تعانى السوق المصرية من شُح الإقبال على تأسيس الصناديق العقارية على الرغم من كونها صناعة تنمو بشكل واضح فى عدد من الأسواق المجاورة وعلى رأسها السوق السعودية على سبيل المثال فى حين أن مصر تضم صندوقا واحدا فقط من نوعهُ متداول فى البورصة المصرية وهو «صندوق المصريين العقارى».
وظهرت منذ ايام بادرة أمل أطلقها بنك مصر اذ يعتزم تأسيس صندوق عقارى بقيمة 550 مليون جنيه، خلال الربع الأخير من العام الجارى.
حاولت «المال» رصد أسباب عدم رواج صناعة تأسيس الصناديق العقارية بالسوق المحلية، هذا إلى جانب معرفة نظرة الخبراء لقرار بنك مصر بتأسيس صندوق.. وهل ستكون بداية لخطوات متتالية بتأسيس مزيد من الصناديق خلال الفترة المقبلة؟.
واتفق الخبراء على أن غياب التوعية والتعريف بأهمية الصناديق العقارية هى أحد أهم أسباب ضعف تواجدها فى السوق المحلية، على الرغم من كونها صناعة ناجحة بالعديد من الدول الخارجية، فيما اعتبروا أن الصناديق العقارية هى الوسيلة الأمثل لصغار المستثمرين الراغبين فى دخول مجال الاستثمار العقارى.
وقالوا إن قرار بنك مصر بتأسيس صندوق عقارى قد يعمل خلال الفترات المقبلة كمحفز للعديد من الكيانات المحلية سواء بنوك حكومية أو خاصة أو شركات أخرى لتأسيس صناديق عقارية أيضًا، وخاصة فى ظل زيادة ورواج المشاريع التى تُطلقها الحكومة المصرية فى المدن الجديدة.
وأشاروا إلى أن وضع القطاع العقارى خلال الفترة الحالية فى السوق المصرية يشهد نوعًا من التحسن مقارنة بالفترات السابقة، خلال عام 2020 والذى تعرضت خلاله مبيعات غالبية الشركات للتباطؤ بضغط تأثيرات الجائحة السلبية التى فُرضت حينها على الوضع الاقتصادى ككل، فيما رجحوا أن يظل هناك زيادة فى معروض العقار السكنى الفاخر مقارنة بوضع الطلب عليه.
شريف وهدان: السوق المحلية متراجعة فى تلك النوعية رغم ما تحويه من مميزات
بداية قال شريف وهدان العضو المنتدب لشركة «east coast investment»، إن السوق المصرية فى حاجه كبيرة لتأسيس مزيد من الصناديق العقارية.
ولفت إلى أن مصر تُعد واحدة من أكثر الأسواق تراجعًا فى فكرة تأسيس الصناديق العقارية مقارنة بالعديد من الأسواق المجاورة، وذلك على الرغم من نمو القطاع العقارى وتزايد وتيرة إطلاق العديد من المشاريع والمدن الجديدة.
وأشار وهدان إلى أن السوق السعودية وأوروبا وكينيا قطعت شوطًا كبير فى تأسيس تلك الصناديق، لافتًا أن مصر كان من المفترض أن تسير على ذات الخطى وخاصة أنها تمتلك من المشاريع ما يؤهلها لذلك.
وأضاف أن وجود صناديق عقارية سيكون مفيدا سواء لكافة المشاريع الجديدة المطروحة أو للمطورين العقاريين، وأيضًا للوضع الاقتصادى المحلى ككل.
ولفت إلى أنهُ على الرغم من التعديلات التى شهدتها البيئة التشريعية للصناديق العقارية إلا أن الوعى لايزال غائبًا عن أهمية ذلك النوع من الصناديق، وخاصة فى ظل تفضيل شريحة كبيرة من المستثمرين التوجه للاستثمار فى أدوات الدخل الثبات مثل أذون الخزانة على سبيل المثال.
وأكد شريف وهدان أن القطاع العقارى بشكل عام يُعد واحدًا من القطاعات الواعدة فى السوق المحلية، وبالتالى فلابد أن يكون هناك دافع للإقبال على تأسيس صناديق عقارية جديدة.
وقال إن العوائد الخاصة بالصناديق العقارية تختلف وفقًا لعدة عوامل من بينها طبيعة المشروع ذاتهُ وعامل الخطورة به، مشيرًا أنها تترواح بشكل عام بين 13و%30.
ياسر عمارة: نُرجح أن تُفيد مبادرات «المركزى» المتتالية عملية التأسيس
من جانبهُ قال ياسر عمارة رئيس مجلس الإدارة بشركة « إيجل للاستشارات المالية»، إن السوق المصرية يوجد بها صندوق عقارى واحد مقارنة بنمو ملحوظ فى تأسيس ذلك النوع من الصناديق بالعديد من الأسواق الخارجية.
ولفت إلى أن العامل الرئيسى وراء ذلك يتمثل فى غياب توعية المتعاملين فى السوق بأهمية وفرص هذا النوع من الصناديق وتعريفهم ما هو صندوق الاستثمار العقارى المغلق، هذا إلى جانب المنافسة الشرسة من جانب أذرع الاستثمار المباشر ببنوك الاستثمار أو الاستثمار الخاص.
وأشار عمارة إلى أن التعديلات الأخيرة للصناديق العقارية، قننت ضوابط عمل تلك الصناديق فى السوق وسهلت العديد من الإجراءات، لافتًا إلى أنهُ عقب تلك التعديلات كان من المفترض أن يكون هناك اقبال كبير على التأسيس ولكنهُ لم يحدث.
يُذكر أن رئيس الوزراء أصدر خلال يونيو 2019 قرارًا بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لسوق رأس المال، والمتعلقة بعمل الصناديق العقارية، شملت تخفيض المدة الزمنية اللازمة لتقييم الأصول والأوراق المالية للصناديق غير المقيدة بالبورصة من مرة كل 3 أشهر إلى مرة كل 6 أشهر.
وشملت التعديلات السماح بتقييم الأصول العقارية للصندوق بواسطة خبير أو أكثر من الخبراء المقيدين لدى الهيئة، بدلًا من اشتراط أن يكون التقييم بواسطة خبيرين.
واشترطت التعديلات فى المادة الثانية، موافقة جماعة حملة الوثائق فيما يتعلق بصناديق الاستثمار العقارى، وذلك حال دخولها فى مشروعات أو استثمارات بشكل مباشر أو غير مباشر لأى طرف من الأطراف المرتبطة أو ذوى العلاقة بما لا يجاوز %25 من أصول الصندوق.
ويستثنى من ذلك حالة توجيه الأموال للاستثمارات أو الأصول العقارية المملوكة لأجهزة الحكومية والهيئات العامة، على أن يتم تقييم الأصول بواسطة خبيرى تقييم عقارى من الخبراء المقيدين لدى الهيئة وأن يتم لدى الهيئة اعتماد التقييم من مراقبى الحسابات.
ونصت على أن يكون الاستثمار فى الأصول العقارية التى ليست محل نزاع قانونى أو مرفوع بشأنها قضايا أو صادر عنها قرار تخصيص سارى من إحدى الجهات المختصة بالدولة، كما أنهت مشكلة التسجيل للعقارات.
وتوقع ياسر عمارة أن تُفيد مبادرات البنك المركزى المتتالية للتمويل العقارى عملية تأسيس الصناديق العقارية أيضًا وخاصة مع تسهيل جزئية تسجيل العقارات من خلال سجل إلكترونى لحين تسجيلهُ بشكل رسمى.
وقال إن أهم ما يُميز الصناديق العقارية أن هناك سعرا سوقيا لوثائقها وسهولة التخارج منها، إلى جانب أن الصندوق يكون له فترات عمل تصل إلى 10 سنوات على سبيل المثال، كما أنهُ يمثل حماية كبيرة لصغار المستثمرين وخاصة أنهُ يُدار من جانب خبراء متخصصين بالمجال.
وبشكل عام قال ياسر عمارة إن الصناديق المتخصصة تُعد أكبر حماية لأى مستثمر لديه رغبة مبدئية للتعامل فى البورصة المصرية بشكل حذر.
محمد حسن: الوسيلة الأمثل لصغار المستثمرين.. ودخول المصارف التجارية سيساهم فى الرواج مستقبلاً
وقال محمد حسن العضو المنتدب بشركة «بلوم مصر للاستثمارات المالية»، إن صناديق الاستثمار العقارى تعتبر أحد آليات تنشيط سوق الاستثمار فى مصر.
ورجح أن تشهد عملية تأسيس الصناديق العقارية حركة كبيرة خلال الفترة المقبلة، وخاصة فى ظل إطلاق العديد من المدن الجديدة واهتمام الحكومة المصرية بذلك.
وأشار حسن إلى أنهُ على الرغم من التعديلات التى أقرتها الهيئة العامة للرقابة المالية، إلا أن الأمر يحتاج لتسهيلات أخرى لمواكبة الدول المجاورة فى حركتها ونمو تأسيس صناديق من تلك النوعية بها.
وأضاف أن الولايات المتحدة تُعد من أكثر الدول تأسيسًا للصناديق العقارية، هذا إلى جانب بعض الدول الخليجية ومن بينها السعودية.
وفيما يتعلق برؤيتهُ لقرار بنك مصر بتأسيس صندوق عقارى جديدة، قال إن دخول البنوك فى تأسيس الصناديق العقارية يُعد أمرًا جيدًا، كما أنهُ سيعمل كمشجع لتكرار التجربة وبالتالى حدوث رواج بالصناعة.
يُذكر أن «المال» نشرت مؤخرًا أن الهيئة العامة للرقابة المالية تدرس حاليًا مستندات التأسيس الخاصة بالصندوق لصالح بنك مصر؛ ومن المتوقع الحصول على الموافقة اللازمة خلال الربع الأخير من العام الجارى.
كما يستهدف الصندوق الاستثمار فى القطاع بالتعاون مع شركات التطوير العقارى فى المشروعات الإدارية فقط وليست المخصصة للسكن، كما ذكرت المصادر أن بنك مصر يدرس أيضًا إطلاق صندوق آخر للاستثمار العقارى للوحدات السكنية للأفراد خلال الفترة المقبلة؛ وذلك بناء على تقييم تجربة الصندوق الأول.
وأضاف محمد حسن أن فكرة تشجيع تأسيس الصناديق العقارية ينقصها توعية كبيرة من جانب الجهات الرقابية فى السوق المحلية مثل جمعيات الأوراق المالية والهيئة العامة للرقابة المالية، وأيضًا البورصة المصرية.
وأشار إلى أن الصناديق العقارية تُعد الوسيلة المناسبة لصغار المستثمرين الراغبين فى الدخول بمجال الاستثمار العقارى.
وفيما يتعلق بنظرتهُ للقطاع العقارى محليًا خلال الفترة الحالية، قال إن القطاع كان قد تعرض للتباطؤ خلال الفترات الماضية بضغط تاثيرات الجائحة شأنهُ كشأن أى من المجالات الأخرى التى تأثرت بتداعيات الأزمة السلبية.
ولفت إلى أنهُ خلال الفترة الحالية بدأ فى التعافى تزامنًا مع هدوء تأثيرات الجائحة، إلا أنهُ يظل هناك هدوء فى نوع معين من العقار السكنى الفاخر، بسبب كثرة المعروض بتلك الجزئية مقارنة بشرائح السكن الأخرى الصغير والمتوسط التى غالبًا ما تشهد طلبا مرتفعا دائمًا.
وأضاف أن العقار الإدارى والتجارى يشهد طلبا مرتفعا حاليًا بدعم من عمليات التعافى للوضع الاقتصادى، مقارنة بالفترات السابقة وقت ذروة تأثيرات الفيروس.
أيمن أبو هند: التسويق والتوعية للمتعاملين من أهم عوامل النجاح
وفى سياق متصل قال أيمن أبو هند، الشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركة «Advisabl» الأمريكية للاستثمار، إن العديد من المستثمرين بالسوق المحلية لديهم لبس حتى الوقت الراهن بين أهمية الاستثمار فى الصناديق العقارية وبين الاستثمار الفردى.
ولفت أن ذلك الأمر يؤدى إلى وجود مخاوف لدى عديد من الكيانات بشأن تأسيس تلك النوعية من الصناديق، خوفًا من عدم نجاح التجربة.
تجدر الإشارة إلى أن السوق المصرية شهدت اخفاقات فى تأسيس صناديق عقارية كانت من بينها واحد تابع لشركة النعيم تم إطلاقه خلال2017 بحجم مستهدف مليار جنيه، ولم تُكلل التجربة بالنجاح بل فشلت وتم إعلان رد أموال المكتتبين لعدة أسباب حينها.
فيما قررت شركة «القومية لإدارة الأصول والاستثمار»، مؤخرًا التراجع نهائيًا عن إنشاء صندوقها العقارى، نتيجة لتعثر المفاوضات ووجود بدائل أخرى لدى الشركة، تتمثل فى مشروعها الجديد فى «نيو هليوبوليس» بمدينة الشروق.
يُذكر أن «المال» نشرت سابقًا أن «القومية» خاطبت عددا من المؤسسات المالية التى تنتمى إلى القطاع العام وتملك محفظة أراض متنوعة؛ للمساهمة فى الصندوق العقارى الذى كان من المعتزم إطلاقه.
وأشار أبو هند إلى أن التسويق سيكون أهم عوامل نجاح الصناديق العقارية، إلى جانب استهداف شرائح بعينها مثل المتوسطة والصغيرة، متوقعًا أن يكون هناك طفرة فى تأسيس الصناديق العقارية وخاصة الراغبة فى الاستثمار التجارى والإدارى.
وفيما يتعلق بنظرتهُ للقطاع العقارى، قال إنهُ على صعيد إسكان الطبقات العليا فإن به زيادة فى المعروض ولكن على صعيد الإسكان المتوسط ومحدود الدخل فان الطلب أكثر من المعروض وذلك بسبب تركيز الشركات على الإسكان الفاخر فى المدن الجديدة والمشروعات التى تُطلقها الحكومة.