إعلان بعض قيادات جماعة الحوثي المدعومة من إيران، عن إبحار أول سفينة من جدة السعودية إلى ميناء الحديدة الذي تديره صنعاء، أثار الكثير من التكهنات حول الهدف من تلك الخطوة التي تأتي في وقت زادت فيه حدة التصعيد بين أطراف الصراع في اليمن ، بحسب تقرير نشرته سبوتنيك الروسية.
هل تعد بادرة لتهدئة قادمة؟
بداية، يقول عبد الحفيظ الحطامي، الكاتب والمحلل السياسي اليمني، إن وصول سفينة حاويات قادمة من ميناء جدة السعودي إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون “أنصار الله”، بشكل مباشر، حدث خلال سنوات الحرب الماضية، وقد يتعلق الأمر بالمساعدات الإنسانية والإغاثية، أو أن يكون الأمر يتعلق بالجانب الاقتصادي، وهذا يتم بناء على اتفاق بين التحالف والأمم المتحدة وجماعة الحوثي في صنعاء.
استمرار التصعيد
وأكد في حديثه لوكالة “سبوتنيك”، أنه رغم هذا التحرك الإيجابي من جانب السعودية، إلا أنه لا يلوح في الأفق أي بوادر لانفراج الأزمة في اليمن، فلا تزال المواجهات مستمرة والطائرات المسيرة والصواريخ يتم إرسالها إلى الأراضي السعودية، كما تشن المملكة العديد من الهجمات على مواقع الحوثيين في محافظتي مأرب وتعز، ولا يريد الحوثيون الجنوح للسلم قبل فتح مطار صنعاء وفك الحصار، وهذا ما ترفضه السعودية والشرعية بعد رفض صنعاء كل مبادرات الحل السلمي من أجل وقف الحرب.
وأضاف الحطامي، إن “وصول سفينة الحاويات من جدة إلى الحديدة هذه المرة، وما تزامن معها من تصريحات حوثية تثني على تلك الخطوة، هو أمر ملفت للانتباه، لكن في الوقت ذاته لم تصدر تصريحات عن الرياض حول هذا الأمر، والسعودية تريد تقديم البوادر الحسنة، لكن صنعاء لا تملك قرارها بل يأتيها من دول الجوار”.
التفتيش الأممي
من جانبه قال المحلل السياسي اليمني، أكرم الحاج، رغم أنه لا توجد أي معلومات مؤكدة حول محتويات السفينة القادمة من جدة إلى ميناء الحديدة اليمني الذي تسيطر عليه أنصار الله، لكن في كل الأحوال وصول تلك الحاوية بشكل مباشر من جدة إلى الحديدة دون المرور بنقطة تفتيش جيبوتي التي تشرف عليها الأمم المتحدة من أجل تفتيشها وفقا للقرارات الأممية السابقة، هو ما يعني أن دخول تلك الحاوية مخالف للإجراءات، ولم يعلم حتى الآن ما الذي تحمله تلك السفينة.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، رغم التصعيد الحاصل من جانب أنصار الله وقيامهم بضرب المواقع العسكرية السعودية، فإن هذا الحدث لا يزال غامضا إن جاز التعبير.
وتابع المحلل السياسي، علينا أن نتذكر تصريحات وزير الخارجية العماني، بأنه على تواصل مع السعودية والأطراف اليمنية سعيا لوقف الحرب والتمهيد من أجل المبادرة الأخيرة والتي كان لسلطنة عمان اليد الطولى فيها، وقام وفد عماني رفيع المستوى بزيارة صنعاء والرياض، وقال بعدها أن جميع الأطراف يريدون إيقاف الحرب والعودة إلى المبادرة وحل الإشكالية الحاصلة في اليمن.
ضغوط صنعاء
ولفت الحاج إلى أنه على ما يبدو أن الثقل العسكري لجماعة أنصار الله من خلال الصواريخ الباليستية والطيران المسير، تحول إلى ورقة ضغط كانت من نتيجتها تلك العمليات، لكن يبقى السؤال عن محتوى تلك السفينة والحاويات التي دخلت ميناء الحديدة وتحت أي مسمى أو مبرر، هذا ما لم يتم الكشف عنه حتى الآن.
وأعلن القيادي في جماعة “أنصار الله” اليمنية، محمد علي الحوثي، أمس الاثنين، إبحار أول سفينة حاويات باتجاه ميناء الحديدة غرب اليمن دون المرور بجيبوتي التي تتخذ منها آلية الرقابة والتفتيش التابعة للأمم المتحدة “أنفيم” على البضائع المتجهة إلى الموانئ التي تديرها الجماعة.
وقال محمد الحوثي، عضو المجلس السياسي الأعلى المشكل من “أنصار الله” في صنعاء، عبر “تويتر”، إن “أول سفينة تبحر محملة بالحاويات مباشرة من جدة الى ميناء الحديدة منذ الحصار والقصف للميناء من قبل العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفائه”.
ودعا الحوثي من وصفهم بـ”الأخوة في القطاع الخاص” إلى تحمل مسؤوليتهم والاستيراد عبر ميناء الحديدة لما لذلك من تخفيف من الغلاء على المواطن بنقص التكاليف.
واعتبر الحوثي “استمرار تدفق السلع عبر ميناء الحديدة خطوة صحيحة في تعزيز الثقة للمضي في سلام شامل وتأكيدا عمليا، إن استمرت، بالابتعاد عن عقلية العدوان والحصار التي لا تثمر إلا معاناة للشعب اليمني”. وأضاف أنه “ليس من المعقول بعد الآن أن تجد السعودية أي مبرر لمنع السفن التي تأتي من موانئها أو ترغمها عبور جيبوتي كما بالسابق”.
يذكر أنه في 6 أغسطس الماضي، أعلنت “أنصار الله” تخفيض رسوم الجمارك الخاصة بالبضائع الواصلة إلى ميناء الحديدة الذي تديره بواقع 49 % عن كل حاوية واعتماد سعر الدولار في المعاملات الجمركية بـ 250 ريالاً، وذلك رداً على رفع الحكومة المعترف بها دولياً سعر الدولار في المعاملات بالموانئ الخاضعة لسيطرتها إلى 500 ريال.
وتعتمد الأمم المتحدة آلية “أنفيم” للتفتيش والتحقق من البضائع والسلع المتجهة إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة جماعة “أنصار الله”، للتأكد من عدم انتهاك الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على إمدادات السلاح.