«القابضة للكيماويات» تعتزم التوسع في قطاع الأسمنت وتراهن علي نمو الطلب

"القابضة" على استعداد للتقدم للمنافسة على رخص جديدة في حال موافقة "وزارة الصناعة" على منح رخص إضافية للشركات التي تمتلك رخصاً قديمة

«القابضة للكيماويات» تعتزم التوسع في قطاع الأسمنت وتراهن علي نمو الطلب
أحمد عاشور

أحمد عاشور

12:00 ص, الأثنين, 16 أغسطس 10

أثار سعي وزارة الاستثمار العودة للتوسع في قطاع الأسمنت من جديد علي الرغم من حظر بيع رخص جديدة للشركات التي تمتلك رخصاً قديمة منعاً للاحتكار، آراء متضاربة حول إمكانية نجاح “الاستثمار” من خلال الشركة القابضة للكيماويات في الدخول للسوق بقوة ومدي قدرتها علي المنافسة مع القطاع الخاص، خاصة أن ظروف السوق الحالية تختلف كثيراً عن الظروف التي قامت فيها الدولة بالتخلي عن معظم شركات ومصانع الأسمنت التابعة لها في التسعينيات من القرن الماضي.

وتري الشركة القابضة لصناعة الكيماويات أن هناك فرصة جيدة للتوسع في القطاع من خلال الدخول والمنافسة للحصول علي تراخيص لإنشاء مصانع جديدة أو إضافة خطوط إنتاج للخطوط القائمة بالفعل، وهي الرغبة التي ظهر أول ملامحها من خلال رغبة شركة النهضة للأسمنت في الحصول علي رخصة لإضافة خط جديد علي الرغم من عدم انتهائها تماماً من إنشاء الخط الأول الذي تعتزم إتمامه في مايو المقبل بقيمة 1.8 مليار جنيه وطاقة 5500 طن كلينكر، وهي الشركة التي تستحوذ “القابضة الكيماوية” على 30% من أسهمها من خلال “القومية للأسمنت” إحدي الشركات التابعة للقابضة.

وقال مصدر مسئول في الشركة القابضة للكيماويات إن الشركة القابضة علي استعداد للتقدم للمنافسة علي رخص جديدة في حال موافقة وزارة الصناعة والتجارة علي منح رخص إضافية للشركات التي تمتلك رخصاً قديمة، وهو ما فسره أحمد الزيني، رئيس شعبة مصنعي مواد البناء بالغرفة التجارية، بأن منع منح رخص جديدة يأتي بهدف منع الاحتكار، مشيراً إلي أن بإمكان الشركة القابضة تأسيس شركة جديدة للحصول علي رخص أخرى.

قطاع الأسمنت من القطاعات الواعدة بفضل ارتفاع معدل نمو “التشييد والبناء”

ويعتبر قطاع الأسمنت من القطاعات الواعدة بفضل ارتفاع معدل نمو قطاع التشييد والبناء في مصر خلال الربع الثاني من العام المالي الماضي 2009-2010 بنحو 12.5% ليحتل المركز الأول ضمن القطاعات الأكثر نمواً وتوفيراً لفرص العمل، وعدد كبير من مشاريع البنية التحتية تحتاج إلي ملايين الأطنان من الأسمنت، بجانب وجود فرص تصديرية كبيرة للأسمنت في الخارج، وهو ما قد يجعل من قطاع الأسمنت أحد أكثر القطاعات نمواً إذا ما تم التغلب علي عدد من التحديات التي تواجهه.

ويرجع بعض الخبراء عزوف الشركات عن التقدم للحصول علي رخص جديدة لمصانع الأسمنت إلي عدد من المعوقات تتمثل في عدم وضوح الرؤية حول استمرار قرار حظر تصدير الأسمنت، بالإضافة إلي انخفاض الطلب في الفترة الماضية وقيام بعض التجار ببيع الأسمنت بأقل من السعر المعلن، هذا بالإضافة إلي التحدي الأكبر المتمثل في نقص الطاقة، حيث لم تعد المشكلة تتمثل في الحصول علي الطاقة بأسعار مناسبة بل في إمكانية توافرها من الأساس.

وعن وضع السوق في الفترة المقبلة قال عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة شركة السويس للأسمنت، إن السوق ستشهد حالة من تراجع الطلب بسبب حلول شهر رمضان، لافتاً إلي أن معدل نمو قطاع الأسمنت في مصر يصل إلي 6% في المتوسط، وبأن هذه النسب تقل عادة في النصف الثاني من العام.

واستبعد مهنا فكرة سماح وزارة التجارة والصناعة لمصانع الأسمنت بتصدير منتجاتها للخارج حتي يكون المعروض من الأسمنت قادراً علي تغطية الطلب المحلي.

جمال الدين: طرح وزارة التجارة والصناعة لأي رخص جديدة للأسمنت لن يلقي إقبالاً

أما الدكتور وليد جمال الدين عضو الغرفة التجارية لمواد البناء، فقد أكد أن طرح وزارة التجارة والصناعة لأي رخص جديدة لن يلقي إقبالاً في ظل الأوضاع الحالية والتي تشهد وصول السوق المحلية إلي مرحلة من التشبع، بالإضافة إلي غلق باب التصدير أمام المنتجين، مطالباً الوزارة بتوضيح جميع التفاصيل قبل طرح الرخص الجديدة لكي يكون هناك رغبة في التنافس عليها.

وأضاف جمال الدين أن قرار منع التصدير كان قد جاء في توقيت مناسب عندما كان هناك عجز في تلبية الطلب محلياً، ولكن الأمر اختلف الآن بعد أن وصلت السوق إلي مرحلة التعادل، ومن المتوقع أن تصل إلي مرحلة التشبع في المستقبل القريب، وهو ما سيمثل فائضاً لدي المصانع خصوصاً بعد بدء المصانع التي حصلت علي تراخيص في وقت سابق الدخول للسوق والإنتاج.

وأكد جمال الدين أنه من المستحيل أن تعتمد المصانع علي التصدير الخارجي فقط نظراً لأن سعر الأسمنت في السوق المحلية يباع بضعف السعر العالمي، ولكن فكرة فتح باب التصدير إلي الخارج ستمتص الفائض المحلي وتضيف فرصاً كبيرة لنمو القطاع.

وعن توقعاته لحجم الطلب في السوق خلال الفترة المقبلة، توقع جمال الدين أن ينخفض الطلب في شهر رمضان والعيد علي أن يعود للارتفاع من جديد بعد 10 أيام من عيد الفطر ويستمر في الارتفاع حتي ينخفض في شهر ديسمبر.

مصر تتمتع بوجود مخزون كبير من المواد الخام التي تدخل في صناعة الأسمنت

وقال جمال الدين إن مصر تتمتع بوجود مخزون كبير من المواد الخام التي تدخل في صناعة الأسمنت، ولكن المشكلة تكمن في توفير الطاقة، مطالباً الجهات المعنية بضرورة الالتزام بتوضيح جميع العوامل الخاصة بإنتاج الأسمنت قبل طرح أي رخص جديدة، خاصة فيما يتعلق بتوصيل الكهرباء والغاز، مشيراً إلي أن السبب الرئيسي وراء تراجع الشركات التي كانت قد حصلت علي رخص لإنشاء مصانع جديدة عن البدء في تنفيذ مشروعاتها، يكمن وراء تخلي الدولة عن التزامها بتوفير الطاقة إلي هذه المصانع مطالبة إياها بإنشاء محطات توريد كهرباء خاصة بهم، وهو الأمر الذي دفع هذه الشركات إلي التراجع عن فكرة إنشاء مصانع جديدة، وفق رأيه.

وأشار جمال الدين إلي وجود معوقات أخري تواجه مصنعي الأسمنت تتمثل في ارتفاع تكاليف العمل في المحاجر وفرض إتاوات ورسوم كرتة، وهي التكاليف التي تتراوح قيمتها بين 10 و15% من إجمالي التكلفة الإنتاجية، وهو ما يمثل عبئاً إضافياً علي مصنعي الأسمنت يزيد من التكلفة الإنتاجية وبالتالي علي الأسعار.

الزيني يؤيد تمديد قرار حظر تصدير الأسمنت

أما أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء في الغرفة التجارية فقد أيد تمديد قرار حظر التصدير الذي سينتهي في شهر أكتوبر المقبل ، نظراً للمحافظة علي توفير احتياجات السوق المحلية، ولخفض الأسعار المحلية التي تمثل ضعف السعر العالمي علي الرغم من دعم الدولة تلك المصانع بتوفير أسعار الطاقة بأقل من سعرها الحقيقي، نافياً وجود أزمة ومؤكداً أن هامش الربحية مرتفع في قطاع الأسمنت.

أما المعوق الثاني وهو الأخطر الذي يواجه فرص نمو القطاع فيكمن في المخاوف بشأن توفير احتياجات المصانع من الطاقة في ظل حاجة المصانع إلي 1.5 مليار متر مكعب من الغاز، و300 مليون ميجاوات من الكهرباء سنوياً، وهي مرشحة للتضاعف في حال تنفيذ خطة الوزارة بزيادة إنتاج الأسمنت بنسبة 40% في عام 2015. وهو ما قد ترافقه زيادة متوقعة في أسعار الطاقة في ظل الخطط الرامية لرفع الدعم عن أسعار الطاقة بحلول عام 2011. وهو ما سيؤثر بشدة علي التكلفة الإنتاجية.

وأكد نبيل الجابري رئيس مجلس إدارة شركة النهضة للأسمنت، أن من شأن ضخ استثمارات جديدة في قطاع الأسمنت أن يساعد علي خلق قيمة مضافة من المواد الخام المتوافرة مع توفير فرص عمل جديدة. وعن مشكلة توفير الطاقة للمصانع اقترح استيراد الطاقة من الخارج كأحد البدائل، من أجل دعم الصناعة بدلا من استيراد الأسمنت من الخارج.

من ناحية أخري، أثار عثمان صادق رئيس مجلس إدارة الشركة القومية للأسمنت مشكلة تتعلق بصعوبة الحصول علي رخص جديدة لإنشاء مصانع للأسمنت، حيث تبلغ قيمة استخراج هذه التراخيص 83 مليون جنيه للرخصة الواحدة، من دون أن تقوم الوزارة بتوفير البنية التحتية من الطاقة اللازمة لتشغيل المشروع.

القومية للأسمنت: الشركة تعمل على ضخ 412 مليون جنيه لإحلال وتجديد خطي إنتاج 3 و4

وأوضح أن الشركة تعمل حالياً علي ضخ 412 مليون جنيه لإحلال وتجديد خطي إنتاج 3 و4 بالشركة خلال الفترة المقبلة بعد إلغاء مخطط الشركة لزيادة الطاقة الإنتاجية إلي 3.6 مليون طن سنوياً باستثمارات تصل إلي 1.2 مليار جنيه نتيجة إعلان هيئة التنمية الصناعية إخلاء محافظة حلوان من الصناعات الثقيلة تمهيداً لنقلها لمحافظة بني سويف إلا أنه أوضح أن وزارة التجارة والصناعة سحبت رخصة إنشاء مصنع جديد بمحافظة بني سويف وتراجعت عن تحمل تكاليف إنشاء المشروع كبديل لمصنعها في حلوان موضحاً أن إجراءات النقل ستستغرق ما بين 6 و7 سنوات وهو ما سيؤدي إلي انهيار الشركة وفق قوله.

وأكد الزيني أن أسعار رخص مصانع الأسمنت غير مبالغ فيها علي الرغم من وصولها إلي 250 مليون جنيه في بعض الحالات، نظراً لأن طرح الرخص يقوم بنظام المزايدة بين الشركات، مؤكداً إمكانية أن تجني الشركات ثمن الرخص في وقت سريع.

كتب: أحمد عاشور – باسل نوفل