مستقبل واعد للاستثمار فى البورصة المصرية

مصر وجهة مُفضلة لما يُعرف بتجارة المناقلة “carry trade”وذلك بفضل حرصها على الإبقاء على سعر فائدة مرتفع

مستقبل واعد للاستثمار فى البورصة المصرية
المال - خاص

المال - خاص

10:45 ص, الأربعاء, 30 يونيو 21

بقلم : أحمد بدر الدين*

حرصت الحكومة المصرية على إتاحة فرص استثمارية عديدة أمام القطاع الخاص خلال الفترة الماضية، مما جعل مصر بوابة هامة لجذب الاستثمار على مستوى الشرق الأوسط بأكمله. ولقد اتخذت الحكومة المصرية خطوات هامة فى برنامج الإصلاح الاقتصادى وتعزيز الحوكمة والفكر المؤسسى تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ الاقتصاد المصري، ولذا فقد حازت مصر على استحسان وإشادة من قبل صناديق الاستثمار الأجنبية المستثمرة فى البورصة المصرية الذين اندفعوا بشغف كبير للمشاركة فى انتعاش الاقتصاد المصرى ودعمه، مما أدى إلى نمو احتياطى الدولة من النقد الأجنبى واستقرار العملة المحلية الذى تشهده البلاد على مدار الأشهر الـ36 الماضية.

إلا أن الشركات المُدرجة فى البورصة المصرية عانت، مؤخراً، انخفاضًا ملحوظا فى أسعار الأسهم وأحجام التداول. وتراجع المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية EGX30 بنسبة %5 منذ بداية العام، فى حين مثلت تداولات المستثمرين الأجانب والمؤسسات أقل من %25 من إجمالى أحجام التداولات بسبب التراجع الواضح فى استثمارات صناديق الاستثمار الأجنبية طويلة الأجل (public market funds) مما أدى إلى انخفاض مستمر فى أسعار أسهم الشركات المدرجة فى البورصة المصرية وانخفاض أحجام التداول مما دفع شركات مقيدة للجوء لشراء أسهم خزينة بأسعار منخفضة، وأن تصبح المشترى الهامشى لأسهمهم المدرجة فى ظل غياب التداولات من قبل كبار المستثمرين.

نحن كجهات استثمار مؤسسية أجنبية نستثمر فى نجاح الدولة المصرية وشركاتها وبالطبع شعبها، ومن ضمنها البورصة المصرية، والتى تعتبر إحدى أسواق المال الجذابة فى الشرق الأوسط فى ظل وجود العديد من الشركات الناجحة المقيدة والتى يديرها فريق عمل على قدر عالٍ من الاحترافية، ولا يخفى على أحد الإشادة الدولية التى حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولى باعتبارها نموذجًا يستحق الدراسة وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بشكل جيد مقارنةً بغيرها من الدول الناشئة ودول الجوار الأخرى.

ولا يأتى تراجع التداولات بالبورصة من قبل كبار المستثمرين بسبب عدم وجود شركات ذات أحجام كبيرة مدرجة بالبورصة، لأن الشركات الصغيرة تصبح شركات كبيرة بمرور الوقت، مدعومة من قبل مستثمرين بما فى ذلك استثمارات صناديق الاستثمار الأجنبية طويلة الأجل. استنتاجى بعد التحدث مع عدد من كبار المستثمرين العالميين بالبورصة أن لديهم مخاوف معينة تؤثر على ثقتهم كمستثمر فى البورصة المصرية على الرغم من تداول الشركات اليوم بجزء بسيط من تقييماتها التاريخية فى كثير من الحالات.

من أجل إعادة ثقة استثمارات صناديق الاستثمار الأجنبية طويلة الأجل، هناك عدد من المقترحات والتوصيات لتحسين السوق والمساعدة فى جعل البورصة المصرية أكثر ترحيبًا بالمستثمرين الأجانب.

أولاً: قيام الهيئة العامة للرقابة المالية بالتواصل الفعال بشكل مستمر مع أطراف سوق المال مثل ما فعلت بعض هيئات سوق المال بالمنطقة العربية والتى عملت فيها عن كثب مع المشاركين فى السوق للتعلم منهم وبناء إطار تنظيمى يمكن التنبؤ به ويعتمد فى جوهره على الشفافية ويتضمن طلب الإيداعات والبيانات باللغتين الإنجليزية والعربية، وتكليف مسئولى علاقات المستثمرين خبراء ومتمرسين فى جميع الشركات المدرجة مما يوفر الطمأنينة لكبرى المؤسسات الاستثمارية العالمية.

ثانيًا: من الضرورى قيام الجهات الرقابية بالتفكير فى كيفية فهم جميع المستثمرين سواء الأجانب أو المحليين لإجراءاتهم التنظيمية، وذلك لأن الطريقة التى تتم بها تلك الإجراءات تجاه الشركات لا تقل أهمية، إن لم تكن أكثر أهمية، عن الإجراء الأساسى نفسه، علاوةً على ذلك يمكن أن يفتح المنظمون باب الحوار بشكل أكبر وذلك بعقد اجتماعات وجلسات للتشاور مع الشركات المصرية جنبًا إلى جنب مع المستثمرين المحليين والأجانب حول كيفية تحسين وجعل مصر وجهة مُفضلة لرأس المال الأجنبي.

ثالثاً: لا شك أن تضافر وتنسيق الجهود بين الجهات الحكومية المصرية من شأنه تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمعالجة هذه القضايا بشكل جوهرى على أرض الواقع وبالتالى تغيير المفاهيم الدولية والترويج للدولة بطريقة جيدة أمام المستثمرين الدوليين، وهو أمر أصبح ملموسًا بشكل أكبر عن الماضى مع ضرورة الاستمرار وزيادة التنسيق بين وزارات المالية والتخطيط والتعاون الدولى والبنك المركزى والبورصة المصرية والهيئة العامة للرقابة المالية، بما يدعم النجاح بشكل عام.

وختاماً، يجب التأكيد أن مصر تعتبر وجهة مُفضلة لما يُعرف بتجارة المناقلة “carry trade”وذلك بفضل حرصها على الإبقاء على سعر فائدة مرتفع حتى تستمر فى جذب رأس المال الأجنبى فى أدوات الدخل الثابت (debt)بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، بالإضافة إلى أن تكلفة سعر الفائدة لابد أن يكون لها مقابل لذا يجب أن تأخذ شكل استثمار أجنبى مباشر (equity) على شكل مساهمة فى الأسهم المصرية وتدفقات مباشرة للاقتصاد المصرى وذلك لاغتنام الفرصة الحالية وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

* العضو المنتدب لشركة RMBV Impact لإدارة صناديق الاستثمار المباشر فى شمال إفريقيا