قوانين التراخيص، إضافة إلى الاستقرار الذى يتمتع به العقار خاصة فى أوقات الأزمات الاقتصادية، حيث إنه من الممكن أن يقل الطلب على الوحدات التجارية، بينما يكاد العقار السكنى لا يتأثر بالأوضاع الخارجية.
وتعد العقارات السكنية ذات تكلفة مادية أقل نسبيا مقارنة مع التجارية، ولكن يظل فى النهاية قرار الاستثمار فى العقارات السكينة أم التجارية قرارا شخصيا يتوقف ويختلف من مستثمر لآخر حسب متطلباته وأهدافه، والقدرة المالية لديه.