لعبت سياسة التيسير النقدى واتجاه البنك المركزى لخفض العائد على الجنيه 4 مرات خلال العام الماضى دورًا رئيسًا فى تراجع قيمة تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة داخل البنوك فى النصف الأول من العام الجارى مقارنة مع الفترة المناظرة لها بالعام الماضى.
وكشف رصد أجرته صحيفة «المال» من القوائم المالية لنحو 16 بنكًا تعمل فى السوق المحلية، عن تراجع تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بإيرادات ومصروفات العائد ، خلال الشهور الستة الأولى من العام الجارى، داخل 12 مصرفا، فى حين ارتفعت فى أربعة فقط.
وقال مصرفيون لـ «المال» إن سبب التراجع فى تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة يعود إلى سياسة التيسير النقدى التى انتهجها البنك المركزى خلال العام الماضي، إضافة إلى اتجاه بعض البنوك لتقليل حجم الأوعية الادخارية مرتفعة العائد، وسعيهم لأن تستحوذ الحسابات الجارية على الجزء الأكبر، لأنها أقل تكلفة عليها.
وتراجع سعر الفائدة بنحو %4 خلال العام الماضي، لينخفض من 12.25 %، و%13.25 على الإيداع والإقراض على التوالي، إلى %8.25 و%9.25 وفقًا للسعر الحالى.
وكان آخر تحريك لأسعار الفائدة الرئيسية فى البنك المركزي، فى نوفمبر 2020، حينما تم تخفيضها بواقع 50 نقطة أساس.
وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصري، الخميس الماضي الإبقاء على سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة «الكوريدور» وسعر العملية الرئيسية عند مستوى %8.25 و%9.25 على الترتيب، وذلك للمرة السابعة على التوالي، والإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %8.75.
وينص قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 على أن استقرار الأسعار هو الهدف الرئيسى للسياسة النقدية الذى يتقدم على غيره من الأهداف، ويلتزم البنك المركزى المصرى – فى المدى المتوسط – بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تساهم فى بناء الثقة وبالتالى خلق البيئة المناسبة لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادى.
ويستهدف البنك المركزي، تحقيق معدل التضخم عند 7 % (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وأعلن البنك المركزي، يوم الخميس الماضى عن تراجع التضخم الأساسى فى شهر أغسطس الماضى، على أساس سنوى إلى %4.5 من %4.6 فى يوليو 2021.
وقال فى البيان الشهرى عن التضخم الأساسى، إن الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين – المعد من قبل البنك المركزي- سجل معدلًا شهريًا بلغ %0.3 فى أغسطس 2021، مقابل معدل سالب بلغ %0.2 فى الشهر ذاته من العام الماضى، بمعدل شهرى بلغ %0.6 فى يوليو 2021.
وعلى مستوى ودائع القطاع المصرفى اتخذت مسارًا صاعدًا طوال الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، لترتفع خلال تلك الفترة بنسبة 8.3 % بقيمة زيادة 432 مليار جنيه، لتصل إلى 5.62 تريليون جنيه نهاية مايو، مقارنة مع 5.1 تريليون جنيه نهاية عام 2020.
كما تراجعت حصة ودائع القطاع العائلى بشكل طفيف من إجمالى ودائع القطاع المصرفى خلال أول 5 شهور من العام الجارى، لتصل إلى %68.06 نهاية مايو الماضى، بقيمة 3.830 تريليون جنيه، من %68.69 نهاية عام 2020 بقيمة 3.569 تريليون جنيه.
وطبقاً لمؤشرات نتائج أعمال البنوك، سجلت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة داخل بنك الإسكندرية مستوى 2.71 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، مقابل 2.16 جنيه فى الفترة نفسها من العام الماضي، بقيمة تراجع 550 مليونا، وبنسبة 20.1 %.
كما تراجعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة فى بنك قطر الوطنى الأهلي( QNB) بقيمة 440 مليون جنيه فى الشهور الستة الأولى من العام بقيمة 440 مليون جنيه، بنسبة 5.3 % لتصل إلى 7.7 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجارى، مقابل 8.2 مليار فى الفترة نفسها من العام الماضى.
وانخفضت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة داخل بنك تنمية الصادرات بنسبة %4.8 عن النصف الأول من العام الماضي، لتصل إلى 3.4 مليار جنيه فى أول 6 أشهر من 2021 مقابل 3.5 مليار عن فترة المقارنة.
كما هبطت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بنسبة %4.2 داخل بنك كريدى أجريكول مصر، لتصل إلى 1.1 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجارى، مقارنة مع 1.16 مليار، خلال الفترة نفسها من 2020، بحسب نتائج أعمال البنك.
ووصلت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة فى بنك البركة الإسلامى إلى 2.2 مليار جنيه خلال أول 6 أشهر من العام الجارى، مقابل 2.6 ، متراجعة بنسبة %15.1 عن الفترة المقابلة من العام السابق له.
بينما تراجعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بالبنك العربى الأفريقى الدولى فى النصف الأول من العام الجارى بنسبة %11.9، عن الفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 263.4 مليون دولار، مقابل 299.1 مليون.
كما سجلت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة فى بنك بلوم خلال النصف الأول من العام 1.2 مليار جنيه، مقارنة مع 1.3 مليار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بحسب نتائج أعمال البنك .
بينما تراجعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة داخل بنك قناة السويس خلال النصف الأول من العام الجارى بنسبة %1.3، لتصل إلى 1.3 مليار جنيه، مقابل 1.4 مليار خلال الفترة المناظرة لها من العام الماضى.
وفى بنك الكويت الوطني، تراجعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بنسبة %14.1 فى النصف الأول من العام الجارى لتصل إلى 1.4 مليار جنيه، مقابل 1.6 مليار، خلال الفترة المناظرة لها فى 2020.
وخلال النصف الأول من العام الجاري، سجل البنك المصرى الخليجى تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بمقدار 2.3 مليار جنيه، مقابل 2.4 مليار بنهاية يونيو الذى يسبقه، بنسبة تراجع 4 %.
وبلغت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة فى البنك الأهلى المتحد 1.4 مليار جنيه خلال أول 6 أشهر من العام الجاري، مقارنة مع 1.6 مليار فى الفترة نفسها من العام الماضي، بنسبة تراجع وصلت إلى 1.9 %.
بينما ارتفعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة خلال النصف الأول من 2021 داخل بنك التعمير والإسكان بقيمة 101 مليون جنيه وبنسبة 6.3 % لتصل إلى 1.704 مليار، مقارنة مع 1.603 مليار خلال فترة المقارنة من العام السابق عليه.
وخلال النصف الأول من العام الجارى حقق البنك التجارى الدولى تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بمقدار 4.8 مليار جنيه، مقابل 3.9 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الماضي، بنسبة زيادة 10.15 %.
كما ارتفعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة فى بنك عوده بنسبة %7.9 عن الست أشهر الأولى من عام 2020، لتسجل 2.8 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجارى، مقارنة مع 2.6 مليار بفترة المقارنة.
وفى مصرف أبوظبى الإسلامي، زادت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة بنسبة %9.8 خلال النصف الأول من العام الجارى، لتصل إلى 2.1 مليار جنيه، مقابل 1.9 مليار، خلال الفترة المناظرة لها فى 2020.
محمد أبو باشا: الأثر إيجابى على أرباح المصارف
وقال محمد أبو باشا نائب رئيس قطاع البحوث فى المجموعة المالية هيرميس، إن الخفض الكبير الذى قام به البنك المركزى المصرى فى أسعار الفائدة، ومنها الخفض الاستثنائى فى بداية جائحة كورونا 3% انعكس بشكل كبير على تكلفة الودائع.
وأكد أن تراجع تكلفة الودائع يكون له تأثير إيجابى على أرباح البنك، فالودائع هى من المدخلات الرئيسية لإيرادات البنك، متوقعًا أن تشهد التكلفة فى الفترة المقبلة استقرارا مع ثبات معدلات الفائدة على الجنيه عن نهاية العام الجارى.
وكشف البنك المركزى المصرى فى تقرير صادر عنه يوم الخميس الماضى عن وصول إيرادات النشاط للقطاع المصرفى إلى 185.113 مليار جنيه، وبلغ إجمالى المصروفات نحو 134.107 مليار، بينما سجل صافى العائد 150.746 مليار بنهاية يونيو الماضى.
وبحسب تقرير البنك المركزى سجل صافى أرباح البنوك العاملة بالسوق المصرية نحو 51.006 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضي، مقابل 29.9 مليار بنهاية مارس الماضى.
محمد البيه: سعر «الكوريدور» المتحكم الرئيسى فيها
من جانبه، قال محمد البيه الخبير المصرفى إن سعر الفائدة على «الكوريدور» هو المتحكم الرئيسى فى تكلفة الودائع داخل القطاع المصرفي، وتراجع الفائدة 4 مرات خلال 2020، تزامنا مع اندلاع أزمة كورونا كان سببًا رئيسيا فى انخفاض قيمة التكاليف داخل البنوك فى مصر.
وأشار إلى أن البنك المركزى المصرى انتهج خلال العام الماضى مسيرة التيسير النقدى لدفع عجلة الإنتاج وزيادة معدلات النمو، وخفض الفائدة لجذب المستثمرين ومساعدتهم على زيادة الاقتراض وضخ تلك الأموال فى دائرة الاقتصاد داخل السوق المحلية.
وحققت قروض القطاع المصرفى نموا يتجاوز %13 خلال الشهور الخمسة، بقيمة 327 مليار جنيه، لتصل إلى 2.7 تريليون جنيه نهاية مايو الماضى مقارنة مع 2.445 تريليون نهاية 2020، بحسب أحدث بيانات البنك المركزى.
وارتفعت التمويلات الممنوحة من البنوك فى مصر خلال شهر مايو الماضى بقيمة تجاوزت 96 مليارًا بنمو يزيد عن %3.5 عن أبريل الذى سجل فيه 2.676 تريليون.
وأشار إلى أن زيادة المعروض النقدى داخل السوق المحلية يدفع القطاع المصرفى إلى تقليل متوسطات أسعار العائد على العميل على مستوى الشركات والأفراد لكافة الآجال على الودائع، مما يؤدى إلى تقليل تكلفة الودائع على البنوك.
وكشف أحدث تقرير صادر عن البنك المركزى المصرى عن ارتفاع جملة السيولة المحلية للجهاز المصرفى والأصول المقابلة لها إلى 5.3 تريليون جنيه فى مايو الماضى بعد أن كانت 5.2 تريليون فى أبريل من العام نفسه مقارنة بـ 5.132 تريليون فى مارس 2021.
وبحسب تقرير البنك المركزى وصل حجم المعروض النقدى إلى 1.23 تريليون جنيه فى مايو الماضى مقابل 1.2 تريليون فى أبريل من العام نفسه مقارنة مع 1.19 تريليون فى مارس 2021.
ويرى «البيه» أن تكلفة الودائع داخل البنوك لن تشهد تغيرا كبيرا خلال النصف الثانى من العام الجارى، فى حال اتجاه البنك المركزى المصرى لتثبيت العائد على الإيداع حتى نهاية العام الجارى.
محمد عبد المنعم: تقليل بعضها للأوعية مرتفعة العائد وراء الانخفاض
من جهته، قال محمد عبد المنعم مدير قطاع الائتمان بأحد البنوك الخاصة إن تكلفة الودائع هى عبارة عن الودائع المدفوعة للعملاء بالإضافة إلى التكاليف الثابتة داخل البنك.
وأشار إلى أن البنوك لديها نوعان من الودائع، أولها هى المكلفة وهى الأوعية الادخارية مرتفعة العائد من الشهادات والودائع الادخارية وحسابات التوفير وغير المكلفة وهى الحسابات الجارية.
وأضاف أن بعض البنوك تعمل على تقليل الأوعية الادخارية مرتفعة العائد بهدف تقليل تكلفة الودائع لديها واتجاه البنوك إلى زيادة حجم الحسابات الجارية.
وارتفعت السيولة المحلية فى القطاع المصرفى بنحو 64.3 مليار جنيه لتبلغ 5.425 تريليون بنهاية يوليو 2021، مقابل 5.360 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2021 و 5257.4 ملیار بنهایـة مایو 2021.