فجرت ورشة العمل التي عقدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بعنوان «من الصدمة إلي التعافي الاقتصادي: دور السياسات المالية» عددًا من التوقعات لأداء الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة وفقًا للظروف الحالية بعد أحداث ثورة 25 يناير، حيث توقع الدكتور هاني محمود، رئيس مركز المعلومات، بأن يصل حجم نمو الاقتصاد المصري خلال الربع الرابع من العام المالي الحالي 2010-2011 إلي صفر% ليرتفع بنسبة 4.2%، مقارنة بالربع الثالث من العام الحالي التي وصلت فيه إلي سالب 4.2%، مقارنة بـ 5.4% خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأكدت الدراسات أنه من المتوقع عودة معدل النمو إلي مستواه خلال العام المالي المقبل في حالة عودة الاستقرار ليرتفع من 2.6% إلى 3.2%.
وقال مركز المعلومات إن حالة عدم اليقين المستمرة، ستؤثر علي معدل نمو الاقتصاد المصري خلال النصف الأول من العام المالي 2011-2012 وتؤجل أجندة الإصلاح الاقتصادي وخطط الاستثمار الأجنبي إذا انخفض حجم الاستثمار الأجنبي من 6.8 مليار دولار إلي ملياري دولار في العام المالي 2010-2011، لكنه توقع ارتفاع حجم تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية لمصر خلال العام المالي المقبل 2011-2012، إلي 2.5 مليار جنيه.
احتمال انخفاض معدل الاستثمار المحلي بنهاية العام المالي الحالي
وأشار إلي احتمال انخفاض معدل الاستثمار المحلي بنهاية العام المالي الحالي إلي 15.4% ليواصل تراجعه العام المالي المقبل ليصل إلي 14.9% طبقًا لمشروع موازنة عام 2011-2012، الذي أقره مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الماضي، في حين كان الاستثمار المحلي وصل إلي 18.9% عام 2009-2010.
وفي هذا السياق توقعت الدكتورة ماجدة قنديل رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية، انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 2% بنهاية العام المالي الحالي وسيرتفع إلى 2.5% بنهاية 2011-2012 وفقًا لمشروع الموازنة، بينما كان معدله وصل إلي 6.8% بنهاية العام المالي 2009-2010.
وبالنسبة للادخار المحلي خلال العام المالي 2011-2012 من المتوقع انخفاضه إلي 9.6%، مقارنة بـ 14.1% خلال العام المالي الماضي 2009-2010 علي أن يصل إلي 10.8% بنهاية الشهر الحالي.
واعتبرت ماجدة قنديل انخفاض الطلب المحلي من أحد التحديات الحالية التي يمر بها الاقتصاد المصري بعد الثورة، إذ أدي إلي تقويض الاستهلاك الخاص والاستثمار نتيجة تعطل النشاط الاقتصادي بشكل مؤقت، بالإضافة إلي حالة عدم اليقين، متوقعة استمرار الطلب المحلي خلال الفترة المقبلة إلي حين عودة الاستقرار لـ”الاقتصاد المصري”.
وقالت قنديل إن تبني الحكومة الحالية سياسة مالية توسعية لتقليل مخاوف عدم تحقيق العدالة الاجتماعية والتخفيف من الآثار الاقتصادية المرتبة علي الاضطرابات السياسية سيؤدي إلي اتساع حجم العجز الكلي بالموازنة العامة للدولة خلال عام 2011-2012، مقارنة بالعجز الحالي المقدر بنحو 7.9%، في ظل زيادة الإنفاق التي خصصتها الحكومة علي بنود الدعم والأجور والرواتب والتعويضات الناجمة عن الخسائر التي أحدثتها ثورة 25 يناير.
وتوقعت ماجدة قنديل تراجع حجم الإيرادات الحكومية مع نهاية الشهر الحالي لتصل إلى 20.7%، مقارنة بـ 22.2% العام الماضي 2009-2010، لتعود إلي معدلها الطبيعي إلي 22.3% خلال 2011-2012.
في حين رجحت ارتفاع المصروفات الحكومية للدولة إلي 32.8% في العام المالي المقبل، مقارنة بـ 30% العام المالي الماضي، و29.9% العام الحالي، مما يؤدي إلي زيادة العجز الكلي في الموازنة إلي 10.8%، مقارنة بـ 8.6% العام الحالي، و8.12% في العام الماضي.
ماجدة قنديل: الاضطرابات التي تشهدها المنطقة ستؤثر علي حجم التحولات المالية للعاملين بالخارج
وقالت ماجدة قنديل إن حالة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية في الوقت الحالي نتيجة تصاعد المطالب الشعبية ستؤثر علي حجم التحولات المالية للعاملين بالخارج فضلا عن ارتفاع مدفوعات الفائدة علي الدين العام.
وقالت ماجدة قنديل إن الخسارة في الإيرادات الحكومية بالعملة الأجنبية وارتفاع حجم التدفقات الخارجية أدت إلي إضعاف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، الذي انخفض إلي 5.9 جنيه للدولار في 7 فبراير، مؤكدة أن سعر صرف الجنيه المصري منخفض، مقارنة بما قبل الأزمة وبالمتوسط خلال الأعوام الستة الماضية.
وطالبت قنديل الحكومة بضرورة ربط التحرير الاقتصادي بالإصلاح السياسي والعمل وفقًا لإطار تنظيمي مؤسسي للتغلب علي جوانب الفساد لضمان أن يصل توزيع ثمار النمو علي جميع أفراد المجتمع، علي أن تضع الحكومة في اعتباراتها أولوية تخفيف حدة الفقر وتحسين مستويات المعيشة، وأن تتركز الأجندة الاقتصادية علي تحقيق التنمية المستدامة والعدالة.
ومن جانبها أكدت دكتورة هبة أبوشنيف، إخصائية الحوكمة الاقتصادية بمركز العقد الاجتماعي التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أهمية توجيه سياسة المشتريات الحكومية إلي التشغيل والتدريب، مشيرة إلي نجاح عدة دول في استخدام المشتريات الحكومية كأداة لتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية.
وطالبت أبوشنيف بتشجيع مشاركة المنشآت الصغيرة في أسواق المشتريات الحكومية، لافتة إلي المادة رقم 12 في قانون المنشآت الصغيرة لسنة 2004 باعتبارها الأداة التشريعية الرئيسية للحكومة لتفضيل المنشآت المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر “MSMES”.
وأشارت إلي المزايا التي يتيحها القانون رقم 89 لسنة 1998 للمشروعات الصغيرة والتي تتمثل في المادة 37 من القانون التي تنص علي قصر المناقصات المحلية التي تقل قيمتها عن 400 ألف جنيه علي المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، بالإضافة إلي تفضيل العطاءات المقدمة من أصحاب المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر في حين تساوت مع أقل عطاء سعرًا.
وشددت علي ضرورة تبني سياسة مشتريات حكومية ذات توجه تنموي في الفترة المقبلة، بهدف تحقيق التنمية المحلية لتسهيل حصول المنشآت الصغيرة علي عقود حكومية وخلق الوظائف والتدريب.
هبة أبوشنيف: عدم توافر الوعي للحكومة أحد الأسباب التي تعوق تنفيذ سياسة مشتريات حكومية ذات توجه تنموي
ومن ناحية أخري لفتت أبوشنيف إلي عدة أسباب تعوق تنفيذ سياسة مشتريات حكومية ذات توجه تنموي وعلي رأس هذه الأسباب عدم توافر الوعي الكامل لدي الحكومة بالمادة 12 من قانون المنشآت الصغيرة والمتوسطة ناهيك عن عدم وجود آلية حكومية واضحة لتطبيقها، علاوة علي أن الوعي بأهمية سياسة المشتريات كأداة للتنمية ما زال محدودًا.
وتابعت: إن هناك عددًا من العقبات الأخري التي تواجه المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر في أسواق المشتريات الحكومية، التي تتلخص في اشتراط تقديم تأمين مؤقت بنسبة 1 – 2% وتأمين نهائي بنسبة 5% من قيمة العقد وتحملها جميع الأعباء التنظيمية وتكاليف الامتثال للمتطلبات المتعلقة بالمستندات المطلوبة.
وأضافت أن صعوبة المعلومات وتأخر الحكومة في سداد المدفوعات المستحقة لديها وعدم وجود جهات محددة يمكن الرجوع إليها في حالة النزاع وغياب الشفافية عند إجراء عمليات المناقصات والمزايدات، فضلاً عن التشكك في آلية التعامل مع الحكومة جميعها أسباب تعوق المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر في ممارسة دورها في تنمية أسواق المشتريات الحكومية.
وفي هذا السياق اعتبرت أبوشنيف أن تنفيذ بعض الإجراءات من شأنه تعزيز حصول المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر علي عقود المشتريات الحكومية موجزة إياها في تسهيل الحصول علي المعلومات وتقديم بعض حوافز القطاع وإعادة ترتيب العقود بتقسيمها، فضلاً عن وضع عدد من المواصفات المالية والفنية والتي تتناسب مع قدرات تلك المنشآت وتطبيق مبدأ اللامركزية.
وأكدت أبوشنيف أهمية توفير المعلومات عن الخطط الربع سنوية للمشتريات وتوفير مراكز معلومات متخصصة ودليل عمليات الشراء واستخدام تنويه معلوماتي مسبق أو ما يطلق عليه “PINS”.
كيفية تحفيز القطاع الخاص
وقالت إن تحفيز القطاع الخاص لن يأتي إلا بإعفاء المنشآت الكبيرة من ضرائب الإيرادات المرتبطة بتحالف الشركات مع المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر علي أن تحصل المنشآت الكبيرة علي 1% إعفاء علي كل تحالف مع منشآت صغيرة أو متناهية الصغر بحد أقصي 5% من التحالف، بالإضافة إلي تطبيق المادة 16 من القانون رقم 89 لسنة 1998 واعتبار الموردين والمقاولين المحليين من مقدمي عطاء يحتوي علي خطة للمقاولة من إحدي الشركات متناهية الصغر أو الصغيرة أو خطة لتعيين أو تدريب عاملين بها من المجتمع المحلي أقل سعرًا.
وشددت أبوشنيف علي ضرورة زيادة الوعي بين الجهات التعاقدية والمنشآت الصغيرة وتشجيع الشراء اللامركزي والإعلان عن العقود الصغيرة المرتبطة بالمجالات المختصة بالعقود الكبيرة لتعزيز حصولها علي تلك العقود.
وطالبت بإعفاء شركات قطاع الأعمال والتعاونيات من التأمين المؤقت كما يتم في الهند، أو علي الأقل تحديد تأمين مؤقت ونهائي للعقود تحت سقف سعري معين، كما يحدث في الاتحاد الأوروبي.
واختتمت إخصائي الحوكمة الاقتصادية بمركز العقد الاجتماعي التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، كلمتها بالتأكيد علي ضرورة أن تتبني الحكومة المصرية خطة أو استراتيجية واضحة تعلي دور المشتريات الحكومية بهدف التعجيل بتحقيق التنمية الوطنية.
ويري الخبراء والمحللون الاقتصاديون أن الظروف التي يمر بها الاقتصاد المصري خاصة بعد ثورة 25 يناير، وما تبعها من أحداث أدت إلي تحديات يتوقع أن تؤدي إلي تقويض أداء نمو إلي 2.5% كمعدل نمو عن العام المالي الحالي 2010-2011 وذلك بعد هبوط البورصة وإيقاف تعاملاتها في 28 يناير الماضي.
يذكر أن المؤشرين الرئيسيين للبورصة المصرية EGX 100، وEGX 30 قد هبطا بنسبة 10.5% و 14% علي التوالي، فيما خفضت مؤسسات دولية تصنيف مصر الائتماني مثل مؤسسة مووديز ومؤسسة ستاندرد آند بورز ومؤسسة فيتش.