واصلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج، انتعاشها منذ تحرير سعر صرف الجنيه فى نوفمبر 2016 وحتى الآن، لتستمر فى تعزيز النقد الأجنبى، فى مواجهة أزمة جائحة فيروس كورونا والتى تسببت فى توقف حركة الطيران والسياحة والتجارة عالميا.
واستمرت تدفقات أموال المصريين بالخارج فى الصعود خلال 11 شهرًا من العام المالى الماضى، بالرغم من تأثر باقى مصادر النقد الأجنبى الأخرى، نتيجة الإجراءات التى اتخذتها دول العالم إثر تداعيات الجائحة.
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الفترة من يوليو إلى مايو من السنة المالية 2020/2021 بنسبة %13 أو بقيمة 3.3 مليار دولار، لتسجل 28.5 مليار دولار خلال 11 شهرا مقابل نحو 25.2 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالى السابق 2019/ 2020، بحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزى.
كما أظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى ارتفاع تلك التحويلات خلال شهر مايو 2021 بمعدل سنوى بلغ %45.2 لتسجل نحو 2.6 مليار دولار (مقابل نحو 1.8مليار دولار خلال مايو 2020).
وفى أكتوبر الماضى، قال تقرير صادر عن البنك الدولى، فى موجز حول الهجرة والتنمية عالميا، إنه رغم الأزمة الاقتصادية الناتجة عن «كورونا»، سيواصل المصريون بالخارج تحويل الأموال داخل مصر، بالتزامن مع توقعات بانخفاض التحويلات إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة %8 فى عام 2020 لتصل إلى 55 مليار دولار بسبب استمرار التباطؤ العالمى المتوقع.
فيما قالت هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن مستهدفات خطة التنمية الاقتصادية خلال العام المالى الحالى تتضمن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 30 مليار دولار مقابل 25.2 مليار فى عام 2018-2018، بحسب بيانات صادرة عن وزارة التخطيط.
ويرى خبراء مصرفيون أن الزيادة فى تحويلات المصريين العاملين بالخارج رسالة ثقة المؤسسات الدولية عن ثبات الاقتصاد المصرى رغم الأزمات، وتعكس ثقة المصريين المقيمين بالخارج فى الاقتصاد المصرى عن عدم تعرض أموالهم لأى مظهر من مظاهر الاضمحلال فى المستقبل القريب أو البعيد ما يعزز من الاستثمار الأجنبى المباشر والاحتياطى الأجنبى.
وارتفع احتياطى النقد الأجنبى لمصر نهاية يوليو 2021 إلى 40.609 مليار دولار مقارنة بقيمة 40.584 مليار دولار نهاية يونيو الماضى بزيادة 25 مليون دولار، بحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى.
كما توقع الخبراء استمرار صعود تحويلات المصريين المقيمين بالخارج، لعدة أسباب، منها اكتشاف اللقاح، وقلة حدة الموجة الرابعة مقارنة بالموجات السابقة، ما يدفع إلى الازدياد النسبى للمصريين العاملين بالخارج.
وليد ناجى: توقعات بمواصلة الصعود خلال الموجة الرابعة من «كورونا»
ويرى وليد ناجى نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى العربى إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج من أهم مصادر العملة الصعبة لمصر، تأتى فى المرتبة الثانية بعد التصدير للخارج، موضحًا أن العمالة المصرية بالخارج تتميز بالتنوع بحسب نوع العمل، بمختلف الدول حول العالم.
وتوقع نائب رئيس مجلس إدارة البنك أن الموجة الرابعة لن تكون فى حدة الأمواج الماضية من التداعيات على السوق المحلية والعالمية، مشيرا إلى أننا تخطينا الموجة الثالثة بزيادة 3.3 مليار جنيه، لذا فإن تحويلات المصريين بالخارج لن يقابلها انخفاض خلال الموجة الرابعة، بل تحقق نموا خلال الفترة المقبلة.
وأشار ناجى إلى أن التلقيح الخاص بوزارة الصحة للمواطنين ضد كورونا قبل السفر يمنح الدول الأخرى الثقة والأمان للمصريين المسافرين للخارج، ويليه زيادة فى عدد المسافرين، التى يعقبها ارتفاع فى التحويلات الوافدة من الخارج.
وأشار إلى أن ثبات أو زيادة قيمة تحويلات المصريين بالخارج مؤشر جيد لسلامة الاقتصاد المصرى، تعطى رسالة جدية عن السوق المصرية للمؤسسات الدولية، بأنه فى ظل الأزمات العالمية إلا أن ثانى أكبر مصدر للعملة الأجنبية فى مصر فى حالة نمو.
ماجد فهمى: ارتفاع التدفقات يشير إلى قوة الاقتصاد المحلي وقت الأزمات
كما أكد ماجد فهمى، رئيس مجلس الإدارة السابق بنك التنمية الصناعية، أن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج هى رد فعل لاستقرار الوضع السياسى والاقتصادى للدولة، وهذا يمنح الاقتصاد المصرى أمام العالم الثقة.
وأضاف فهمى أن تلك الزيادة تمنح أيضا المواطن المصرى المقيم بالخارج الأمان في تحويل أمواله للسوق المصرية دون خوف، مضيفا أن النتائج الفعلية تشير إلى أن تداعيات أزمة كورونا لم تؤثر على تلك التحويلات.
كما توقع صعود تحويلات المصريين بالخارج خلال الفترة المقبلة مدفوعة بتفهم الأسواق العالمية كيفية مسايرة عملها خلال تداعيات كورونا، كما أن لقاح كورونا يحد من سلبيات الفيروس محليا وعالميا.
محمد عبدالعال: استمرار الارتفاع يعكس سلامة المؤشرات الكلية
ويرى محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق، إن استمرار تحويلات المصريين بالخارج فى الزيادة للشهر السابع على التوالى يعكس سلامة المؤشرات الاقتصادية داخل السوق المصرية، إضافة إلى أنه يعكس ثقة المصريين المقيمين بالخارج فى الاقتصاد عن عدم تعرض أموالهم لأيٍ من مظاهر الاضمحلال فى المستقبل القريب أو البعيد.
كما يعكس زيادة تحويلات المصريين بالخارج استقرار الجنيه المصرى مقارنة بالعملات الأخرى، على شقى سعر الصرف، أو شق الفارق الحقيقى بين معدل التضخم، والفائدة على الأوعية الادخارية التى توفر بالجنيه المصرى داخل السوق، وهذا ما أشارت إليه المؤسسات الدولية فى الفترة الاخيرة من استقرار الدولار مقابل الجنيه المصرى بين 15.65 إلى 15.85 خلال العام الجارى، بحسب ما قاله عبد العال.
وتأكيد لذلك توقع بنك استثمار بلتون أن يسجل الجنيه متوسط سعر صرف 15.78 جنيه للدولار فى عام 2021 مع توقعات بارتفاع قيمة الجنيه على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب تقرير له صدر حديثا.
فيما توقع تقرير صادر عن فاروس حدوث تقلبات طفيفة فى سعر الصرف مع الحفاظ على متوسط سنوى عند حدود 15.91 جنيه للدولار فى السنة المالية الحالية مقابل 16.32 جنيه فى السنة الماضية، وأن يسجل متوسطا 16 جنيها فى السنوات الثلاث التالية حتى عام 2023/ 2024.
وأشار عبد العال إلى أن نمو نشاط العقارى الذى شهده فى الأونة الأخيرة وجاذبية الاستثمار به أدى إلى جذب مزيد من التحويلات الدولارية من المصريين العاملين بالخارج بهدف الاستثمار فى ذلك القطاع.
وأضاف أن تحويلات المصريين بالخارج تعزز كل من تدفقات الاستثمار الأجنبى، والودائع بالعملة الأجنبية داخل القطاع العائلى، ما أدى إلى صعودها فى الفترة الأخيرة.
وارتفع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى، مقارنة بالفترة المناظرة من العام المالى السابق 2019/ 2020 والذى سجل فيه 970 مليون دولار، حيث وصلت نسبة الارتفاع %47.3، ليبلغ 1.429 مليار دولار، بحسب بيان صادر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.
وصعد إجمالى الودائع بالعملة الأجنبية غير الحكومية خلال الستة أشهر الأولى من العام الجارى بقيمة 252.1 مليون دولار، لتصل إلى 41.675 مليار دولار فى نهاية يونيو الماضى، مقابل 41.233 مليار دولار فى ديسمبر الماضى، بحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزى المصرى.
كما صعدت ودائع تحت الطلب بالعملات الأجنبية لدى القطاع العائلى بمقدار 51.3 مليون دولار فى 6 أشهر، لتسجل 3.4 مليار دولار فى يونيو الماضى، مقابل 3.348 مليار دولار فى ديسمبر 2020.
وتوقع عبد العال استمرار النمو فى تحويلات المصريين بالخارج نتيجة الازدياد النسبى للمصريين العاملين بالخارج ونوعيتهم من الخبراء، واستمرار النمو والتنمية، وبشكل خاص مع قلة حدة تداعيات الأزمة الراهنة عن الفترات السابقة.
ويرى عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق أن تحويلات المصريين المقيمين فى الخليج تمثل النسبة الأكبر من إجمالى التحويلات للمصر، متوقعا صعودها خلال الفترة المقبلة.