عقدت جمعية رعاية أطفال السجينات ورشة عمل اقتصادية بعنوان «مصر بلا غارمات»..رؤى اقتصادية وحلول جذرية في إطار «التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون»، في مكتبة القاهرة بالزمالك، الأحد 13 يونيه 2021، لمناقشة الحلول الاقتصادية لقضية الغارمات في مصر.
وشملت الورشة تقديم تعريف واضح للغارمات وتصنيفهن، والآثار الاقتصادية لازدياد أعداد الغارمات في الأعوام الأخيرة.
وخرجت ورشة العمل بتوصيات عديدة أهمها إتاحة فرص عمل طويلة الأمد للغارمات حتى لا يلجأن للاقتراض مرة أخرى، والوصول للإحصاءات الدقيقة التي ترصد أعداد الغارمات بمصر، إلى جانب الاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي واستخدام «البلوجرز» لتدشين حملات توعوية لمناهضة الأفكار الثقافية والاجتماعية.
وكانت الكاتبة نوال مصطفى، مؤسس ورئيس الجمعية، قد أطلقت التحالف في الفترة الماضية لمناقشة و وضع أطر وحلول جذرية للعديد من القضايا التي تمس واقع المرأة المصرية وعلى رأسها «الغارمات».
انطلقت الورشة في حضور كل من د.بسنت فهمي الخبيرة المصرفية، والنائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل ورئيس اللجنة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، ود. إبراهيم حجازي عضو مجلس النواب السابق، وأستاذ التسويق وإدارة الأعمال.
وأيضًا د. يسري الشرقاوي مستشار الاستثمار المالي، ورئيس مجلس إدارة مجموعة HOC الاقتصادية، ود. كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولى، ود. رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وياسمين داليساندرو، مدير برامج بمؤسسة دروسوس.
تقدمت الكاتبة نوال مصطفى رئيس ومؤسس جمعية رعاية أطفال السجينات بالشكر لجميع الحضور، مؤكدة على أن تلك الورشة بمثابة فرصة ذهبية لإنتاج حلول إقتصادية قابلة للتطبيق لقضية الغارمات، التي أصبحت سيفًا مسلطًا على رقاب الغارمين بشكل عام والغارمات بشكل خاص النساء، اللاتي يتحملن العبء الأكبر في التكاليف الماية.
وأشادت الكاتبة نوال مصطفى، بإنشاء الرئيس عبد الفتاح السيسي اللجنة الوطنية للغارمين والغارمات لتغيير وضع الغارمات في مصر، مؤكدة أننا لدينا قيادة سياسية ترغب في التغيير ورعاية هؤلاء الغارمات لحياة أفضل.
وانتقلت رئيس التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون للحديث عن تاريخ جمعية رعاية أطفال السجينات وعملها مع الأطفال داخل سجون النساء المصرية منذ العام 1990، ومن ثم العمل مع «سجينات الفقر» مستشهدة بـ«أميمة زكي» أول غارمة تُخرجها الجمعية من السجن في عام 2007.
وأكدت الحاصلة على جائزة صنّاع الأمل على أن المساعدة المالية ليست الحل النهائي والحاسم لأزمة الغارمات بل يجب إتاحة فرص عمل طويلة الأمد للغارمات حتى لا يلجأن للاقتراض مرة أخرى، وهذا ما تتبناه الجمعية من خلال تدشين مشروعات صغيرة لهؤلاء السيدات لحمايتهن من اللجوء لفخ الديون مرة أخرى، وطالبت الضيوف بضرورة تقديم حلول واقعية يمكن تنفيذها بشكل سريع على أرض الواقع وفق الإمكانات المتواجدة على الصعيد الثقافي والاجتماعي والإنساني.
وعلى صعيد متصل أكدت الكاتبة نوال مصطفى، أن بداية حل أزمة الغارمات المتزايدة بمصر هي وضع تعريف واضح ومحدد لكلمة «الغارمات» وتصنيفهن؛ وذلك للتفرقة بين السيدات الفقيرات، ومن يستغلون القضية للتربح؛ موضحة أن الجمعية أطلقت على مستفيداتها مصطلح «سجينات الفقر» منذ بدء العمل منهن، نظرًا لكون الفقر السبب الرئسي وراء استدانتهن.
وبينت الكاتبة نوال مصطفى أن لدينا قيادة واعية قادرة على تبني المبادرات والأفكار الجديدة المميزة، وأن الرئيس السيسي لا يدخر جهدا في تبني ومساندة كل فكر جديد مدروس ومفيد للوطن.
قال د. يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار المالي، أن علاج أزمة الغارمات ليس إقتصاديًا فقط وإنما إجتماعي وثقافي في المقام الأول ويحتاج إلى مشروع قومي تتضافر فيه الجهود الرسمية ومنظمات المجتمع المدني لتقديم حلول قابلة للتنفيذ، كما يجب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام «البلوجرز» في الترويج للتغيير الأفكار الثقافية والاجتماعية المتوارثة التي تقضي على أزمة الغارمات قبل وقوعها من البداية، ونوه إلى تراجع دور الإعلام في هذه للقضية، واعتبره اللاعب الأضعف والخط الأقل فاعلية في تسليط الضوء على قضية الغارمات.
وأوصي رئيس مجلس إدارة مجموعة HOC الإقتصادية، بقيام طلاب الجامعات المصرية بحملات توعية عن قضية الغارمات تعتمد على استخدام الوسائل المبتكرة الإلكترونية الحديثة بمختلف المحافظات؛ وذلك لإيصال الرسائل بطريقة سهلة من ناحية وتحقيق الانتشار بمختلف ربوع مصر من ناحية أخرى، وتتناول تلك الحملات مناهضة التكاليف الباهظة للزواج لافتًا إلى أن مصر سجلت 912 ألف حالة زواج خلال عام 2019.
علق د. كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولى على الأزمة قائلا أن الأمر لا يحتاج «طبطبة» بل تعامل قوي وقرارات حاسمة وحازمة، وقبل البدء في وضع حلول للأزمة يجب الوصول للإحصاءات الدقيقة التي ترصد أعداد الغارمات داخل وخارج السجون.
كما طالب أستاذ الاقتصاد الدولى خلال حديثه باستبدال العقوبات الجنائية للغارمات بالبدلية، ومنها العمل في المصانع والمزارع التابعة لمصلحة السجون المصرية، وبذلك تتمكن الغارمات من سداد الديون ووجود دخل ثابت لأسرهن.
طالب د.إبراهيم حجازي، عضو مجلس النواب السابق وأستاذ التسويق وإدارة الأعمال، بتطبيق العقوبات البديلة المدنية في حالة لا يتجاوز حبسها الثلاث سنوات؛ خاصة أن القاضي لديه وقت طويل قبل إصدار الحكم ودراسة حالة الغارمة ؛ وذلك لأن حبس السيدات ينتج عنه تدمير أسرة كاملة.
وفيما يتعلق بالحلول الإقتصادية اقترح عضو مجلس النواب السابق، حصول المجلس القومي للمرأة على قروض تحت مظلة البنك المركزي، وتدعيم هؤلاء السيدات بتدشين مشروعات لهن؛ وذلك من خلال التعاون بين المجلس ومنظمات التي تعمل على قضية الغارمات، للوصول إلى المستهدفات.
فيما اقترح د. رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، لتصنيف الغارمات للتأكد من الأسباب الرئيسية وراء لجوئهن للاستدانه، للتفرقة بين سجنات الفقر وبيزنس الغارمات، كما نوه إلى دور وزارة التضامن الاجتماعي في حل الأزمة مثل إقامة معارض الأثاث التي تقدم أثاث المنزل بأسعار رمزية للغاية وفي متناول جميع العرائس.
وفيه سياق متواصل للحديث عن الحلول قالت د. بسنت فهمي، الخبيرة المصرفية، إن قضية الغارمات تحتاج إلى حملات إعلامية تسلط الضوء على العادات والتقاليد الخاطئة المتعلقة بالإنفاق الباهظ على تجهيز العرائس ونفقات الزواج، وما ينتج عنه من تعرض الأمهات للسجون في نهاية المطاف.
كما أشارت الخبيرة المصرفية لتحول أزمة الغارمات إلى «بيزنيس» الأمهات تقترض مبالغ كبيرة وهى تعلم جيداً أنها لن تدفع ولكنها تضع في حساباتها أبناء الخير الذين يفكون كرب الغارمات في جميع المحافظات المصرية.
ومن جانبه قال النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل ورئيس اللجنة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، أن أسباب أزمة الغارمات متشعبة في أكثر من مجال منها صحي واجتماعي واقتصادي، ويرى أن أولى الحلول تتمثل في التخلص من فكرة إيصال الأمانة بشكل نهائي، والاعتماد على الشيكات البنكية، لأن هذه الأمر كفيل بالقضاء على أزمة الاقتراض بشكل نهائي.
كما يجب أن يكون هناك صندوق استثمار خاص بالزواج؛ فتدفع الأم والأب كل شهر 100 جنيه وعند موعد زواج الابن أو الابنة سيكون لديها مبلغ كبير يساعدها على سداد كافة نفقات الزواج.
تحدثت ياسمين داليساندرو، مدير برامج مؤسسة دروسوس، عن التعاون المثمر بين جمعية رعاية أطفال السجينات ومؤسسة دروسوس منذ عام 2014 من خلال مشروع حياة جديدة التي يتضمن مجموعة من البرامج الاجتماعية والإقتصادية والنفسية للتعامل مع سجينات الفقر وانتشالهن من فخ الديون، والوصول بهن لحياة جديدة.
وقالت مدير برامج مؤسسة دروسوس، أن الحل من وجهة نظرها تشريعي بشكل أساسي من خلال سن قوانين جديدة تحدث تغيير اجتماعي ورفع أحوال المعيشة للأسر.
وجدير بالذكر «التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون» دشنته الجميعة من خلال مشروع حياة جديدة بالشراكة مع مؤسسة دروسوس منذ 2017، والذي هدف لتعديل المادة الخاصة بإيصال الأمانة في القانون المصري وهي المادة 341 من قانون العقوبات.
واستبدال تنفيذ العقوبة داخل السجن بالعمل بالخدمة المدنية خارج السجن، إلى جانب شطب السابقة التى تسجن فيها المرأة بسبب إيصال أمانة من صحيفتها الجنائية، وتعديل القانون بحيث يتم تأجيل تنفيذ الحكم على المحكوم عليها حتى تلد ويكمل رضيعها العامين، ثم تطبق العقوبة، وتفعيل مادة فى القانون تنص على جواز تأجيل تنفيذ الحكم على أحد الأبوين إذا كانا محكومين فى نفس القضية فى حالة وجود أطفال قصر ثم تنفيذ الحكم على الثانى بعد انتهاء الأول من قضاء العقوبة.