مع استعدادات وزارة المالية لأول طرح لصكوك سيادية، والذى تدخل به مصر لأول مرة سوق التمويل الإسلامى عالميا، بمجرد التصديق على قانون الصكوك، يرى الخبراء أن هذه الأداة ستساهم فى تنويع الأدوات التمويلية للدين الداخلى والخارجى، وقد تمثل إصداراتها دليلا استرشاديًا فيما بعد لإصدارات صكوك الشركات فيما يتعلق بتقيمات الأصول، وسعر الفائدة.
ويتم تصنيف الصكوك السيادية التى تصدر وفقا للشريعة الإسلامية بناء على تصنيف الدولة المصدرة، والذى تقره وكالات التصنيف الائتمانى العالمية»، وفقا للخبراء.
وتختلف الصكوك السيادية كأداة تمويلية مقارنة بالأدوات الأخرى فى أنها يخضع إصدارها، وتداولها واستردادها للضوابط والقواعد والإجراءات المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
كان البرلمان وافق فى وقت سابق من الشهر الحالى على مجموع مواد قانون الصكوك السيادية، على أن تجرى الموافقة النهائية عليه فى جلسة لاحقة، وتصدر اللائحة التنفيذية للقانون خلال 3 أشهر من إصداره.
وقال وزير المالية دكتور محمد معيط ردا على سؤال لـ «المال» حول الصكوك فى مؤتمر عٌقد بوزارة المالية مؤخر، إن الوزارة تحاول تنويع الأدوات التمويلية للمشروعات التنموية التى تُقيمها الدولة، و التى تستهدف من ورائها زيادة الإيرادات، ونمو الناتج المحلى، ورفع الصادرات.
وأشار الوزير أيضا إلى أن وزارة المالية تقوم حاليا بمخاطبة الوزارات الأخرى لمعرفة المشروعات التى ستكون ضمانة لإصدارات الصكوك السيادية المتوقعة.
وقالت وزارة المالية إنه سيتم إصدار الصكوك فى شكل شهادة ورقية أو إلكترونية بالمواصفات التى تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، وتكون إسمية، ومتساوية القيمة، وتصدر لمدة محددة بالجنيه المصرى أو بالعملات الأجنبية عن طريق طروحات عامة أو خاصة بالسوق المحلية أو بالأسواق الدولية.
ومن المقرر أن يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة «ملكية خاصة» التى تصدر على أساسها الصكوك، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بتلك الأصول التى تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها لهذا الغرض، وفقا لما أعلنته وزارة المالية سابقا.
ميريس: تقييمها وفقا للتصنيف الائتمانى للاقتصاد المصدر لها
من جانبه قال دكتور عمرو حسنين رئيس شركة ميريس للتصنيف الائتمانى، التابعة لوكالة موديز للتصنيف الإئتمانى، إن تقييم الصكوك السيادية يأخذ تصنيف الدولة، وذلك بالاختلاف عن الصكوك الخاصة بالشركات والتى تعتمد على دراسة الأصول محل التقييم، والشركة نفسها.
وقال إنه مع اختلاف التصنيف الائتمانى من مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد المصرى يتم تقييم السندات بناء على تقيمات المؤسسات الثلاث، والمستثمر فى الصكوك يعتمد على رأى المؤسسات الثلاث.
كانت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» قررت فى مايو الماضى الإبقاء على التصنيف الائتمانى لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية كما هو دون تعديل عند مستوى «B» مع الإبقاء أيضًا على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري Stable Outlook، للمرة الثالثة على التوالى منذ بداية أزمة كورونا.
وقامت مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتمانى أيضا فى سبتمبر الماضى بتثبيت التصنيف الائتمانى لمصر عند مستوى (B2)، مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى، كما أكدت مؤسسة «فيتش» على التصنيف الائتمانى لمصر B+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، فى مارس الماضى.
وأشار حسنين فى الوقت نفسه إلى أن الصكوك قد تتضمن صفة ترفع أو تخفض تصنيفها مقارنة بتصنيف الدولة، هذه الصفة قد تكون فى الأصل الذى تصدر بضمانته الصكوك، أو المعاملة المالية والتى تعتمد على مدى درجة الأمان للمستثمر.
ولفت إلى أن الصكوك أداة تمويلية كأى أداة أخرى، ولكن مع اختلاف المعاملة المالية، التى تشبه آلية التأجير التمويلى إلى حد كبير والذى يعد نظاما تمويليا إسلاميا خالصا، حيث تمتلك الدولة أصل، وتوكل جهة معينة (شركة التصكيك) توليه، ثم تعود وتأجره منها مقابل قيمة إيجارية معينة، على أن يظل الأصل مملوك للدولة ويعود لها فى نهاية المدة.
ويقول حسنين إن الصكوك السيادية ما هى إلا وعاء تمويلى إضافى، يقوم بتوسيع موارد التمويل، وليس له أفضلية على الأدوات التمويلية الأخرى.
ووفقا لوزارة المالية سيتم قيد الصكوك المصدرة بالأسواق الدولية الصادرة بالعملات الأجنبية بالبورصات الدولية وفقًا للقواعد المتبعة للإصدارات الحكومية الدولية.
وتوقع وليد حجازى الشريك المؤسس بمكتب حجازى وشركاه إزدهار سوق الصكوك فى مصر مع إصدار الدولة للصكوك، وهو ما حدث فى معظم الدول الرائدة فى هذا المجال، كما سيساعد فى تنويع الأدوات التمويلية للدين الداخلى والخارجى.
وأشار حجازى إلى أن الصكوك لا تمثل عبء دين على الميزانية بشكل مباشر، حيث أن عبء الدين يقع على أصول بعينها، ما يساعد فى رفع العبء عن ميزانية الدولة بشكل مباشر.
ولفت إلى أن معظم الدول المجاورة قامت بإصدار صكوك سيادية لتمويل مشروعات ضخمة، وكانت أدوات ناجحة، شهدت رواجا وإقبالا داخليا وخارجيا.
وحول الأصول التى يمكن الاعتماد عليها كضمانة لإصدار الصكوك، قال حجازى إنه يجب التفرقة بين، الأصول التى يعتمد عليها كضمانة لإصدار الصكوك، وبين المشروع.
وتابع، إذا كانت الدولة تمتلك بعض الأصول كأراض أو عقارات والقانون يمنع بيعها، ولكن يتيح حق الانتفاع بها لمدة زمنية محددة، سيتم تقييم للأرض، ودراسة المشروع الذى سيتم إقامته عليها، وحصيلة بيع المنفعة للأرض.
وحول اختلاف الصكوك السيادية عن آلية توريق الحقوق المالية المستقبلية التى أعلنتها هيئة الرقابة المالية مؤخرا قال حجازى إن كلاهما يشير إلى الاتجاه نحو تنويع الأوراق المالية المتاحة، وهو ما تحتاجه السوق المصرية حاليا، ولكن الاختلاف فى أن سندات توريق الحقوق المستقبلية سندات دين، لكن الصكوك حقوق ملكية حق المنفعة، أى أن مالك الصك مشارك، أو مساهم له الحق فى الحصول على نصيبة فى الاستثمار، بضمانة ملكيته للصك.
ولفت حجازى إلى أن إصدارات الصكوك السيادية سيتم الاعتماد عليها مستقبلا كدليل استرشادى لإصدار الصكوك للشركات، وتسعيرها من حيث سعر الفائدة، وتقييم الأصول.
الدرينى: احتياج عام لها كألية تمويلية
ويقول معتر الدرينى، الشريك المؤسس بمكتب الدرينى وشركاه للمحاماه، إن هناك إحتياجا عاما للصكوك السيادية كأداة تمويلية، ما يستبعد معه أن يستغرق إصدار اللائحة التنفيذية الخاصة بها وقتا طويلا.
ولفت الدرينى إلى إن الصكوك السيادية تمثل منافسا لآلية توريق الحقوق المالية المستقبلية التى أعلنتها هيئة الرقابة المالية فى وقت سابق مع اختلاف محددات إصدارات كلا منهم.
كانت هيئة الرقابة المالية أعلنت مايو الماضى موافقة مجلس إدراتها على مشروع تعديل لبعض أحكام قانون سوق رأس المال رقم (95) لسنة 1992، بهدف استحداث آلية لتوريق الحقوق والمستحقات المالية المستقبلية المتوقعة، للجهات القائمة على شئون المرافق والخدمات العامة فى الدولة لتمكينها من القيام بأعمالها وأنشطتها فى مجال البنية التحتية من مشروعات الطرق والمواصلات، وإرسال التعديلات للجهات المختصة للتصويت عليها.
وجاء هذا التعديل مدعوما بطفرة فى إصدارات سندات التوريق العام الماضى، حيث تجاوزت قيمتها 24 مليار جنيه، وفقا لبيانات هيئة الرقابة المالية، ما يشير إلى أن النشاط أصبح مصدراً رئيسياً لتمويل المشروعات.
وتابع أن الصكوك السيادية ستكون صكوك إجارة على أصول مملوكة للدولة، على جق الانتفاع فقط دون التصرف فى حق الرقبة لأن حق الرقبة مملوك للدولة لأنه أصل عام مملوك ملكية عامة للدولة، ولا يجوز التصرف فيه.
كانت وزارة المالية قالت فى وقت سابق إن الحد الأقصى لمدة تقرير حق الانتفاع بالأصول التى تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها ثلاثين عامًا التزامًا بأحكام الدستور، ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المصدرة.
وأوضح الدرينى أن أى أصول ثابتة (إنتاجية – عقارية)، يمكن عمل صكوك إجارة بضمانتها، بشرط أن تكون مرتبطة بعائد استثمارى، والذى يتم من خلاله سداد حقوق حملة الصكوك.
وأوضح الدرينى أن الأصول التى يتم إصدار صكوك سيادية بضمانتها سيتم إعادتها للدولة مرة أخرى عقب انتهاء أجل الصكوك المصدرة.
وقالت وزارة المالية فى ضوابط إصدار الصكوك إنه سيكون على أساس الأصول التى ستكون مملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق بيع حق الانتفاع بهذه الأصول دون حق الرقبة، أو عن طريق تأجيرها، أو بأى طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.
وحول شركة التصكيك قال الدرينى إنها تكون خاضعة لقانون سوق المال كأحد الشركات العاملة فى سوق المال، وتكون ذات غرض واحد، ولايجوز لها ممارسة أى نشاط آخر، لها شخصية اعتبارية منفصلة، ويتم تحويل ملكية الأصول لها فى حالة الإجارة، لصالح حملة الصكوك، وفى حالة الإخلال بالالتزام ينتقل حق التصرف فى الأصل لحملة الصكوك.
يشار إلى أن وزارة المالية قالت فى ضوابط إصدار الصكوك المتوقعة إنه سيتم إنشاء شركة مملوكة للدولة لإدارة وتنفيذ عملية «تصكيك» الصكوك السيادية الحكومية التى تكون وكيلاً عن مالكى الصكوك.
وقررت وزارة المالية حظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التى تصدر على أساسها الصكوك، مع بطلان أى إجراء أو تصرف مخالف لذلك، وتقرير عقوبة جنائية على المخالفين.