منارة العقاد
(1)
مع الأستاذ عباس العقاد عشت تقريبًا كل عمرى الواعى منذ عرفت القراءة والكتابة، ولكنى أتمتع من ست أو سبع سنوات بصحبة دائمة مستغرقة كل الاستغراق معه، أجوب وأغوص فى مدائنه باحثًا ومنقبًا بين مقالاته التى بلغت الآلاف، ومؤلفاته التى أربت على المائة، ودواوين أشعاره التى بلغت ثلاثة عشر ديوانًا غير الأشعار المتفرقة، ويومياته التى ملأت أربعة مجلدات ضخمة، تواصل فى معظمها مع قرائه، ليجيب بموسوعيته العريضة وفكره العميق على أسئلتهم وتساؤلاتهم، فى صبر طويل لا يضاهيه إلاَّ إيمانه برسالته التنويرية، ومسئوليته أن ينقل إلى الناس وإلى الأجيال حصاد فكره وثقافته الواسعة وتأملاته الثاقبة التى ضرب بها فى كل باب.
بدأت هذا الاستغراق الذى يعطينى زادًا ومتعة، منذ أزمعت أن أعرض تاريخ وإنتاج هذا العملاق فى موسوعة بلغت الآن خمسة مجلدات، اخترت لها عنوانًا: «فى مدينة العقاد»، ولكن الناقد الكبير الدكتور يوسف نوفل حبّذ فيما كتبه عنه، أن الأجدر بالأستاذ العقاد أن يكون العنوان «فى مدائن العقاد»، حالة كون ما أفرزته قريحته قد انتظمته مدن، ولا تتسع له مدينة واحدة.
تنوع وعراضة المدائن
يكاد يكون الأستاذ العقاد بلا نظير فى غزارة وتنوع وعمق إنتاجه، وحسبك أن تعرف عناوين ما خاضه وكتب فيه، لترى أنه نسيج وحده، كتب مطالعات فى الكتب والحياة، ومراجعات فى الآداب والفنون، وبين الكتب والناس، والفصول، وخلاصة اليومية والشذور، وساعات بين الكتب، وهذه الشجرة، ومجمع الأحياء، والمطالعات، وكتب عن الأنبياء الثلاثة الكبار: إبراهيم الخليل أبو الأنبياء، والمسيح عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الأنبياء والمرسلين، وعنه تعددت مؤلفاته، فكتب عبقرية محمد، ومطلع النور فى طوالع البعثة المحمدية، وتوزعت مقالات أخرى عنه فى مجموعاته الكثيرة.. وكتب عن الفكر الإنسانى وفلاسفته بعامة: الحكم المطلق فى القرن العشرين، وتذكار جيتى، ورجعة أبى العلاء المعرى، وفرنسيس بيكون، والشيخ الرئيس ابن سينا، وروح عظيم المهاتما غاندى، وعقائد المفكرين فى القرن العشرين، وفلاسفة الحكم فى العصر الحديث، وصن يات صن أبو الصين، وابن رشد، وعن فلسفة الإمام الغزالى، وعن أفيون الشعوب: المذاهب الهدامة، وبنجامين فرانكلين، وعن إبليس وفلسفة الشر، وعن الضحك: جحا الضاحك المضحك.. وكتب فى المذاهب والحركات الضالة: هتلر فى الميزان، النازية والأديان، الصهيونية العالمية، الصهيونية وفلسطين، ومذهب ذوى العاهات.. وكتب فى الإسلاميات: الله: بحث فى نشأة العقيدة الإلهية، والفلسفة القرآنية، والإنسان فى القرآن الكريم، والتفكير فريضة إسلامية، والديمقراطية فى الإسلام، وحقائق الإسلام وأباطيل خصومه، وما يقال عن الإسلام، والإسلام فى القرن العشرين. حاضره ومستقبله، وأثر العرب والإسلام فى الحضارة الأوروبية، والشيوعية والإنسانية فى شريعة الإسلام، وعن موقف الإسلام من الاستعمار، والمرأة فى القرآن، والإسلام دعوة عالمية، والإسلام والحضارة الإنسانية.. وكتب العبقريات الخمسة المعروفة: عبقرية محمد، وعبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعبقرية الإمام علىّ، وعبقرية خالد.. وكتب تراجم عن كبار الصحابة: عثمان ذو النورين، الحسين أبو الشهداء، الصديقة بنت الصديق (أم المؤمنين)، فاطمة الزهراء والفاطميون، وداعى السماء بلال بن رباح، ومعاوية بن أبى سفيان فى الميزان، وعمرو بن العاص.. وفتح قضية بالغة الأهمية فى الشعر العربى بحركة وكتاب الديوان الذى وضعه والأستاذ المازنى، ورواية قمبيز لشوقى فى الميزان.. وكتب فى اللغة والشعر: اللغة الشاعرة. فى مزايا فن التعبير فى اللغة العربية، شعراء مصر وبيئاتهم فى الجيل الماضى، ابن الرومى: حياته من شعره، شاعر الغزل عمر بن أبى ربيعة، جميل بثينة، أبو نواس الحسن بن هانئ، أشتات مجتمعات فى اللغة والأدب، دراسات فى المذاهب الأدبية والاجتماعية، بحوث فى اللغة والأدب (مجموعة مقالات جمعت بعد وفاته)، آراء فى الآداب والفنون، خواطر فى الفن والقصة.. وفى الآداب العالمية: برنارد شو، فرنسيس بيكون، التعريف بشكسبير، تذكار جيتى، الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين، شاعر أندلسى وجائزة عالمية، جوائز الأدب العالمية، فنون وشجون، مواقف وقضايا فى الأدب والسياسة (مجموعة بعد وفاته).. ومما كتبه عن الشخصيات العالمية والزعامات المصرية وعبقريات الإصلاح: القائد الأعظم محمد على جناح، الزعيم سعد زغلول: سيرة وتحية، الرحالة «كاف» عبد الرحمن الكواكبى، الأستاذ الإمام محمد عبده عبقرى الإصلاح والتعليم، رجال عرفتهم.. وكتب عن تجربته فى السجن: عالم السدود والقيود، وعن حكومة القبضة الحديدية لمحمد محمود، وعن ضرب الإسكندرية فى يوليو 1882، وعن القرن العشرين: ما كان وما سيكون..
www. ragai2009.com