عقب إطلاق البنك الأهلى المصرى لأول فرع بنكى متنقل فى مصر والشرق الأوسط خلال مارس الماضى، فى خُطوة استباقية تُنفّذ لأول مرة فى القطاع المصرفى المصري؛ لتعظيم دوره فى الشمول المالى والرقمنة، وفى ظل سعى المزيد من البنوك لإتباع نهج نظيرها الأكبر فى السوق، هل تستعيض البنوك عن أفرعها التقليدية بإنشاء المزيد من نظيرتها المتنقلة لتقليل الكثافة المصرفية؟
محمود نجم: ثورة التكنولوجيا المالية ستغير الشكل العام للخدمات
فى هذا السياق قال محمود نجم، نائب رئيس قطاع الاستثمار ببنك تنمية الصادرات سابقًا إنّ هناك تطورا فى الخدمات المصرفية بما سيغير الشكل العام للبنوك فى مصر فى ظل الشمول المالى، والذى سيقلل بالضرورة حجم المعروض النقدى فى ضوء استخدام أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة لقنوات إلكترونية فى معاملاتها المالية.
وحول الخدمات والمنتجات البنكية، أوضح الخبير المصرفى أنّ البنوك تتجه لتوفير غالبيتها إلكترونيًا عبر الإنترنت مما سيقلل الكثافة على الفروع الكلاسيكية، مشيرًا إلى أنّ الفرع من المتوقع أن يوفر منتجاته طبقًا للشريحة المستهدفة من العملاء وبحسب الخطة الموضوعة من كل بنك على حدّه.
وأشار نجم إلى خطة «المركزى المصرى» فى جمع النقود الورقية على المدى الطويل واستبدالها بالعملة البلاستيكية، وإعادتها للمواطنين فى هيئة رصيد يُوضع فى حساباتهم البنكية، مما سيدفع المزيد من العملاء الغير مصرفيين لإنشاء حساب بنكى لمواكبة عملية الرقمنة التى تشهدها البلاد ولسداد كافة معاملاتهم المالية من خلاله.
وفى إطار تقييم تجربة «الأهلى المصرى» فى الفرع المتنقل أضاف الخبير المصرفى أنّها تحتاج مزيدًا من الوقت، مؤكدًّا أنّها بالضرورة ستجتذب عملاء جدد فى شرائح متنوعة من المجتمع بدءًا من الشباب وإلى الفئات الأقل تعليمًا فى الأقاليم.
عاطف فؤاد: «المتنقلة» ستعتمد بشكل رئيس على «الإلكترونية»
من جانبه، قال عاطف فؤاد، مدير عام الخدمات الإلكترونية بالبنك الأهلى المصرى سابقًا، إنّ المجتمع الدولى يشهد ثورة تكنولوجية نحو التحول الرقمى السريع، وشرعت البنوك المصرية فى تنفيذ مخططاتها لمواكبة الشمول المالى والرقمنة.
وأوضح فؤاد أنّ الفرع المتنقل يعتمد بشكل رئيسى على التعامل الإلكترونى مع العميل، فيما ستتدرج البنوك فى تقليل التعامل الكلاسيكى حتى تسود الفروع الإلكترونية المشهد على المدى الطويل، مشيراً إلى ضرورة التوسع التقليدى والإلكترونى على حد سواء طبقًا لشرائح العملاء المستهدفين.
وفى سياق تكلفة إنشاء الفروع الإلكترونية المتنقلة، أضاف الخبير المصرفى أنّ الفرع الإلكترونى أكثر تكلفةً من نظيره الكلاسيكى فى غالب الأحيان لأنّه يتكون الأجهزة الإلكترونية الأحدث تطورًا على المستوى العالمى، فضلًا عن تكلفة التأمين السيبرانى والفيزيائى لعملية التنقل.
وبالرغم من أن عدد العملاء المصرفيين فى مصر يبلغ نحو ثلث المواطنين تقريبًا فقط، يرى فؤاد أنّ البنوك المتنقلة الإلكترونية والكلاسيكية ستجتذب مزيدًا من العملاء فى مختلف الأقاليم؛ نتيجة لسعى المصارف فى توفير كافة خدماتها عبر الإنترنت باللغة العربية وبما يناسب كافة الطبقات التعليمية المستهدفة.
شريف سامي: البنوك تسعى للتوسع فى القنوات الرقمية.. و «الكلاسيكي» هو الأصل
وقال شريف سامى، رئيس البنك التجارى الدولى سابقًا، إنّ مختلف البنوك تسعى للتوسع فى القنوات الإلكترونية، موضحًا أنّ الأصل فى الفروع هى الكلاسيكية لأنّها تمتاز بثبات الموقع ومواعيد العمل الرسمية.
وأوضح سامى أنّ الفروع الكلاسيكية لا تمثل امتدادًا لنظيرتها الرقمية، بل تسعى لتوفير الخدمات المصرفية المختلفة لشريحة معينة من العملاء فى مناطق محددة.
سعيد زكي: يستهدف تغطية قطاعات معينة من العملاء خاصة فى المناسبات والمواسم
من جانبه، أكّد سعيد زكى، عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى سابقًا أنّ الفرع المتنقل يستهدف تغطية مجموعة من العملاء خاصة فى الأحداث الموسمية مثل معرض الكتاب والمصايف وغيرها، موضحًا أنّها تقوم بوظيفة محددة وأنّها لن تلغى مكانة نظيراتها الكلاسيكية.
وأبرز الخبير المصرفى أنّ البنوك تحدد إمكانية إنشاء فروع متنقلة أو تقليدية طبقًا للتكلفة لكليهما، فيما أشار إلى أنّ معظم الخدمات المصرفية باتت تٌقدم عبر الإنترنت البنكى لمواكبة الشمول المالى فى مختلف قطاعات الجمهورية العامة والخاصة.
هل تؤثر عملية «الرقمنة» على حجم العمالة فى القطاع المصرفى؟
طبقًا للنشرة الشهرية الإحصائية الصادرة عن البنك المركزى المصرى فى مارس 2015، بلغ عدد العاملين فى القطاع المصرفى بنهاية ديسمبر 2014 نحو 105246 موظف، لترتفع إلى 111407 بنهاية ديسمبر لعام 2016، وتقدر نسبة الزيادة بـ %5.8 فيما وصل إجمالى العاملين بنهاية ديسمبر 2020 نحو 126044 طبقًا للنشرة الصادرة فى مارس الماضى، بزيادة %19.7 مقارنة بنهاية ديسمبر 2014.
فى هذا السياق أوضح نائب رئيس قطاع الاستثمار ببنك تنمية الصادرات سابقًا، أنّ التحول الرقمى سيؤدى بالضرورة إلى تقليل أعداد العاملين فى الوظائف التقليدية والتى ستندثر مستقبلًا، مضيفًا أنّ التطور التكنولوجى يقضى على وظائف كانت محورية فى الماضى ولكنه يخلق نظائر أكثر عملية تواكب الأجيال القادمة.
وأضاف نجم أنّه يتعين على الشباب تحديد مجالات الدراسة طبقًا لما يتطلبه سوق العمل المصرفى مستقبلًا وبما يتفق مع الثورة التكنولوجية التى يشهدها العالم أجمع، فيما أكّد أنّ نسبة الانخفاض لن تكون حادة بل سيحدث توازن فى عدد العاملين بين قطاعات البنوك المختلفة.
من جانبه أضاف مدير عام الخدمات الإلكترونية بالبنك الأهلى المصرى سابقًا، أنّ معدل الانخفاض المتوقع لن يؤثر على كثافة العاملين بشكل كبير؛ معللًا ذلك بالوظائف الأخرى التى سيخلقها التحول الرقمى خاصة فى قطاعات مثل الـ IT والتأمين السيبرانى فضلًا عن الوظائف الهندسية لتطوير الروبوتات.
وأشار عضو مجلس إدارة البنك المصرى الخليجى السابق، إلى أنّ الانخفاض سيكون نسبيًا على المدى الطويل؛ نتيجة توسع الخدمات والمنتجات التى توفرها البنوك للعملاء فى الوقت الحالى، موضحًا أنّ عملية الشمول المالى تسعى لدمج المزيد من العملاء إلى القطاع المصرفى مما سيخلق المزيد من الفرص للعاملين الجدد فى قطاعات مختلفة داخل البنوك.
ورغم تنوع آراء الخبراء المصرفيين حول مستقبل الفروع المتنقلة، إلا أنّ غالبية المختصين بتحليل أداء القطاع المصرفى يرون أنّ ملامح العمل البنكى ستتغير على المدى المتوسط لتصبح غالبيتها إلكترونية ورقمية، بالإضافة إلى توسع القطاع لضم العديد من العملاء الجدد بكافة الطرق التقليدية والمتنقلة والرقمية، فهل تختفى الأفرع الكلاسيكية من السوق المصرية على المدى المتوسط فى ظل التحول الرقمى وثورة التكنولوجيا الحالية؟ وهل يتراجع دور الموظف التقليدى فى المعاملات المصرفية مستقبلًا فى ضوء اعتمادها على الرقمنة فى معظم الوظائف؟