يرى محللون وخبراء مصرفيون استطلعت «المال» آراءهم، أنَّ القروض المصرفية للشركات شهدت تعافياً تدريجياً خلال الربع الأول من عام 2021، متوقعين تحقيق معدلات نمو بدءاً من النصف الثانى من العام الجارى، مدفوعة بمبادرات البنك المركزى المصرى؛ خاصة مبادراتى قطاع الصناعة واحلال السيارات، وكذلك تبنى سياسة نقدية توسعية نتج عنها تخفيض معدل الفائدة 400 نقطة أساس خلال عام.
وأكدوا أنَّ تعافى القروض المصرفية للشركات سيتم بشكل كامل بتعافى الاقتصاد العالمى وعودته لتحقيق معدلات نمو قوية، الأمر المرتبط بالانحسار التام للوباء العالمى وإعطاء جرعات التطعيمات لنحو %70 من سكان العالم، وذلك لن يتم قبل نهاية 2023.
وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزى المصرى وصول إجمالى أرصدة الاقراض بالبنوك المحلية، فيما عدا المركزى إلى 2.610 تريليون جنيه بنهاية مارس 2021، مقارنة بنحو 2.456 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2020، أى بمعدل نمو %5.9 على أساس سنوى.
وقال مصدر مصرفى بأحد البنوك الخاصة، إنَّ أداء قروض الشركات مرتبط بالأداء الاقتصادى العالمى والمحلى، وبالتالى فإنَّه مع اكتشاف لقاح لفيروس كوفيد-19 فى بداية 2021، وبدء تعافى الطلب وإبداء السوق استجابة؛ تعافى قطاع قروض الشركات المصرفية جزئياً بداية من الربع الأول من العام الجارى، بالتزامن مع الإعلان عن بدء توزيع التطعيمات.
وأضاف، أنَّ المبادرات التى أطلقها البنك المركزى على مدار عامين ماليين متتالين، ساهمت بشكل كبير فى تنشيط دورة الأعمال وحركة النقود بالمجتمع، ما دفع قروض الشركات بالبنوك إلى النمو؛ وأهم تلك المبادرات «إحلال السيارات» و«المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر» و«التمويل العقارى»، بجانب مبادرات دعم السياحة والصناعة وتأجيل أقساط المتعثرين.
وأشار إلى عدم تأثر محافظ قروض الشركات خلال الربع الأول من عام 2020 بالجائحة، نظراً لأنَّ التأثيرات السلبية الحادة لأزمة الوباء العالمى انعكست على الاقتصاد المحلى بداية من الربع الثانى للعام الماضى، أى عقب إعلان الإغلاق الجزئى والكلى بأغلب بلدان العالم، وكذلك إغلاق المطارات والموانئ والمصانع والمطاعم وتجميد نشاط السياحة والفندقة، وتطبيق إجراءات احترازية صارمة، ليدخل الاقتصاد العالمى فى بداية النفق المظلم للركود.
توقع «المصدر» أداء أفضل لقطاع القروض المصرفية بدخول مرحلة جديدة أفضل من السابقة، بدءاً من النصف الثانى للعام الجارى، شريطة استمرار الأخبار والمؤشرات الإيجابية واحتواء الوباء بالتطعيمات.
وتوقع البنك الدولى الوصول بمعدل نمو للاقتصاد المحلى إلى %5.5 فى 2023، نظراً لتبنى الحكومة المصرية خطوات اصلاحية للتصدى لتداعيات الجائحة خلال 2021، فيما خفض البنك توقعاته للنمو للعام الجارى لتصل إلى %2.3 وكذلك بالنسبة للعام المالى المقبل بتقديرات نمو %1.3.
وأضاف تقرير البنك الدولى أن المؤشرات المالية للنصف الأول من 2021، لا تزال ضعيفة، لافتاً إلى تأثير مضاعفات الجائحة على قطاعات حيوية للاقتصاد المصرى، مثل «السياحة» و«التصنيع» و«التعدين»، متفاءلاً بتحسن تلك القطاعات بداية من العام المالى المقبل.
كما توقع نمو الاقتصاد العالمى بمعدل %5.6 خلال 2021.
محمد أبو باشا: تعافٍ تدريجى خلال 2021 وتوقعات بنمو يصل إلى %17
كذلك، توقع محمد أبو باشا، كبير محللى الاقتصاد الكُلى بالمجموعة المالية «هيرمس»، تعافياً تدريجياً لنمو قروض الشركات خلال عام 2021، تزامناً مع التعافى التدريجى للاقتصاد المصرى والعالمى من آثار جائحة «كوفيد-19»، لتتراوح معدلات النمو المتوقعة بين 15 و%17 بنهاية العام.
واستبعد “أبو باشا”، حدوث طفرة فى نمو محافظ قروض الشركات بالبنوك المحلية خلال العام الجارى، نتيجة الضبابية الناتجة عن الجائحة العالمية، وعدم وجود انتعاش قوى فى معدلات النمو بمختلف القطاعات، بشكل عام.
وأكد أنَّ المبادرات التى أطلقها البنك المركزى المصرى حفزت الطلب فى قطاعات معينة؛ خاصة مبادرتى «الشركات الصغيرة والمتوسطة» و«الاسكان الاجتماعى»، لافتاً إلى أنَّ نمو قروض الشركات لا يزال بحاجه إلى انتعاش الطلب الذى لم يتعافى من أثر الجائحة بعد.
ويرى كبير محللى الاقتصاد الكُلى بهيرميس أنَّ مزيدا من تخفيض أسعار الفائدة مطلوب من أجل تحفيز الطلب، حيث لا تزال معدلات الفائدة الحقيقية الحالية مرتفعة.
فيما قال شهاب محمد حلمى محلل قطاع البنوك ببنك الاستثمار «برايم»، إنَّ أداء قروض الشركات خلال الربع الأول من العام الجارى يمكن وصفه بالجيد وإن لم يستعيد بعد تعافيه الكامل عند مقارنته بأداءه قبل تأثير أزمة الوباء العالمى.
وأضاف «حلمى» أنَّ تحسن أداء محافظ قروض الشركات مدفوع بقروض رأس المال العامل وليس القروض الرأسمالية، وذلك لتوافر عدة محفزات أهمها المبادرات التى أطلقها البنك المركزى المصرى، وإتجاه لجنة السياسة النقدية إلى تبنى سياسة توسعية نتج عنها تخفيض معدل الفائدة 400 نقطة أساس، على الإيداع والإقراض، على مدار عام، ما ساهم فى تحفيز معدل إقراض البنوك للشركات.
وتوقع أن يحقق نشاط محافظ قروض الشركات بالبنوك معدلات نمو خلال النصف الثانى من العام الجارى عند استئناف البنك المركزى لسياسة التوسع النقدى، وتخفيض معدلات الفائدة بنحو %0.5 إلى %1 معللاً ذلك بانحسار آثار الوباء العالمى وتراجع حالات الإصابة فى مصر، واستئناف النشاط الاقتصادى، مع تأكيده على أنَّ أسعار الفائدة الحالية مناسبة للمناخ الاستثمارى.
وأشار «حلمى» إلى أهمية دور مبادرات البنك المركزى فى دعم قطاعات اقتصادية حيوية، وتشجيع البنوك على تقديم تسهيلات ائتمانية، مثل مبادرة السياحة، لتشكل المبادرات عاملا أساسيا ومحفزا لقروض الشركات خلال فترة الأزمة، خاصةً فى بدايتها التى واكبت ارتفاع معدلات الفائدة على الإيداع والاقراض.
ماجد فهمى: تمويلات المؤسسات ستواصل الصعود حتى نهاية العام الحالى بنسب أقل من المعتادة
قال ماجد فهمى، الخبير المصرفى ورئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية السابق، إنَّ التأثير السلبى على معدلات نمو إقراض البنوك للشركات خلال النصف الثانى من العام الجارى، سيعيق البنوك من تحقيق مستهدفاتها أو النسب المعتادة كل عام، مع مواصلة النمو بنسب ضعيفة مقاربة للفترة السابقة منذ بداية الأزمة العام الماضى.
وأضاف «فهمى»، أنَّ أداء قروض الشركات خلال الربع الأول والثانى من العام الجارى امتداد لأدائها خلال عام 2020، الذى اتسم بالتباطؤ نظراً لارتباط الاقتصاد المصرى بما يحدث بالأسواق العالمية، متوقعاً حدوث تحسن طفيف خلال النصف الثانى من العام الجارى، مع زيادة أعداد التطعيمات الفترة المقبلة، وبوادر تحسن الاقتصاد المصرى، مع التأكيد على استمرار الأزمة وتأثيراتها التى لم تنتهى بعد.
ويرى أنَّ هناك بوادر تحسن فعلياً فى الوقت الحالى، فى حين أنَّ الأزمة لن تنهى فعلياً قبل وصول نسبة التطعيمات إلى %70 من سكان العالم، للتأكد من عودة الحياة إلى طبيعتها، وذلك لن يحدث قبل نهاية 2023.
أشار «فهمى» إلى أنَّ معدلات التضخم العالمية مرتفعة، ما سيؤثر على أسعار السلع والخدمات طردياً، وكذلك المواد الخام ومستلزمات الصناعة المستوردة، لافتاً إلى آراء تحذر من الدخول فى أزمة عالمية أشد من الأزمة المالية العالمية التى اندلعت فى عام 2008.
كما استبعد تأثير تخفيض البنك المركزى لسعر الفائدة الحالى على إتجاه الشركات إلى مزيد من الاقتراض، فهناك انكماش واقع بالفعل فى حجم الاقتراض، ولكن مع ارتفاع الأسعار المتوقع لن تتوقف المصانع عن استيراد مستلزمات الإنتاج، ولكن سيكون هناك انخفاض فى نسب الاستهلاك ومعدلات الطلب.
يرى الخبير المصرفى ورئيس بنك التنمية الصناعية سابقاً، أنَّ مبادرات البنك المركزى استهدفت فئات وقطاعات بعينها، ومبادرة الصناعة بنسبة %8 الأكثر تأثيراً على معدلات الإقراض نظراً لانخفاض تكلفة التمويل، أى «نشطت القروض».
ولفت إلى أنَّ الاقتصاد المصرى أقل اقتصادات العالم المتأثرة بأزمة كورونا، رغم تأثر معدلات النمو ولكن ليس بدرجة كبيرة من السوء مقارنة ببقية الدول، خاصةً أنَّ أكثر القطاعات التى تأثرت قطاع السياحة والقطاع الخدمى بوجه عام، لم يتأثرا بشكل عنيف ومماثل لنظيرها فى دول أخرى، فلم يحدث إفلاس لشركات وتخارج من السوق.
من جهة أخرى تفاءل تقرير صادر عن «دويتشه» بنك، بأداء الاقتصاد المصرى والأوضاع المالية خلال العام المالى المقبل، متوقعاً انخفاض العجز المزدوج فى الموازنة والحساب الجارى عن معدلات الفترة ما قبل كورونا.
وأشار البنك فى تقريره إلى تجاوز معدل مراكمة الاحتياطيات والمستهدفات التى وضعها صندوق النقد الدولى، مع النجاح فى الوفاء بجميع المعايير الهيكلية.
وتوقع التحسن الهيكلى للاقتصاد المصرى العام المالى المقبل، وتحقيق فائض أولى بنسبة %1 على الأقل من إجمالى الناتج المحلى للعام المالى الحالى، على أن يرتفع إلى %2 خلال العامين الماليين التاليين.
محمد عبدالعال: أتوقع زيادة الائتمان بمعدلات تتراوح بين 10 إلى %12 بنهاية السنة المالية المقبلة
ومن جانبه، قال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إنَّ البنك المركزى أبدى قدراً عالياً من المرونة فى التعامل مع أزمة كوفيد-19، مستخدماً أدواته من تيسير نقدي؛ بتخفيض معدل الفائدة %3 دفعة واحدة، تلاها تخفيضات متتابعة خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية، بجانب إطلاق حزمة من المبادرات لضخ السيولة فى السوق المحلية.
وأضاف «عبد العال»، أنَّ قرار المركزى بتعزيز مخصصات البنوك باحتجاز الأرباح لدعم التحوط ضد المخاطر، ما ترتب عليه ارتفاع رأس مال البنوك وبالتالى زيادة مقدرة الجهاز المصرفى على التسليف والاقراض.
وتوقع الخبير المصرفى زيادة معدلات الائتمان المصرفى بنسب تتراوح بين 10 إلى %12 بنهاية العام المالى المقبل، مقارنة بما كانت عليه، مشيراً إلى نجاح محافظ قروض الشركات بالبنوك فى تحقيق معدلات نمو بنهاية مارس 2021، تتراح بين 7 و%9 على أساس سنوى، و%2 على أساس ربع سنوى.
أكد أنَّ التمويل الرقمى أكبر مساهم فى حجم القروض المصرفية، سواء أفراد أو شركات، متوقعاً أن يكون أحد أهم أسباب التوسع فى ائتمان الشركات خلال الفترة المقبلة؛ عبر تمويل شركات تكنولوجيا المعلومات وتمويل الخدمات الرقمية والقروض عبر الهاتف.