يتوقع معهد «سويس رى» لأبحاث التأمين العالمية نمو أقساط جميع أنواع التأمينات بحوالى %3.3 هذا العام و%3.9 العام القادم بعد انخفاضه %1.3 فقط خلال عام الوباء لتستعيد صناعة التأمين عافيتها بأسرع مما شهدته خلال الأزمة المالية العالمية عندما هبط نموها بحوالى %3.7 عام 2008 وتعافى ببطء بنسبة %0.5 و%2.1 خلال عامى 2009 و2010 على الترتيب.
وأكد المعهد الذى يتخذ من مدينة زيوريخ السويسرية مقرا له أنه يتوقع ارتفاع إجمالى أقساط التأمين على مستوى العالم مع نهاية العام القادم إلى أكثر من 7 تريليونات دولار لأول مرة فى تاريخها بعد أن تجاوز النمو فى حجمها %10 برغم انخفاض أسعار الفائدة ومخاطر التضخم خلال النصف الأول من العام الجارى بالمقارنة بمستوى ما قبل وباء كورونا.
وقال فيرناندو كازانوفا ايزبون الخبير الاقتصادى بمعهد «سويس رى» إن التحفيزات النقدية والمالية غير المسبوقة للأفراد والشركات والتدابير الوقائية السريعة التى نفذتها العديد من الحكومات بالدول المتقدمة والنامية لدرجة أنه جرى تطعيم أكثر من 4 مليارات نسمة فى العالم حتى الأن ضد مرض كوفيد 19 ساعدت على انتعاش اقتصادى قوى بأسرع من توقعات المحللين مما جعل المعهد يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى إلى %5.8 هذا العام ليسجل مستوى قياسياً مرتفعاً فى تاريخه.
أليانز تتوقع نموا قويا بأكثر من %5.1 هذا العام
ولذلك توقعت شركة أليانز الألمانية فى تقريرها عن التأمين العالمى الصادر مؤخرا نموا قويا لصناعة التأمين مع زيادة إجمالى الأقساط العالمية بأكثر من %5.1 هذا العام بقيادة الصين بارتفاعه %13.4 والولايات المتحدة بما يزيد عن %5.3 بينما ستنتعش أقساط التأمين على الحياة بأكثر من 5.7 %لتتفوق على قطاع التأمين العقارى والإصابات الذى من المتوقع أن تنمو أقساطه بنسبة %4.2 .
وجاء أيضا فى تقرير شركة أليانز أن صناعة التأمين لم تتأثر كثيرا فى عام الوباء حيث تراجعت إيرادات أقساط التأمين على مستوى العالم بنسبة %3.1 فقط فى عام 2020 وهبط نشاط التأمين على الحياة بحوالى %4.1 بينما سجل قطاع التأمين على العقارات ارتفاعا طفيفا بلغ %1.1
ويرى رومان ليشنر الخبير الاقتصادى بالمعهد أن الانتعاش الاقتصادى لن يكون بنفس المستوى فى جميع الدول لأنه يعتمد بدرجة كبيرة على قدرة التطعيمات على السيطرة على فيروس كورونا وتقليص أعداد الإصابات والوفيات التى تجاوزت 200 مليون حالة و أكثر من 4.3 مليون ضحية على مستوى العالم حتى الآن.
ورغم ارتفاع التضخم الذى يعد من مخاطر الأجل المتوسط على أقساط التأمين ولاسيما لشركات التأمين على جميع الأنواع بخلاف التأمين على الحياة إلا أن شين داى محلل أسواق التأمين والخبير الاقتصادى بمعهد «سويس رى» يتوقع نظرة مستقبيلة إيجابية لصناعة التأمين العالمية بعد أن زاد إدراك المستهلكين والشركات بمخاطر وباء كورونا وارتفع الطلب القوى منهما من خلال الأونلاين على التأمين بجميع مجالاته.
شركات التأمين تقدم خدمات «ديجيتال» منذ تفاقم العدوى
وأدركت شركات التأمين ضرورة تقديم خدمات تأمينية ديجيتال وتوفير العديد من المنصات السهلة والسريعة للأفراد والشركات منذ تفاقم العدوى من فيروس كورونا الذى جعلها تواجه منافسة مع لاعبين غير تقليديين دخلوا أسواق التأمين أثناء قيود الوباء التى فرضتها الحكومات والإغلاقات للعديد من الأنشطة الاقتصادية للحد من انتشار العدوى.
وأكد توماس هولزهيو الخبير الاقتصادى بالمعهد لوكالة رويترز أن الوباء لم يقلص من رسملة الشركات أو قدرتها المالية مما سمح لها ببيع بوالص جديدة وزيادة إيراداتها من خدمات التأمين الأونلاين مع تزايد إدراك الأفراد والشركات بمخاطر كورونا وبفضل التحفيزات الحكومية وبرامج الدعم لمواجهة كوفيد 19 بينما كان من الصعب بيع بوالص جديدة أثناء الأزمة المالية العالمية عندما كانت شركات التأمين تعانى من خسائر فادحة وتواجه استنفاد دخول الأفراد وإيرادات الشركات ونمو اقتصادى ضعيف.
وجاء فى تقرير معهد «سويس رى» الصادر نهاية شهر يوليو الماضى أن هناك طلبا قويا وأكثر مرونة على التأمين منذ العام الماضى وحتى الآن ومن المتوقع أن يستمر لسنوات قليلة قادمة على عكس سنوات الأزمة المالية العالمية التى كانت فيها صناعة التأمين جزءاً من المشاكل التى كبدت الأسواق المالية خسائر فادحة.
التأمين التجارى يقفز %18
وسجلت أسعار التأمين التجارى على مستوى العالم ارتفاعا كبيرا بلغ %18 فى المتوسط خلال الربع الأول من العام الجارى بالمقارنة بعام الوباء وانتعشت أيضا شركات التأمين على العقارات والإصابات فى الولايات المتحدة ومنها شركة ترافلرز التى تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها والتى قفزت أسعار أسهمها بأكثر من %44 خلال النصف الأول من العام الجارى بفضل ارتفاع أقساط التأمين وانخفاض خسائر الكوارث وارتفاع عوائد الاستثمارات .
وأشار ألان شنيتزر المدير التنفيذى لشركة ترافلرز إلى استمرار الأرباح القوية المتوقعة مع نهاية هذا العام بفضل قدرتها على رفع أسعار بوالص التأمين على القطاع التجارى ومنها وحدات التأمين على العقارات والشركات والسندات والأصول الخاصة لتتفوق إيراداتها على الخسائر أو التعويضات المرتقبة خلال الشهور القادمة ولكنه يتوقع نتائج أضعف على أنشطة التأمين على السيارات بسبب ارتفاع التكاليف وتغيير أنماط القيادة وتزايد استخدام السيارات المستعملة مع خروج الأمريكيين من العزلة التى فرضها كورونا معظم شهور العام الماضى.
النتائج القوية لترافلرز تعد مؤشرا إيجابيا
وتعد النتائج القوية التى أعلنتها ترافلرز عن الربع الثانى مؤشرا إيجابيا لبقية شركات التأمين الأخرى التى ستعلن نتائجها خلال الأسابيع القادمة حيث قفز صافى استثمار ترافلرز قبل خصم الضرائب بحوالى %300 ليتجاوز 818 مليون دولار لأن العوائد المرتفعة على الأصول غير الثابتة عوضت الضعف فى أصول الدخل الثابت التى تعانى من تدنى أسعار الفائدة.
وارتفع صافى حجم أقساط التأمين الذى يعد مقياسا لإيرادات ترافلرز بأكثر من %11 ليتجاوز 8.14 مليار دولار خلال الربع الماضى المنتهى 30 يونيو بينما بلغت الأرباح المعدلة أو الأساسية 879 مليون دولار أو ما يعادل 3.45 دولار للسهم بزيادة كبيرة عن توقعات المحللين فى مؤسسة ريفينيتيف والتى توقفت عند 2.39 دولار للسهم بالمقارنة مع خسارة 50 مليون دولار أو 20 سنتا للسهم خلال نفس الربع من عام الوباء بسبب تعويضات العواصف الهوجاء و الدعاوى المرتبطة بالاضطرابات المدنية.
تطعيم %60 من الأمريكيين ساعد على احتفاظ ترافلرز بعملائها
وساعد تطعيم حوالى %60 من الأمريكيين على احتفاظ شركة ترافلرز بعملائها والتوسع فى أنشطة التأمين على العقارات والسيارات ليرتفع إجمالى إيراداتها بحوالى 17 %ليصل إلى 8.69 مليار دولار ومكاسب اكتتاباتها underwriting إلى 324 مليون دولار خلال الربع الماضى مقابل خسائر 280 مليون دولار فى نفس الربع من عام 2020 بينما هبطت خسائر الكوارث إلى 475 مليون دولار من 854 مليون دولار خلال نفس الفترة.
وسجلت أيضا شركة ميتلايف الأمريكية لتأمينات الحياة التى تتخذ من مدينة نيويورك مقرا لها انتعاشا واضحا فاق توقعات المحللين حيث أعلنت أن أرباحها المعدلة تجاوزت 2.1 مليار دولار أو 2.37 دولار للسهم خلال الربع الثانى المنتهى 30 يونيو الماضى بفضل قوة الاستثمارات التى قفز صافى عوائدها بحوالى %29 إلى أكثر من 5.28 مليار دولار لتغطى على التعويضات المرتبطة ببوالص التأمينات ضد الأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا وبالمقارنة مع 758 مليون دولار أو 83 سنتا للسهم خلال نفس الربع من عام الوباء
وقفزت الأرباح المعدلة لشركة ميتلايف بنسبة %72 خلال الربع الماضى لتعوض أداءها الضعيف فى أسواقها المنتشرة فى أمريكا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا والتى زادت فيها تعويضات بوالص التأمين ولاسيما فى البرازيل والهند وجنوب أفريقيا التى بلغت فيها أعداد الإصابات ما يزيد عن 20 مليون و32 مليون و 2.5 مليون حالة على الترتيب.
انتعاش القطاع فى منطقة الخليج
ومن ناحية أخرى انتعشت أيضا شركات التأمين فى منطقة الخليج مع ارتفاع أسعار البترول وانحسار قيود الوباء ومنها شركة أورينت للتأمين الإماراتية المدرجة فى سوق المال بدبى والتى ارتفعت أرباحها الصافية ، خلال الربع الثانى من العام الجارى بنسبة %2 لتسجل 106.7 مليون درهم بالمقارنة بنفس الربع من العام الماضى.
ويرجع ارتفاع أرباحها الصافية إلى تحسن صافى الأقساط المكتتبة بنحو %24 خلال نفس الفترة وإلى نمو الدخل من الاستثمارات بـحوالى %27 ليرتفع صافى أرباح الشركة %10 إلى 297 مليون درهم وبربحية سهم 59 فلسًا للسهم خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة مع نفس النصف من عام الوباء.
ومع ذلك كانت أرباح شركة أورينت الإماراتية للتأمين ارتفعت بأكثر من %454 بنهاية عام 2020 لتصل إلى حوالى 6.2 مليون درهم مقابل 1.11 مليون درهم فى عام ما قبل الوباء.
ارتفاع أرباح «القطرية» بفضل الاستثمارات
وصعدت الأرباح الصافية لشركة QLM لتأمينات الحياة والتأمين الصحى القطرية خلال النصف الأول من عام 2021 بنسبة %9.9 بالمقارنة بنفس النصف من العام الماضى لتصل إلى 55.4 مليون ريال ودعم نمو الأرباح للشركة التى أًدرجت فى بورصة الدوحة بداية العام الجارى ارتفاع إجمالى الإيرادات بنسبة %8.9 وصولا إلى 78.3 مليون ريال مع زيادة المبالغ المستردة من إعادة التامين بنسبة %143 إلى 46.5 مليون ريال وارتفاع صافى ايرادات الاستثمار إلى نحو 20.8 مليون ريال وتراجع المصروفات التشغيلية والإدارية بنسبة %4 لتنزل الى 22.3 مليون ريال بنهاية يونيو من هذا العام.
وزادت أيضا أرباح شركة الدوحة للتأمين القطرية بنهاية النصف الأول من عام 2021، بنسبة %26.5 مقارنة بنفس الفترة من عام الوباء لتصل إلى أكثر من 40.5 مليون ريال وساعد على نمو الأرباح نصف السنوية للشركة إرتفاع صافى أقساط التأمين بنسبة %33 لتتجاوز 257 مليون ريال علاوة على ارتفاع إيرادات الاستثمار بنسبة %26.6 لتصل إلى أكثر من 27.6 مليون ريال.
ارتفعت أرباح مجموعة الدوحة للتأمين فى الربع الثانى من العام الجارى بنسبة %157 مقارنة بالربع المقابل من العام الماضى إلى 17.7 مليون ريال كما صعدت أرباح المجموعة بنهاية النصف الأول من العام الجارى بنسبة %1.4 على أساس سنوى إلى 35.4 مليون ريال.
وقفزت أرباح شركة الخليج للتامين التكافلى القطرية فى الربع الثانى من عام 2021 بنسبة %114على اساس سنوى لتصل الى 11.2 مليون ريال كما نمت أرباح الشركة فى النصف الأول من العام الجارى بنسبة %53.5 قياسا بالفترة المقابلة من العام الماضى بدعم من ارتفاع إجمالى إيرادات التكافل بنسبة %20 لتتجاوز 82.6 مليون ريال.
سوق التأمين السعودية تتكبد خسائر
لكن سوق التأمين السعودية تعرضت لخسائر هذا العام كما أكد جونسون فارجيز الرئيس التنفيذى لشركة ولاء للتأمين التعاونى الذى يرى أن سبب تحول الشركة للخسارة فى النصف الأول من هذا العام هو ارتفاع صافى المطالبات ولاسيما فى قطاع التأمين الصحى بسبب الوباء وقطاع السيارات اللذين كانا من أبرز القطاعات التأمينية المتضررة.
ويشعر جونسون فارجيز بالتفاؤل حيال تحقيق الشركة نتائج أفضل خلال النصف الحالى بفضل العقد الذى وقعته الشركة مع عملاق البترول السعودى شركة أرامكو لتقديم تغطية تأمينية لمنتجاتها والذى يقدر قيمته بحوالى %20 من إجمالى أقساط التأمين لشركة ولاء ليزيد من أرباحها علاوة على عملية الإندماج مع ساب تكافل والتى ستتم خلال الربع الأول من العام المقبل وستحصل ولاء على المزيد من رأس المال بسبب الاتفاقية.
ولكن صافى الأرباح قبل خصم الزكاة لشركة ولاء هبط إلى 10.5 ملايين ريال خلال الربع المنتهى فى 30 يونيو بالمقارنة مع 28 مليون ريال خلال نفس الربع من عام الوباء بسبب الارتفاع فى صافى مطالبات التعويضات ومصاريف الاكتتاب الأخرى والتكاليف العمومية والإدارية.
وتكبدت شركة ولاء أيضا خسائر قبل الزكاة بلغت 13 مليون ريال خلال النصف الأول مقابل أرباح بمقدار 17.5 مليون ريال نفس الفترة على أساس سنوى وارتفعت خسائرها خلال الربع الأول من العام الجارى بأكثر من %103 نتيجة زيادة صافى المطالبات بنسبة %24 ومع ارتفاع الاحتياطيات الفنية الأخرى بنسبة %103.
البنك الدولى يتوقع استمرار انتعاش «الخليج»
ومع ذلك من المتوقع استمرار انتعاش شركات التأمين فى منطقة الخليج بعد أن أعلن البنك الدولى فى تقرير صادر بداية الشهر الجارى أن اقتصادات مجلس التعاون الخليجى ستنمو على الأرجح بمعدل كلى %2.2 فى العام الجارى مع انتعاش أسعار البترول لتتجاوز 70 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ شهور طويلة بعد انكماش اقتصاداتها %4.8 فى العام الماضى بسبب جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.
وقال البنك فى تقريره إنه فى ظل تحقيق تقدم فى الفترة الأخيرة فى توزيع لقاحات كورونا على مستوى العالم وانتعاش الإنتاج والتجارة فإن احتمالات التعافى الاقتصادى أقوى الآن عنها فى نهاية العام الماضى برغم استمرار المخاطر الناجمة عن كوفيد 19 غير أن التوقعات تشير إلى نقلة إيجابية كلية لاقتصاد مجلس التعاون الخليجى بمتوسط نمو سنوى %3.3 فى العامين القادمين واستمرار ارتفاع أرباح شركات التأمين فى منطقة الخليج خلال فترة ما بعد كورونا.