حققت حركة التجارة العابرة بقناة السويس، خلال أغسطس الماضى، أعلى إيراد فى تاريخها، بلغ 562.7 مليون دولار، بزيادة تصل إلى %20.3 مقارنة بنحو 468 مليون دولار فى الشهر نفسه من 2020، خاصة بعد أن شهدت القناة ارتفاعًا كبيرًا فى أعداد السفن العابرة التى سجلت عبور 1884 سفينة مصاحبة بحمولات 110.2 مليون طن، مقارنة بـ1512 فى نظيره من 2020 ومصاحبة بحمولات بلغت 95.1 مليون طن.
وأرجعت مصادر مطلعة بهيئة قناة السويس ارتفاع حركة التجارة العابرة بالقناة إلى قدرتها على استيعاب أعداد كبيرة من السفن فى اليوم الواحد، مع قصر زمن العبور، ما يلبى احتياجات مشغلى السفن، مقارنة بالطرق البديلة، إلى جانب أن عودة الانشطة الصناعية للعمل بشكل طبيعى بعد توقف بسبب جائحة كورونا، وذلك بعد اتجاه معظم دول العالم إلى تطعيم مواطنيها، وبالتالى إلغاء إجراءات الغلق التام.
وأشارت المصادر إلى زيادة الطلب على المواد الخام والمنتجات النهائية بشكل ملحوظ فى جميع دول العالم لتلبية الاحتياجات الصناعية والتجارية من مواد خام ووقود ومعادن، لافتة إلى سعى الشركات العالمية إلى تعويض الخسائر التى لحقت بهم أثناء فترة الإغلاق التام، وتوقف الأنشطة الاقتصادية نتيجة الجائحة.
وقالت إن زيادة الطلب بشكل كبير ملحوظ أدى إلى انتعاش غير مسبوق فى حركة التجارة المنقولة بحرًا، ونتيجة محدودية أعداد السفن والحاويات المتاحة لنقل مواد الخام والبضائع المطلوبة بين دول العالم أدى إلى زيادة كبيرة فى نوالين الشحن، وذلك على مستوى جميع أنواع السفن، ما صب فى زيادة أهمية الوقت والأمان بشكل كبير بالنسبة للسفن، ما جعل قناة السويس الاختيار الأول لملاك ومشغلى السفن لنقل البضائع بين الشرق والغرب والعكس.
وفى السياق نفسه، قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس فى تصريحات سابقة، إن الأرقام القياسية التى تسجلها حركة الملاحة اليومية فى القناة، تعطى دلالة واضحة على الأهمية الاستراتيجية التى تحظى بها قناة السويس فى المجتمع الملاحى، وأنها دائمًا ما تكون الخيار الأول للخطوط الملاحية العالمية، كما تثبت إحصائيات الملاحة بما لا يدع مجالًا للشك فى الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروع قناة السويس الجديدة، وأبعاد رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة تنفيذ هذا المشروع القومى العملاق فى وقت قياسى، والذى نجح فى زيادة الطاقة العددية والاستيعابية للقناة، وساهم فى تطوير الخدمات الملاحية المُقدمة للعملاء ورفع التصنيف العالمى للقناة.
«ربيع»: نضع نصب أعيننا مواكبة التطورات المتلاحقة فى النقل البحرى بانتهاج رؤية مستقبلية واعدة
وشدد رئيس الهيئة على أن قناة السويس تضع نصب أعينها مواكبة التطورات المتلاحقة فى صناعة النقل البحرى بانتهاج رؤية مستقبلية واعدة، واتخاذ خطوات سباقة، من خلال مشروعات التطوير المستمرة فى المجرى الملاحى والارتقاء بمستوى الخدمات الملاحية المقدمة للسفن العابرة، بما يكفل الحفاظ على ريادة القناة كأسرع وأقصر وأكثر الممرات الملاحية أمانًا، والاختيار الأول لحركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب.
وقال محمد صلاح، مدير العمليات السابق فى توكيل الحمامصى مارين، ومحاضر فى إحدى جامعات سلطنة عمان، إن التجارة الدولية ارتفعت بسبب زيادة الطلب على السلع المصنعة، ما أدى إلى زيادة نوالين الشحن، إلى جانب أزمة الحاويات لمواكبة ذلك الطلب، ما أثر بشكل كبير على حركة التجارة العابرة بقناة السويس بالإيجاب، وزاد من أعداد السفن، خاصة الحاويات وحجم البضائع المنقولة بعد فترة إغلاق ما زال تداعياتها تلقى بظلالها على النقل البحرى.
وفى السياق نفسه، أعلنت وزارة التخطيط عن استراتيجية تنمية قناة السويس بخطة العام المالى الحالى 2022/2021، بعد أن أكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن قناة السويس تُعد شريانًا رئيسيًا لحركة التجارة العالمية المنقولة بحرًا، إذ يعبر من خلالها نحو %10 من إجمالى حركة التجارة العالمية، وما يُناهز %25 من إجمالى حركة البضائع المحواة عالميًا، و%100 من إجمالى تجارة الحاويات المنقولة بحرًا بين آسيا وأوروبا، إضافة إلى كونها من أهم حلقات سلاسل الإمداد العالمية.
وأضافت أن القناة تتميز بارتفاع قدرتها الاستيعابية لكل أنواع السفن، فبمقدورها استيعاب 100% من الأسطول العالمى لسفن الحاويات، ونحو 93% من أسطول سفن الصب الجاف، ونحو 62% من ناقلات البترول ومشتقاته، وعلى صعيد الاقتصاد الوطنى، يُعد نشاط قناة السويس من المصادر الرئيسة المولدة للنقد الأجنبى، إذ يحقق فى الوقت الحاضر إيرادًا سنويًا فى حدود 5.84 مليار دولار.
وأشارت هالة السعيد إلى أن خطة عام 21/2022 تستهدف زيادة الناتج المحلى الإجمالى لقناة السويس بالأسعار الثابتة، بنسبة 5.6% ليرتفع الناتج من 93.9 مليار جنيه عام 2021/2020 إلى 99.3 مليار جنيه فى عام الخطة، وليتجاوز الناتج المحقق قبل وقوع جائحة كورونا عام 2019/2018.
وأوضح تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية أنه لتعظيم العوائد الاقتصادية لقناة السويس، من المستهدف تنمية المنطقة الاقتصادية وتحويلها إلى منطقة صناعية عالية التقنية، ومنطقة لوجستية لتكون مركزًا رئيسيًا للتجارة العالمية، وعنصرًا داعمًا لجهود تعزيز التنافسية الدولية لقناة السويس على خريطة الممرات الملاحية العالمية، ولذلك يرتكز المنظور الشامل لتطوير منطقة القناة على تبنى مشروعات تنموية مُستحدثة، من شأنها إحداث طفرة اقتصادية تتحول معها المنطقة فى محيطها إلى قطب من أقطاب النمو، فالمنطقة الاقتصادية تغير وظيفة القناة من مجرد ممر مائى إلى أخرى تنموية تضم مناطق ترانزيت وإعادة تصدير.
وأضاف أنه يتم من خلال مستودعاتها ومخازنها ومراكزها اللوجيستية ومصانعها تفريغ حمولات الناقلات الكبيرة العابرة للقناة، وإدخال عمليات تجهيز وتعبئة وتصنيع خفيفة عليها ترفع من قيمتها المضافة، ثم يُعاد شحنها فى مركبات أصغر حجمًا إلى مراكز الاستهلاك أو الاستخدام النهائى، كما تضم المنطقة مصانع لشركات عالمية تستهدف تصدير إنتاجها للأسواق الخارجية، خاصة للقارة الأفريقية.