مُخطئ من يظن – وليس كل الظن إثم- أن التعويضات أو المطالبات ، المُستحق سدادها- تحت التسوية- أو المُسددة فعليًا لعملاء ، هي مجرد رقم يتم إضافته في سِجل مصروفاتها.
إختزال التعويض في كونه رقمًا ، يبرهن بما لايدع مجالًا للشك علي ضعف النظر أو قصره ، من قِبل القائمين علي هذا الملف، أو حتي مديرو الشركات ، لأسباب من بينها ذكِرا وليس حصرًا، أن ، تقوم علي “وعد” اي وعد بالتعويض، في حال تحقق الخطر – أيا كان- بعد إستنفاذ كافة الوسائل الفنية اللازمة لترويضه.
السبب الثاني هو ما تشكو منه نفسها، أقصد ضعف الوعي، ومن أهم مؤشراته عدم إدراك العميل لشروط الوثيقة ، والتي تمثل عقدًا قانونيًا بينه وبين الشركة ، ورغم أن العقد شريعة المتعاقدين، إلا أن العميل لايعي هذا – لضعف الوعي الذي تشكو منه الشركات ايضًا-.
خطورة ملف الوعي ودور الكيان الرقابي والتنظيمي لمعالجته
لن أناقش ملف ضعف الوعي- رغم أهميته- واسبابه ، والمسئول عنه، وكيفية التعامل معه، فهي نقطة رغم أهميتها ، لكن ليس هذا مكانها ، وسنستعرضها في مقالات لاحقة تفصيلًا، دون إغفال الدور الذي يلعبه الكيان التنظيمي – ممثلًا في – ، والجهاز الرقابي، – ممثلًا في – ، في هذا الموضوع والذي يُعد أساسًا من أسس إزدهار صناعة التأمين شديدة الخصوصية والتعقيد في آن واحد.
وعودة لملف التعويضات، والتي تمثل عنوان لأي ، وشهادة سمعة أو قل حُسن سير وسلوك، إذا سألت أيًا من المتعاملين مع الشركات ، عن رأيه فيها، ستسمع وجهتي نظر لا ثالث لهما، إما الإشادة ، أو سيقول فيها ما قاله مالك في الخمر، لكن الرابط المُشترك لكلا وجهتي النظر، هو الإرتباط الشرطي بين أي من أصحابها وبين إلتزام شركة التأمين وسرعتها في سداد التعويض- بالطبع من وجهة نظر كليهما-.
معني هذا أن العميل أو الزبون- ضعيف الوعي بطبعه- قد يهيل التراب علي ، لأنها لم تُسدد له التعويض المُستحق- من وجهة نظره التي قد لا تتفق مع شروط الوثيقة- وأخر قد يكتب في شركة التأمين أشعارًا تُضارع ما قاله قيس في ليلي ، لسرعة شركة التأمين في سداد التعويض المُستحق.
ولوجًا في هذا الموضوع، وتنبهًا لخطورته، سعي الإتحاد المصري للتأمين، لفت نظر السوق لخطورة هذا الملف، من واقع إدراك القائمين عليه، لأهمية التعويض للعميل ، ك، وفي نفس الوقت حفاظًا علي الصناعة، وثالثًا، لتحفيز الشركات بالإهتمام به حماية لمكتساباتها وتعظيمها والتي تتُرجم سنويًا في صورة أرباح ، بغض النظر عن كينونة تلك الأرباح سواء فنية أو محققة من عوائد الاستثمار ، فكلاهما ناتج من قسط التأمين الذي يدفعه العميل، ضعيف الوعي.
70 % من نفقات شركات التأمين في صورة مطالبات ومصروفات مرتبطة بها
الإتحاد المصري للتأمين، قال في نشرته الأسبوعية – وهي سُنة حسنة إستنها مجلسه الحالي والسابق- أن بها تستحوذ ، أو تُشكل ما يقرب من 70 % من إجمالي نفقات شركات التأمين.
ولفت إلي أن شركات تأمين الممتلكات في الولايات المتحدة الأمريكية، سددت عام 2018 ، ما قيمته 428 مليار دولار ، قيمة الخسائر و نفقات تسوية المطالبات ، وأنه وفقاً لهذا المقياس ، فيمكن أن تؤثر قيمة الخسائر المدفوعة ، والنفقات المرتبطة بها تأثيراً جوهرياً ، على ربحية .
ووصف الإتحاد المصري للتأمين، إدارة المطالبات بأنها تعمل في مفترق طرق ، ما بين تجربة العملاء مع الشركات ، من خلال تعاملاتهم معها، وما بين الأرباح المحققة من الأعمال، في إشارة الي أهمية التعامل مع بشكل خاص، كونه ليس رقمًا يتم صرفه للعميل ، بل شهادة ضمان يجب علي الشركات الحصول عليها، دون الإخلال بشروط الوثائق، أو التعنت مع العميل.
وإدراكًا لأهمية هذا الملف، فإن إدارة المطالبات تعمل في مفترق طرق ، حيث تجتمع تجربة العملاء وربحية الأعمال. فالمطالبات هي اللحظة التي يفهم فيها العملاء ، التي يتعاملون معها ، أو يشعرون بالخذلان في اللحظة الأكثر ضعفاً في علاقتهم مع شركة التأمين.
بدون المطالبات ستتحول وثيقة التأمين لورقة بوعد
بدون المطالبات، تعتبر – من وجهة نظر العملاء – ما هي إلا ورقة تحمل وعدًا معنيًا بالدفع ، و يتحقق هذا الوعد فقط في حالة تحقق مطالبة – اي حدوث الخطر وتحققه- .
و بالتالي فإن فهم هذه الأبعاد ، يولّد الفرص الثمينة ، التي يتعين على شركة التأمين الاستفادة منها ، لتقديم تجربة إيجابية ومؤثرة للعملاء ، وبناء ولائهم – وجمع بيانات قيمة تساعدها على تحسين عملياتها وخدمة عملائها في المستقبل.
ومع ذلك ، فإن تسوية المطالبات هي أيضاً اللحظة التي يتعين فيها على شركات التأمين سداد قيمة المطالبة للعميل.
حاول المصري للتأمين- بحكم مسئولياته – شرح أهمية وأبعاد ملف تعويضات التأمين، وأنه سيظل الرقم الأكثر خطورة ويتحدد علي أساسه – وغيره بالطبع- مستقبل الصناعة في اي دولة وليس في مصر وحدها، بعرض بعض الإحصاءات المُعبرة حينا والكاشفة أحيانا.
لاتخاذ خطوة أبعد ، راجع المتخصصون في KPMG تكاليف تسوية المطالبات ، في ، متعددة المخاطر ، لفهم الخطوات التي تتم بها عملية المطالبات ، و التي تؤدي إلى زيادة الخسائر ، ووُجد في هذا النوع من الأعمال أن 85٪ من تكاليف تسوية الخسائر مرتبطة بأربع مراحل.
المرحلة الأولي وهي التقاضي وتُشكل 55% ، مقابل 10% للمرحلة الثانية وهي التحقيق، ومثلها للتقييم وأخري للإحتياطي.
المقصود والمغزي من ذلك ، أن استثمار في فهم العميل و الحد من حالات التقاضي ، يعني توفير الملايين لشركات التأمين ، وأن العلاقة الحساسة- حسب وصف الإتحاد- بين تجربة العميل وتكاليف المطالبة أدت إلى إجبار شركات التأمين ، تقليدياً على إجراء مفاضلة بين الاثنين.
شركات التأمين أمام خياران كلاهما مُر
بمعني أن هناك خياران أمام ، الأول مرتبط بالمفاضلة بين تكبد خسائر أعلي- الخسائر المقصودة هنا هي التعويضات- لكن ستضمن رضاء العميل ، حتي وإن أدي ذلك إلي تسرب التعويضات مقابل خفض نفقات تسوية الخسائر ، او اللجوء للتقاضي بين العميل وشركات التأمين- بغض النظر عن من يبادر بهذه الخطوة-.
الخيار الثاني، هو إنحياز شركات التأمين إلي الكفاءة التشغيلية ، للحد من تسرب التعويضات او المطالبات، لكنها ستتكبد نفقات أعلي في حال اللجوء للتقاضي، والتي يتم إنفاقها علي المطالبة للحد من المدفوعات او المطالبات، لكن مقابل ذلك ستخسر رضاء العميل.
لاينكر عاقل أن كلا الخيارين مُر، وأن المفاضلة بينهما صعبة، لكن التوازن بين كسب بإعتباره المُستهلك الرئيسي، وبين الإلتزام بالضوابط القانونية ، أمرًا ليس مستحيلًا وإن كان صعبا، لكن في النهاية سيظل تعويض التأمين هو السفير الحقيقي لاي شركة تأمين في أي سوق.