فى ضوء موافقة البنك المركزى المصرى على الإطار العام لتقديم خدمات السجل التجارى والتوثيق العقارى من خلال أفرع البنوك، وفى ظل الثورة التكنولوجية نحو التحول الرقمى، هل يسعى «المركزى لتضمين بعض الخدمات التجارية لعملاء القطاع المصرفى؛ لتشجيع شريحة أكبر من العملاء الغير مصرفيين لإتمام معاملاتهم عبر البنوك وتسريع وتيرة الشمول المالي؟
قال المركزى عبر موقعه الرسمى فى خطاب لرؤساء البنوك، إنّ مجلس إدارته وافق على السماح بتقديم خدمات التوثيق العقارى داخل فروع البنوك لعملائها كمرحلة أولى، ولجميع المواطنين بشأن خدمات السجل التجارى، وذلك التنسيق مع وزارتى «التموين والتجارة» و«العدل».
وأكّد المركزى أنّ تلك الخدمات ستكون منفصلة عن النشاط المصرفى للبنك، إذ يُعد الفرع مستضيفًا لممثلى تلك الجهات وأنّ المسؤولية تقع على عاتق الوزارتين، ومن المقرر أن يُخصص لها مكان مستقل.
فى هذا السياق قالت لميس نجم، مستشار محافظ البنك المركزى ورئيس لجنة التنمية باتحاد البنوك، إنّ القرار يستهدف تسهيل إتمام الإجراءات الائتمانية داخل البنوك وتوفير الوقت والجهد للعملاء من خلال تقديم المزيد من الخدمات المتنوعة عبر المصارف.
وحول التوثيق العقارى أشادت نجم بالقرار، موضحة أنّه سيوفر على الشركات جهدًا كبيرًا فى كافة معاملاتهم المصرفية وإنشاء الحسابات.
وأوضحت مستشار محافظ المركزى، أنّ البنوك التى ستشارك فى المبادرة ستخصص فروعا بعينها لتقديم تلك الخدمات طبقًا لمعايير تتعلق بكل مصرف على حدّه، الأمر الذى قد يساعدها فى استقطاب المزيد من العملاء للبنوك.
وأشارت نجم إلى أنّ نجاح المبادرة قد يدفع المركزى إلى تضمين المزيد من الخدمات التى يُمكن تقديمها عبر القطاع المصرفى للعملاء، بالتنسيق مع الجهات المختلفة فى البلاد ولتعزيز عملية ربط المؤسسات الحكومية وزيادة التنسيق بينها.
مدحت قمر: إفادة قوية من الناحية الائتمانية والتسهيل على العملاء
وقال مدحت قمر، رئيس البنك العقارى المصرى إنّ القرار سيمثل إفادة قوية من الناحية الائتمانية والتسهيل على العملاء، مما سيمنح البنك القدرة على الاطلاع على أى تغيير قد يحدث فى بيانات السجل التجارى للعميل.
ماجد فهمى: مؤشر إيجابى للتكامل مع المؤسسات الحكومية
وأشاد ماجد فهمى رئيس بنك التنمية الصناعية السابق بالقرار، معتبرًا أنّه مؤشر إيجابى للتكامل بين البنوك والمؤسسات الحكومية فى خدمة العملاء، خاصّة وأن السجل التجارى هو أحد المتطلبات الرئيسة لإنشاء حساب مصرفى.
وأوضح فهمى أنّ قرار المركزى ليس ملزمًا لجميع البنوك، ولكنّ يتعين على المصارف المُجهزة لتقديم مثل تلك الخدمات التقدم للحصول على الموافقة، وتجهيز البنية التحتية للفروع؛ لتخصيص أماكن لمقدمى تلك الخدمات عبرها.
وحول استقطاب المزيد من العملاء الغير مصرفيين للقطاع من خلال القرار، استبعد الخبير المصرفى هذه الفرضية، معتبرًا قرار المركزى ليس وسيلة تسويقية بقدر كونه للتكامل المؤسسى وتوفير مزيد من الخدمات للعملاء عبر البنوك.
وتابع فهمى أنّ توفير تلك الخدمات عبر البنوك سيشجع ثقافة إتمام التعاملات المالية لدى المواطنين من خلالها، الأمر الذى قد يُساعد فى التحول السريع نحو مواكبة ثورة الرقمنة على الساحة المحلية والدولية.
محمد بدير: القرار يؤكد أهمية دور «المركزى» فى تحقيق التنمية
وقال محمد بدير رئيس بنك عودة السابق، إنّ القرار يؤكد أهمية دور البنك المركزى فى تحقيق التنمية الشاملة، ويساهم فى تخفيف عبء الزحام بالمكاتب الرئيسية للخدمتين.
وأوضح بدير أنّ القرار يُعزز التعاون بين القطاع المصرفى وجهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين والتجارة الداخلية، والشهر العقارى التابع لوزارة العدل.
وأشار بدير إلى أنّ القرار يُعطى فرصة تسويقية للبنوك فى استقطاب عملاء جدد من خلال ترويج خدماتها ومنتجاتها لعملاء السجل التجارى والتوثيق، فيما أشاد بجهود المركزى فى تعزيز الرقمنة فى جميع قطاعات البلاد وليس المصرفى فحسب.
ويتوقع بدير نجاح الخدمة عبر فروع البنوك فى ظل تواجد مختص من قبل الجهتين لتقديمها، فى ظل الفصل التام بين أنشطة السجل التجارى والتوثيق العقارى عن أنشطة البنك وتحديد متطلبات الإفصاح والشفافية.
طارق متولى: اختيار المصارف لهذه المهمة نظرًا لكونها من أكثر المؤسسات تنظيماً وسهولة الرقابة عليها
وقال طارق متولى الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم السابق، إن البنوك كانت تعانى فى تحصيل كافة المستندات من العملاء فى إنشاء الحسابات بشكل سريع لإتمام العملية الائتمانية، مشيدًا بقرار المركزى الذى سيعجل من وتيرة تقديم المصارف لخدماتها.
وعلل متولى اختيار المركزى للبنوك فى تقديم تلك الخدمات؛ لأنها تتسم بالتنظيم ودقة اللوائح الداخلية وسهولة إخضاعها للرقابة، موضحًا أنّ هذه الخدمات ستوفر لمجتمع الأعمال تسهيلات عديدة.
وأشاد الخبير المصرفى بخطوات المصارف المصرية نحو تقديم خدمات غير مالية بجانب منتجاتها للعملاء، وذلك على النهج العالمى لتصبح أكثر شمولية ولتعزيز انتشارها ضمن الشمول المالى.
وأرجع نائب رئيس بنك بلوم السابق قرار المركزى بفصل تلك الخدمات عن نظيرتها المصرفية إلى الإجراءات القانونية المتداخلة واختصاص تلك المؤسسات، فيما يسعى لتوطيد التنسيق بين البنوك والوزارات.
ويتوقع متولى أن تشارك مختلف المصارف فى المبادرة فى إطار تنافسى حول المنتجات والخدمات التى يقدمها كل بنك على حدّه، فيما يتوقع أيضّا أنّ يتم ربط جميع الخدمات الحكومية مستقبلًا من خلال منصة رقمية موحدة على غرار الثورة التكنولوجية العالمية.
محمد بدرة: القرار يُعزز فكرة إتمام المعاملات المالية ويسرع تعميم الشمول المالي
وفى سياق متصل، قال محمد بدرة عضو مجلس إدارة البنك العقارى المصرى إنّ القرار يُمثل خطوة جيدة لتضمين المزيد من الخدمات المقدمة عبر القطاع المصرفى.
ويتوقع بدرة أن يشارك العديد من البنوك فى مبادرة المركزى وذلك لاستغلال أفرعها خاصة البنوك الكبيرة فى السوق المصرية، موضحًا أنّ القرار سيعمل على زيادة التنسيق بين تلك المؤسسات.
وأشار بدرة إلى أنّ البنوك العالمية تسعى لتقديم خدمات غير مالية لجذب المزيد من العملاء، وتعزيز المعاملات المالية باستخدام قنواتها المختلفة، موضحًا أنّ القرار يسرع وتيرة تعميم الشمول المالى فى البلاد على نطاق أوسع.
وتابع الخبير المصرفى أنّ تقديم تلك الخدمات من خلال أفرع المصارف من المقرر أن يمنحها الفرصة فى توسيع قاعدة العملاء والتعريف بمنتجاتها المتنوعة، مما سيسهم فى تعزيز أرباحها وزيادة تواجدها فى السوق المصرية.
وعلل بدرة قرار المركزى تقديم تلك الخدمات بشكل منفصل عن النشاط البنكى بالناحية الأمنية، وذلك لأنّ الأنظمة مختلفة وقاعدة البيانات تتبع وزارتى «التموين والتجارة» و«العدل».
وشدد المركزى فى تعليماته على الإعلان أن الخدمات المقدمة من داخل أفرع البنوك تابعة بشكل مباشر لوزارتى التموين والتجارة الداخلية والعدل، مع ضرورة توقيع وإقرار العميل بعلمه بهذه الجزئية.
وتابع المركزى أنّه فى حال النزاع، فإن الوزارتين تتحملان كافة المخاطر الناشئة عن تقديم تلك الخدمات، ولا يُعد البنك طرفًا فيها، أى لا يكون ملزمًا بأية عقود أو اتفاقات تتم بين الطرفين.
وفيما يتعلق بالتنسيق المسبق بين البنوك والوزارتين، أوضح المركزى ضرورة شمول العقد المبرم بينهما على بنود واضحة تتعلق بذكر الخدمات التى ستُقدم بشكل واضح ونصيب البنك من المصاريف والعمولات وأسس حسابها.
وأضاف المركزى أنّه يتعين وجود آلية للتعامل مع الشكاوى الواردة من العملاء، فضلًا عن إيضاح بيانات وأعداد الموظفين من الوزارتين المقرر تواجدهم داخل أفرع البنوك.
وسمح المركزى لموظفى البنوك المستضيفة لتلك الخدمات بتسويق المنتجات والخدمات المصرفية لعملاء السجل التجارى والتوثيق، بالإضافة إلى الإعلان عبر مواقعهم الإلكترونية عن توافر تلك الخدمات فى الأفرع المحددة.
وقال المركزى إنه يتعين على البنوك الراغبة فى تقديم تلك الخدمات داخل فروعها ضرورة حصولها على موافقة مسبقة من جهته، وذلك عقب استيفاء الضوابط والإجراءات وقبيل التعاقد مع الوزارتين.
وشدد على ضرورة الفصل التام بين أنشطة السجل التجارى والتوثيق والعمل المصرفى داخل الفرع بالإضافة للشفافية مع العملاء فى كافة التعاملات وإقرارهم بالعلم بكافة التفاصيل المتعلقة بأى نشاط سيتم داخل الفرع.
وبين المركزى أنّه يتعين أن تكون جميع المستندات المتعلقة بخدمات السجل التجارى والتوثيق على مطبوعات وزارة التموين والتجارة الداخلية، ووزارة العدل وحدهما بما فى ذلك المواد التسويقية.
وتتحمل الوزارتان كافة المخاطر التى قد تنجم داخل الفروع إثر تقديم تلك الخدمات، وذلك طبقًا لما ورد بشأن سرية العملاء بالمواد 142 و140 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى لسنة 2020.
ومن الجدير بالذكر أنّ البنك المركزى المصرى أطلق منذ 2016 استراتيجية الشمول المالي، والتى تستهدف تضمين المزيد من العملاء للقطاع المصرفى لإحكام الرقابة على أكبر قدر من المعاملات المالية عبر البنوك، والتى نجحت فى ضم العديد من العملاء الجديد.
وعممت مختلف الجهات الحكومية طرق الدفع للحصول على أى من خدماتها عبر كارت «ميزة» والذى أطلق المركزى نحو 20 مليون بطاقة لإتمام المدفوعات من خلاله، الأمر الذى يعزز الدور الرقابى ويقلل من ظاهرة الفساد فى التعامل النقدى أو المالي.
ورغم اختلاف المصرفيين حول الحيثيات والتوقعات لنجاح التجربة ونتائجها مستقبلًا، إلا أنّهم أجمعوا على صحة المبادرة والصدى الإيجابى لها على كلا الطرفين، فضلًا عن الإشادة بجهود المركزى فى تذليل العقبات أمام البنوك العاملة فى القطاع المصرفى المصرى وإتاحة الفرصة نحو التحول الرقمى والشمول المالى فى أسرع وقت.