أصبح مجال الرعاية الطبية الرقمية يلعب دورا مهما خاصة بعد جائحة «كورونا» وانتشار التطبيب عن بُعد وعمل التحاليل والأشعة من المنزل ومحاولة الحصول على الموافقات الطبية بالهاتف أو البريد الإلكترونى أو عبر التطبيقات الإلكترونية لشركات التأمين أو الرعاية المتعددة الجنسيات فى مصر لقدرتها الفائقة على جذب المريض وتقديم خدمة جيدة وميسرة وسريعة له بدون إهدار للوقت والجهد.
وأكد القائمون على المجال الطبى أن التحول الرقمى فتح شهية المستثمرين وأصحاب الأعمال لاختراقه إلا أنهم تجادلوا حول إيجابياته وسلبياته التى تعددت، فمنهم من قال إن وجوده يستهدف رفع مستوى الخدمة وتعظيم حجم الأقساط التأمينية وتنمية قاعدة العملاء والقدرة على جمع البيانات وتحليلها، أما الجانب السلبى فانحصر فى المخاطر التى تواجه العملاء فى التشخيص أو الغش والتحايل على الشركات.
فتحى: هناك مخاوف من الخطأ فى التشخيص وحالات الغش
وقال الدكتور شريف فتحى يوسف العضو المنتدب لشركة «عناية» للرعاية الصحية إن التحول الرقمى فتح شهية المستثمرين فى القطاع الطبى بالرغم من إمكانية خلق ذلك التحول لمخاطر طبية غير متوقعة.
وأضاف أن كل مقدمى الخدمة الطبية يتجهون بشدة نحو الرعاية الطبية الرقمية خاصة منذ بداية جائحة «كورونا» وانتشار التطبيب عن بُعد، لافتا إلى أنه لامفر من أن يعرض المريض على الطبيب فى غالبية الأحيان تفاديا لخطأ التشخيص .
وأشار إلى الإقبال الكبير من جانب كافة الجهات الطبية للاستثمار فى المنصات الإلكترونية وأبرزها معامل التحاليل والأشعة وشركات الأدوية وعمل تطبيقات توصيل خدماتها للمنازل وإمكانية عرضها على الأطباء إلا أن ذلك لايعد آمنا طوال الوقت ولابد أن يحدث خطأ ما فى التشخيص وعلى خلفيته خطأ فى العلاج.
وأوضح أنه بالرغم من اتجاه القطاع الطبى للتحول الرقمى فإن ذلك سيرفع من معدل احتكار السلاسل الطبية الرقمية على السوق وإصابة السلاسل الصيدلية على سبيل المثال بالركود لكونها أصبحت منافسا خطيرا يمتلك المال والتكنولوجيا وهى مخاطر لم تكن فى الحسبان ولها سلبياتها الجسيمة خاصة مع عدم وجود رقيب عليها بالرغم من مزايا التحول الرقمى.
وأشار إلى أن وجود مثل هذه السلاسل الطبية يمكن أن يغلق الكثير من الصيدليات والعيادات لذا لابد أن تكون هناك رقابة محكمة عليها وألا تكون جهة أو إثنتان فقط مقدمتين لنوعية واحدة من الخدمة وتحملان تكلفتها على العميل.
واعترف بأن استخدام التحول الرقمى لن يمنع الغش وسوء الاستخدام خاصة وأنه يمكن أن يحدث تواطؤ ما بين العميل وأحد الأطباء أو الجهات مقدمة الخدمة واستخدام السيستم لاستكمال عملية التحايل إلا أن منصات الذكاء الاصطناعى هى التى تقوم بالحد بشكل كبير من الغش لقدرتها الكبيرة على تجميع البيانات وتحليلها وعمل ملفات طبية لكل عميل مع إمكانية القدرة على كشف سحب أدوية معينة عدد مرات متكررة بشكل مبالغ فيه وإعطاء إنذار لشركة الرعاية الطبية أو التأمين.
ولفت إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعى يمكن شركة التأمين أو الرعاية أو الجهة المقدمة للخدمة من عمل إجراءات دقيقة لتسليم المستندات الطبية وتسليمها بشكل معين – مكودة وذات علامة مائية سليمة- وآمن.
وتابع إن توفير نظام إلكترونى جيد للكشف عن تزوير المطالبات مزود برموز وحروف والتغطيات والتكاليف ويسمح بالمراجعة الذاتية من أهم احتياجات شركات الرعاية الطبية مستقبلا.
وأكد ضرورة إعادة كل مؤسسة طبية تقييم التزاماتها للمخاطر والتكاليف المطلوبة لذلك وكيفية تحميلها ضمن مصروفات الشركة وعلى العميل أيضا مقابل تقديم خدمة جيدة وميسرة له.
ولفت إلى ضرورة تدريب العاملين بالشركات على استخدام منصات الذكاء الاصطناعى والتطبيقات الإلكترونية قبل إطلاقها وكيفية ضمان عدم اختراقها مع إعداد قائمة سوداء توضع بها أى جهة بالقطاع ثبت تورطها فى أى عملية غش.
جميل: التحول التكنولوجى أولوية كبيرة للمستثمرين
من جانبها، قالت الدكتورة دينا جميل الرئيس التنفيذى لقطاع الأعمال ورئيس قطاع الطبى سابقا فى شركة «اللبنانية السويسرية» لتأمينات الحياة التكافلى إن نمو قطاع الرعاية الطبية الرقمية يخلق مخاطر غير متوقعة بل بالعكس فلا توجد له أى جوانب سلبية باعتباره موفرا للوقت والجهد لكافة أطراف العملية التأمينية .
وأضافت أن الرعاية الطبية الرقمية بدأت تمثل أولوية كبيرة للمستثمرين نظرا لإقبال الجمهور عليها خاصة بعد تفشى فيروس كورونا«covid19» أبرزها التطبيب عن بُعد نظرا للظروف الحالية ومحاولة تقليل الإصابات وتلقى رعاية طبية متميزة من دون اختلاط.
وأشارت إلى أنه حاليا توجد مراكز تحاليل تقوم بإرسال مندوبيها للحصول على العينات من المنازل وإرسال النتائج عبر البريد الإلكترونى بدون تحرك المريض من موقعه .
وأوضحت أن هناك تطبيقات كثيرة للحجز لدى الأطباء وشراء الأدوية عن طريق الإنترنت وتوصيلها إلى المنازل ومحاولة العثورعلى الدواء الناقص بالسوق مما يرفع من مستوى الحفاظ على الصحة وبالتالى الإنتاجية بشكل عام .
وتابعت إن السلاسل الدوائية ستتأثر بالسلب ما لم تطور نفسها على غرار التراجع الكبير لإحدى الشركات العالمية المعروفة تسويقيا بالرغم من جودة منتجاتها فإن عدم مواكبتها للتحديث فى الإدارة والإنتاج واستخدام التكنولوجيا جعل شركات كثيرة أصغر منها تتقدم عليها وأصبحت فى مصاف الشركات المعروفة.
وأكدت أن التطبيقات الرقمية فى كافة مجالات الرعاية الطبية تعمل على تحريك الطلب من فئة كبيرة من العملاء ممن لديهم قدرة شرائية عالية، بالإضافة إلى أنها ستقلص إلى حد كبير من حجم الغش والاحتيال الذى كان يمارس داخل بعض الجهات الطبية من خلال إمكانية تزوير الأوراق والحصول على تعويضات وهمية وغير مستحقة أو الحصول على أدوية وبيعها.
وأوضحت اتجاه قطاع الرعاية الطبية نحو تسويق خدماته رقميا أو مايعرف بالـ«ديجيتال» كأحد أهم الحلول التكنولوجية الجديدة التى تحد من سوء الاستخدام أو الغش والاحتيال علاوة على تيسيرها للحصول على الخدمة الطبية من خلال سهولة الوصول إلى مقدم الخدمة الطبية .
وأشارت إلى أهمية الذكاء الاصطناعى فى مجال الرعاية الطبية الرقمية خلال الفترة المقبلة والذى سيلعب دورا غاية فى الأهمية من خلال تجميعه لبيانات المرضى والتنبؤ بحالتهم الصحية المستقبلية ومايمكن اتخاذه من إجراءات وقائية حيال ذلك أو التعامل الطبى ودرجة التدخل وهو ما يساهم فى تحسن الحالات الصحية بناء على جودة الخدمات المقدمة عبر هذا النوع من الذكاءات أو الحلول الجديدة.
الزين: كل الجهات تضع التطبيقات الإلكترونية فى خطتها المستقبلية
من ناحيتها، قالت فاطمة الزين مدير تطوير الأعمال لشركة الأولى للخدمات الطبية «برايم هيلث» إن التحول الرقمى فتح شهية المستثمرين فى القطاع الطبى لأن الرؤية المستقبلية لأى شركة تقوم على التخطيط المبكر لعوامل النمو سواء إدارية أو تسويقية أو إنتاجية .
وأضافت أن الجهات الطبية فى مصر بدأت تتجه إلى التحول الرقمى باستخدام التطبيقات الإلكترونية الخاصة بالحجوزات الطبية أو الحصول على الموافقات الطبية لدخول المستشفيات أو التطبيب عن بُعد .
وأوضحت أن الرعاية الطبية الرقمية لها إيجابيات متعددة أهمها أنها ساعدت فى حل مشكلة التشخيص لكثير من الأمراض لكن هناك مخاطر كبيرة مثل صعوبة أو استحالة تشخيص الأمراض الحرجة والمزمنة أونلاين بشكل سليم دون وجود أخطاء.
وأكدت أن غالبية العامة من الجمهور غير مؤهلين نفسيا ومعنويا للتعامل مع الرعاية الطبية الرقمية بالرغم من اضطرارهم لذلك خلال أزمة «كورونا» علاوة على أن النسبة الأكبر من المرضى من كبار السن وهم فى بعض الدول العربية غير مجهزين للتعامل مع التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية.
وتابعت إنه لايزال أمامنا وقت طويل لاختراق الرعاية الطبية الرقمية جميع الشرائح المجتمعية والأعمار إلا فيما ندر مثل توصيل الدواء للمنازل وسحب عينات التحاليل وعمل نوعيات معينة من الأشعات الطبية .
ولفتت إلى أن الرعاية الطبية الرقمية تحتاج إلى أن يكون هناك سقف معين للفحوصات التى تجرى وعدد مراتها بالشهر الواحد لذات العميل لتفادى مخاطر التشخيص أو الغش والتحايل والذى يشكل نسبة كبيرة بالقطاع الطبى سواء فى الواقع العملى أو رقميا.
وأشارت إلى أن هناك حالات غش تمت متابعتها وإثباتها من جانب قلة من مقدمى الخدمة الطبية ممن كانوا يرغبون فى رفع نسبة تعويضاتهم بدون وجه حق.